أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس الفصل الأوّل من- لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم - تعرفون -... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا - لريموند لوتا















المزيد.....


لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس الفصل الأوّل من- لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم - تعرفون -... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا - لريموند لوتا


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 22:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس
الفصل الأوّل من" لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون "... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا " لريموند لوتا

لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية
مقتطف من " ما تحتاجه الإنسانيّة : الثورة و الخلاصة الجديدة للشيوعية " حوار صحفي لأ . بروكس مع بوب أفاكيان
www.revcom.us-avakian-what-humanity-needs-interview.pdf

إن قطعتم خطوة إلى الوراء و فكّرتم فى المسألة ، لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية تشويها كبيرا . إن كنت تتراّس نظاما له هذه التناقضات و الفروقات الجليّة و الصارخة بمعنى كيف يعيش الناس ، نظاما ينكر الحاة اللائقة لغالبيّة الإنسانيّة و يدوسها بإضطهاد ساحق و بالتطيّر و الجهل ، فى حين أنّ حفنة نسبيّة فى قلّة من البلدان تعيش حياة ترف لا يصدّق – لكن أكثر من مجرّد ترف يواصلون مراكمة رأس المال بينما يقاتلون بعضهم البعض حول من سياتهم الآخر من خلال هذا الإستغلال و مراكمة رأس المال – إن قطعتم خطوة إلى الوراء و نظرتم إلى هذا ... تصوّر إن قلت لأحد : توجّه إلى طاولة رسم و أرسم الصورة التى ترى أنّ على العالم أن يكون عليها . و تصوّر إن مضى أحد إلى و رسم صورة العالم القائم الآن و قال : هكذا يجب أن يكون العالم . ستنطلق صرخات هائلة متأتّية من كافة أنحاء الإنسانيّة تقول : ما هذا الهراء ! أهكذا ترى أنّه يجب على العالم أن يكون ، بهذه الفوارق الهائلة و الناس و الأطفال الصغار يموتون من الكوليرا و سوء التغذية و أشياء أخرى يمكن الوقاية منها بيسر ، بينما عدد ضئيل يتقاتل لمراكمة المزيد و المزيد من الثروة على حساب عذاب هذه الجماهير من الإنسانيّة – هذا ما تراه !؟
أي إنسان سيرسم ذلك فعلا ينبغى عمليّا – و على الأرجح - سيتمّ إتهامه عن حقّ بأنّ تصوّره جنوني و إجرامي . و مع ذلك ، هناك طبقة من الناس ، الطبقة الرأسماليّة – الإمبريالية التى تتحكّم بالضبط فى العالم على هذا النحو و تحاجج بأنّه أفضل العوالم الممكنة . و السبب الوحيد لعدم قول الناس – عدم قول جماهير الناس ، بالضبط فى هذه اللحظة – " هذا جنوني و إجرامي " هو أنّهم تعرّضوا لدعاية و تكييف للتفكير مفاده فعلا أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة وأنّ البديل الجذري لها الموجود و هو تحديدا الشيوعية ، قد كان بشكل ما فظيعا و كارثيّا . و ليس من العسير أن ندرك لماذا تستخدم الطبقة الحاكمة من الرأسماليين – الإمبرياليين عددا كبيرا من الناس للدعاية لهذه الفكرة حيثما يستطيعون . إن كنت تترأّس مثل هذا النظام المجرم و المجنون ، بالتأكيد ستقوم بالشيء ذاته . "
--------------------------------------------------------------------------------------------



الحوار الصحفي لجريدة " الثورة " مع ريموند لوتا :


لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون "... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا .

