أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جهاد الرنتيسي - شهوة القتل















المزيد.....

شهوة القتل


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1378 - 2005 / 11 / 14 - 08:35
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مثل كل الاعتداءات الدموية التي طالت مختلف ارجاء الكرة الارضية استقرت تفجيرات فنادق عمان الثلاثة في دائرة البحث عن الظاهر والمخفي من جبل الجليد الذي تمثله آفة الارهاب .
فالمعطيات والظروف المحيطة بالحدث صاحبة الدور الاكبر في تحديد منهج تحليله وادوات قراءته .
وينتمي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي اعلن مسؤوليته عن التفجيرات الي عالم سري تساهم محاولات سبر اغواره في تكريس حالة الغموض التي تحيط به .
فالغموض الذي يلف مثل هذه العوالم يتيح فرص تضخيم الوهم ليتحول الي قاعدة للبحث عن الحقيقة .
والمعلومات المتوفرة عن زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مستقاة من تقارير صحفية واستخبارية لا تخلو من الفبركات التي تمتلك القدرة علي توجيه البوصلة نحو الحقيقة وتقليص فرص الوصول اليها في الوقت ذاته .
وساهمت سهولة اصدار الفتاوي حول الزرقاوي وتنظيمه في تكريس حالة الغموض المحيطة بالظاهرة التي طفت علي السطح بعد احداث 11 ايلول وانتشرت كالورم السرطاني بعد احتلال العراق .
كما حولت الذين عرفوا الزرقاوي عن قرب ـ قبل تحولاته التي اوصلته لمحطته العراقية ـ الي ادوات لتضخيم الحالة الهلامية التي يمثلها تنظيم القاعدة واضفاء طابع اخلاقي علي العمليات التي تودي بحياة الابرياء و تزيد من عزلة العرب والمسلمين .
ويترك التكوين الهلامي لهذه الحالة فرصة استخدامها من قبل اطراف اقليمية ودولية في تصفية حسابات مع اطراف اخري وربما تمرير مخططات معقدة .
فمن غير الممكن امتلاك تنظيم اصولي لهذه القدرات دون اتكاء علي عوالم الاجهزة الامنية في الدول البوليسية .
والهجمات الانتحارية التي استهدفت الفنادق الثلاثة جاءت في واحدة من لحظات تسارع التحول التاريخي الذي تمر به منطقة تفتقرانظمتها للقدرة علي تحديد المسارات والتفاعل مع عوامل التغيير .
وهذه اللحظات مغرية لتقوقع انظمة علي ذاتها وتحول التطرف الديني والقومي الي اساليب حماية تتداخل مع نزعات التغيير التي يعبر عنها تنظيم مثل القاعدة بعملياته الارهابية .
ولذلك لم يكن مستغربا ان تتشعب مؤشرات البحث عن الجهات صاحبة العلاقة المباشرة وغير المباشرة بارسال الانتحاريين الي عمان لتوجيه رسائل الموت المشفرة .
ففي هذه المنطقة تتناسل الازمات المستعصية علي الحل و الاحتقانات الباحثة عن متنفس .
وقد تكون ازمة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين اكثر هذه الازمات حدة وقابلية للانفجار .
فلم يمض سوي اشهر قليلة علي الاعلان عن عثور المحققين الاميركيين في العراق علي رسالة مع احد قياديي القاعدة تطلب من ناشطي التنظيم الاصولي المتطرف البحث عن ملاذات خارج الاراضي العراقية .
وحسب التسريبات التي جري تداولها في ذلك الحين جاء الطلب اثر تمكن القوات الاميركية وقوي الامن العراقية من تضييق الخناق علي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين .
وجري تداول اسم الاردن باعتباره من الدول المرشحة لكي تكون احدي هذه الملاذات .
وشجعت هذه الرسالة والهجوم الذي تعرض له ميناء العقبة فيما بعد وزير الداخلية العراقي بيان جبر صولاغ علي تحذيرالاردن من عمليات ارهابية قد يقوم بها ارهابيو القاعدة .
ولا شك في ان الاتفاقية الامنية التي وقعها صولاغ في عمان مع نظيره عوني يرفاس ، ومساهمة الاردن في تدريب قوات الامن العراقية ، ونجاح الاجهزة الامنية الاردنية في احباط محاولات تسلل الي العراق زاد من حقد تنظيم الزرقاوي علي الاردن ، ودفعه الي تحين الفرص للقيام بعمليات انتقامية .
وكلما تقدمت العملية السياسية في العراق خطوة الي الامام تتزايد شهوة الانتقام والقتل لدي تنظيم القاعدة .
وبذلك لن تكون الهجمات التي تعرضت لها الفنادق الثلاثة الاخيرة فهي احدي تجليات الحرب التي تشنها قوة ارهابية مسلحة بمخزون ايديولوجي يبيح القتل والفوضي من اجل شد المجتمعات العربية والاسلامية الي العصور الوسطي واعاقة مساهمتها في الحضارة الانسانية .
والي جانب العمليات الارهابية التي ينفذها التنظيم الاصولي المتطرف هناك ازمة الدور الايراني الذي يسعي جاهدا الي قطع الطريق علي أي عمق عربي للعراق .
فالمعلومات التي يجري تداولها بين الحين والاخر تفيد بتداخل الدور الذي تقوم به الادوات الايرانية في العراق مع ممارسات تنظيم القاعدة .
وهناك نقاط لقاء بين الجانبين يتم التعبير عنها باظهار العداء للقوات الاميركية واعاقة الترتيبات السياسية في العراق .
وكما هو الحال بالنسبة لايران بات العراق احد خطوط الدفاع السورية في مواجهة المشروع الاميركي الهادف الي اعادة ترتيب المنطقة ليعود الي الاذهان لبنان الحرب الاهلية الذي تحول الي ساحة لتصفية الخلافات الاقليمية والدولية .
واذا جازت المقاربة بين التجربتين العراقية واللبنانية في هذا الجانب تجدر الاشارة الي ان جغرافيا لبنان لم تكن خلال العشرين عاما الماضية كافية لتسجيل انتصارات حاسمة .
وغالبا ما يكون غياب قدرة الحسم دافعا للبحث عن ساحات اخري لخوض المعارك وابرياء اخرين يدفعون فواتير الحروب القذرة .
ومنذ اشهر حرصت القاعدة وتفرعاتها في بلاد الرافدين وبلاد الشام ـ حسب التسميات الدارجة ـ علي تغيير خطابها السياسي بحيث يكون قادرا علي تبرير ممارساتها واكثر انسجاما مع البيئة التي تتواجد فيها .
ومن بين هذه التغييرات دخول القضية الفلسطينية الي منظومة الشعارات المستخدمة في التضليل الاعلامي .
ووجدت الديماغوجيا التي يتبعها التنظيم الاصولي صداها في خطاب بعض المثقفين الذين قراوا تفجيرات فنادق عمان الثلاثة بعيون منظر القاعدة ايمن الظواهري . ووفق هذه القراءة تعاملوا مع " حياة عمان " و " الراديسون " و " ديز ان " باعتبارها محطة في الطريق الي مقارعة الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين .
ولمفارقتها مسار تجربة القاعدة وطبيعة علاقة التنظيم الاصولي بالقضية الفلسطينية تتطلب هذه القراءات المفرغه من الذاكرة تحليلا سيكيولوجيا علي هامش الجدل الذي تستحقه ابعاد الهجمات الارهابية التي استهدفت فنادق عمان .
فقد جاءت المراهنة علي القاعدة من رحم حالة العجز التي تمر بها القوي الديمقراطية والعلمانية والاحباطات التي خلفهااجهاض المشاريع التحررية ذات الابعاد الحضارية .
