أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - وقائع وحقائق مسيرة الشيوعية التاريخية (3)















المزيد.....

وقائع وحقائق مسيرة الشيوعية التاريخية (3)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 19:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


وقائع وحقائق مسيرة الشيوعية التاريخية (3)

محاكمة التاريخ هي محاكمة غير شرعية على الإطلاق ومع ذلك دعنا نعقد جلسة واحدة لمحاكمة صورية في محكمة غير شرعية لنستدل منها على شرعية التاريخ المطلقة دائماً وأبداً .
الأممية الثانية كانت في العام 1912 قد كلفت الاشتراكيين الروس بإنجاز الثورة البورجوازية حتى النهاية نظراً لهشاشة الطبقة البورجوازية في روسيا غير القادرة على إنجاز ثورتها . وعليه لم يهاجم زعماء الأممية الثانية التاريخيين مثل كاوتسكي وبليخانوف، لم يهاجموا لينين لقيامه بانتفاضة أكتوبر والإستيلاء على السلطة في روسيا في أكتوبر 1917 لكنهم هاجموه بشدة لقيامه بإعلان الثورة الإشتراكية العالمية في مارس 1919 بحجة أن الأوضاع في روسيا أولاً والأوضاع الدولية من بعد لا تسمح على الإطلاق بقيام ثورة اشتراكية عالمية ناهيك عن المجتمع الروسي المتخلف .
كان مثل هذا الهجوم على لينين والبلاشفة سيكتسب ملمحاً من الشرعية حتى وإن تحدث زعماء الأممية الثانية بعد حل أمميتهم المهترئة في العام 1916 لو أن البورجوازية الروسية قبلت التعاون مع البلاشفة في نطوير الثورة البورجوازية حتى النهاية ؛ أما وأن البورجوازية الروسية رفضت مثل هذا التعاون رفضاً قاطعاً وفضلت التعاون مع أغنياء الفلاحين (الكولاك) وعساكر القيصرية لإعلان الحرب على الشيوعيين وإبادتهم كما أعلنت دون مواربة، وهو ما لم يتوقف عنده كاوتسكي وبليخانوف وأضرابهما، فإن هجومهم على لينين بسبب إعلانه الثورة الاشتراكية في العالم في مارس آذار 1919، وليس قبل ذلك، افتقد كل مبرر . ماذا ترتب على البلاشفة أن يقدموا للبورجوازية ولم يقدموه !؟ دعا لينين جميع الأحزاب البورجوازية للإشتراك في حكومته صبيحة الانتفاضة ورفضت جميعها المشاركة بمن منهم من أيد الانتفاضة ظناً منهم أن البلاشفة لن يتمكنوا من الإحتفاظ بالسلطة طويلاً ؛ وكان أول مرسومين وقعهما لينين صبيحة الانتفاضة هما مرسوم الأرض ومرسوم السلام تحقيقاً لأهداف الثورة البورجوازية . أما انتخابات الجمعية التشريعية وكانت الهدف الرئيسي الثالث للثورة البورجوازية فقد أجريت في الشهر التالي، نوفمبر، إلا أن لينين صرف الجمعية بعد الجلسة الأولى لأنها كانت تقضي بإعادة السلطة إلى حكومة الاشتراكيين الثوريين التي تنكرت لأهداف الثورة البورجوازية وقام البلاشفة بانتفاضة أكتوبر لإسقاطها .
ماذا لو نجح تروتسكي في إسقاط لينين بعد أن عاد رافضا توقيع الصلح مع الألمان ؟ أو ماذا لو نجحت البورجوازية في القضاء على البلاشفة !؟ ألن تكون النتيجة في الحالتين هي احتلال ألمانيا لروسيا واستخدام مواردها المادية والبشرية الكبيرة في الحرب وأدى ذلك بالتالي إلى انتصار ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وانتهت لأن تكون الامبراطورية الاستعمارية الوحيدة في الكرة الأرضية لعقود طويلة وربما لقرون تمتد لألف عام كما هدف مشروع هتلر ؛ ولكان للعالم تاريخ آخر تغيب عنه الثورة الشيوعية وقيام الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي كما تغيب ثورة التحرر الوطني والدول المستقلة بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن !؟ هل بعد هذه المحاكمة غير الشرعية يمكن الاستدلال إلى أن العالم كان سيعود إلى عهود العبودية المظلمة لولا لينين وصلح برست لوتوفسك تحديداً !؟ أو لو أن تروتسكي نجح في إسقاط لينين لدى عودته رافضاً توقيع اتفاقية الصلح !؟