الفصل الأوّل : المقدّمة

يحتاج الناس إلى معرفة الحقيقة بشأن الثورة الشيوعية . الحقيقة الفعلية . فى زمن حيث ينهض الناس فى عديد أنحاء العالم و يبحثون عن سُبُل التقدّم ، هذا البديل مغيّب من جدول الأعمال . فى زمن حيث حتى أعداد أكبر من الناس يتعذّبون و يثيرون أسئلة كُبرى عن المستقبل ، هذا البديل يُشوّه بإستمرار و يشنّع عليه و يحاك الكذب حوله ، بينما الذين يدافعون عنه لا يتوفّر لهم مجال للردّ . و رأينا أنّه من المهام الملحّة أن نردّ على هذه الأسئلة و نصدح بالحقيقة بشأن الثورة الشيوعية فهي المخرج الحقيقي من الفظائع التى يقاسيها الناس اليوم ، و حتى أسوأ الفظائع التى سيواجهون غدا . وللقيام بذلك ، نظّمنا حوارا مع ريموند لوتا أجرته معه مجموعات مختلفة من الناس من شتّى أنحاء البلاد و بعث آخرون بأسئلتهم . و فيما يلى نسخة ملخّصة معدّة للنشر تنطلق من تلك الحوارات و تضيف إليها موادا جديدة .
ريموند لوتا مدافع عن الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان . وهو إقتصادي سياسي ألّف " إنهيار أمريكا " و كاتب من كتّاب جريدة " الثورة " . و هو يشرف على مشروع " حقيقة ما حدث " الذى يسلّط الضوء على حقيقة الثورتين السوفياتية و الصينية و يوفّر مصادر توثيق على الأنترنت.

سؤال : إلى ماذا تشير عندما تحدّث عن " المرحلة الأولى " من الثورة الشيوعية ؟
ريموند لوتا : أتحدّث عن تغيير هائل فى تاريخ الإنسانية أي المحاولات الأولى فى التاريخ المعاصر لبناء مجتمعات خالية من الإستغلال و الإضطهاد . و أتحدّث بوجه خاص عن كمونة باريس لسنة 1871 التى لن تعمّر طويلا و عن الثورة الروسية من 1917 إلى 1956 وعن الثورة الصينية من 1949 إلى 1976. و قد مثّلت نهوضا ضخما ل " العبيد " المعاصرين فى المجتمع ضد " أسيادهم ". و كان هدفها مجتمعا إنسانيّا ، مجتمعا قائما على مبدأ " من كلّ حسب قدراته ، إلى كلّ حسب حاجياته " و مجتمعا لن توجد فيه المزيد من الإنقسامات فى صفوف الناس فيتحكّم البعض فى الآخرين و يضطهدونهم ، مستولين ليس على وسائل الحياة اللائقة فحسب بل كذلك على المعرفة و وسيلة الفهم الحقيقي للعالم و العمل على تغييره .
لم توجد أبدا مثل هذه التغييرات الراديكالية و البعيدة المدى فى كيفية تنظيم المجتمع ، و فى تسيير الإقتصاد و فى الثقافة و التعاليم و فى كيف يرتبط الناس فيما بينهم و فى كيف يفكّر الناس و يشعرون ، مثلما وجدت فى هذه الثورات . و رغم العراقيل و الحواجز التى لا تصدّق ، و فى ما يساوي جزيئ من الثانية من تاريخ الإنسانية ، أنجزت هذه الثورات أشياء مذهلة – و غيّرت مسار التاريخ الإنساني . لم يحصل قبل أبدا أن إنفجرت بصورة حاسمة أسطورة الطبيعة الإنسانية التى لا تقبل التغيّر – حسبها يبحث الناس " طبيعيّا " عن أنفسهم ، و بعض الناس ببساطة يهيمون " طبيعيّا " على الآخرين . و بالنسبة لتلك العقود ، كان يبدو أنّ عالما جديدا كان على وشك الولادة . لأوّل مرّة ليل الإنسانية الحالك الظلمة و المديد – فيه المجتمع منقسم إلى مستغِلّ و مستغَل ، مضطهِد و مضطهَد – تمّ إختراقه و أخذ يصاغ شكل جديد تماما من المجتمع . (1)
أكاذيب الفكر التقليدي :

