أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم محمد الحلو - واضربوهن















المزيد.....

واضربوهن


ميثم محمد الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 5081 - 2016 / 2 / 21 - 16:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


واضربوهن

أجد دوماً متعةً كبيرة وأنا أتابع جوقة الملفقين وهم يدأبون في ليّ عنق النصوص لتخفيف وطأتها وتبرير عنجهيتها وتخلفها ومحاولة تجميل قبحها.. أحسب أن هناك طاقة فريدة لدى هؤلاء وهم يمطرون علينا بكل أنواع الألاعيب اللغوية والبلاغية ويمارسون بهلوانياتهم وهم في داخلهم غير مقتنعين أساساً.. ومن حسن الحظ أنّ هناك من الآخرين الصادقين من يتماهى مع القبح بل ويعشقه ويدافع عنه بلا تبرير ولا تلفيق.. بل يعتبر القبح فضيلة والاعتراض عليه رذيلة بل ربما كبيرة تستلزم (إن أدخلها في حيز المعلوم من الدين بالضرورة) التكفير وملحقاته.
ففي موضوع ضرب الزوجات مثلاً تجد أحدهم في مقطع فيديو شائع يشرح كيف كرّم الله المرأةَ بالضرب.. ويالها من كرامة أن تضرب إنساناً.. وأنا أتمنى من النساء المؤمنات بهذه القراءة الدينية المتداولة والشائعة أن يطالبن بحصتهن من التكريم.
ولو تأملنا في الموضوع الذي يستدعي الضرب كما رأى المفسرون قداماهم ومحدثيهم سنرى أنه (خوف النشوز).. وسأتطرق أولاً لمعنى النشوز قبل المضي بعيداً في هذه الطريق الشائكة.
فالنشوز في اللغة في معجم المعاني
نَشَزَ ( فعل ):
نشَزَ / نشَزَ بـ / نشَزَ على / نشَزَ من يَنشُز ويَنشِز ، نَشْزًا ونُشوزًا ، فهو ناشِزٌ وهي ناشِزٌ ، وناشِزةٌ والجمع : نواشِزُ ، والمفعول منشوز به
نشَز الشَّيءُ : خرَج عن المعتاد
نَشَزَ الشيءُ نَشْزًا ، ونُشوزًا : ارتفع
نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ بِزَوْجِهَا : تَمَرَّدَتْ عَلَيْهِ ، اِسْتَعْصَتْ ، أَبْغَضَتْهُ
نَشَزَ الزَّوْجُ عَلَى امْرَأَتِهِ أَوْ مِنْهَا : أَسَاءَ عِشْرَتَهَا ، جَفَاهَا ، آذَاهَا
نشزت إِليَّ نفسي : جاشت من الفَزَع
نَشَزَ فلانٌ : علا على نَشَزِ من الأَرض
نَشَزَ عن مكانه ، وفيه : ارتفع عنه ونهض
نشزت النَّغْمَة عن مَثِيلاتها : نَبَتْ وخَرَجَتْ عن قاعدتها.
ولو تعمقنا حقيقة في المعنى الأصيل لوجدنا أن المعنى الذي يجمع كل ذلك هو الاستعلاء.
وقد ذكر النص القرآني حكمين أحدهما لنشوز الرجال والآخر لنشوز النساء أو في الحقيقة وهو من الغريب أن الحكمين لا يتعلقان بحقيقة النشوز في الحالين بل ب( خوف النشوز).. وكأنّ الأمر عائد في تحديد مساحة تأثير الحكم الى قضية ذوقية ذاتية غير موضوعية.. فالحكم في الحالين بين الزوجين في تقدير خوف النشوز فلا حاكم هنا ليقضي بالموضوع وتوابع الحكم وتنفيذه متعلق بهذه الذائقة الفردية الذاتية فلا موضوعية هنا ولا معرفية.. يستوي في ذلك العالم والجاهل والبر والفاجر والخيّر والشرير.. وهذا من الغريب.
فعن خوف نشوز الرجال ذكرت الآية في سورة النساء الآية 128
(وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا )

