أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نورالدين الطويليع - البناية التي تعد آيلة للسقوط بمدينة اليوسفية!














المزيد.....

البناية التي تعد آيلة للسقوط بمدينة اليوسفية!


نورالدين الطويليع

الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 16:45
المحور: كتابات ساخرة
    


بالأمس حذروك سيدي، سليل يتيمة المدائن، من مغبة الاقتراب من مركزهم الثقافي الذي غلقوا أبوابه في وجهك، وأحكموا وثاقها بالسلاسل الحديدية، حتى لا تنفتح في يوم من الأيام وتراودك على اقتحام البناية التي أرادوا لها أن تبقى موصدة، وأن يبقى فؤادها خاليا من حبيب يؤنس وحشتها بنشاط ثقافي يبعث في كيانها المتصلب روح الحياة، عقابا لها على سوء نيتها وعلى ما أبدته من رغبة جامحة في احتضانك بجدرانها المتهالكة وسقفها الآيل للسقوط حسب توصيفهم، بما يمكن أن يوقعك صريع هذا الحب الذي يريد أن يعيش بموتك وتحويلك إلى قطع لحم متناثرة، وهي خسارة جسيمة لا يمكن لقلوبهم اللينة الرحيمة أن تتحملها.
وها هم اليوم يفتحون بابها على مصراعيه، متخذين إياها مقامهم المفضل لاحتضان اجتماعاتهم الرسمية، ربما ليس ضنا بها عليك، وتكرما بها عليهم، وإنما إقداما وشجاعة منهم على تحدي الحجر، وتضحية ناذرة بالنفس، واستهانة بحياتهم في سبيل حياتك، وفي سبيل السهر على تدارس كل ما يقلقك ويقض مضجعك ، والبحث عن الحلول الناجعة لاجتثاث أمك اليتيمة من وحل التهميش، ولا بأس حينئذ أن يخر السقف فوق رؤوسهم، ما دام أن حياتهم لم تعد ملكا لهم منذ أن نذروها لسعادتك وسعادة أمك، فهم الصفوة التي لا ترضى إلا بخياري رهن قلبها لحبك، أو طمره تحت الثرى في سبيل هذا الحب.
وربما عجزت حكمتي وحكمتك المدرسية المتواضعة عن إدراك مغزى تحذيرهم، ففي ظل قصورنا اللغوي أمام هؤلاء الجهابذة مالكي ناصية اللغة التي يجيدون توجيه بوصلتها في الاتجاه الذي يريدون، ربما وهم يتحدثون عن بناية آيلة للسقوط لا يريدون المحل (البناية)، وإنما الحال (الثقافة) في إطار ما يسميه البلاغيون المجاز العقلي الذي يتأسس هنا على علاقة مكانية، تتجاوز من خلالها مقصدية الكلام المكان، لتستهدف ما يوجد بالمكان، فالمركز كبناية قد يكون في أحسن أحواله، لا سقوط ولا تهالك ولا انهيار، سواء باعتبار ما كان، أو باعتبار ما سيكون، لكنه صالح فقط للثرثرة واللجاج، والتقاذف بالقوارير، والتواصل بلغة كليلة ودمنة ولغة أكلوني البراغيث، أما من حيث كونه مسندا للثقافة فهو فعلا مصاب باعتلال، جعله يفقد صوابه ويوشك أن يصاب بانهيار شامل حنقا على احتضانه جثة محنطة اسمها الثقافة، فالآيل للسقوط أو الساقط هو هذه المسماة ثقافة، وليس البناية، وثمة قرائن تعزز صحة تفكيرهم البلاغي الألمعي هذا، تتمثل أولاها في ترحيلهم للكتب وإبعادها من هناك، ويبرز ثانيها في تحريمهم إقامة أي نشاط ثقافي به، أو أي نشاط تشم فيه رائحة الثقافة مهما كانت الأحوال والظروف، وثالث الأثافي المهدمة الذي يزكي عبقريتهم البلاغية التي أتوا من خلالها بما لم يأت به الأوائل، يجسده إعفاء الإطار المسرحي من الإشراف عليه، والنأي به بعيدا صوب مهمة لا قبل له بها، ولا قبل لها به، حتى لا يتمادى في إغضاب البناية بعروضه وتداريبه المسرحية، فتفقد صوابها وتنقض منهارة على الجميع.
هذا لا يعني أنهم يحاربون الثقافة ويكنون لها العداء، فللثقافة عنوان عندهم أرحب مما عندك أنت، هي ليست قراءة، وليست عروضا مسرحية وصداع رأس بندوات ومحاضرات تحفر عميقا أخاديد الأسى على مغرب ثقافي مهزوز، وتبعث في النفس مشاعر الأسى والحزن والتشاؤم، هم يرونها بقلوبهم المتفائلة "نشاطا" بكل ما تعنيه كلمة نشاط في مخيلتنا الشعبية من معنى، ولا يذخرون جهدا في تمتيعك بهذا "النشاط" بمناسبة وبدونها في الهواء الطلق الذي يعرفون بحسهم الإستيطيقي بأنه المكان المناسب لأجواء الاحتفال والبهجة والفرحة والنشاط الذي تنمحي أمام صاحبه كل الحواجز، ولا يريد إلا أن يرى المدى أمامه مفتوحا لا تحده حدود إسمنتية، بخلاف القاعات المغلقة التي يحرصون على إبعادك عنها لأنها تسد النفس، وتشعرك بضيق حيز حياتك وأيولها للسقوط، وتحول دون تفتح شهيتك لالتهام طبق "نشاطهم".
ألا يحق لك أن ترفع رأسك عاليا لتفتخر بهؤلاء العباقرة وتباهي بهم العالم، هؤلاء هم هبة الانتخابات إليك، فلنتعاون جميعا على رد بعض الجميل إليهم، ولا أظن أننا سنوفيهم حقهم، مهما بذلنا من شكر وثناء!



#نورالدين_الطويليع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستشار والموظفة الجماعية
- ملاحظات على هامش زيارة وزير الاتصال المثيرة للجدل لمدينة الي ...
- إلى الرفيقة شرفات أفيلال الوزيرة التقدمية في حكومة بنكيران ا ...
- يوسفية المغرب، وحلم التنمية المنفلت
- هل أفلحت أحزاب المعارضة المغربية في كشف ازدواجية الخطاب لدى ...
- هل ستزحزح جمعيات المجتمع المدني باليوسفية جبل جليد التهميش و ...
- من يقف وراء تحريض شباب اليوسفية العاطل على الخروج إلى الشارع ...
- إلى رئيس المجلس الحضري لمدينة اليوسفية المغربية: سئمنا من تد ...
- رئيس الحكومة المغربية ولغة الاستيهام الجنسي
- البشارة البنكيرانية بفشل منظومة التعليم المغربية
- البقاء للصراصير بقلم نورالدين الطويليع


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نورالدين الطويليع - البناية التي تعد آيلة للسقوط بمدينة اليوسفية!