سؤال : لكن الفكر السائد يقول إنّ هذه الثورات لم تكن تحررية بل كانت فى منتهى الأوتوقراطية و داست حقوق الناس ... كانت مثاليّة تحوّلت إلى كوابيس.
لوتا : نعم هذا ما يقوله الفكر الشسائد وهو يساتد إلى التشويه و التزوير ...القائمين على أكاذيب بالجملة لما عنته هذه الثورات : ما الذى رمت فعلا لإنجازه ، و ما الذى أنجزته فعلا ، و ما هي التحدّيات و العراقيل الحقيقية – العالمية التى واجهتها .
الآن للناس وعي معيّن لكيف تعرّضوا للكذب بشكل نظامي حول هذه الأشياء مثل كذبة " أسلحة الدمار الشامل " التى إستخدمت تعلّة للحرب ضد العراق . و نحن لا نتكلّم عن عدم الإقرار العرض بالواقع هنا ... فقد تسبّبت حرب العراق فى مقتل مئات الآلاف من الناس و تشريد الملايين .
لكن عددا كبيرا من الناس الذين يعتبرون أنفسهم ذوى " عقل نقدي " يقبلون تماما ب " الأفكار السائدة " عن الشيوعية . . ودعوني أكون واضحا ، الطبقة الحاكمة و المثقّفون الذين يحرسون الوضع السائد قد إنخرطوا فى هجوم إيديولوجي لا هوادة فيه ضد الشيوعية من خلال الصحافة الشعبية و ما يسمّى بالدراسات الأكاديمية و السير الذاتية التى تتلاعب بصحّة " التجربة الشخصيّة " و الأشرطة وما إلى ذلك .
و كما تعلمون ، أنا منخرط لسنوات الآن فى مشروع إسمه " حقيقة ما حدث " مواجها هذه التشويهات و مقدّما للناس الحقيقة الفعلية لهذه الثورات . مثلا ، بالعودة إلى 2009-2010 ، كنت فى جولة محاضرات فى المركّبات الجامعية و شيء من الأشياء التى فعلناها كان وضعنا طاولات فى الجامعات وعليها " أسئلة شعبية " حول مجرّد وقائع بسيطة تخصّ الثورات الشيوعية ( الرابط على الأنترنت هو :
revcom.us/i/quiz.pdfwww.(2)
و سقط الطلبة سقوطا مدوّيا فى الإجابة على تلك الأسئلة إجابة صحيحة . هذا أمر له مغزى ، ليس فقط لأنّه موقف من الذين لديهم درجات عالية من التعليم ... لكن و أكثر أهمّية لأنّ الناس يُمنعون من الفهم الحيوي لكيف يمكن أن يكون العالم مختلفا راديكاليّا ، يمكن أن يكون مكانا أفضل بكثير حيث يمكن للناس أن يزدهروا .
إنّها تحدّيات حقيقية هنا متّصلة بأمر إستعجالي حقيقة الآن .