ولكن عجز القوي الديمقراطية وفشل مشاريع التحرر الوطني لا يبرران تجاهل التاريخ غير البعيد للتنظيم الاصولي الذي الحق الاذي بقضية الشعب الفلسطيني علي مدي العشرين عاما الماضية .
فمن غير الممكن اغفال الجهود الاقليمية والدولية التي بدلت بوصلة اهتمامات الشبان العرب من فلسطين الي افغانستان .
وما تمخض عن حرب افغانستان تجاوز المصير المجهول لبضعة الاف من المتطوعين العائدين والعالقين ليصل الي حد الاستعداد لافغنة بعض الدول .
وفي الوقت الذي التفتت الاطراف الاقليمية التي ساهمت في صنع ظاهرة الجهاد الافغاني الي خطورة النتائج التي وصلت اليها مساهماتها في الاجهاز علي الامبراطورية الحمراء تحول المجاهد الي نموذج لالاف الشبان البائسين في البلدان العربية والاسلامية .
فالزرقاوي واتباعه تفريخات لمرحلة الياس التي تمخضت عن نقطة الافتراق بين انهيار الاتحاد السوفيتي وتكريس الولايات المتحدة قطبا كونيا وحيدا .
وبانهيار دولة " طالبان " تلاشي النموذج الذي تسعي قوي التطرف الاصولي الي استنساخه .
الا ان غياب المشروع لم ينه شهوة القتل المتاصلة لدي الذين يحاولون اعادة انتاجه علي اشلاء الابرياء.
ورغم العداء الاميركي المعلن لتنظيم القاعدة يبقي هناك ما يوحي بحاجة اليمين المتطرف في الولايات المتحدة لهذا النمط من التنظيمات .
ففي السنوات التي سبقت 11 ايلول كانت نظرية صراع الحضارات هيكلا عظميا ايلا للسقوط .
وبانهيار برجي التجارة تحولت النظرية الي كائن قابل للحياة يغذيه التناقض مع آفة الارهاب .
وكثيرا ما تستخدم السياسة الخارجية الاميركية صراعها مع التطرف الاصولي في الضغط علي عواصم المنطقة .
ففي بعض الاحيان يتحول المتطرفون الاصوليون الي محاورين لمسؤولي الخارجية الاميركية مما يثير زوبعة من الشكوك حول حقيقة العداء .
ومن شان هذه السياسات ان تعطي زخما للتطرف الاصولي ، فمن غير الممكن الحديث عن مقاومة الارهاب في الوقت الذي تعقد صفقات من تحت الطاولة مع الحاضنة التي تتمدد فيها الظواهر الارهابية ، ويتم دعم انظمة الاستبداد السياسي التي تسهم ممارساتها في تفريخ الارهابيين ، والاطلالة علي المنطقة من النافذة الاسرائيلية .
وبالتالي لن تجدي اتفاقية مكافحة الارهاب التي تحدث عنها امين عام الامم المتحدة كوفي انان في عمان نفعا مالم تقترن باجبار دول المنطقة علي اجراء اصلاحات ديمقراطية حقيقية تتيح لقوي الاعتدال القيام بدورها كاملا ، وتنهي حالة الاستبداد السياسي .
ولا بد من اقران الاصلاحات السياسية باصلاحات اقتصادية تتمثل في تقليص الفساد المستشري وتوسيع المشاريع التنموية القادرة علي الحد من اتساع جيوب الفقر ونغلاق الافق امام الاجيال الجديدة .
كما تملي مكافحة الارهاب ادخال تغييرات علي سياسة الولايات المتحدة في المنطقة لتفتح المجال امام تغليب لغة العقل علي بريق الشعارات التي تقود الي الجحيم



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقرير الذي هز المنطقة
- الانتحار اللغز
- حوار الدائرة المغلقة
- تراكمات العجز
- قواعد جديدة للعبة قديمة
- جدران الوهم
- تفسير احادي....لخطوة احاديه
- منصة التغيير
- عمان..مرآة العراقيين ..ونافذتهم علي العالم
- الانسحاب المصيده


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جهاد الرنتيسي - شهوة القتل