أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 40















المزيد.....


ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 40


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5076 - 2016 / 2 / 16 - 13:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



أواصل في هذه الحلقة سرد ورقات الإصلاح التي قدمتها إلى حزب الدعوة قبل وبعد السقوط، جاعلا التعليقات والملاحظات اللاحقة بين [مضلعين]، حاذفا المكرر، مما ذكر في الورقات السابقة.
تيار الوحدة والتجديد
بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ: 21/03/2003
الموضوع: استبدال مبادرة «كتلة التأهيل السياسي لمرحلة الدخول» في «حزب الدعوة الإسلامية» بمبادرة «تيار الوحدة والتجديد».
درجة الأهمية: قصوى ومستعجلة وذات طبيعة مصيرية
المحرر: ضياء الشكرجي
أخي العزيز [وجهت إلى أشخاص محدديت اخترتهم]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إني اخترتكم واحدا من عدد محدود جدا من الدعاة، لمخاطبته بهذا الشأن الهام والخطير، الذي يتعلق بمستقبل الدعوة.
أعلم جيدا أن بدء الحرب، والكثير مما يترتب على ذلك، هو الأمر الذي يتخذ موقع الصدارة في أولويات اهتماماتنا في الوقت الراهن. مع هذا أدعي أن الموضوع الذي أطرحه هنا بالفعل ذو طبيعة مصيرية بالنسبة ل
1. حزب الدعوة الإسلامية
2. الحالة الإسلامية في العراق
3. التشيع في العراق [أستغرب من نفسي، كيف كنت أولي لقضية التشيع والشيعة أهمية، بينما يجب أن يبقى ذلك شأنا شخصيا. وهذا كله يبين المراحل والتدرج الذي سرت فيه حتى بلوغي مرحلة الرشد العلماني، والتي اكتملت آخر حلقاتها سياسيا نهاية عام 2006، وفكريا نهاية عام 2007.]
4. عموم القضية الوطنية العراقية
هذه الورقة تشبه من حيث المضامين والدوافع ورقتي التي قدمتها قبيل وأثناء انعقاد مؤتمر الوحدة الأخير - حال اطلاعكم عليه - والموسومة بـ«ورقة كتلة التأهيل السياسي لمرحلة الدخول».
وحيث أن الورقة لم تشق طريقها إلى المناقشة لأسباب عديدة، ولكنها لاقت صدى إيجابيا جدا لدى الكثير من المؤتمرين، عملت على إعادة صياغة المضامين، ليس فقط بتغيير شكلي لبعض المسميات، باستبدال مفردة «كتلة» بمفردة «تيار»، وتسمية «التأهيل السياسي لمرحلة الدخول» بـ«الوحدة والتجديد»، بل كذلك بإعادة النظر بالمحتوى، لاسيما أن عدم مناقشة الورقة في المؤتمر كان سببا مهما في إعادة الصياغة هذه، لأنه كان مأخوذا بنظر الاعتبار في الصياغة كون الورقة يمكن أن تناقش في المؤتمر.
والمبادرة تقوم أساسا على مجموعة ركائز هي:
1. حقيقة وجود التيار الذي تتحدث عنه المبادرة.
2. كون الإبقاء على صوت هذا التيار مكبوتا يشكل بؤرة خطورة بانشراخ جديد، لأن أغلب أفراد التيار تتفاعل في داخلهم أفكار، يرونها كحلول، يعالجون فيها أزمة المفارقة التي يعيشونها من فترة غير قصيرة، بين قناعاتهم العميقة، والمسار العام للدعوة. وهذه الحلول، أو المواقف، التي يفكرون بها، هي أحد الثلاثة أدناه:
أ) ترك التنظيم.
ب) الانقسام، وبالتالي شرخ الدعوة.
ت) تأسيس تنظيم جديد يلبي تصوراتهم.
3. الفائدة الكبيرة جدا للدعوة، والتيار الإسلامي، والتشيع [وما علاقة التشيع بالمشروع السياسي؟]، والقضية الوطنية، في جعل صوت هذا التيار مسموعا، ومعلنا عنه. [مع إني أؤمن الآن ببلورة مشروع سياسي ديمقراطي وطني، أكثر مما يكون إسلاميا أو شيعيا بوجه خاص.] [لا أدري متى أضفت العبارة بين القوسين المضلعين.]