نحتاج إلى ثورة و عالم جديد تماما :
سؤال : ماذا تقصدون ب " تحدّيات " ؟
لوتا : أنظروا إلى الوضع فى العالم ... الحروب غير العادلة و الفقر والظلم الوحشي و إضطهاد النساء و الحطّ من مكانتهنّ بشكل لا يوصف . أزمة البيئة تتسارع و لا يتمّ فعل أيّ شيء لإيقافها . و الطبقة الرأسمالية – الإمبريالية فى السلطة ... التى تمسك بتلك السلطة و تفرضها بالقوّة ... التى تتحكّم فى الإقتصاد العالمي و الموارد العالمية ... هذه الطبقة و هذا النظام الذى تترأسه وضعا مسارا يهدّد التوازنات البيئيّة عينها و أنظمة الحياة على الكوكب . و يردّ على ذلك الناس لا سيما الجيل الجديد . لقد شاهدنا هزّات كبرى من الإحتجاج و التمرّد : الإنتفاضة الجماهيرية فى مصر سنة 2011 ، و حركة إحتلال الشوارع ( أوكوباي ) و تحدّى الشباب فى اليونان و إسبانيا والإنفجارات الحديثة فى البرازيل و تركيا .
ينهض الناس . يبحث الناس عن حلول و فلسفات . و قد كبست برامج سياسيّة و نظرات متنوّعة تأثيرا و أتباعا : حركات " بلا قيادة " و " ديمقراطية حقيقية " و " مناهضة المراتبية " و " مناهضة حكم الدولة الإستئثاري " و " الأفقية " و " الديمقراطية الإقتصادية " و ما إلى ذلك .
لكن الحلّ الوحيد المستبعد هو الثورة الشيوعية . و مع ذلك الثورة الشيوعية تحديدا وحدها هي التى يمكن فعلا أن تعالج مشاكل المجتمع و العالم التى تعذّب البشر ...وحدها التى يمكن أن تحقّق أعلى الطموحات التى دفعت الناس إلى النزول إلى الشوارع .
نشاهد ثمن ما يعنيه ذلك حيث لا وجود لقيادة و نظرة و برنامج شيوعيين .
ولنأخذ مصر على سبيل المثال . لقد أطاح الشعب ببطولة بنظام مبارك فوجد على السطح تغيير درامي . إلاّ أنّ الجيش الممثّل للإمبريالية ظلّ فى السلطة و ظلّ الشعب أسير مخالب يارين غير مقبولين : الأصوليّة الإسلامية ، أو نوع من الديمقراطية الغربية الخادمة للإمبريالية . و مفهوم حركة " بلا قيادة " يمكن أنتفرز نوعا من التغيير الجوهري قد ثبت أنّه خطير و مرض و وهم قاتلين . (3)
سؤال : لكن الناس يقولون إنّ لينين و ماو إفتكّا السلطة من أجل ثّلة من الناس لا غير . كيف تردّ على هذه التهمة ؟
لوتا : لقد قاد لينين (4) فى 1917 فى روسيا و قاد ماو(5) تاليا فى الصين أحزابا قادت بدورها الملايين و عشرات الملايين من الناس فى ثورات تطارد أعمق مشاكل المجتمع . و طبّقوا و طوّروا نظريّة الشيوعية العلمية التى تقدّم بها أوّلا كارل ماركس (6) و هذا العلم أماط الستار عن مصدر الإستغلال و البؤس فى المجتمع – إنقسام المجتمع إلى طبقات أين تحتكر مجموعة صغيرة الثروة و تتحكّم فى المجتمع على ذلك الأساس . و يُبيّن كيف أنّ كلّ ذلك يمكن أن يتمّ تجاوزه و إجتثاثه جوهريّا ، بثورة تتناسب مع مصالح الطبقة المستغَلّة اليوم : البروليتاريا و يشركها كحجر زاوية فيها .
و أنجز الحزبان اللذان بناهما و قادهما لينين و ماو بشيئين إثنين . أوّلا ، قادا الجماهير للقيام بالثورة ... للأطاحة بالنظامين القديمين . و ثانيا، قادا الشعبين لإرساء هساكل جديدة مكّنت الجماهير من تولّى مسؤوليّة حكم المجتمع و تغييره ... منطلقين من سيرورة القضاء على كلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد و كلّ المؤسّسات و الأفكار التى تتناسب مع هذه العلاقات و تعزّزها .
لقد كشف ماركس عن إمكانية فجر تحريري جديد للإنسانية . و شدّد على أنّ هذا سيكون فى آخر المطاف من عمل الجماهير عينها .و قد مثّلت هذه الثورات تعبيرا حيّا عن ذلك .
و فى نفس الوقت ، لم يكن من الممكن إنجاز ذلك دون قيادة – قيادة علمية و بعيدة النظر . و هذا الدرس دّفع ثمنه دما فى المحاولة الأولى الكبرى للثورة – كمونة باريس .





