والموضوع هنا كما قلنا خوف النشوز أو الإعراض ويقع تحديد ذلك على الزوجة.. بغض النظر إن كان ذلك موضوعياً أم لا. أما الحكم الشرعي في هذه الحال ففي منتهى البرود فهي دعوة الى الطرفين الى عقد معاهدة صلح ودعوة أخلاقية غير ملزمة ولا تستدعي في أي قراءة تداخلاً جسدياً واستخدام العضلات.. وهذا ديدن النص فيما يتعلق بحقوق الذكور.. فهنا لم يخاطب الزوجة مباشرة بل خاطب الاثنين معاً.. ثم لم يظهر من صيغة النص أمراً صريحاً فلم يظهر النص حماساً للقضية..بل استخدم صيغةً يبدو من ظاهرها أنه ( لا مؤاخذة ولا ضير من محاولة الإصلاح) فقال ( فلا جناح عليهما أن يصلحا) ثم انتقل الى وصف حالهم ووعظهم بأفضلية الإحسان والتقوى.
هنا ينتهي الموضوع بسلام على أمرٍ لم يتحقق أصلاً فنشوز الرجل غير متحقق.. بل هواجس ومخاوف في قلب المرأة فقط هي تحددها.
لكن الموضوع يتطور في موضوع خوف نشوز المرأة
إذ يقول النص القرآني في الآية 34 من سورة النساء
(وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً )
وفي الآية جملة أمور سأتطرق لها
1- موضوع الحكم كسابقه ذوقي ذاتي لا موضوعي وهو خوف النشوز يحدده الرجل كما يريد فالنشوز غير متحقق حتى الآن.. وإذا رابه أمر أو خاف نشوز زوجته وإن كان غير موضوعي في ذلك كأن يكون مهووساً بالارتياب.. فعليه القيام بالأمور اللاحقة.
2- الحديث في الآية مباشرة الى الرجال فعندما يتعلق الحديث بالرجال لا ضرورة لإشراك المرأة في الحل أو محاولة الإصلاح.. وكما رأينا في مواضيع سابقة فإن النص لا يكلم النساء مباشرة حتى في أحكامهن الخاصة بل يحدث الرجال أو يندب الرسول لتبليغ الأحكام بقوله مثلاً قل ل...
3- يأتي الحكم الشرعي هنا بثلاثة أمور معطوفة على بعضها البعض بالواو.. والعطف بالواو لا يستلزم الترتيب كما في العطف ب(الفاء) التي تعني الترتيب و(ثم) التي تعني الترتيب مع التراخي. فبإمكان الزوج أن يفعل الثلاثة معاً أن يعظ ويهجر ويضرب كما يحب.. وهنا تسقط محاولات التلفيقين واضعي المكياج على النصوص الذين يدخلون الترتيب عنوةً على النص فيقولون أن على الزوج أن يبتدأ بالوعظ فإن لم يفلح ينتقل الى الهجر في المضجع فإن لم ينجح أيضاً يلجأ الى الضرب.. وهذا الترتيب لا يوجد إلا في خيالهم.. أو قل في رغبتهم بتأجيل الضرب أو دفعه الى الآخر ريثما يلتقطون أنفاسهم.
4- الرجل في هذا الموضوع هو المحقق والقاضي والجلاد ولا تستطيع المرأة النقض أو الاستئناف وعليها فقط أن تستقبل ( التكريم الإلهي) بحسب الشيخ الملتحي المبتسم.
5- يأتي الأمر الأخلاقي غير الملزم في نهاية الآية وهو فترة صلاحية الوعظ والهجر في المضجع والضرب وهو متعلق بانتهاء مخافة النشوز ( لأن النشوز أصلاً غير متحقق كما أسلفنا) والطاعة.. أي أن تطيع المرأة زوجها وهذا الموضوع بديهي في ثقافتهم.. فليست الزوجة سوى كائن مطيع مذعن للزوج ورغباته. وكما هو واضح فإن تحديد انتهاء الصلاحية يقع أيضاً على عاتق الزوج في تحديد انتهاء خوف النشوز الذوقي وتحقق الطاعة والإذعان والاستسلام.. ولم يرتب النص على خلاف ذلك أو التعسف في ذلك شيئاً فهو غير متحمس للانتصار للمرأة.
5- وفي غياب أي دليل على تلفيقات الملفقين من داخل النص يلجأ هؤلاء الى بهلوانيات اللغة فسيقدم أحدهم معنىً آخر للضرب لا يعني ما نفهمه الآن وفهمه المسلمون المؤمنون الضرّابون للنساء منذ الرعيل الأول فيصبح للضرب معنىً رومانسياً.. وأنا على المستوى الشخصي أفترض من أحد الأئمة المجدّدين أن يصرف معنى الضرب الى الصفع في المداعبة الجنسية ( spanking) والله ورسوله أعلم.
6- وإذا بان بطلان التلاعب بمعنى الضرب اللغوي سيلجأ الملفقون الى الروايات فينتقون من سوقها ما يخفف وطأة الآيات ( في نظرهم) كما يروون عن الرسول قوله: (لن يضرب خياركم)
كما في
سنن البيهقي الكبرى - (7 / 304)
14553 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان أنا أحمد بن عبيد نا بن ملحان نا يحيى بن بكير نا الليث ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ نا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار أنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي نا سعيد بن كثير بن عفير وسعيد بن أبي مريم قالا نا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت : كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فخلى بينهم وبين ضربهن ثم قالت لقد طاف الليلة بآل محمد صلى الله عليه و سلم سبعون امرأة كلهن قد ضربت قال يحيى وحسبت أن القاسم قال ثم قيل لهم بعد ولن يضرب خياركم