من دلائل حيوية الحزب الشيوعي البولشفي بقيادة لينين هي أن الحزب وهو يقود أعتى المعارك ضد جيوش التدخل الأجنبية كانت تدور بين فصائلة المختلفة نقاشات حامية حول السياسات الواجبة التطبيق حال انتهاء الحرب والتي من شأنها أن تبرر التضحيات الجسام التي قدمها العمال والفلاحون دفاعاً عن الثورة الشيوعية في الحرب الأهلية وحروب التدخل . في تلك الأثناء المضطربة بسبب الانتهاء من الثورة البورجوازية قبل أن تبدأ وبدء الثورة الاشتراكية قبل أن تستحق كان من الطبيعي أن تتشتت الأفكار فماركس نفسه لم يكن يتصور أن تقوم هناك اشتراكية في بلد ما قبل استحقاقها، قبل عبور مرحلة الرأسمالية، لكنه تصور بالمقابل أن تقدح شرارة الثورة الاشتراكية في روسيا لتلتهب الثورة في كل أوروبا كما كتب في مقدمته لترجمة البيان الشيوعي إلى الروسية في العام 1882، وهو ما دعا لينين لإعلان الثورة الاشتراكية العالمية بعد القضاء التام على البورجوازية الروسية الهشة طالما أنه لم يكن هناك بالإمكان قيام ثورة بورجوازية بدون بورجوازية . كان من الطبيعي أن يحتدم النقاش حول السياسات التي سيأخذ بها الشيوعيون بعد تحرير البلاد من قوات التدخل . تلك كانت فرصة تروتسكي لتشكيل كتلته "اليسارية" داخل الحزب تنشط في معارضة لينين وخاصة في المسائل الرئيسية المطروحة : (1) تطبيق الاشتراكية (2) الثورة الدائمة (3) بنية الحزب الشيوعي .