الفصل الثاني : بزوغ الفجر – كمونة باريس

سؤال : هل بوسعك أن تخبرنى بالمزيد عن كمونة باريس ؟
لوتا : حدثت كمونة باريس فى 1871 ، فى خضمّ حرب بين فرنسا و ألمانيا . كان الشعب فى باريس يعاني الأمّرين ... بطالة كبيرة و نقص فى المواد الغذائية و تدمير الحرب . و فى 18 مارس ، نهض ضد حكومته " الخاصة " . و تمرّد الحرس الوطني لباريس الذى كانت له تأثيرات راديكالية فيها ... و إلتحقت قطاعات من المدينة بالإنتفاضة فإستولى الحرس على أغلب المناطق الباريسية و أعدم جنرالين من الحكومة الفرنسية زمن الحرب .
و بعد أسبوع ن نظّم الحرس الوطني إنتخابات بلدية جديدة . فنشأت حكومة جديدة .هذه هي الكمونة . و تشكّلت من الإشتراكيين و الفوضويين و الماركسيين و مناضلات نسويّات و ديمقراطيين راديكاليين و غيرها من التيّارات .
وسرعان ما حلّت الكمونة قوى الشرطة القديمة . و أدخلت إصلاحات إجتماعية راديكالية : فصلت الكنيسة عن الدولة ؛ و جعلت من التعلّم المهني متوفّرا للنساء و وفّرا جرايات للنساء غير المتزوّجات و ألغت عديد الديون . و أرست الكمونة مراكزا حيث أمكن للعاطلين أن يجدوا عملا . و سمحت الكمونة بتولّى النقابات والتعاونيّات العمّالية تصريف شؤون المصانع التى تخلّى عنها الرأسماليّون خلال الحرب. و سُمح للمهاجرين بأن ينالوا المواطنة التامّة .
فى مارس 1871 ، تمرّد العمّال و الطبقة الوسطى و الدنيا و فئات أخرى من سكّان بتريس ضد النظام القديم . و دفعوا الجيش الفرنسي إلى خارج المدينة و ركّزوا كمونة باريس . و فصلت الكمونة الكنيسة عن الدولة و إستولى العمّال على المصانع التى تركها الرأسماليّون و سيّروها ، بينما شرعوا فى تمكين كافة السكّان من إدارة المجتمع . و لعبت النساء دورا هاما و بطوليّا لا يصدّق فى التمرّد و فى التطوّر القصير الأمد للكمونة .
و أعلنت كمونة باريس للعالم أنّ المضطهَدين و المستغَلّين كانوا يفتكّون مسرح التاريخ لرفع رايات تحرير الإنسانية . و مع ذلك ، فى غضون شهرين ، جمّع النظام القديم قواته العسكرية و شنّ هجوما شرسا على الكمونة و أغرقها فى الدم . و كارل ماركس الذى كان أوّل من طوّر نظريّة الشيوعية فى 1848 إلى جانب فريديريك إنجلز ، دعّم الكمونة و إستخلص دروسا حيويّة منها ، و من ذلك أنّ إفتكاك نظام الدولة القديمة ليس كافيا ؛ إذ يجب أن يتمّ تفكيك الدولة القديمة و تعويضها بسلطة دولة جديدة و مختلفة راديكاليّا .
لكن لم يتعلّق الأمر ببساطة بحكومة جديدة إتخذت إجراءات تقدّمية إذ كان ذلك محاولة لخلق نمط جديد من الحكم ، نوع مختلف من نظام الحكم .
سؤال : ماذا تقصد بذلك ؟
لوتا : حسنا ، حاول الكمونيّون مثلما وقعت تسميتهم ، أن يوجدوا نظاما سيّاسيّا يمثّل مصالح و حاجيات العمّال و فقراء المدن و الطبقات السفلى من المجتمع ... الذين كانوا لوقت طويل مضطهَدين و محرومين من السلطة السياسية . و شرعوا أيضا فى إيجاد شكل من الحكم يسير بشكل مختلف عن النظام البرجوازي . لقد سعوا إلى جعل الإداريين أكثر قابليّة للمحاسبة من قبل منتخبيهم : لقد سعوا إلى تبسيط الجهاز الحكومي و ربطه بصفة مباشرة أكثر بحياة الجماهير القاسية و المتقلّبة .
سؤال: لقد إلتقيت بفوضويين يقولون إنّهم يعتمدون على كمونة باريس أي أنّها تمثّل نموذجا بالنسبة لهم. ما الذى سيكون خاطئا فى هذا ؟
لوتا : حسنا ، و جدت بعض المشاكل و منها مشكل كبير . لقد قام الكمونيّون بما قاموا به فى باريس –
و كان ذلك شيئا مميّزا حقّا – بيد أنّهم لم يطيحوا حقّا بالنظام الإستغلالي القديم . فى الواقع ، أعلى القادة السياسيين و قادة القوات العسكرية للحكومة الفرنسية القديمة قد صربوا إلى ضواحي باريس ، إلى فرساي .
ترون أنّه كانت للكمونيين فكرة أنّه بوسعهم الإستيلاء على النظام السياسي القديم ... الإستيلاء على الهياكل القائمة و تغييرها و إستعمالها إستعلمالا تقدّميّا . و قد إعتقدوا أنّه بإيجاد الكمونة ... إعتقدوا أنّ هذا النموذج ، بإبداعه فى ما بات حينها منطقة محرّرة ، باريس ، سيغدو نموذجا يحتذى به فى بقيّة البلاد بيد أنّ هذا لم يكن فهما صحيحا .
لم تكن الطبقة الحاكمة الفرنسية قد قبلت بالهزيمة التى منيت بها فى البداية و كانت لا تزال تملك قوّة لتفرض إرادتها ... و على وجه الخصوص قوّات مسلّحة نظامية .
و فى ماي ، كانت حكومة فرساي الرجعية هذه قدجمّعت جيشا يعدّ 300 ألف جندي .و فى 21 ماي ، دخل الجيش مجدّدا إلى باريس لسحق الكمونة . و قد قاتل الكمونيّون ببسالة إلاّ أنّ القوات المسلّحة عبرت متارسهم فى الشوارع و مضت إلى إرتكاب مجزرة راح ضحيّتها بين 20 ألف و 30 ألف باريسي ... فى غضون أسبوع واحد فقط . و آخر مكان شهير دافع عنه الكمونيّون هو مقبرة و كان ظهرهم إلى الحائط تماما . و تبعت ذلك موجة من الإعدامات . ( 7 )