4. اعتبار أن تقنين ظاهرة التنوع كفيل بحفظ الدعوة من الانشراخ، وبإثراء الفكر السياسي بها، ويمثل سابقة حزبية حضارية.

من هنا أرجو منكم ما يلي:
1. قراءة ورقة «تيار الوحدة والتجديد» قراءة متأنية، والتأمل بدقة واهتمام بمضامينها.
2. بيان وجهة نظركم فيها، من خلال إثراء الورقة، بإجراء التعديلات اللازمة، أو نقدها، أو تثمينها.
3. ترشيح من ترون التحرك عليه في عموم مناطق تواجد الدعاة.
شخصيا أرى ضرورة الإعلان عن الورقة الآن، وقبل دخول العراق، أو إذا ما تسارعت الأحداث، ففي المراحل الأولى للدخول. وإني مدرك جدا بحساسية المرحلة، مما قد يجعل البعض رغم تفاعله مع أفكار الورقة، متحفظا على طرحها الآن، ولكن أرجو التفكير جيدا، أن لو لم يكن ذلك الآن، فمتى إذن؟ مع العلم إني مستعد أن أستقبل كل ملاحظة من إخواني، من أجل الوصول إلى تصور جامع بأصل التحرك بالفكرة أو إلغائها، ثم ببحث التفاصيل في حال قبولها من حيث المبدأ.
وفقكم الله لما فيه مصلحة الدعوة الإسلامية، والقضية الإسلامية، والقضية الوطنية للعراق، وقضية التشيع [عجيب تكرر مفردة التشيع].
أخوكم: ضياء الشكرجي
21/03/2003 [أي قبل السقوط بتسعة عشر يوما]

ورقة التيار الإصلاحي
بسم الله الرحمن الرحيم
مسودة
ورقة التيار الإصلاحي
في حزب الدعوة الإسلامية
«قُل هذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ المُشرِكينَ»
[الآية أعلاه كما آية «ادعُ إِلى سبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ»، وآية «ومَن أحسَنُ قَولًا مِّمَّن دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَقالَ أَنَا مِنَ المُسلِمينَ» كانت من أحب النصوص القرآنية إلى (الدعاة) أي المنتمين إلى حزب الدعوة الإسلامية، وغالبا ما يستهلون به كلامهم.]
لا يخفى على أحد من الدعاة والمطلعين وجود ظاهرة تنوع الرؤى داخل الدعوة، اتخذت في السنين الأخيرة، ولعله في الأشهر الأخيرة ملامح أكثر وضوحا من أي وقت مضى. وهذه الظاهرة يمكن أن تحمل في داخلها بذور خطر انشراخ وتمزق جديد في جسم الدعوة لا سمح الله، إذا لم ينظر إليها كحالة صحية تنمّ عن ديناميكية الاجتهاد الفكري والسياسي عند الدعاة، بحيث تعتبر ظاهرة التنوع هذه بالتالي ظاهرة قوة وصحة وإثراء، لا ظاهرة ضعف وسقم في جسم الدعوة، من خلال الاعتراف بها، والتعاطي معها بروح الواقعية والموضوعية والمسؤولية، وبالتالي تقنينها. [أسأل نفسي الآن، ألا يمكن أن يكون كلامي آنئذ عن وجود تيار داخل حزب الدعوة يحمل الرؤى التي كنت أراها آنذاك، هو مجرد تمنٍّ مني من جهة، وربما أيضا تعبير عن الإحساس الداخلي، بنمو حالة من عدم انسجامي مع المباني الفكرية لحزب الدعوة، وحالة تململ بذور الميل للعلمانية الكامنة في داخلي؟ ومن هنا كان متطرفوا الدعوة، خاصة من قياديي الجسم المنشق المذيل اسمه بعبارة تنظيم العراق، وغيرهم من صقور الحزب، محقين آنذاك، عندما كانوا يرون في فكري السياسي انحرافا عن الفكر الإسلامي الحركي الأصيل المعتمد من حزب الدعوة وعموم أحزاب الإسلام السياسي؟]
ولكن الخطر الذي تواجهه الدعوة أمام هذه الظاهرة لا يكمن فيها، بقدر ما يكمن في ما إذا حاول الصوت الذي مكنته مجموعة ظروف أن يفرض نفسه على التوجه الرسمي المعلن للدعوة، أن يكبت الصوت الآخر، أي صوت أصحاب التيار الإصلاحي في الدعوة. لكننا نتوقع من قيادة الدعوة والمتصدين في المواقع المتقدمة، والمؤثرين على مسارها الفكري والسياسي، أن يكونوا أوعى من أن يكبتوا صوت إخوانهم أصحاب هذا التيار. ومن خلال القناعة العميقة بالأضرار التي ستصيب «حزب الدعوة الإسلامية»، إذا ما بقي صوت هذا التيار غير مسموع، وبعد طول تأمل، وبعد التوكل على الله، رأى صاحب المبادرة الإفصاح بشكل واضح عن حقيقة وجود هذا التيار، وضرورة أن يخرج هذا الصوت إلى كل المعنيين في القيادة، وأعضاء المؤتمر [العام]، وبقية الدعاة ذوي الاهتمام، مسموعا بشكل واضح لا لبس فيه.
