أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غابرييل هولاند - الاحتجاجات في تونس تكشف ضعف النظام















المزيد.....

الاحتجاجات في تونس تكشف ضعف النظام


غابرييل هولاند

الحوار المتمدن-العدد: 5075 - 2016 / 2 / 15 - 22:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توسعت الاحتجاجات الأخيرة في تونس لتصل إلى مناطق مختلفة من البلاد. فبعد خمس سنوات مما أطلق عليها الثورة "المنتصرة"، نتساءل لماذا تعود الثورة للبدء من جديد؟ لماذا انتفض الشباب والعمال؟ ما هي وجهات النظر المطروحة حول الصراع الحالي؟ ما هي حدود التحالف الحكومي؟ ما الموقف الذي يجب على اليسار العالمي اتخاذه؟ يحاول هذا المقال الإجابة عن بعض هذه الأسئلة؟

خلال الأسابيع الماضية، ضربت تونس موجة من الاحتجاجات في مركز مدينة القصرين، أفقر مناطق البلاد، والتي تمثل مع سيدي بوزيد أعلى نسبة بطالة بنسبة 30 بالمئة، أكثر بمرتين من المعدل العالم (15%). حسب سانتياغو ألبا ريكو، "توسعت الانتفاضة في القصرين لتصل إلى سيدي بوزيد، وتالة، ومكناس والقيروان، في المناطق التي اندلعت منها الثورة في العام 2011، ومن ثم وصلت بموجة عارمة إلى الشمال والجنوب، ومن ثم عمت البلاد ككل".

نجد في تلك المنطقة مناجم عديدة في منطقة قفصة، تنتج الفوسفات، وهذا هو النشاط الاقتصادي الرئيسي للبلاد، أضف إلى ذلك السياحة والبترول. مفجر الاحتجاجات كان، كما في انتفاضة المناجم في العام 2008 و2011، فعل فردي يائس لشاب معطل عن العمل. هو رضا يحياوي، 26 عاما، تسلق البرج الكهربائي وقتل نفسه بسعقة كهربائية، احتجاجا على إزالة اسمه من قبل السلطات في القصرين، من لائحة الأشخاص المقبولين للتوظيف الحكومي.

لم يتوقف ازدياد نسبة البطالة منذ الثورة التي أطاحت ببن علي في العام 2011، بعد حكومتين "تلتا الثورة"، مؤلفة من الحزب الإسلامي النهضة، والذي يشكل جزءا من التحالف بين نداء تونس (حزب "علماني" مشكل من النواب السابقين للنظام الديكتاتوري) والنهضة. 15 بالمئة من السكان القادرين على العمل يعيشون حياة البطالة، ثلثهم من الشباب الجامعي المتخرج حديثا. في العام 2012، كان معدل البطالة 12 بالمئة.

النهضة مثلها مثل نداء تونس، خلال إدارتهما المتلاحقة، لم يغيرا قدر ميليمتر واحد من البنية الاقتصادية غير المتكافئة للبلاد، ولا في محاربة الفساد الذي يستشري لدى "الزعماء" الكبار، بالإضافة إلى الافتقار للاستثمار في الخدمات العامة أو التفاوت الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء. كما وقعوا اتفاقا مع صندوق النقد الدولي والذي ساعد فقط في خنق وحتى اغراق الاقتصاد التونسي. الدين العام وصل إلى 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، والعجز المالي العام 5%. منذ العام 2011، امتلكت البلاد دخلا يزيد عن 3000 مليون يورو على شكل قروض، لم تستخدم للتخفيف من معاناة الناس، ولكن لتطويع الاقتصاد ليناسب مصالح البنوك الدولية عبر آلية متوحشة تعتمد على الدين العام. يفرض صندوق النقد الدولي، من أجل منحه للقروض، تطبيق سياسات تقشفية حادة.

