أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - مصر وإفريقيا: الصورة والإطار















المزيد.....

مصر وإفريقيا: الصورة والإطار


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5083 - 2016 / 2 / 23 - 21:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى السياسة كما فى الفن، لاغنى للصورة عن الإطار، ولاقيمة للإطار غالباً دون الصورة، والصورة هنا هى ملامح ورتوش سياستنا الخارجية مع عبد الفتاح السيسى، والإطار هو محاور الحركة وأبعاد التوجه وحدود الدور وطرائق الممارسة ومنطلقات الأداء. ولئن جاءت صورة سياساتنا الداخلية فى معظم الأحيان كما الفن السريالى المتحرر من كل القواعد والأطر فتلتبس على الناس الرؤية ويحارون فى فهمها والتجاوب معها، إلا أن الدولة من حسن الطالع قد حرصت أن تأتى صورتنا الخارجية فى تناسق مع القواعد ومتطلبات الصنعة ووظيفية الدور. من هنا جاء ترحيبنا بتوجه جاد نحو استعادة دورنا القومى فى محيطنا العربى وقارتنا الإفريقية بما يتجاوب مع رؤيتنا لعلاقات دولية متوازنة بين الشرق والغرب، واستعادة عبق تاريخ طويل فى مسيرتنا الإفريقية التى كانت ركيزة أساسية تنطلق منها مصر فى صناعة دورها وتأثيرها الدولى كما حددها عبدالناصر فى "فلسفة الثورة" ضمن الدوائر الثلاث العربية والأفريقية، ودائرة العالم الإسلامى. ولقد مرت علاقاتنا مع قارتنا الإفريقية بمراحل ثلاث، مثلت الأولى قوة التماهى والتوهج مع جمال عبد الناصر، ومثلت الثانية مرحلة الفتور والركود مع أنور السادات بعد كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل فى 1979، وجاءت بعدها مرحلة التباعد والإنقطاع مع حسنى مبارك بعد محاولة إغتياله فى أديس أبابا 1995.
مثلت مصر عبدالناصر و23 يوليو الحاضنة الكبرى لحركات التحرر الأفريقى بل والعالمى، فلم تظهر حركة تحرر أفريقية إلا واحتضنتها القاهرة، ووفرت لها الدعم والتدريب والتسليح والإستضافة والتمويل ونظمت المخابرات المصرية نقل الأسلحة وتوصيلها إلى مناطق المقاومة وتأمين وصول الفرق الثورية بعد تدريبها فى معسكرات الصاعقة المصرية وثكنات الكلية الحربية إلى بلادهم، ووقفت تدافع عن قضيتهم فى المحافل الدولية وتحشد العالم حول حق المقاومة المسلحة وسعيها نحو الإستقلال والحرية. عندما قامت ثورة يوليو كانت أربع دول أفريقية فقط فى طريقها للإستقلال وبفضل جهود ناصر والثورة تحررت ثلاثون دولة أفريقية فى عام 1963 وكانت نواة كون منها منظمة الوحدة الإفريقية التى اختار لها عبدالناصر بنفسه أديس أبابا مقراً لها، لتوالى العمل من أجل تحرير باقى دول القارة.
فى فيلا أنيقة من دورين محاطة بحديقة صغيرة فى شارع أحمد حشمت بالزمالك إستضافت مصر 38 حركة تحرر وطنى أفريقى، كان يملكها أستاذ مصرى بجامعة القاهرة هو محمد عبدالعزيز إسحاق، حيث تاسست فيها الجمعية الأفريقية رأسها السفير محمد نصر الدين، وكلفهما عبدالناصر برعاية الطلاب الأفارقة والثوار وتأمين إقامتهم ووصول أصواتهم لبلادهم عبر إذاعة صوت العرب، وكان يشرف عليهم السفير محمد فايق ممثل عبدالناصر للمنظمة الأفريقية وضابط المخابرات المصرية محمد فتحى الديب رجل عبدالناصر القوى ومعهم فتحى رضوان ويوسف السباعى وأحمد حمروش ومرسى سعد الدين والسفراء فيما بعد أحمد حجاج وأحمد أبوزيد وقد سمعت منهما تفاصيل القصة كاملة كما رواها أيضاً السيد أمين هويدى رئيس المخابرات العامة الأسبق حين دعوته لإحتفال بـ 23 يوليو فى الجمعية الوطنية بالإسكندرية.
تحولت الجمعية الإفريقية بعد نضال كبير إلى منظمة الوحدة الأفريقية، وتحول عبدالناصر بعدها إلى محرر إفريقيا كما سيمون بوليفار الأب المؤسس لتحرر امريكا اللاتينية. لم يتوقف عبد الناصر عند هذا الحد بل قام ورجاله الوطنيون ومعهم السيد محمد غانم بطل المخابرات المصرية بتأسيس شركة النصر للتصدير والاستيراد فى أبيدجان بساحل العاج ثم تنزانيا ووصلت فروعها 25 فى إفريقيا حيث حاصرت التدخل الإسرائيلى والمد الإستعمارى فى القارة. لم تنفطع علاقات ناصر بالقارة بعد تحررها بل ساهمت مصر فى تنمية القارة وتحديثها، حتى أن غالبية الدول الإفريقية قاطعت إسرائيل بعد 1967. واحتفظت مصر بعلاقات قوية بهؤلاء الرجال الذين أصبحوا قادة تاريخيين للقارة، ونظروا دائماً لمصر باعتبارها القائد ولناصر باعتباره الزعيم والمحرر. ولم ينفرط العقد إلا بعد توجه السادات لأمريكا وإسرائيل وأدار مبارك ظهره لإفريقيا.
