أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما تصير الحقيقة جثمانا















المزيد.....

عندما تصير الحقيقة جثمانا


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 10:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




في عدد من مقالاتي السابقة تناولت مجموعة من القرارات التي اتخذها، منفردًا، نائب من القائمة المشتركة أو، منفصلًا، أحد مركباتها، دون مشاركة باقي الأعضاء أو مشاطرة القرار من قبل كل الأحزاب الشريكة في القائمة، وكان دافعي وراء التطرق لتلك الظاهرة، ( مشاركة النائب غطاس في أسطول الحرية، مقاطعة القائمة المشتركة لدعوة الرئيس ريفلن، زيارة النائب أيمن عودة لأمريكا وغيرها)، ما رافقها من عفوية مثيرة أو فصائيلة ضارة أو ما بدا عليها من تيه تنظمي يستوجب التفاتة وتقويمًا. واليوم، ها أنا أعود لأكتب عن واحد من فصول تلك الرواية الحزينة الذي سينسى، حتمًا، في زحمة الأسى الفوار، ويُترك للزمن بلا "عتاب ولا شجن".



ففي مطلع شباط الجاري لبى نوّاب حزب التجمع الوطني الديمقراطي الثلاثة دعوة قدمتها، في الأصل، لجنة أهالي الشهداء في القدس لجميع أعضاء القائمة المشتركة.



وكما في العديد من هذه المناسبات لم نقرأ قبل انفجار "المرارة"، عن تلك الدعوة ولاعمّا دار، إذا دار، حولها في أروقة القائمة المشتركة، من نقاشات، تَوأمت، في الواقع، رأسين وممارستين، فنوّاب التجمع انفردوا بقرارهم ولبوا الدعوة، بينما رفضها باقي زملائهم، وتركونا، نحن الشعب، نغرق في لجّة كلها التباس، ونعايش مشهدًا عبثيًا يزيد في وجوهنا حروقًا على نمش.



وقبلما ألج إلى ما يثيرني في هذه الحادثة، أود التأكيد على حقيقتين هما أدوم من بديهية، فلا نقاش حولهما، وإني إذ أوكدهما فهذا من باب الحيطة والحذر من سوء فهم القاريء أو من إعوجاج بنيوي في فهم البعض منهم؛ فاحتجاز الجثامين الفلسطينية والمماطلة الإسرائيلية بتسليمها إلى عائلاتها الثكلى عمل غير أخلاقي ولا إنساني ولا قانوني، ولا يفسره إلا حقد محتل باطش فقد البصر بعدما تعطلت بصيرته، والتضامن مع العائلات ومساندة مطلبها بتسليم الجثامين أمر مشروع ومفهموم ولا تشوبه غضاضة بالمطلق، وإن شئتم فهو واجب إنساني، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر، كان انفلات جوقات النبّاحين على أعضاء الكنيست الثلاثة أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا، ومن من السياسيين لم يتوقعه فهو في السياسة هاو أو مجازف، ومن استفزه ذلك، كجندي الميادين، فهو في الحرب طبال وعازف .



لقد كان الغير طبيعي هو استهجان البعض من تلك الهجمات وانفعالهم من كونها قيدت من بيت رئيس حكومة إسرائيل بشخصه، حتى شملت أصغر الفاشيين في كل شارع وميدان ووادي. استغراب المستغربين هو موقف غريب ومفجع، لأنه يعكس عمليًا قصورًا في تقييمهم، وبعضهم كتاب وإعلاميين وقادة، لواقعنا كعرب في الدولة،وعدم استشعارهم كم هي قريبة الهاوية، ولعله يفسر سبب انخراطهم المتكرر في نشاطات، بحرية وبرية، كانت نجاعتها منذ البداية، مجلجلة أو مستورة، موضع تشكك وتساؤل، وصارت نهايتها ورطة تعدت أطراف الحزب وشؤونه، فاستنفرت حناجر القبيلة وألزمت الشركاء بالتعاضد وبنصرة أخيك محقًا كان أم غافلًا نزقًا، والأنكى أنها أتاحت للبعض فرصًا، كما حصل أيضًا في لقاء نواب التجمع مع عائلات الشهداء، كي يعيدون اكتشاف العنصرية الإسرائيلية ويكررونها مسوغات مستهلكة باهتة، في معرض دفاعهم عما قام به حزبهم وقادته .



طعن اللسان أنكى من طعن السنان



من المهم أن نوضح أن النقاش الذي استوجبه لقاء نواب التجمع مع لجنة أهالي الشهداء، لا يتمحور حول فعل التضامن واسناد مطالبة هؤلاء باستعادة الجثامين، بل بما أحاط هذا اللقاء من ذبذبات وضباب وتعتيم، ومن طريقة عرضه بلغتين وبصورتين تستهران بعقول البشر وبأعضاء الحزب أولًا؛ فمن قرأ بيان التجمع، الصادر بعد تسعير هجمات اليمين وقادة الدولة عليهم، يستطيع أن يشعر بلهجة زهو وطني وتشاوف على باقي النواب الذين لم يلبوا الدعوة، كما وأنه جاء خاليًا مما سمعناه في المؤتمر الصحفي الذي انعقد في الكنيست بمشاركة جميع أعضاء المشتركة ورئيس لجنة المتابعة العليا، وما استعرضته لائحة التجمع الجوابية التي قدمت إلى لجنة الطاعة دفاعًا عنهم وتفسيرًا لما قاموا فيه، والتي أتصور أنها مشابهة لما سمعناه شفهيًا منهم، إذ أنهم أكدوا على أن لقاءهم ذوي الشهداء كان لقاء عمل ! ولم يستهدف تعزية أولئك الأباء، ولا التعبير عن دعم النواب لما قام به أبناؤهم، وأردفوا، معززين ادعاءاتهم تلك، بواقع أن اللقاء تم في نادي عام وليس في بيوت العائلات أو في خيم العزاء، وهو ليس إلا مجرد تلبية لدعوة استهدفت فقط توصيل أصوات تلك العائلات إلى المسؤولين الإسرائيلين وخاصة إلى وزير الأمن الداخلي؛ علاوة على هذا، فلقد أضافوا وأفاضوا،أن وقوفهم دقيقة حداد وتلاوتهم للفاتحة لم تكونا من أجل أرواح هؤلاء الشهداء وعليها، بل هي مجرد استجابة أوتوماتيكية لعادة متبعة عند العرب المسلمين تقضي بوقوف المجتمعين مع بداية كل حدث واحترامًا لجميع الموتى الفلسطينيين ومن قتلوا عبرالأجيال في خلال الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.