وبالرغم من أن هذه الورقة كتبت من قبل صاحب المبادرة، فإنه اختار أن يتحدث بلغة الجمع، لأن البيان يعبر عن توجهات شريحة واسعة جدا من الدعاة، تمثل الملامح المشتركة لنظرتهم لمجمل المسائل الفكرية والسياسية المطروحة في هذا البيان، وذلك لا من موقع التخمين والادعاء، بل من موقع القطع واليقين بحقيقة وواقع لا غبار عليهما أبدا، بحيث يمكن القول بلا أي تردد، أن هذه الشريحة من الدعاة تمثل تيارا، يملك كل مقومات التشكيل. [التجربة، وعبر اختبار السلطة أثبت أن هذا القطع واليقين ما كان إلا وهما، وإني كنت حالة مفردة شاذة غير منسجمة داخل جسم الحزب، تزحف تدريجيا لكن حثيثا نحو حسم الخيار العلماني، الذي وجدت نفسي فيه، ووجدت الانسجام الداخلي لشخصيتي عبره. وما يثبت أنه لم يكن إلا وهما أني كنت أعول على أشخاص يكونون ركائز هذا التيار المجدد والديمقراطي، أمثال صادق الركابي وعبد الرزاق الكاظمي وصلاح عبد الرزاق وعدنان الأسدي وكمال الساعدي وسامي العسكري – ولو إنه كان خارج التنظيم - وكمال البصري وثائر الفيلي وعقيل الطريحي.]
أما انفراد صاحب المبادرة بكتابة هذه الورقة، دون مراجعة إخوانه من الذين يشاركونه في الخطوط العريضة التي سيرد ذكرها، فلكون المرحلة لا تتحمل الانتظار أبدا، بل كان لا بد من كتابة هذه الورقة الآن، وليس بعد حين. ولذا فإن الورقة قد لا تعتبر نهائية، بل هي قابلة للتنضيج والترشيد.
أما الملامح الأساسية لهذا التيار، فهي النقاط السبع من مجموع تسع نقاط، كانت قد أعدت كورقة تضمنت لتناقش داخل مؤتمر الوحدة الأخير، ولكن لم تتوفر الفرصة لذلك، كما لم تتوفر لمناقشة كل القضايا الخطيرة والحساسة والعاجلة، التي كان يجب أن تناقش في سعة من الوقت، بحيث يستوعب المؤتمر ما لا يقل عن يومين، بسبب حساسية المرحلة، التي ربما تمثل منعطفا حادا وتاريخيا، لكل من القضية العراقية، والقضية الإسلامية، والقضية الشيعية [كم أستسخف نفسي، كلما ورد ذكر التشيع، وكم أشعر بالخجل من ذلك، وكان بإمكاني أن أحذف هذه العبارات، فليس من رقيب عليّ سوى ضميري ومسؤوليتي في توخي الدقة لما أذكره للتاريخ، سواء حُسب لي أو علي]، على حد سواء. والنقطتان الإضافيتان كانتا إضافة إلى النقاط أدناه ضرورة انتخاب أمين عام بصلاحيات قيادية واسعة وفق ضوابط يتفق عليها، ووضع برنامج عاجل للدخول، قد حذفتا باعتبار أن الأولى لم يُتمكن من حسمها الآن، وهي وإن كانت تمثل حاجة ملحة حسب قناعة الكثيرين منا، إلا أنه قد لا يصدق عليها عنوان الملامح الأساسية للتيار، وربما لا تحظى بإجماع لدى كل أفراده، وأما الثانية فتمثل حاجة آنية. لذا تم الاكتفاء بذكر النقاط الست أدناه، التي تعتبر بمثابة الملامح الأساسية لهذا التيار:
1. الحضور السياسي كأصل ثابت في أداء الدعوة.