أول ردة فعل كانت للرئيس الباجي قائد السبسي مطالبة الشعب بالهدوء، ومن ثم وعده بخلق، من خلال معجزة، وفي غضون أسابيع، حوالي 5 آلاف فرصة عمل، بالإضافة إلى فرضه لحظر التجول. مؤخرا، دس سرا مجموعة من المرتزقة داخل الاحتجاجات لتنفيذ أعمال تخريب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، هذا ما صرح به العديد من النشطاء الميدانيين. كان الهدف من هذا تجريم النضال وربطه بالهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخرا. يبدو الوضع الآن هادئا، ولكن لا أحد يستطيع ضمان عدم اندلاع الاحتجاجات مرة أخرى في الأسابيع القادمة.

السبسي، الذي حكم البلاد لفترة قصيرة مباشرة بعد سقوط محمد الغنوشي (الرئيس الذي خلف بن علي)، في فبراير/شباط، هو سياسي مرتبط بشكل وثيق بالنظام السابق. يستلم ذمام السلطة التنفيذية التي تم تشكليها بشكل مشترك مع النهضة. من خلال تولي سلطة الحكومة، قام بتثبيت الأولويات التالية: قانون مكافحة الإرهاب، اتفاقيات تمويل من المؤسسات المالية الدولية، تطبيق سياسات تطويع الأسعار، معدل التضخم الحالي وصل إلى ما يقارب 6% (المصدر: الباييس الإسبانية).

نستطيع أن نلحظ خلف الاحتجاجات الأخيرة نفس العوامل التي ظهرت بالأصل في العامين 2008 و2011. كما حصل خلال الثورة التونسية، الافتقار إلى القيادة والطبيعة العفوية للتحركات هي ما يسم الانتفاضة الحالية.

الاتحاد العام التونسي للشغل هو الاتحاد الرئيسي في تونس. خلال الثورة، لعب دورا سيئا في تقييد الاحتجاجات وعمل كحاجز آمن بين الجماهير ونظام بن علي. في 17 يانير/كانون الثاني، سمى الاتحاد العام التونسي للشغل ثلاثة ممثلين له للحكومة التي كان يقودها رئيس الوزراء السابق (الغنوشي). أدت هذه القرارات إلى ثورة حقيقية في قواعده، مما أجبر قادته على تغيير مواقفهم الرسمية، وترك الحكومة وتقديم مقترح لتشكيل الرابطة الوطنية لحماية الثورة. بعيدا عن عملها كقوة معارضة للنظام، عملت الرابطة الوطنية لحماية الثورة كحامي للجان المحلية والتي ظهرت خلال الأشهر الأولى من الثورة.

من الرابطة، والاتحاد العام هناك من دعم حكومة السبسي، الرئيس الحالي في البلاد، والذي خلف بن علي بعد استقالته، والذي بدأ التفاوض من أجل الانتقال السياسي محترما بشكل ضمني شرعية الحكومة المؤقتة. شكل فيما بعد السبسي هيكلية تنظيمية جديدة، ذات أهلية استشارية، وهي الهيئة العليا، والتي تدمج الاتحاد العام والرابطة الوطنية.

خلال الاحتجاجات الحالية، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل مرة أخرى إلى العودة للهدوء، وكرر بأن الأولوية الوطنية تستدعي محاربة الإرهاب. وقد وقع الاتحاد على اتفاقية أطلق عليها "العقد الاجتماعي"، مع رؤساء الاتحاد، والتي تتنبأ بصرف عمال من الخدمة وتغيير في سجل العمل.

