أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مريم نجمه - بولونيا بين الأمس .. واليوم . تجربة وتحليل















المزيد.....

بولونيا بين الأمس .. واليوم . تجربة وتحليل


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 12:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وصلت مدينة ( كدانسك ) .. الميناء البحري الأوّل على بحر البلطيق شباط 1988
وصلتها بعد سفر , ورحلة , طويلة شاقة ومتعبة , قادمة من لبنان , عبر ميناء - جونية - نظرا لسيطرة المخابرات السوريّة على مطار بيروت - إلى لارنكا في قبرص , من ثمّ إلى - أثينا - وانتظار أكثر من 6 ساعات في المطار , ثمّ السفر إلى - وارشو - عاصمة بولونيا .
وصلتها ليلا , ومنها إلى كدانسك , طوال 48 ساعة - بواسطة وسائل النقل المختلفة التالية : السيّارة ,الباخرة , الطائرة , والقطار , وأخيرا السيّارة .
توقّف القطار أخيرا في المحطّة الرئيسية ( كدانسك القديمة ).. , في صباح ثلجي أبيض صامت إلاّ من أصوات النوارس التي غطّت سماء المدينة ..

أخذت سيّارة الأجرة ومعي العنوان إلى ( الأكاديمية ) , سألت الإدارة عن الطالب باسل - إبني .. وبعدها كان العناق والشوق والحبّ والدمع
بعد اللقاء الحميم الذي كان مفاجئا نوعا ما لإبني , حيث لم أستطع أن أحصّله بالهاتف من وارشو , لكي يستقبلني ويساعدني في التنقلات , وخاصّة إنني أزور هذه البلاد لأوّل مرّة - وصلنا أخيرا ..الغرفة الذي كان يسكنها ولدي .
بعد الإستراحة والأحاديث معا والإطمئنان عليه , في المساء ذهب ولدي وأحضر الطبيب , فعاينني لأنني كنت متعبة جدّا , ودون نوم وراحة , واّثار التعب والسهر والإرهاق ظاهرة عليّ , وخاصّة , كنت قد شفيت مجدّدا من حادثة سير في إحدى جبال لبنان ( أنا وبناتي ) حيث انقلبت بنا السيارة ثلاث مرّات وتكسّرت , أما نحن فنجونا بأعجوبة مع الجروح والرضوض , والحمدلله .

بعد أفلام .. ومشقّات السفر ومتاعبه
بدأت أتعرّف على معالم المدينة والحياة فيها بعد يوم واحد من الوصول برفقة ولدي طبعا . أوّل معلم قمت بزيارته هو المدينة القديمة لكدانسك وتسمّى باللغة البولونية ( ستار مياسته ) , التي كنت قد قرأت عنها في الكتب , أثناء الحرب العالمية الثانية , كيف تهدّمت نهائيا تحت وابل ضربات وحقد وعنصريّة النازيّة الألمانية جوّا وبحرا وبرّا .
وفعلا لا تزال اّثار الحروب المرعبة وبصماتها باقية حتى اليوم صورة حيّة شاهدة على جرائم الغزاة - لتبقى درسا للأجيال الجديدة , لكي تعمل وتناضل لصيانة السلام وتعزيزه , وبناء الحضارة الإنسانيّة بحبّ وإخاء
شاهدت كذلك .. الغابات المحاذية للشواطئ وبقايا السواتر فيهاالإسمنتية الحديدية , والملاجئ والدفاعات الشعبية والعسكريّة للمقاومة البولونية التي قاومت الغزو الهتلري لسنين وأشهر طويلة .
الموقع الجغرافي والتاريخي لبلد ما , دائما ما يدفع الشعب ضريبة هذا الموقع , وبولونيا عبر التاريخ والصراعات بين الشرق والغرب الأوربي كانت ممرّا وساحة ومطمعا للمتحاربين , أو للأقطاب المهيمنة دوليا أو أوروبّيا - تماما كما يدفع شعبنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ثمن موقعه الإستراتيجي ..!؟

زرنا كنيسة " أوليفا " الشهيرة كذلك , والمتاحف , السونا والمقاهي , المطاعم الشعبية والأسواق . ..
بدأ جيران الحي .. والأصدقاء .. يتقاطرون واحدا بعد الاّخر للسلام والتعرّف عليّ , وتهنئة ولدي , برفقة أطفالهم والهدايا . ومن مستلزمات وتقاليد الزيارة للشعب البولوني , هو تقديم الورود . نادرا ما يحضر شخص ما لزيارة أحد ولم يحمل معه وردة , أو حلويّات من صنع يديه , أو أي شئ اّخر رمزي .

بدأت أتعرّف وأتلمّس أكثر فأكثر على روح هذه المدينة وأهلها , والحياة فيها , والأوضاع الشعبية تحت ظل النظام الإشتراكي , وجغرافية المدينة وتاريخها وو و الخ .
صدفة .. كنّا في الشارع الرئيسي في المدينة القديمة , وإذ شاهدنا تظاهرة كبيرة عمّالية .. تقودها ( منظمة التضامن ) السوليدارنوش , والذي كان يديرها " عامل السفن " ليش فاليسا - الذي أصبح فيما بعد رئيسا للبلاد .
وقد انطلقت هذه التظاهرة من أمام الكنيسة القديمة هناك في المدينة القديمة , وكانت الشرطة التابعة للدولة تحرسها دون أن تقمعها
أثناء وجودنا هناك بالقرب منها تقدّمت إمرأة نحونا لتحيّينا وترحّب بنا دون معرفة سابقة , إلاّ لأننا كنّا نتكلّم العربية , وكان باسل يضع ( شماخا فلسطينيّا ) حول عنقه , وبادرت بتقبيلي بحرارة وحميمية , وتعانقنا وبكينا معا فرحا من شدّة الحبّ الإنساني , والتعارف الفكري ومشاعرالعلاقات الصادقة لنصرة الشعوب المضطهدة , وخاصة قضية فلسطين بالذات , القضية العادلة الإنسانية في العالم - وقد تمنّت هذه الإنسانة الطيّبة على ولدي بأن يزورها , وأن تكون له أمّا ثانية في بولونيا ... !