2. تأكيد عراقية كل من قرار وقيادة وخطاب الدعوة.
3. حسم فك الالتزام بولاية الفقيه، ورفع المادة ذات العلاقة من النظام الداخلي.
4. الانفكاك كليا عن تأثير التدخل الإقليمي لاسيما الإيراني في عمل وقرار الدعوة.
5. تقنين التنوع داخل الدعوة، كضمانة لحفظ وحدتها، وتجنيبها المزيد من الانشراخات.
6. تثيبت الديمقراطية في برنامج الدعوة السياسي الموسوم بـ«برنامجنا»، وتبني التأصيل لها إسلاميا، والتثقيف على مفاهيم هذا التأصيل، وتسويقه بالتدريج جماهيريا.
ولا بد من إزالة اللبس، في أن تثبيت النقاط أعلاه، واعتبارها ثوابت وملامح أساسية لهذا التيار، لا يعني دعوى أن «حزب الدعوة الإسلامية» يتقاطع كليا مع هذه الثوابت، وإلا فلو كان هناك ثمة تقاطع بين الدعوة وقناعات أفراد التيار من الدعاة، لما بقي مبرر لهم أن يبقوا في حزب [ومن هنا ما كان بالإمكان أن أبقى في هذا الحزب أطول مما بقيت]، يرون ثمة تقاطع بين ثوابتهم التي يحملون قناعات عميقة بها، وتوجهاته. مع هذا هناك مبررات للإفصاح عن هذا التيار، وذلك للأسباب التالية:
1. بعض هذه النقاط غير محسومة بشكل نهائي من قبل «حزب الدعوة الإسلامية»، رغم عدم تقاطعه معها، بل رغم انسجامه مع بعضها، ولقناعة أفراد التيار بضرورة الحسم، جاءت فكرة الإعلان عن التيار ونشر بيانه.
2. بعض هذه النقاط قد تكون متبناة، ولكن ليس بالقدر الكافي من الوضوح، بحيث تتحول إلى ملامح أساسية لـ«حزب الدعوة الإسلامية»، وقرارته، ومواقفه، وأدائه، على النحو الرسمي، وإن كان ذلك يمثل تيارا واسعا في صفوف الدعاة.
3. بعضها قد يكون متبنى ولو ضمنا، ولكن لم يتحول إلى موقف رسمي معلن.
4. بعض هذه الملامح في طور النمو والتكامل، ولكن هذا النمو والتكامل ما زال بطيئا نسبة إلى ضرورات المرحلة التي يشخصها التيار.
بسبب تشخيصه لقناعة الدعاة في هذا التيار بوجوب الحسم أولا، والوضوح ثانيا، والإعلان ثالثا، والإسراع رابعا، رأى صاحب المبادرة ضرورة الإعلان للقيادة والدعاة المعنيين عن هذه الثوابت، بشكل حاسم، وواضح، ومعلن، والآن لا غدا، من أجل أن يُتدارَك، ما يتصور أن عدم التدارك فيه قد يشكل ضررا كبيرا، ولحرصه على عدم الانفصال عن جسم الدعوة، وتعريضه لها إلى انشراخ وتمزق جديدين.