إستخلاص ماركس الدرس الأساسي من الكمونة : نحتاج إلى سلطة دولة جديدة :

لقد ساند كارل ماركس الكمونة بحماس . و عقب هزيمتها ، قيّم مغزاها و دروسها . و أشار إلى واحدة من نقاط ضعفها القاتلة و درس من دروسها المفاتيح بالنسبة للثورات المستقبليّة ألا وهو درس أنّه من غير الكافي مجرّد إستعمال الجهاز السياسي للنظام القديم . وشار إلى أنّ الكمونة كانت تؤشذر إلى نوع جديد من الدولة ، دكتاتوريّة البروليتاريا – اّن الكمونيّين لم يكونوا يمسكون بمجرّد آلة الدولة القديمة و يحاولون إستعمالها إستعمالا تقدّميّا . لكنّه أشار إلى أنّ أحد الأخطاء القاتلة لكمونة باريس هي أنّها لم تزحف على فرساي و لم تسحق و تفكّك تماما آلة الدولة القديمة ، كما تتركّز فى الجيش الدائم للنظام القديم . و أشار كذلك إلى أنّ الكمونة فشلت فى تفكي و المسك بمقاليد البنك الفرنسي الذى كان يموّل إعادة تجميع النظام القديم و جيشه فى فرساي .
و بيّن ماركس أنّ كلّ دولة كانت فى جوهرها دكتاتورية الطبقة السائدة فى المجتمع . أي ، يمكن أن توجد بعض أشكال الديمقراطية ، لكن طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات فإنّ الجيش و الشرطة و المحاكم و السلطة التنفيذيّة ستعزّز مصالح الطبقة المهيمنة – وهو ما يعنى اليوم الطبقة الرأسمالية – الإمبريالية . درس الكمونة كان أنّ سلطة الدولة الرأسمالية يجب أن تحطّم و تفكّك ... و يجب أن يعوّض بنوع جديد من سلطة الدولة ، دكتاتوريّة البروليتاريا. بكلمات أخرى ، يترتّب عليكم أنّ نفكّك القوات المسلّحة للنظام القديم و إرساء نظام إقتصادي إجتماعي جديد تماما – يجب أن نخلق سلطة دولة جديدة يمكن أن تفرض إرادة المضطهَدين و المستغَلين . (8)
و كانت للكمونة نقطة ضعف أخرى : لم تكن لديها القيادة الضرورية لتحليل التحدّيات و تواجهها و تعمل إنطلاقا من ذلك . لم تكن لديها قيادة تنطلق من فهم علمي لما يستدعيه إلحاق الهزيمة بالثورة المضادة و ما يستدعيه المضيّ فى تغيير المجتمع ... فى صياغة نظام إقتصادي و إجتماعي جديد .
ومثّلت الكمونة إختراقا عالميّا - تاريخيّا ملهما بالنسبة للإنسانية المضطهَدة . تلك اللحظة الخاطفة للكمونة كانت نواة المجتمع الشيوعي دون إختلافات طبقيّة و إضطهاد إجتماعي . (9)
لينين هو الذى طبّق دروس الكمونة و قاد الثورة الروسية التى كانت وراء إنشاء أوّل دولة إشتراكية فى العالم .
و بعد أقلّ من 50 سنة من هزيمة الكمونة ، حدثت ثورة أشمل و أعمق بكثير ... فى روسيا . ومثلما سبق و قلت ، كان لينين يلخّص دروس الكمونة و طوّر فهم الحاجة إلى قيادة طليعية . أمر واقع أنّ من الأسباب المفاتيح التى جعلت الكمونة غير قادرة على ما أفضل إنطلاقا من إمكانيّاتها تفوق حدّ التصديق هو غياب القيادة الموحّدة . يقول بعض الناس أنّ ذلك كان الشيء العظيم فى الكمونة . لكن غياب القيادة كان أحد أسباب سحقها ... و هذا ليس شيئا عظيما !
