أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي خليل - الدبلوماسى الأول فى القرن العشرين وداعا















المزيد.....

الدبلوماسى الأول فى القرن العشرين وداعا


مجدي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 5078 - 2016 / 2 / 18 - 00:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى هدوء وسلام رحل عن عالمنا أستاذ أساتذتى العظيم الفذ الأستاذ الدكتور بطرس بطرس غالى. كان الدكتور بطرس غالى وبحق شخص عظيم ونبيل ومتواضع رغم أنه عملاق وعلامة بارزة فى تاريخ الدبلوماسية المصرية والعالمية، بل واتجرأ واقول أنه أكثر من تولى الأمم المتحدة علما وثقافة وفكرا وتأليفا وخبرة ثرية ومتنوعة.
لقد خدمنى الحظ بالتعرف على ثلاثة أقباط عمالقة وهم د. بطرس غالى، ود. رشدى سعيد، وقداسة البابا شنودة الثالث، وبقدر ما قابلت من شخصيات لم أتقابل مع من يضارعهم فى ذكاءهم الحاد وعقلهم الواعى وهم فى هذه السن المتقدمة، وعقب كل مقابلة كنت أعود منبهرا بوجود شخصيات فى هذا السن بهذا الذكاء الحاد والحيوية العقلية المدهشة، يفوق ذلك فى بطرس غالى ورشدى سعيد الحماس منقطع النظير فى طريقة الكلام وحيويته حتى لتشعر أنك أمام شخص فى العشرين من العمر.
بطرس غالى الدبلوماسى المصرى الأول والأهم فى القرن العشرين،جمع بين الدراسة الأكاديمية الرفيعة والأنتاج العلمى الغزير مع الخبرة السياسية النادرة التى خلقت منه رجل دولة من الطراز النادر. محطته الأولى كانت كمؤسس لكلية الأقتصاد والعلوم السياسية، وكأشهر أستاذ بها، ولكنه لم يحصل على حقه فى تولى عمادة الكلية لأنه قبطى..إلى المحطة الثانية فى تأسيس الأهرام الأقتصادى ومجلة السياسة الدولية ومركز الأهرام للدراسات السياسية والأستراتيجية ولكنه لم يفلت من غيرة هيكل ووصفه بأنه الرجل غير المناسب للأمم المتحدة، إلى المحطة الثالثة والهامة وهى مصاحبته لرحلة مفاوضات السلام مع السادات وكان بحق مهندس هذه الأتفاقية الرائعة التى أعادت لمصر حقوقها وأوقفت شلالات الدم المصرى ولكنه لم ينجو من حملات الهجوم القاسية عليه من العرب ومعارضى الأتفاقية فى مصر لهندسته للأتفاقية، إلى المحطة الخامسة كوزير دولة للشئون الخارجية والمجدد الأول للوزرارة لكى تواكب العصر ولكنه لم يحصل على حقه فى تولى وزارة الخارجية لأنه قبطى واحضروا ضابط جيش ليتولى الوزارة وهو كمال حسن على ومن بعده عمرو موسى، وكان كمال حسن على يشعر بالخجل أنه يرأس هذا العملاق الدولى. إلى المحطة السادسة والهامة وهى فترة الأمم المتحدة وكما ذكر فى كتابه ( خمس سنوات فى بيت من زجاج) كان مبارك غير متحمس لترشيحه، والذى جاء من دول أفريقية، ولم يسانده فى حملته للفوز، وعندما أختلف مع أمريكا فى معركته وقفت فرنسا معه وليس مصر، رغم أنه وكأمين عام زرع الكثير من المصريين فى مناصب هامة فى الأمم المتحدة فى عهده ومنهم أحمد فوزى الناطق بأسم المنظمة وحازم الببلاوى وميرفت التلاوى وغيرهم الكثيرين، وطبعا لم ينجو من الهجوم الكاسح عليه فى الصحافة المصرية والعربية أثناء توليه الأمم المتحدة، ولما سأله مفيد فوزى فى حوار مهم له أثناء توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة عن سبب الهجوم عليه أجاب بوضوح لا يوجد سبب سوى أننى قبطى.
وظلم كثيرا فى الأمم المتحدة لأنه تصور أن المنظمة بعد نهاية الحرب الباردة ستكون خالية من الصراعات، فوضع خطة للسلام وخطة للتنمية وخطة للدبلوماسية الوقائية وخطة للإصلاح، ولكن سيطرة أمريكا عليها اطاحت بأحلامه فى تطوير دور المنظمة.
إلى المحطة السابعة وهو توليه رئاسة منظمة الفرانكفونية، ورغم تخلى مصر عنه فى معركته فى الأمم المتحدة،إلا أنه نجح فى إدخال مصر كعضو فى هذه المنظمة الهامة.
وبعد ذلك نأتى إلى المحطة الثامنة وهو تأسيس مجلس حقوق الإنسان المصرى ورئاسته له حتى عام 2011 بناء على طلب مبارك الذى كان محتاجا إلى من يجمل نظامه فلم يرفض ذلك بطرس غالى فى محاولة منه لمأسسة حقوق الإنسان بمصر، ولكنه لم ينجو يوما واحدا من الهجوم عليه.
حتى تاريخيا وحاضرا لم يرحموا عائلته المرموقة من الهجوم، وشمت الشعبيون فى إغتيال جده وفى أبن اخيه يوسف بطرس غالى، رغم أن جده العظيم كان وطنيا فذا وقدم لمصر ما لم يقدمه شخصا آخر، وأبن أخيه هو أقتصادى عالمى مرموق قدم الكثير لمصر وأعاد إحياء وتجديد مصلحة الضرائب المصرية بعد عقود طويلة من تأسيسها على يد حبيب باشا المصرى، وقد ظلمه الغوغائيون كثيرا بعد ثورة يناير 2011. وجب التنويه أيضا أن تعيين جده فى رئاسة وزراء مصر وأيضا تعيين يوسف وهبى باشا فى نفس المنصب تم فى عهد الأنجليز، ولم يحدث أن تبوأ مصرى قبطى هذا المنصب طوال عهد الدولة الإسلامية من عمرو بن العاص وحتى السيسى.
بصماته فى أفريقيا لا ينكرها إلا فاقدى البصر والبصيرة، رؤيته للصراع على المياه سمعتها منه فى محاضرة بكلية الأقتصاد والعلوم السياسية عام 1986، دوره فى أدخال مصر فى الأشتراكية الدولية، وفى فك عزلة مصر بعد كامب ديفيد، وفى بناء ما يسمى بالدبلوماسية الواقعية، وفى الأرتقاء بدراسة القانون الدولى بمصر، وفى توظيفه لعلاقاته الدولية الواسعة لخدمة مصر، وفى بناء الدبلوماسى النشط الفاعل البعيد عن الجعجعة والأيدولوجيات المتحجرة، تواضعه مع تلاميذه وبث روح الثقة فيهم ، روحه المصرية وخفة ظله وأفتخاره بمصريته وبقبطيته.....الكثير والكثير مما لا يتسع المجال لذكره.
ذكرياتى معه كثيرة، فى عام 2004 حاورته لمدة ساعتين فى حلقتين لقناة الحرة الأمريكية فى مكتبه برئاسة الفرانكفونية فى باريس حيث قابلنى بترحاب وود. فى يناير 2008 قضيت معه جلسة مطولة مع الأستاذ نسيم مجلى ونحن نراجع كتاب نسيم مجلى عنه، والذى صدر لاحقا عن دار الشروق، ولا أنسى وقتها من تنبيهنا إلى أن هناك حربا شرسة بدأت بين الاخوان والدولة المصرية وعلينا أن نساند الدولة فى هذه الحرب، وهو ما أكدناه له بالطبع، وتحققت نبؤءته عام 2011 كما تحققت نبؤات كثيرة له.
فى نوفمبر 2013 عقدنا مؤتمرا لمسيحى الشرق الأوسط فى البرلمان الأوروبى وطلبت منه كلمة لتلقى فى البرلمان الأوروبى، فقال لى بتواضع شديد اكتبها انت هذه الكلمة وانا ساراجعها، وهو ما فعلت فعدل كلمة واحدة قائلا البركة فيكم انتم الجيل الذى سنعتمد عليه. فى مارس 2013 ارسل مشكورا كلمة لمؤتمر منتدى الشرق الأوسط للحريات " أوضاع الأقليات تحت حكم الاخوان" قرأها فى أفتتاح المؤتمر د. أسامة الغزالى حرب. وطلب منى عقد مؤتمر دولى لمسيحى الشرق الأوسط فى قبرص حتى يتسنى له الحضور شخصيا ودعوة الأمين العام للأمم المتحدة ولم تسمح الظروف بعقده. كل مرة أتصل به كان يقدم لى نصائحه الغالية ويناقشنى بتواضع وندية وهو العلامة والخبير الدولى وأستاذ أساتذتى.، ولكنى كنت أتعامل معه بإجلال كبير واعرف قدره جيدا.
وداعا أستاذى العظيم
مفخرة مصر كلها وسليل عائلة المجد والفخار، وأستاذ أساتذة القانون الدولى والعلوم السياسية، والدبلوماسى الأول فى مصر فى القرن العشرين، وأحد العلامات المضيئة فى تاريخ مصرالحديث ... أستاذى العزيز الغالى وداعا إلى أن نلتقى... وسلاما لروحك المتواضعة العظيمة فى دنيا الخلود.