من هنا اختار صاحب المبادرة للتيار اسم «الوحدة والتجديد»، وذلك من خلال الإيمان أن إظهار صوت هذا التيار يجنب الدعوة أخطار التصدع، ويحافظ بالتالي على وحدتها، ولذا «الوحدة»، ومن خلال الإيمان أن هذه الملامح تمثل تجديدا ضروريا في جسم الدعوة، من أجل تجنيبها الشيخوخة، ولذا «التجديد»، ومن ثم إيمانا منا بأن ظاهرة التنوع في الجسم التنظيمي الواحد، تمثل ظاهرة حضارية، وعنصر قوة وإثراء لذلك الجسم. فلم نختر ما اختاره غيرنا من قرار الانفصال عن الجسم الأم، لمجرد الاختلاف في بعض التفاصيل، ولم نتخذ قرار التأسيس لإطار تنظيمي جديد، إيمانا منا بأن تقوية هذا الوجود المتمثل بـ«حزب الدعوة الإسلامية» بفكره وتأريخه وأمل الأمة فيه، أجدر من تمزيقه وتصديعه. فنحن دعاة «وحدة» و«تجديد»، فلا التجديد يجوز أن يكون مبررا للتفريط بوحدة الدعوة، ولا الوحدة يجوز لها أن تكون مبررا للجمود وعدم التجديد، وتفويت فرص طرح ملامح هذا التيار الآن. [لم يعد الإبقاء على وحدة حزب الدعوة قضية مصيرية، لا للإسلام، ولا للقضية الوطنية العراقية، لأن أصل الأسس التي قامت عليها الدعوة، ومعظم الأحزاب الإسلامية، أصبح من الواجب إعادة النظر فيه جذريا، بما في ذلك ما سمي بمشروع أسلمة المجتمع، أو أسلمة الحياة، أو الدعوة الإسلامية، التي هي ليست من مهام حزب سياسي. ثم لا يجوز إغفال حقيقة أن تلكؤ وتعثر وتأخر العملية السياسية، كان بدرجة أساسية بسبب التيارات الإسلامية، وأدائها السياسي، بما في ذلك منهج تسييس الدين، وتسييس المذهب، وتسييس الرموز الدينية، هذا كله الذي أضر بالمسيرة السياسية، بل وبالإسلام، حتى الآن أكثر مما نفعهما.] [هذا التعليق أضفته قبل تحولي إلى عقيدة التنزيه، أي الإيمان العقلي اللاديني.]
ولا بد من بيان المراد من كل نقطة من النقاط بشرح موجز. [تحاشيا للتكرار، جرى حذف تفاصيل النقاط، واكتُفي بسرد النقاط، والإبقاء على ما أضيف على ما مر ذكره.]
1. الحضور السياسي كأصل ثابت في أداء الدعوة:
[...] لأن الدعاة في التيار يجدون أن الحضور السياسي لم يكن بالمستوى المطلوب، إلا من قبل بعض الحاضرين بقوة، ولكن المواجهين في نفس الوقت للكثير من العقبات والإعاقات والتحديات. [هذا كله كان قبل أن يذوقوا نكهة السلطة ويستمتعوا بامتيازاتها ويستفيدوا من فرصها المشروعة وغير المشروعة، وقبل أن يتحول حزب الدعوة إلى الحزب الحاكم، أو الحزب القائد.]
2. تأكيد عراقية كل من قرار وقيادة وخطاب الدعوة:
[...] مع الحفاظ على البعد الإنساني، وسعة الهم الإسلامي العام [ذكر "الهم الإسلامي العام" هراء، كجزء من رواسب لوثة الإسلاموية، مما لم أكن قد تخلصت منه كليا، أو ربما مراعاة مني لإسلاموية المخاطَبين] في فكر الدعوة وبرنامجها الثقافي والتربوي، ولكن لا بد في ذلك من تحديد الأولويات والالتزام بضوابط الحكمة في الأداء السياسي والاستفادة من تجربة سلبيات تأثير العنصر غير العراقي في المسيرة السابقة. [وإنصافا لا بد من تثبيت حقيقة أن حزب الدعوة قد دفع لعقود من الزمن أكثر من أي من الأحزاب الإسلامية المؤثرة الأخرى ضريبة منهجه المستقل، ولكن كان دائما هناك بعض المنسقين من القياديين مع إيران [علي الأديب، محمد مهدي الآصفي لغاية ما قبل استقالته]، بدرجة لا يرتاح لها أكثر الدعاة، بل يرون في ذلك الخطر على الدعوة وعلى شيعة العراق [ما أشد بؤسي آنذاك في تأكيدي على الشيعة والتشيع] وعلى عموم القضية الوطنية العراقية.] [ولكن من أجل الإمساك بالسلطة، احتاج الحزب إلى الدعم الإيراني من جديد.]
3. حسم فك الالتزام بولاية الفقيه، ورفع المادة ذات العلاقة من النظام الداخلي:
[..] وإن الدعاة في تيار الوحدة والتجديد يدركون مع ذلك حساسية القضية [آنذاك]، بلحاظ بعض الجوانب المؤثرة فيها، لكنهم يرون ضرر التغاضي عن هذه القضية، أكبر من مواجهة إشكالات إجراء الرفع، لاسيما إذا لم يقتصر تعديل أو إعادة كتابة النظام الداخلي على مفردة الرفع هذه، بل كان إجراءً شاملا.
