أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سامي المالح - اولوف بالمه (Olof Palme) وآفاق الاشتراكية الديمقراطية















المزيد.....

اولوف بالمه (Olof Palme) وآفاق الاشتراكية الديمقراطية


سامي المالح

الحوار المتمدن-العدد: 5087 - 2016 / 2 / 27 - 20:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في ليلة 28 شباط 1986 أغتيل رئيس وزراء السويد اولوف بالمه وهو خارج من دار سينما برفقة زوجته من دون حتى حارس شخصي في وسط العاصمة ستوكهولم . وبعد مرور ثلاثون عاما على تلك الجريمة التي هزت المملكة السويدية، لم يفلح البوليس السويدي، رغم عمل كبير واسع متواصل، في حل اللغز وكشف المجرم ومعرفة دوافع الجريمة والجهة التي تقف ورائها.
قاد اولوف بالمه الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي منذ عام 1969 ليصبح رئيس الوزراء وهو في الثانية والاربعين من عمره ولغاية عام 1976. وقبل ذلك بسنوات عديدة كان بالمه قد برز كسياسي متميز، وكشخصية متألقة وكاريزما جذبت واثارت الناس للسياسة والحوارات الساخنة، كما أثارت التوتر والحقد وردود افعال قوية عند المنافسين التقليديين من المحافظين وحلفائهم. لقد أسرته السياسة منذ صباه، ثم تطورت مداركه وخصاله القيادية في سنوات الشباب وهو يعمل بنشاط غير معهود في فريق الحكومة التي كان يقودها زعيم الحزب المخضرم Tage Erlander، حيث كان وزيرا للاتصالت وبعدها وزيرا للتعليم بعد انتخابه عضوا في البرلمان السويدي عام 1958.
وبعد سنوات قاد بالمه الحزب ليستعيد السلطة من اليمين في حملة انتخابات ساخنة بذل فيها جهودا أستثنائية، فأصبح رئيسا للوزراء للمرة الثانية عام 1982 ولحين اغتياله في تللك الليلة الشباطية الشتائية المشؤومة عام 1986. في تلك الحملة كان بالمه ثابتا مصرا بذكاء و حنكة على أعادة صياغة وتجسيد مباديْ الاشتراكية الديمقراطية:
- - العمل من أجل السلام في العالم والتضامن ومساعدة الدول الفقيرة وما اطلق عليه بدول العالم الثالث التي كانت تحاول انجاز استقلالها الاقتصادي وبناء مستقبلها.
- وقف تطوير ونشرالاسلحة النووية، وتحديد استخدام المفاعلات النووية كبديل للطاقة.
- تغييرات مستمرة في ميكانيزم سوق العمل، بما يحقق المزيد من مصالح الشغيلة والطبقات الوسطى والمزيد من العدالة الاجتماعية، وتحديد ساعات يوم العمل ب 40 ساعة وتوفير الضمانات الاساسية وتنشيط دور النقابات والحركات الاجتماعية.
- تحديد سن التقاعد ب 65 سنة.
اولوف بالمه المنحدر من عائلة سويدية ميسورة، لم يتردد يوما في الانحيازوالوقوف مع العمال والشغيلة والفقراء، ولم يتخلى يوما عن التهكم و الازدراء والتعبير عن كرهه لجشع الرأسمالية ونهب الشركات الكبيرة وتجار الحرب في السويد واوربا والعالم.
كان تميز بالمه الاكثر تأثيرا وتألقه كسياسي يكمن في قدراته الفائقة على صياغة أفكاره ومبادراته السياسية المتواصلة بحنكة وتماسك وبلغة سياسية حادة واضحة مباشرة. فلا يزال صدى مداخلاته وخطبه ومواجهاته في حملات الانتخابات حيا قويا عاليا في اروقة السياسة والدبلوماسية سواء في السويد او في المحافل الدولية.
ولا يزال العالم يتذكر كلماته القليلة التي صاغها في ليلة عيد الميلاد عام 1972، وهو يدين ويستنكر حرب الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام: ان طائرات B -52 الامريكية تزرع الموت في هانوي عاصمة فيتنام، وهويقارن تلك الحرب بحرب الفاشية الالمانية. وبالمه المؤمن بتللك المباديْ والواعي لنتائج سياساته، لم يأبه ابدا لموقف امريكا وتجميد علاقاتها لعامين كاملين مع السويد الى ما بعد وقف حرب فيتنام القذرة.
لقد كانت مواقف بالمه وكلماته تلك ملهمة لحركات جماهيرية مليونية في السويد واوربا والعالم من اجل السلام وضد الحروب. ففي السويد التي كان عدد سكانها اقل من 8 ملايين نسمة وفي حملة وطنية واسعة جمعت في تللك الايام قرابة ثلاثة ملايين توقيع ضد الحرب في فيتنام.