سؤال : ما تقولونه يذهب ضد هذه النظرة الكاملة - و أفكّر فى أنواع الحركات التى أشرت إليها ، مثل حركة إحتلال الشوارع [ أوكوباي ] – القائلة بأّن قيادة عالية التنظيم تخنق الناس .
ريموند لوتا : أجل ، هذه الفكرة منتشرة إنتشارا واسعا وهي خاطئة بعمق . لقد طوّر لينين الفهم العلمي للحاجة إلى حزب طليعي إعتمادا على نظريتين ثاقبتين حيويتين . واحدة هي أنّ الجماهير لا تستطيع عفويّا أن تطوّر وعيا ثوريّا و فهما علميّا لتشكيلة المجتمع و سيره ،و الطرق الوحيدة التى يمكن أن يُغيّر بها تغييرا راديكاليّا ... إنطلاقا من تجربتها و نضالها اليوميين . أنظروا إلى مصر . كان الناس أبطالا حقّا فى وقفتهم لكن لديهم كلّ هذه الأوهام حول الجيش المصري . نحتاج إلى قيادة لإيصال الفهم العلمي إلى الجماهير الشعبيّة . يحتاج القيام بالثورة إلى العلم . و الثورة تحتاج إلى الحماس و القلب و الشجاعة و الطاقة الخلاّقة غير أنّ هذه العوامل لوحدها لن تغيّر العالم ... دون إدراك علمي لما يتطلّبه القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة .
سؤال : و النقطة الأخرى ؟
لوتا : الحاجة إلى قيادة مركزيّة لتمكين الجماهير عمليّا من تجاوز العراقيل و ما سيقذفهم به العدوّ و ليس أقلّه قوّته العسكريّة و للقدرة على الإبحار عبر جميع هذه المنعرجات و الإلتواءات و منها مؤامرات الطبقة الحاكمة و مغالطاتها فى وضع ثوري ، و قيادة الناس عمليّا فى الإطاحة بالنظام القديم و المضي نحو تثوير المجتمع . نحتاج إلى مقاربة إستراتيجية و قدرة إستراتيجية لإطلاق العنان لكلّ إبداع الجماهير و تصميمها .
حينما يتحرّر الناس من " الروتين العادي " و يرفعون رؤوسهم ، إلى أين يؤدّى هذا ؟ هنا مسألة القيادة تكون حاسمة ؟ و لا وجود لشيء " دون قيادة " فبرنامج ما و قوّة ما ممثذلة مصالح طبقيّة معيّنة ستكون القائدة ، لا يهمّ عدد الناس الذين يريدون التهرّب من القيادة . و لنكن صريحين : " دون قيادة " عمليّا برنامج تتمّ قيادته – و لا يؤدّى إلى أي تغيير راديكالي . (10)
نحتاج إلى قيادة مركزيّة . كيف سننسّق إنتفاضة ؟ كيف سننسّق إعادة بناء المجتمع إثر دمار حرب ثوريّة ؟ كيف سننسّق تسيير الإقتصاد الجديد ؟ كسف سننسّق دعم الثورة العالميّة ؟ نحتاج إلى قيادة مركزيّة .
لم يكن لينين يحاجج " ببساطة سنعوّض الجماهير " . لا ، المسألة برمّتها هي أنّه بقدر ما تنهض هذه القيادة بدورها الطليعي ، بقدر ما يكون أكبر النشاط الواعي للجماهير . الجماهير تصنع التاريخ بيد أنّه ليس بوسعها أن تصنع التاريخ فى خدمة أعلى مصالحها دون قيادة . بفضل القيادة المتوفّرة ، حدثت الثورة الروسيّة و غيّرت كامل مسار التاريخ العالمي .



