أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التوجه للطبقة العاملة وبناء الحزب ( 3 )















المزيد.....



حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التوجه للطبقة العاملة وبناء الحزب ( 3 )


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 21:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التوجه للطبقة العاملة وبناء الحزب
1- ليست قضية بناء الحزب مسألة تكنيكية لمجموعة من القواعد العامة فى البناء الداخلى، فهذه لا يمكن فصلها عن مهام الحزب النضالية فى صفوف طبقته (الطبقة العاملة ) والطبقات الشعبية الحليفة ، كما لا يمكن فصلها عن التناقضات التى تواجه الحزب فى تصديه لمهامه الكفاحية فى ظروف لا يمكن أن تتصف بالثبات . إن هذه جميعاً تتفاعل بصورة جدلية مستمرة مع حزب لا ينشأ للوهله الأولى كبيراً ، كما لا ينشأ منذ أول لحظة منتشراً فى صفوف طبقته .
وفى علاقة وثيقة مع تقديم الاجوبة الصائبة حول معضلات النضال الشيوعي ، ينبغى الاجابة على أسئلة كبيرة تحدد وجهة بناء الحزب : كيف يوزع الحزب قواه بين طبقته والطبقات الشعبية الأخرى ؟ متى يركز الحزب على طبقته . متى يتوجه الى طبقات السكان الأخرى ؟ ما هى المهة المركزية ( فكرية أو سياسية أو طبقية ) التى ينبغى على الحزب أن يركز عليها فى هذه اللحظة أو تلك حتى يتقدم الحزب الى الأمام ؟
2- وحزبنا كأى حزب شيوعي آخر ، نشأ من الناحية الأساسية فى صفوف المثقفين ، ومن ثم منفصلاً عن طبقته . ومن البديهى أن تكون المهمة الأولى التى ينبغى أن يركز عليها من اللحظة الأولى ، هى مهمة التوجه للطبقة العاملة . ولكن الظروف التى أحاطت بهذه المهة لم تستمر على حالها ، كما أن أوضاع الحزب نفسه لم تستمر كما كانت ، وكذلك الحركة الشيوعية ، ولابد لهذه المتغيرات أن تترك أثرها دون أن ترقى الى جعل مهمة التوجه تتراجع الى ان تكون ذات أهمية ثانوية . فهى مهمة ستظل تتطلب أن يركز الحزب قواه عليها حتى تتحقق .
3- وهذا التحديد الواضح الحاسم لا ينطلق فقط من كوننا حزباً شيوعياً لا يجد هويته المتميزة ودوره المتميز فى الصراع الطبقى بعيدا عن طبقته او بقوى اخرى غير قوى طبقته العامله ، وإنما ينطلق أيضاً من أنه لا يمكن الحديث عن نضال ثورى سياسي واقتصادي يتخذ صفة الثبات والرسوخ لأى طبقة من الطبقات الشعبية دون أن تدخل الطبقة العاملة وحزبها الطليعي على رأسها غمار النضال الثورى .
ان أزمة الحركة الشيوعية الثالثة بأسرها تتجلى فى الواقع التالي : إنها حركة ماتزال تدور من الناحية الاساسية داخل دائرة المثقفين وهى فى نفس الوقت منفصلة عن الطبقة العاملة والطبقات الشعبية اى منفصلة عن القوى الاجتماعية القادرة على تحويل الفكر الشيوعى الى قوة مادية متعاظمة وصاعدة . وينبغى فى هذا الصدد التأكيد على أن الحركة الطلابية هى أحد روافد حركة المثقفين ، ومهما كان لها من امتداد جماهيرى فى الفئة الطلابية ، فإن ذلك لا يغير من طابعها الاساسى هذا .
ان الخروج من الأزمة يكمن فى القضاء على الانفصال المذكور ، الذى يضعف كل من الحركة الشيوعية والطبقة العاملة فى آن واحد .
4- إن هذه النظرة الواضحة كانت هى الموقف الرسمى للحزب كما تم بلورته فى تقرير أغسطس 1972 ، إلى أن جاءت أدبيات الانحراف البيروقراطي فزعمت العكس ، ونعنى هنا نظرية " الحلقة الوسيطة ".
فتقرير أغسطس 1972 طرح مهمة التوجه الطبقة العاملة ، بل لقد حذر من خطر الانحراف التلقائى ، إذا لم يتسنى للحزب انجاز مهمة التوجه ، واستمر فى مواقع النشأة . كما أن عضويات الحزب العمالية وصلت فى 1973 إلى ثلث عضوية الحزب ، حاملة بذلك إمكانات هامة على الطريق الطويل لتحقيق هذه المهمة .