يثيرني هذا التضارب الواضح بين ما استرصده، منذ البداية، حزب التجمع من وراء هذا اللقاء، وبين ما انتهى إليه في الواقع، فحسب ما سمعناه وقرأناه على لسان قادته، كان اللقاء مجرد مهمة عمل برلمانية لأعضاء في كنيست إسرائيل مع عائلات فلسطينية مقدسية ثكلى استدعتهم لينقلوا صوتهم إلى ساسة إسرائيل بهدف استعادة الجثامين. ولم يكن هذا اللقاء من أجل التعزية ولا من أجل التضامن ولا حتى من أجل الترحم علم موتى تلك العائلات، لأن أعضاء الكنيست الثلاثة يعارضون مبدئيًا وأخلاقيًا المس بالأبرياء، كانوا من كانوا ، هكذا كتبوا وأكدوا!



شكوت وما الشكوى لمثلي عادة/



ما استعرضته أعلاه يكشف عن عدة مساويء مستشرية في حياتنا السياسية، وهي ليست حكرًا على حزب التجمع، وأعود إلى ذكرها مرة تلو المرة لأنها أمراض مستفحلة وتعود بالخسائر الجسيمة علينا كأقلية عربية في إسرائيل، ففي حالتنا هنا هي، من دون شك، أكبر من مجرد خلل في تصرف حزبي أخلاقي مشروخ، وموقفين نقيضين مدعيين لا يتزاوجان: عمل برلماني إسرائيلي مجاز ومرغوب، أو اقدام وطني فلسطيني متميز ومشتهى، وكما جاء في الاعلانات الحزبية " تحد لتحريض نتنياهو وبينت وليبرمان ولن يغير التجمع مواقفه قيد أنملة".



لم نسمع كيف عالجت القائمة المشتركة شأن الدعوة التي وجهت إليها وكيف ولماذا أختلف الموقفان : ثلاثة أعضاء التجمع يلبون الدعوة وثلاثة أحزاب تستنكف عنها. لكننا، وهنا القضية أخطر وأعوص، لم نقرأ لغاية اليوم ما يمكنه أن يفيد الشعب وينضجه، وأخشى أننا لن نقرأ عن ذلك أبدًا. فاذا صدق التجمع بما قاله في معرض تبريره للزيارة لماذا كانت منه كل هذه الهيصة والزفة الوطنية؟ واذا صدق إعلامهم بما كتبوا، فلماذا استنكف جميع النواب عن المشاركة في ذلك العمل الوطني المقاوم ؟



ولكن تفيض النفس عند امتلائها



القيادة الحكيمة هي التي لا تراوح بين مخاجلة ومزايدة، فلقد كان من الطبيعي أن يقف جميع أعضاء القائمة المشتركة في وجه الانفلات الأرعن لتلك الجوقات الضارية على حزب التجمع ونوابه، ومن الطبيعي أن يؤكدوا على همجية تلك الهجمة وخطورتها، ولكن هذا لن يعفي القيادة الحكيمة من مواجهة هذه المغامرات المتكررة وغير المحسوبة، فالهجمة الفاشية في حالتنا هنا، هي ردة فعل، ويبقى الفعل هو شأننا وموضوعنا، وهو بحاجة إلى نقاش وخلاصات، ومع أننا على يقين أن العنصريين ليسوا بحاجة إلى أفعال منّا كي يجسدوا عنصريتهم، والفاشيون ماضون قي منزلقهم من دون طعم تقدمه لهم "الضحية"، إلا أننا، وكما قلنا في الماضي نؤكد، أن أصحاب الحق يجب أن يقاوموا جلاديهم بذكاء ودهاء وبفطرة سليمة تبقيهم كي يعيشون ويستلون حقوقهم بجدارة، وإلا فقد يموتون وهم يراوحون بين روايتين/ كذبتين وحقيقة !



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكذب الحلال
- ونحن نربي الأمل
- عن إلغاء الانتخابات التمهيدية في الليكود
- جريمة أم بطولة
- محامون في قلب الحوت
- شاباك في الشِّباك
- وتبقى الحرية خالدة
- نعم لأيمن عوده في أمريكا
- حول زيارة البابا تواضروس للقدس
- انتفاضة الفراشات
- رغم اختلافي معها أنا ضد القرار الإسرائيلي
- أبالسكين يبنى وطن ؟!
- فرسان يعيشون في الظل
- محمد بركة رئيس للمتابعة أم قائد للجماهير ؟
- صرخة من فلسطين: ليسقط الاحتلال!
- ما بعد مظاهرة سخنين
- اندلاعه! كفى بأكتوبر واعظًا
- سعيد نفّاع وخيار القائد
- كي لا يقال، هنيئًا لك يا سجّان !
- لا يريدونها لأنها مدارس وطنية


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما تصير الحقيقة جثمانا