مصنف ابن أبي شيبة - (8 / 368)
25967- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، أَنَّ رِجَالاً نُهُوا عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ ، وَقِيلَ : لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ ، قَالَ الْقَاسِمُ : وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرَهُمْ كَانَ لاَ يَضْرِبُ.

حكم الشيخ الألباني
غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام - (1 / 156)
251 - ( ضعيف )
لا تجدون أولئك خياركم قاله في سائر من يضربون نسائهم وهو ضعيف ولكن له شاهد أخرجه ابن حبان أن الرجال استأذنوا رسول الله ( ص ) في ضرب النساء فأذن لهم فضربوهن فبات فسمع صوتا عاليا فقال ما هذا فقالوا أذنت للرجال في ضرب النساء فضربوهن فنهاهم وقال خيركم خيركم لأهله وأنا من خيركم لأهلي وله شاهد آخر عند الحاكم من طريق أم كلثوم بنت أبي بكر ( ر ) قالت كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن الى رسول الله ( ص ) فخلى بينهم وبين الضرب ثم قال : لقد أطاف الليلة بآل محمد ( ص ) سبعون امرأة كلهن قد ضربن قال يحيى وحسبت أن القاسم قال : ثم قيل لهم بعد ولن يضرب خياركم فلعل الحديث يتقوى بهذين الشاهدين ويرتقي إلى درجة الحسن.

وكما هو واضح فالحديث ضعيف بحسب الألباني ويبحثون عن تقويته.. وفي أصل التخصيص أو نسخ أحكام القرآن بالسنة كلام ليس هنا محل ذكره.

ختاماً نقول أن علينا أن ننحاز الى قيمنا ومعارفنا وأخلاقياتنا التي نتجت من فهمنا لوجودنا الإنساني وأن لا تكون نصوص وأخلاقيات القدامى مرجعيةً لنا في هذا العصر خصوصاً اذا انتهكت كرامة الإنسان.



#ميثم_محمد_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس روائيّة
- وهم الاعتدال الإسلامي
- خطاب الأزمة وخطاب النهضة


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميثم محمد الحلو - واضربوهن