مع تحرير البلاد من قطعان الغزاة الأجنبية انعقد المؤتمر العام العاشر للحزب الشيوعي البولشفي في موسكو في مارس آذار 1921، وكان ذلك المؤتمر على درجة عظيمة من الأهمية حتى أعتباره المؤتمر التأسيسي للإتحاد السوفياتي . في ذلك المؤتمر التأسيسي ارتفع صوت تروتسكي وكتلته اليسارية المشكلة أصلاً من مناشفة سابقين رفاق تروتسكي وجماعات فوضوية وأفاقين من البورجوازية الوضيعة، إرتفع صوته في معارضة لينين في مختلف المسائل .
إنطلق تروتسكي في معارضته للينين من خطاب كان قد وجهه ماركس وإنجلس إلى عصبة الشيوعيين في العام 1850 يقول .. يتوجب على البروليتاريا أن تحافظ على الثورة دائمة حتى استيلاء البروليتاريا على السلطة ووسائل الإنتاج المختلفة ليس في بلد واحد فقط بل في عدة بلدان رئيسية . استناداً إلى هذا النص عارض تروتسكي لينين في مسألتين رئيسيتين هما تطبيق الاشتراكية في بلد واحد هو الاتحاد السوفياتي الممتد على عرض قارتين ويضم خمس عشرة جمهورية، وفي المفهوم الماركسي للثورة الدائمة (Permanent Revolution) .
بناء على ذلك الخطاب عارض تروتسكي على رأس كتلته "اليسارية" بناء الاشتراكية في الإتحاد السوفياتي قبل العبور بالثورة غرباً حدود بولندة ثم ألمانيا حيث النظام الرأسمالي هناك متقدم والبروليتاريا متطورة وهو ما يضمن نجاح الثورة الاشتراكية على الصعيد العالمي، حيث عندئذٍ يمكن البدء بتطبيق الاشتراكية أما قبل ذلك فيتوجب أن يعهد ببناء الاقتصاد إلى النقابات العمالية .
واجه لينين بكل حزم روح المغامرة البورجوازية الوضيعة لدى تروتسكي مشيراً إلى أن الثورة الاشتراكية السوفياتية لم تكن هي الثورة النموذج التي افترضها ماركس . البلاشفة انتفضوا في أكتوبر 1917 حماية للسيادة الوطنية وإعادة قاطرة الثورة البورجوازية إلى سكتها الصحيحة . كان ماركس قد تنبأ في مقدمته ترجمة البيان الشيوعي في العام 1882 بأن شرارة الثورة الإشتراكية يمكن أن تقدح في روسيا بداية لتلتهب في أوروبا من بعد . قدح البلاشفة شرارة نارية كبرى للثورة الإشتراكية في روسيا واشتعلت نيران الثورة في ألمانيا والمجر وجمهوريات البلطيق إلا أن القوى الرأسمالية الإمبريالية كانت ما زالت قوية وقادرة على خنق الثورة في تلك البلدان ولم يكن الاتحاد السوفياتي قادراً على مساعدة الثورة في تلك البلدان وخاصة بعد الحرب الأهلية وحروب التدخل التي استنزفت شعوب روسيا حتى انتهت إلى أن تبيت على الطوى بتعبير لينين . تصدير الثورة كما اقترح تروتسكي ليس هو الثورة الدائمة التي قال بها ماركس . ماركس تحدث عن ثورة تقوم في مركز النظام الرأسمالي وليس عن ثورة بورجوازية تتحول تحت ظروف خاصة خلال سنتين فقط في حرب متصلة إلى ثورة اشتراكية . تصدير الثورة كما اقترحه تروتسكي لا يعني سوى انتحار الثورة في روسيا الأمر الذي كان سينعكس سلباً على البروليتاريا في العالم ويحط من سويتها الثورية . الثورة الدائمة كانت تعني فقط حينذاك تطوير الثورة الاشتراكية في روسيا وهو ما سينعكس إيجاباً على بروليتاريا العالم ورفع مستوى ثوريتها .
كما رأى لينين أن ترك إدارة الإقتصاد الوطني إلى النقابات العمالية كما طالب تروتسكي سيؤدي إلى عزل الحزب عن الجماهير والطبقة العاملة وهو ما يحرم الحزب من قواه الفعلية في المجتمع ويؤدي إلى هزاله فلا يعود له أثر في حركة المجتمع . كما أن النقابات ليس لديها أية خبرات في التخطيط الاقتصادي وبناء الاشتراكية . الحفاظ على الثورة الدائمة يقتضي أول ما يقتضي بناء الاشتراكية في بلد واحد هو الاتحاد السوفياتي وكان ذلك هو قرار المؤتمر العاشر للحزب .

وفي المؤتمر هاجم لينين بشدة انتهاج التكتلات في الحزب مثل تكتل تروتسكي اليساري مؤكداً على أن يكون عضو الحزب ملتزماً بالماركسية والنهج الماركسي فإما أن يكون العضو ماركسيا فلا ينحرف لليمين أو اليسار وإما أن ينحرف فلا يكون عضواً في الحزب . وبناء على اقتراح من لينين اتخذ المؤتمر قراراً يحرم فيه التكتلات في الحزب .

(يتبع)



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقائع وحقائق مسيرة الشيوعية التاريخية (2)
- وقائع وحقائق مسيرة الشيوعية التاريخية (1)
- ما بعد الرأسمالية 2 (Post-Capitalism)
- ما بعد الرأسمالية (Post-Capitalism)
- الخدمات هي قصراً إنتاج البورجوازية الوضيعة
- المفلسون من الشيوعيين الماركسيين
- شيوعيون ماركسيون ومفلسون
- مشروع ستالين اللينيني ما زال حيّاً في الأرض
- أيها -الشيوعيون- أبناء خروشتشوف بالمعمودية !!
- البورجوازية الوضيعة هي الموات
- ستالين البيروقراطي !؟
- الإمبريالية في الجوهر
- دور الإنسان في صناعة التاريخ
- البورجوازية الوضيعة تستعر في محاربة الشيوعية - 5
- البورجوازية الوضيعة تستعر في محارية الشيوعية - 4
- البورجوازية الوضيعة تستعر في محاربة الشيوعية 3
- البورجوازية الوضيعة تستعر في محاربة الشيوعية 2
- البورجوازية الوضيعة تستعر في محاربة الشيوعية
- أسانيد (المانيفيستو الشيوعي اليوم) 10
- أسانيد (المانيفيستو الشيوعي اليوم) 9


المزيد.....




- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - وقائع وحقائق مسيرة الشيوعية التاريخية (3)