أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حمدان - مدينة الغرباء














المزيد.....

مدينة الغرباء


مصطفى حمدان
كاتب وشاعر

(Mustafa Hamdan)


الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 13 - 23:53
المحور: الادب والفن
    


مدينة الغرباء

أطوفُ في زُقاق الزمن القديم ، أبحثُ عن نفسي في هذا المكان ، فلا أجِدُ سوى أحلامٌ مُبعثرة لَمْ تتحقق
وجُملاً لَمْ أنهي كِتابتِها ، بل نسيتُها في زحمة الرحيل ، وكُثرة الأحلام
كُنتُ العاشِقُ بدون حبيبة
كُنتُ المقاتلُ بدون سلاح
وكنتُ الواعِظُ بدون كتاب
كان الحزن طقوس الروتين اليومي ، وحالة دائمة الحضور ، حيث بقيْتُ هناك كأني لستُ هناك
فلا فقدتُ أشيائي هناك ، ولَمْ أبحثُ عن أي شيء ، سوى أن أبحثُ عن نفسي وعن جهةٍ أو ميناء يستقبلني
وهكذا كانت المدينة تشاركني شعور الغُربة والانتظار الطويل
ففي زقاق هذه المدينة التي تبحثُ عن نفسها أيضا ، لَمْ تجِد سوى غرباء يأتون ويذهبون وكلٍ على عجلة
منهم مَنْ يمكثُ قليلاً مؤقتاً ..يراقب دولاب الزمن البطيء ليعود الى حيث جاء
ومنهم مَنْ ولِدَ هنا وما زال ينمو غريباً ، ومنهم مَن مات وهو ينتظِر موعِد الرحيل أو الرجوع
وما زال الكثير هنا مَن يبحثُ عن حلمٍ أو معجزة ، أو ميناء للرحيل البعيد
لا طابع لشكل المدينة ، ولا يُحَدِدْ لونها أيُ شيء ، وهويتُها غامِضة ، فهيَ مزيدٌ مِنَ اللاجئين الغرباء
ومزيداً مِن الحالمين الفقراء ، ومنْ يبحثُ عن فرصة عمل
نهارها عنيدٌ وصاخِب ، فالتاجِرُ والمُشتري ، الفقير والغني ، المُقيم والسائح ، والمارقين بصدفة
جميعهم يملكون المدينة في النهار ، يتقاسمون أطراف وتضاريس المدينة بمطاعمها ، مقاهيها ومتاجرها
وعندما يحِلُ الليل .. لا يبقى للمدينة شيء .. فتبقى صامتة .. خالية مِن الأصوات والشخوص
فلا يبقى فيها إلا مَنْ تاه بين المساحات المزدحمة ، والتضاريس الضيقة ، وبين مَنْ وجَدَ لنفسه
مكانٌ صغير .. بثمنٍ قليل .. ليرتاح مِن عناء النهار وشقائه ليجمَعْ أحلامه الشاردة
ثلاثون عاماً .. منذ كنتُ أبحثُ في زقاق هذه المدينة الغريبة القاسية
عن جملةً وأجوبة لأسئلتي الشقية.. عن حلم بعيد عن هذه المدينة
وكيف أكتشِفُ نفسي بين ركام الأحداث وتناقظ الواقع المرير
تلك المدينة أعرِفُها .. أعرِفُ تضاريسها وكُل أطرافِها الضيقة الصغيرة
وأعرِفُ شوارِعها الفرعية .. ومتاجِرها الصغيرة
كم تسكعت في طرقاتها .. وكم تعبَتْ قدمايَ مِن المشي

ثلاثون عاماً
ورائحة البُن والزعتر
ومالبس الفقراء
تُعيد اليّ صوابي
وتوقظني مِن سكونٍ
مِن صمتٍ .. دام ثلاثين سنة

كم المكان يشبه المكان هنا
وكم الناس هنا يتشابهون
في الشكل .. والحلم يتشابهون

وكم هُم الناس هنا يتشائمون
مِن الحلم والغَد
كم هُم يتشائمون

وقاع المدينة
ما يفصِلُ الشرق عن غرب المدينة
الجديد هنا
والقديم هنا
الفقير .. والغني هنا
كم هُم هنا يتخالطون

تكثُر الناس
والحلم يكثُر
وتصغُر المدينة .. لحجم البشر
فلا ترى مِن ضيق المكان
أُفق بعيد
ولا مكانٌ هنا .. للقمر

لا ساعي بريد
هنا يدُلُك على عنوان
فالعناوين هنا
شخوصٌ .. ليس أرقام
والأسواق مُنعثرة
كعشوائية .. وحركة البشر

أيُ مدينة
وبأي بقاع الأرضِ ..أنتِ
تأخذي كل شيء .. والمزيد
ولا تكتفي
وتطلبين المزيد
وتَبقي صغيرة
كحلم الفقراء .. صغيرة
كعفوية القدر

للمدينة طقوس
وللناس طقوس
وسبع جبال تحيطها
تجعل السماء تبدو صغيرة
وتجعل الناس هنا
يمشون في الطرقات
بدون هدف
كمسافرين .. بدون سفر

كم كنتُ موجودٌ هنا
وكم كانت أحلامي مبعثرة
وهذه المدينة
لم تكن توأمي
ولا حبيبتي المنسية
كل ما اتذكره هنا
اني كنت غريب
أشارِك الغرباء .. الزحمة
وطعام رخيص الثمن
وكأس عصير
وأحلامٌ مُكررة

مصطفى حمدان



#مصطفى_حمدان (هاشتاغ)       Mustafa_Hamdan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاصِل بين الدقيقتين .. الفاصِل بين السنتين
- حالة احتضار
- بعيداً عنكِ .. قريباً منكِ !
- (عشوائيات)عن الحُب الحرب والوطن
- مَن يُرثي موْتُنا وسقوط مدننا ؟!!
- في القلب حزنٌ
- إلهة المقاومة
- وطن أمْ دولة ؟!
- اللاجئ والبحر
- الحنين الى الذاكرة
- أُكِلْتُ يوم أُكِلَ الثور الأبيض
- الى جندي إسرائيلي ؟!
- قارة أسمها (غزة)
- أين نحنُ منكِ؟!
- خُذني حبيبي هناك !!
- انتِ حُلْمي البعيد .. وأنا العاشق القريب !!
- ماذا بَعْد !!
- الثالوث المُحرّم
- نشيدُ المِعْوّل
- ملحمة السجن والسجان


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حمدان - مدينة الغرباء