4. الانفكاك كليا عن تأثير التدخل الإيراني في عمل وقرار الدعوة:
وهنا نحذر من ظاهرة الحساسية المفرطة عند البعض من إيران والإيرانيين، مما قد يقترب من مساحات النزعة العنصرية التي نرفضها تماما، ولكن نذكر الجميع بالإجماع بتشخيص الأضرار التي لا يستهان بها من جراء التدخل الإيراني في شأن الدعوة حتى الآن. [...] مع حرصنا على الحفاظ على علاقات الأخوة الإسلامية، التي لا يفسدها الموقف الناقد للتجربة الإيرانية [تصاعد عندي الموقف مع نمو الرشد العلماني، ولم يتوقف عند النقد، بل بلغ الخصومة، بسبب ديكتاتورية التجربة، وتخلفها، ومعاداتها للديمقراطية وحقوق الإنسان والحداثة والحريات، مع تمييزي بكل تأكيد بين النظام الإيراني المتخلف والمتطرف، وبين الشعب الإيراني المتطلع للحرية]، وموقف العتاب في مقابل طريقة التعاطي الإيراني مع عموم القضية العراقية، ومع حزب الدعوة الإسلامية خصوصا. فمن خلال تجربة أكثر من عقدين ثبت لنا باليقين القاطع، أن تدخل إخواننا الإيرانيين [...] كان في أغلب الحالات [...] وتكريس شبهة تبعيتها [أي تبعية الدعوة] الإيرانية. لذا لا بد من الأخذ بنظر الاعتبار أن نعمل ما بوسعنا على إبعاد كل ما يمكن أن يجعل للتدخل الإيراني في الدعوة أي أثر من الآن فصاعدا.
5. تقنين التنوع داخل الدعوة كضمانة لحفظ وحدتها وتجنيبها المزيد من الانشراخات:
[...]
6. التعجيل بإعادة صياغة البرنامج السياسي والنظام الداخلي المعلن:
[...[ وهنا يمكن تبني «برنامجنا» الصادر عام 1992 مع إضفاء التعديلات والإضافات اللازمة، وإدراج مقدمة للطبعة الثانية المعدلة والمزيدة.
7. تثبيت الديمقراطية في البرنامج السياسي وتبني التأصيل لها إسلاميا:
[...] فبالرغم من صدق «حزب الدعوة الإسلامية» [وهْمٌ عشته، ثبت لي العكس منه] لعله أكثر من كثير غيره من فصائل المعارضة الوطنية العراقية، وتعاطي غالبية الدعاة بقناعة عميقة مع مفردة الديمقراطية [لا أدري من أين جئت بحسن الظن الساذج هذا، فالذي يؤمن حقا بالديمقراطية، لا يمكن له أن يبقى بعد التجربة في حزب إسلامي، ومغلق على طائفة محددة، وبالتالي ناقض لواحد من أهم أركان الدولة المدنية القائمة على أساس الديمقراطية، ألا هو ركن المواطنة]، يمثل عدم حسم الموضوع بشكل واضح تكريسا للهواجس لدى الأطراف الأخرى، والتي لا تخلو من أضرار، باعتبار أن بناء الثقة المتبادلة شرط من الشروط الأساسية لإنجاح المشروع الديمقراطي في العراق. وبما أن عدم تجذير وتوسيع الثقافة الديمقراطية من منظور إسلامي في أوساط الجماهير المتعاطفة مع التيار الإسلامي عموما، ومع الدعوة خصوصا، بالدرجة المطلوبة حتى الآن، يمثل عقبة في إنزال هذه الأفكار بشكل مفاجئ، من غير ممارسة توعية جماهيرية على المواءمة بين الإسلام والديمقراطية، لا بد من اختيار لغة خطاب مناسبة تراعي الإشكاليتين المذكورتين، وتوفق بين ضرورة الإسراع الذي لا يتحمل الإرجاء في إنزال هذه الثقافة من جانب، وبين ضرورة التزام التدرج فيها من جانب آخر. [من هذا النص ومن غيره يتبين كم كان حزب الدعوة وعموم الإسلام السياسي بعيدا عن ثقافة الديمقراطية.]