#مجدي_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يهتم العالم بدراسة الإسلام ومحاولة إصلاحه؟
- بدعة عدم الصلاة على المتوفى:من نظمى لوقا إلى رفيق سامى
- مسيحيوا الشرق الأوسط: اصالة ووطنية رغم الآلم
- إزدراء الإسلام وتهديد حياة البشر
- البرادعى والمواقف الأخلاقية
- شيخ الأزهر يفتتح مؤتمر دولى للنساء والولادة!!!!
- أمريكا تخطط وتأمر والعرب ينفذون
- تحالف إرهابى للحرب على الإرهاب
- بين عام 1916 وعام 2016
- كيف تصنع الدكتوروهات فى مصر المعاصرة
- عشر حقائق عن حركة حماس
- الأستاذ الدكتور حسين خيرى: هدية من السماء
- أقتصاد مصر فى عهد السيسى
- القول الفصل فى قائمة فى حب مصر
- أبعاد التدخل الروسى فى سوريا
- لماذا منع الأزهر كتاب إزدراء الأديان فى مصر(1)
- دولة آل سعود: الخلافة الوهابية
- فهمى هويدى: العدو الأول للمثقفين والمبدعين
- الدولة الإسلامية العميقة بمصر
- المسلمون يستحقون ما هو أفضل من الإسلام الحالى


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي خليل - الدبلوماسى الأول فى القرن العشرين وداعا