هذا ما لمسته ..من طيبة وتعاطف وأخلاق أممية إنسانية .. شعبية عفوية , لقضايانا , واحترامنا كأصحاب حقّ . هكذا كان الإنطباع الأول العام عن هذا الشعب , فأينما ذهبت كانت الحفاوة والإحترام لنا لكوننا عرب , وأجانب . ويلاحظ المرء في هذه الفترة من النظام الإشتراكي , كيف كانت علاقات الناس بين بعضهم البعض كبولونيين , وعلاقة أبناء الشعب بالاّخر الأجنبي والغريب . علاقات أخوية صافية محبّة وتضامن بعيدة عن الأنانيّة والكذب والسرقة والحسد والغيرة والغرور والمنفعة وأخيرا .. التعصّب والتمييز العنصري .. وسائر الأمراض الرأسماليّة التي غزت هذه البلدان بعد سقوط النظام الإشتراكي ( رغم كلّ أخطائه ) .

بعدما سيطرت على المدينة في خيالي .. , ليست طبعا سيطرة عسكرية - إنما من الناحية الجغرافيّة والميدانيّة ..
بدأت أدخل إلى عمقها الإنساني , والبشري , التاريخي , والإقتصادي والسياسي ووووو, من أبرز ما لاحظته وتعلّمته في النظام القديم الإشتراكي :
أولا - إحترام الناس كلّ الناس كبيرا وصغيرا , مسؤولا وعاملا , نظام ( الصفّ , الدور , السرى ) في كل مكان تذهب إليه المحلاّت " سكليب , كيوسك " - وقطع التذاكر للمواصلات - في السوبرماركات - المطاعم , وغيرها وغيرها ..
ثانيا - النظافة والترتيب , في الشوارع , الطرقات , المؤسّسات العامة ( ضمن قوانين صارمة ) - المنازل , البيوت , الحدائق . الشعب البولوني شعب نظيف بامتياز وفنّان ومبدع , ونشيط وقوي جسديا , ومخلص في عمله , يتحمّل التعب والبرد والعمل المتواصل تحت كل الظروف , وخاصة المرأة , ومعظم عمّال النظافة من النساء ودون خجل من عملهن , بل بكلّ حبّ وإخلاص وأمانة يعملن .. وفي كلّ الأوقات من الفجر حتى العصر .
ثالثا - الأسعار الرخيصة للسلع والبضائع على مختلف أنواعها وأصنافها , سواء المحلاّت الكبيرة أو الصغيرة , وخاصّة الألبسة , والغذاء ,والسكن . كلّ الناس تعمل , لا يوجد بطالة الكل يشتغل , كان الإنسان حينها مثلا .. يستطيع العيش بالحياة بشكل لائق ومريح ب 100 دولار شهريّا في بولونيا , ويستطيع أن يستأجر الأجنبي غرفة ب 10 دولارات مع منافعها -هذا طبعا قبل الخصخصة وسقوط النظام الإشتراكي فيها وسيطرة الرأسماليّة والتبعيّة للغرب .
رابعا -
تقريبا شبه مجّانية .. المؤسّاسات الثقافيّة والترفيهية ( المسارح , السينما , السونا , المسابح , مسارح الأطفال , حدائق الحيوانات " الزو " , والملاعب والأندية )
ومجانيّة التعليم لكل المراحل , والمستشفيات والطبّ والمراكز الصحيّة والأدوية ووووكل ما يتعلّق بالصحّة والضمان الصحّي وتفاصيله التي يتعجّب الإنسان بها وينحني لها , لإحترامها للمواطن وقيمته الإنسانية .. , سأفصّلها في المواضيع المقبلة .



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى شاعر الحريّة .. وقدّيس المنافي .. عبد الوهّاب البيّاتي
- سبقني إلى هناك شذاك .. , نبضات الكلمة
- إلى أكتوبر المجيدة .. نشيدنا الأممي
- المرأة والقمع .. في التراث الشعبي , والثقافة الشعبية ,الأمثا ...
- الطغاة ترحل .. وتبقى الشعوب
- من الرائدات .. فدوى طوقان
- من الرائدات .. أسمى رزق طوبي
- محطّات .. خواطر . - ولينثر الحبق -
- لا تقتلوا شعبنا مرّتين .. أيّها الجالسون في المنابر الدولية ...
- سلام لكم وتحيّة يا شغيلة الوطن .. المغيّبون عن الإعلام ؟
- زهر الشوك . محطّات
- قراءة في الأرقام .. 2000 - 2005
- مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ . : الوطنيّة والأمميّة
- تأملات .. طبيعية . همسات
- رسائل للوطن .. صرخة الطفولة
- يا إذاعات الشرق , عفوا .. الشرق ملوّن ! ؟
- رسائل إلى الوطن .. فوق تلال الليل - مرثيّات للأرض
- من الرائدات .. نظيرة زين الدين , وكتابها : السفور والحجاب - ...
- رسائل إلى الوطن .. سبع وردات لدمشق
- من الرائدات في الغناء الأصيل .. السيّدة الفنانة فيروز .. في ...


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مريم نجمه - بولونيا بين الأمس .. واليوم . تجربة وتحليل