ضرورة انتخاب أمين عام بصلاحيات قيادية واسعة وفق ضوابط يتفق عليها:
بالرغم من أن هذا البيان لم يدرج هذه النقطة ضمن الملامح الأساسية للتيار، إلا أنه لا بأس من بيان الرأي فيها. [...] كما لا بد من الاستفادة من إيجابيات تجارب الأحزاب والتيارات الإسلامية والعلمانية المحلية والعالمسلامية والعالمية في وجود رمز قيادي على رأس الحزب، وذلك من أجل إيجاد صيغة جديدة خاصة بـ«حزب الدعوة الإسلامية»، ترعى خصوصياته، وخصوصيات تجربته الذاتية، توفق بين الاستفادة من الإيجابيات المشار إليها، وبين تجنب مخاطر السلبيات المحتملة من جراء ذلك، والمختزنة في فكرة الأمين العام هذه.
خاتمة:
أخيرا لا بد من التفات القيادة الموقرة إلى الحقائق التالية وترتيب الأثر اللازم عليها:
1. إن هذا التيار يمثل وجودا واسعا في جسم الدعوة [ثبت العكس، أو تجربة السلطة غيرت أولئك الذين كنت أرى أملا فيهم]، لا يجوز التغافل عنه، وإنه يملك كل مقومات التشكيل لتنظيم جديد.
2. ينقسم أفراد هذا التيار في تعاطيهم مع إحساسهم بازدواجية قناعاتهم الشخصية العميقة، ومسار الدعوة العام، الذي يبتعد بدرجة يرونها ليست بغير ذات بال، عن هذه القناعات، إلى المواقف التالية:
أ) كثير منهم يعيش، ومنذ أمد غير قريب، بهاجس ترك التنظيم، إذا ما وصل إلى نقطة اليأس من الإصلاح. [امتيازات السلطة جعلتهم يدوسون على قناعاتهم.]
ب) كثير منهم يفكر بتأسيس تنظيم جديد، ينسجم مع متبنياته بدرجة أكبر، مما هو الحال عليه في وجوده داخل جسم الدعوة. ["تجمع الديمقراطيين الإسلاميين" كان محاولة مني بهذا الاتجاه.]
ت) كثير منهم سيبقى إلى إشعار آخر، ولكن بحالة من عدم الانسجام مع جسم الدعوة [هؤلاء (الكثيرون) لم يكونوا سوى ضياء الشكرجي]، ما زالت باقية على هذا النحو من مسارها، وتعاطيها، لاسيما مع القضايا السياسية.
لكل ما مر، ندعو القيادة الجديدة، أن تتعاطى مع هذا البيان، ومع إخوانهم في التيار، وأصحاب مبادرة تحرير هذه الورقة، بروحية عالية من المسؤولية، وسعة الصدر، والموضوعية، والجدية، مما ينسجم مع موقعهم القيادي، ومع خطورة المرحلة، فإننا في الوقت الذي ندعم موقعهم كقيادة، منحناها ثقتنا بانتخابنا إياها، ونكون رهن إشارتهم، نطالبهم باستيعاب هذا التيار الواسع جدا في جسم الدعوة، حفاظا على وحدة الدعوة الإسلامية، أمانة الأجيال، وأمانة الشهداء، وأمانة الشهيد الصدر، وأمانة العراق، وأمانة الإسلام في أعناقنا جميعا، لنسير بها من خلال استيعاب ظاهرة التنوع في جسم الدعوة الواحد المتحد، لنحقق آمال أمتنا في هذا الإرث العظيم، «وَمَن أَحسَنُ قَولًا مِّمَّن دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَّقالَ إِنَّني مِنَ المُسلِمينَ»، «وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ»، «وَاعتَصِموا بِاللهِ جَميعًا وَّلا تَفَرَّقوا»، «وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَب ريحُكُم، وَاصبِروا إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرينَ». [كل هذا كان يمثل طريقة تفكيري آنذاك.]
ضياء الشكرجي



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 39
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 38
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 37
- هل تتجه مرجعية السيستاني نحو العلمانية؟
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 36
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 35
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 34
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 33
- أمراض المتعصبين دينيا أو مذهبيا
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 32
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 31
- لست مسلما .. لماذا؟ 3/3
- لست مسلما .. لماذا؟ 2/3
- لست مسلما .. لماذا؟ 1/3
- مقدمة «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل»
- مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 10/10
- مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 9/10
- مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 8/10
- مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 7/10
- مناقشتي لمناقشة صادق إطيمش لكتابي «الله من أسر الدين» 6/10


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 40