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدّمة الكتاب 23 : لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم - تعرفون - ... ...
- الثورة فى البلدان الإمبريالية تتطلّب فكر ماو تسى تونغ [ الما ...
- تطوير ماوتسى تونغ للإشتراكية : مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوري ...
- تطوير ماو تسى تونغ للفلسفة الماركسية(1)الفصل الرابع من كتاب ...
- تطوير ماو تسى تونغ للفلسفة الماركسية(2)الفصل الرابع من كتاب ...
- تطوير ماو تسى تونغ للإقتصاد السياسي و السياسة الإقتصادية و ا ...
- مقدّمة - المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ - - كتاب لبوب أفاكي ...
- هجوم إرهابي فى باريس ، عالم من الفظائع و الحاجة إلى طريق آخر
- إلى الشيوعيّين الثوريّين فى العالم و أفغانستان : قطيعتنا مع ...
- تصاعد النضالات من أجل إيقاف إرهاب الشرطة و جرائمها فى الولاي ...
- قفزة فى النضال ضد جرائم الشرطة فى الولايات المتّحدة : الإعدا ...
- مقدّمة كتاب - مقدّمات عشرين كتابا عن - الماويّة : نظريّة و م ...
- إنهيار سوق الأوراق المالية فى الصين : هكذا هي الرأسمالية
- أزمة المهاجرين العالمية : ليس مرتكبو جرائم الحرق العمد للأمل ...
- المجرمون و النظام الإجرامي وراء موت اللاجئين فى النمسا
- حقيقة تحالف قادة الحزب الشيوعي السوفياتي مع الهند ضد الصين / ...
- أحاديث هامة للرئيس ماو تسى تونغ مع شخصيّات آسيوية و أفريقية ...
- تونس السنة الخامسة : عالقة بين فكّي كمّاشة تشتدّ قبضتها
- سياستان للتعايش السلمي متعارضتان تعارضا تاما - صحيفة - جينمي ...
- اليونان : - الخلاصة الجديدة ترتئى إمكانيّة : القطيعةُ مع الق ...


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية + تلخيص مكاسب كمونة باريس الفصل الأوّل من- لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم - تعرفون -... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها ومستقبلنا - لريموند لوتا