كلف عبدالناصر الدكتور بطرس غالى بتأسيس الصندوق الفنى لدعم إفريقيا الذى أرسل أساتذة الجامعات والأطباء والمعلمين والمهندسين والكوادر العلمية لدول القارة. واسس مدينة البعوث الإسلامية لإستضافة أبنائهم الدارسين فى الأزهر والجامعات المصرية فى منح دراسية. لقد أعطت مصر عبدالناصر للقارة فبادلتها العطاء، وعندما تنكرت لها عاشت إفريقيا منسلخة عن مصر الحاضر، محتفظة فى ذاكرتها المؤسسية ببطولة الزعيم ومواقفه ونضاله.
كانت هذه هى الصورة عن علاقاتنا الإفريقية، التى نحاول اليوم استعادة بريقها وترميمها لتكون رصيداً لدور مصرى إقليمى ودولى منشود، ولعلها تكون ركيزة فى سياسات فاعلة وربما ضاغطة على بعض من يحاولون الإضرار بالمصالح الحيوية الإستراتيجية لمصر، أو استغلال قضية سد النهضة للنيل من بلادنا، فإلى جانب خيارات مصرية أخرى من المؤكد أن مصر تعد لها، يأتى التقارب المصرى الإفريقى داعماً لها. فمنذ شارك الرئيس السيسى فى قمة الإتحاد الفريقى فى "مالابو" بغينيا الإستوائية بعد أيام من توليه الرئاسة فى يونيو 2014، وقد نجح فى استقطاب الدول الإفريقية نحو توجهات نظامه وثورة الشعب فى 30 يونيو، وبدا أن فى الأفق مستقبل واعد، فقد تعددت زياراته للأشقاء وتعاونه بل وتمثيله للقارة الأفريقية فى مؤتمر المناخ بباريس، وتحدث بصوت إفريقيا، وأعلن عن تأسيس "وكالة التنمية الأفريقية" وصولاً إلى إفتتاحه السبت الماضى لـ "منتدى أفريقيا 2016" بشرم الشيخ تحت مظلة الإتحاد الفريقى بالتعاون مع منظمة "الكوميسا" وهى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا حيث 19 دولة أفريقية من ليبيا إلى زيمبابوى. وقد سبقه فى يونيو من العام الماضى فى شرم الشيخ أيضاً توقيع إتفاقية التجارة الحرة للتكتلات الإقتصادية: الكوميسا والسادك "تجمع تنمية الجنوب الإفريقى" ومجموعة دول شرق أفريقيا، توطئة لتأسيس منطقة التجارة الحرة للإندماج الإقليمى.
هكذا تكون المبادرات، فالدول مصالح، والذكى من يحتمى بمحيط إقليمى داعم ومتضامن ومشارك، وقائم على دعائم قوية ومستمرة. وعلينا أن نوثق هذا التعاون وتلك الشراكة ببرامج تبادل ثقافى بين دول القارة التى لاتكاد أجيالنا الجديدة تعرفها، فأفريقيا دول حضارات قديمة، ظلمتها الظروف بالإستعمار ونظلمها إن لم نقيم معها وفيها مراكز تبادل ثقافى تحمل إسم ناصر الذى لايزالون يرفعون صوره فى كل أزمة، ولتقم حركة ترجمة نشطة للأدب الأفريقى والفنون والمسرح والموسيقى والسينما، ولانترك أفريقيا للتجار المغامرين الذين يستوردون من العالم بأكثر من ستين مليار دولار بينما حجم التجارة البينية مع أفريقيا لاتجاوز الأربعة مليارات. ولتفتح الجامعات المصرية آفاقاً جديدة للتعاون مع مثيلاتها الإفريقية، ولتكن لدينا منح وبعثات مجانية من الجامعات الخاصة فى إطار رؤية مشتركة مع الدولة، ونتمنى أن نرى صفحة أسبوعية فى كل جريدة مصرية عن أفريقيا وأن يصحو التليفزيون المصرى ليقدم برنامجاً ولو أسبوعياً عن شركاء الجوار فى التاريخ والحضارة والمستقبل.
هكذا هى الصورة، وهكذا يكون الإطار.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهام الرئيس وتوجهاته لايحددها الفاشيون
- الشباب والدولة: الفيل والعميان
- د. حسين مؤنس وإدارة عموم الزير
- مجلس النواب وبيان الحكومة
- مصر فى حرب وجود فانتبهوا: كلام للشعب ونوابه
- السعودية - إيران: فخ أمريكى
- هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم
- شيزوفرينيا الحرب على داعش: لعل السيسى لا يستجيب لعبدالمنعم س ...
- كارثة إختيار الأقل كفاءة
- أزمة حقيقية أم تمثيلية محكمة؟ من يلعب بالنواب والحكومة؟
- مصر والسعودية والمشهد الدولى المرتبك
- من أنشودة مالك بن نبى إلى حملة أولاند : ياجنرال لست فى الميد ...
- باريس: موهبة النور ومحنة الظلام
- هواة فى مواقع السلطة
- الكاتب المأزوم والأفكار -العميطة-
- روسيا تحت قصف البروباجندا الأمريكية
- فلا تكونوا شوكة فى خاصرة الوطن
- السيسى والسفر عبر الزمن
- الإتحاف والإنباء عن الحكومة والوزراء- السيسى فى اجتماع الجمع ...
- البرادعى يقود الهوسبتاليين الجدد وينعق من جديد


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - مصر وإفريقيا: الصورة والإطار