من جانبه، الحزب اليساري الأبرز في المعارضة هو الجبهة الشعبية، والذي تم تشكيله في العام 2012 ضمن سياق الثورة، محدد بتقديم مقترحات إلى حكومة السبسي، ويعمل كمجرد مستشار للسلطة التنفيذية. تشبه هذه المنظة أحزاب سيريزا في اليونان وبوديموس في اسبانيا، بنسب متفاوتة. دومنيك لوروج، عضو حزب ضد الرأسمالية الجديد في فرنسا يصف الجبهة الشعبية في مقال نشره في صفحة ريبليون على الانترنت:

بعد محاولته الأولى السريعة، بعد الرابع عشر من يناير/كانون الثاني، تم إعادة تجميع قوى اليسار الرئيسية في أكتوبر/تشرين أول 2012، تحت مسمى الجبهة الشعبية. وتضم اتجاهات من الماركسية اللينينية، والتروتسكية والقومية العربية والاشتراكية الديمقراطية. من جانب آخر، عدد كبير من أعضاء الجبهة، رجال ونساء، يشكلون جزءا من الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الطلبة، ومؤسسات كثيرة أخرى. تتبنى الجبهة، بأساسها، النضال ضد ديكتاتورية بن علي، وحتى بورقيبة، ولديهم رغبة في إنهاء حالة تشتت اليسار، بالإضافة إلى تحقيق المطالب الاجتماعية للثورة. السياسة المركزية للجبهة كانت النضال ضد الاتجاهات النيوليبرالية من جانب، والقتال من أجل الوصول للسلطة من جانب آخر: إسلاميو النهضة (الذين حكموا البلاد عامي 2012-2013) و"المعتدلون" في نداء تونس، يحاولون استبدالهم".

للأسف، إنهم يخسرون الفرصة الكبرى لإعادة تفعيل، بطريقة منظمة ومدروسة، المرحلة الثانية من الثورة. إن دور أي حزب ثوري يجب أن يكون مرافقة العمال التونسيين بتجاربهم مع النظام البرجوازي، النيوليبرالي الحالي، الذي يقوده تحالف نداء تونس والنهضة من جانب، وتوجيه وإدارة النضال ببرنامج معادي للرأسمالية من جانب آخر، وليس تقديم نصائح إلى الحكومة "لاستقرار الوضع". فبدلا من دعم التحركات الشعبية والتنظيم الذاتي للجماهير، لعبت الجبهة الشعبية دورا في تعبيد الطريق باتجاه الانتخابات. هذا يحصل بسبب طبيعتها الانتخابية الواضحة. من خلال أخذ تطلعات الجماهير المضطهدة للتغيير إلى النقطة المميتة للانتخابات، التي تسيطر عليها القوى الاقتصادية ورؤوس الأموال، إنهم بتبعون خطوات سيريزا في اليونان. ونحن نعرف النتائج إلى أين وصلت.

الجبهة الشعبية حصلت على ما يقرب من 15 ممثلا في مقاعد الانتخابات الأخيرة، في العام 2014. كان لديهم قوة انتخابية كبيرة في المناطق الفقيرة من البلاد، حيث انطلقت الثورات وكانت أصل إنطلاق "الربيع العربي"، وفي بن عروس، منطقة العاصمة، المركز الصناعي الرئيسي في شمال البلاد.

الحكومة الحالية تشكلت، كما ذكرتا سابقا، من تحالف بين حزبين برجوازيين. نداء تونس، المنظمة التي تمثل النظام القديم ولكن بصورة مختلفة، والنهضة المرتبط بالإسلام السياسي، والذي زادت قوته بعد انتصار آيات الله في إيران. النهضة كان الحزب الأفضل لرأسملة، في البداية، الانفتاح على الديمقراطية في البلاد، والذي ربح الانتخابات الأولى بعد سقوط بن علي. نتيجة لمشروعه الاقتصادي النيوليبرالي، المشابه جدا لما استخدمه بن علي تم تنفيذه مؤخرا، وقد خسر جزءا هاما من قوته الانتخابية، وأمسى القوى السياسية الثانية في البلاد.