واليوم في اجواء احياء ذكرى تللك الخسارة الكبيرة، يؤكد قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم بالتحالف مع حزب البيئة ومساعدة حزب اليسار، على الفراغ الهائل الذي تركه بالمه في مسيرة تطور الاشتراكية الديمقراطية، ليس في السويد فحسب بل في كل العالم. فالعالم اليوم، رغم التغييرات الهائلة خلال الاعوام الثلاثين المنصرمة، يحتاج الى قادة مبادرين أذكياء واضحين ثابتين عالميين في قدرتهم على التحليل والاستنباط والاستنتاج من امثال اولوف بالمه. فالكل بات على يقين ان ثمة حاجة الى التجديد والتطوير والمبادرة لمواجهة التحديات الكبيرة المستجدة في العلاقات الدولية، وفي أستراتيجية تطوير الاتحاد الاوربي، ناهيك عن العقد والاشكالات والاصطفافات الجيدة في المجتمع السويدي الديناميكي. فالحزب الاشتراكي الديمقراطي لم يعد ذلك الحزب الكبير الذي التفت حوله النقابات والحركات الاجتماعية وبات يفقد تدريجيا من جماهيريته. ولعل احد الاسباب يكمن في عدم توفر قيادة بحجم كاريزما وقدرات اولوف بالمه وفريق عمله. فالحزب يفتقد الى المبادرة وصياغة سياسة واضحة مستقبلية مثيرة وجذابة. فغالبا ما يجد الحزب نفسه في مواقع الدفاع وردود الفعل على مبادرات معارضة يمينية نشطة، وعلى نمو دور" سفاريا ديمكراتنا" الحزب ذات الاصول العنصرية الذي بات يلعب دورا ضاغطا في الشارع.
فالاشتراكيين الديمقراطيين السويديين الذين بنوا موديلا لنظام اجتماعي اقتصادي سياسي ناجح وفرالاستقراروالسلام والامن والحيادية والوئام للدولة والمجتمع، وساهموا ايضا في أيجاد الحلول للكثير من الصراعات السياسية والعرقية والمواجهات المسلحة بين الدول اضافة الى معالجة الكثير من التعقيدات والمشاكل المتعلقة بالبيئة والفقر والتعليم والصحة والتواصل عالميا، يعيشون اليوم، كما يقرأغلبهم، أزمة حقيقية. أزمة لايمكن تجاوزها الا بأفكار وسياسات أكثر فعالة وعملية وجذابة تجسد المباديْ وثوابت الفكر الاشتراكي الديمقراطي وارث بالمه، والى حضور دائم ومبادرات مستمرة تناسب التحديات والاشكالات المستجدة، تحرك وتستنهض ملايين العمال والموظفين والطبقات الوسطى لتطوير موديل نظامهم وترسيخ منجزاته المتحققة عبر عقود طويلة على كل الاصعدة، ولمواجهة هجمات اليمين ومصالح الشركات الكبيرة التي تشابكت مصالحها بشكل ملفت ومكثف مع الرأسمال العالمي من جهة أخرى.
وحتى قادة اليمين والنخب الثقافية والمعلقين والباحثين، يؤكدون، وهم يستذكرون اولوف بالمه في هذه المرحلة التاريخية المعقدة والمكثفة بالاحداث والتطورات، بأن السويد والعالم فقد بأغتياله، شخصية متميزة ومفكر وسياسي محنك وطاقة خلاقة لا تعوض.



#سامي_المالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزيرة الخارجية السويدية في مواجهة السعودية - ليس عندي ما أخج ...
- لا لقانون الاحوال الشخصية الجعفري!
- بوح عن - هروب الموناليزا – بوح قيثارة-
- كنت في قلب الانفال – صور محفورة في الذاكرة
- في السليمانية حملة تستحق الدعم والتقدير
- جرائم التعصب والتطرف لن تهزم الديمقراطية في النروج
- تضامنا مع المنظمة الاثورية الديمقراطية وشعب سوريا المنتفض
- في خندق الجماهير وضد قمع مظاهراتها واحتجاجاتها
- في ذكرى اولوف بالمه - قادة يخلدهم اتاريخ وقادة تتقفهم مزبلته ...
- انحني احتراما لشباب ثوار يصنعون التاريخ
- مبارك، بن علي في انتظارك – تحية لشعوب تنتفض
- اطفال العرق - هل من يتذكركم؟!
- الانتخابات في السويد - من يحدد اتجاهات تطور البلد؟
- درس مانديلا البليغ يا قادة العراق
- اوقفوا قتل وتهجير المسيحيين في الموصل!


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سامي المالح - اولوف بالمه (Olof Palme) وآفاق الاشتراكية الديمقراطية