طريق تونس

تونس قضية خاصة جدا من بين ثورات ما أطلق عليه "الربيع العربي". يعتقد أغلبية المحللين السياسيين وتيارات اليسار بأن في تونس "ثورة ناجحة". هذا الفهم خاطئ بشكل كامل. من الصحيح أن في تونس، وليس في ليبيا ومصر وسوريا، عملت الثورة على تغيير النظام، ولكن لم تغير من طبيعة العلاقات الاجتماعية في البلاد، والاقتصاد لا يزال محكوما من قبل الإمبريالية، وبشكل خاص الأوروبية، معتمدة على طبقة المالكين الضعيفة في تونس.

النظام القديم، الإمبريالية الأوروبية والأمريكية، القوى الأسلامية، جميعهم يخططون للتفاوض حول النتيجة المختلفة للسيرورة الثورية. يتم العمل على تأسيس ديمقراطية البرجوازية، بصيغة ضعيفة ومحدودة بشكل كبير، وهذا يعني واقعيا انجاز كبير بعد 30 سنة من الديكتاتورية العسكرية: إقامة انتخابات "حرة" نوعا ما. لقد تم التحكم بالانتخابات من قبل القوى الاقتصادية والجهاز القديم، وتم تسهيل ذلك من قبل بعض قوى اليسار، والمجموعات المستقلة. لن يغير شيء حصول الجبهة الشعبية على 15 مقعدا في الانتخابات الأخيرة.

بلا شك أمنت الانتخابات فترة من الهدنة والوهم للجماهير التي رسمت معالم ثورة العام 2011. على أية حال، بدون حل المشاكل الحقيقة التي تضرب البلاد (الفقر، الفساد، القمع وعدم المساواة)، لن يتم الوصول إلى حل حقيقي للجزء الأكبر من السكان، ولاسيما العمال الفقراء والطبقات الوسطى المعوزة. لعب صراع الأجيال دورا كبيرا، بالإضافة إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والتي لا يمكن الاستخفاف بها. هذه الوسيلة والتي نطلق عليها "رد الفعل الديمقراطي" تم استخدامها في عمليات ثورية أخرى على مدار العقد الماضي، وخاصة في أميركا اللاتينية، وفي مناطق أخرى من العالم أيضا.

إن الاحتجاجات الحالية تشير إلى تعمق الصراع الاجتماعي في بلد متوسطي صغير. إلى متى سينتظر العمال؟ كيف ستتصرف القوى اليسارية التي تطلق على نفسها وريثة الثورة؟ هذان هما السؤالان الذين تجب الإجابة عليهما.

نحو تأميم مناجم الفوسفات!

لا لتسديد الدين إلى صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي!

لا لخطط التقشف! نحو خطة طوارئ اجتماعية لخلق فرص عمل وزيادة الرواتب وضمان الحقوق الأساسية للسكان!

ضد قمع المناضلين!

حبس الفاسدين وتأميم الشركات الفاسدة!

فليسقط السبسي! فليسقط تحالف النهضة ونداء تونس!



الثورة التونسية مستمرة!



#غابرييل_هولاند (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حاول اختطافه من والدته فجاءه الرد سريعًا من والد الطفل.. كام ...
- تصرف إنساني لرئيس الإمارات مع سيدة تونسية يثير تفاعلا (فيديو ...
- مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟
- عدد من أهالي القطاع يصطفون للحصول على الخبز من مخبز أعيد افت ...
- انتخابات الهند.. قلق العلمانيين والمسلمين من -دولة ثيوقراطية ...
- طبيبة أسنان يمنية زارعة بسمة على شفاه أطفال مهمشين
- صورة جديدة لـ-الأمير النائم- تثير تفاعلا
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 50 مسيرة أوكرانية فوق 8 مقاطعات
- مسؤول أمني عراقي: الهجوم على قاعدة كالسو تم بقصف صاروخي وليس ...
- واشنطن تتوصل إلى اتفاق مع نيامي لسحب قواتها من النيجر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غابرييل هولاند - الاحتجاجات في تونس تكشف ضعف النظام