ولم تقتصر أخطاء أدبيات الانحراف البيروقراطي على نظرية "الحلقة الوسيطة "، وانما طلعت علينا بنظرية "الجريدة "، وحرفت مفهوم الحزب عن الانحراف التلقائى ، وفشلت فى تشخيص دقيق لهذا الانحراف فى علاقته الوثيقة بالفشل فى التوجه للطبقة العاملة بعد أن كان حزبنا قد خطى خطوات هامة على طريقه .
وكل هذه المسائل تتطلب منا وقفه خاصة لتحديد موقف واضح منها حتى يتسنى لنا تحديد دقيق لوجهة ومعضلات بناء الحزب التى عندما إنحرفنا عنها دخل حزبنا فى أزمات متتابعة ، لن يتمكن الحزب من الخروج منها دون العودة الى هذه الوجهة فى الظروف الجديدة التى نعيشها الآن .
الحلقة الوسيطة الطلابية : -
أولاً : - تتخلص نظرية الحلقة الوسيطة الطلابية فى :-
1- يقظة الطلاب السياسية ودخولهم غمار النضال السياسي بينما ماتزال الطبقة العاملة تغط فى سبات عميق .
2- التركيز المطلق للطلاب على السياسة .
3- تعميم ذلك بالقول أن القضية الوطنية كقضية سياسية كبرى ، توجد خارج النضالات المباشرة للطبقة العاملة ، فهناك "حركة سياسية ثورية" من خارج صفوف الطبقة العاملة . وبهذا التعميم أمكن التنظير لخصوصية ظروف النضال فى بلادنا وتميزها عن ظروف النضال فى روسيا القيصرية ، وذلك للخروج باستنتاجات مغايرة عما دعا إليه لينين من ضرورة تركيز قوى الحزب على الطبقة العاملة حينما تكون قوى الحزب قليلة .
4- انه حينما توجد قضية سياسية كبرى خارج النضالات المباشرة للطبقة العاملة وبينما تركز عليها الحركة الطلابية بشكل مطلق ، فإنه يكون من الخطأ التركيز فى الحزب على التوجه للطبقة العاملة .
5- إن النضالات الطلابية الوطنية من شأنها أن توقظ الحركة العمالية على النضال السياسي الوطنى ، فالحركة الطلابية تكون بذلك أداة الحزب فى ايقاظ الطبقة العاملة .
ثانياً:- نقد نظرية الحلقة الوسيطة
1- إن الطبقة العاملة لم تكن تغط فى سبات عميق ، وإنما بدأ نهوضاً وانفضاضها عن النظام منذ هزيمة 1967 مثلها مثل باقى الطبقات الشعبية ، وان هذا النهوض كان من شأنه أن يتعاظم فى مداه وفى عمقه لو لم يكن هناك انفصال بين الطليعة الشيوعية وبين الطبقة العاملة .
2- إن الحركة العمالية تتخذ مباشرة ، ماعدا إستثناءات ، شكل النضال الاقتصادى وأن تحويله الى نضال سياسى يرتبط بجهود الشيوعيين ، فالانطلاق من واقع الانفصال بين الحركة الشيوعية وبين الطبقة العاملة ، والخروج بتعميم نظرى حول عجز الطبقة العاملة عن خوض غمار النضال السياسي ، هو تعميم خاطئ ينطلق من مقدمة خاطئة .
3- واذا كنا معنيين بتجاوز الانفصال بين الطليعة الشيوعية وبين الطبقة العاملة ، فانه من الخطأ الاعتماد على مقدمة تقوم على واقع هذا الانفصال ، لنستنتج منها تأييد هذا الإنفصال ، بالقول بتركيز قوى الحزب على الحركة الطلابية وليس على الطبقة العاملة .
4- أما الحركة الطلابية فقد كانت تتميز بأنها تحتضن بشكل طبيعي وتلقائى الطلائع الثورية الشيوعية ، ومن هنا فإن الشكل المتقدم للنضالات الطلابية لا يعود الى طابع عفويتها فحسب ، وإنما يعود أيضاً الى تأثير الطليعة الثورية الشيوعية من قبل ، بل انه بدون هذه الطليعة كان من الممكن أن تتبعثر وتتبدد النضالات العفوية الطلابية . وذلك ناهيك عن أن الحركة الطلابية لم تحتضن فى داخلها ، بشكل عفوى ، الطليعة الشيوعية فقط ، بل لقد احتضنت الهالة الواسعة من حركة المثقفين الثوريين الذين كانوا يمرون بتحولات هامة فى مواقفهم من النظام بعد الهزيمة . فالحركة الطلابية هى من زاوية من الزوايا واحدة من حركات المثقفين التى حينما أحاطت بها ظروف الهزيمة أخذت شكل النضال السياسي العملى وليس النضال الايديولوجى أو الثقافى . فالمقارنة بين الحركة العمالية والحركة الطلابية مع اغفال إنفصال الطليعة هناك واتصالها هنا ، هى مقارنة جافية تماماً . كما أن الخروج منها باستنتاج يؤدى الى تركيز قوى الحزب بشكل قصدى على الطلاب وعدم تركيزها على العمال ، يؤبد هذا الواقع الذى يرتبط بخصائص النشأة العفوية للطليعة الشيوعية ، بدلاً من تجاوزه .
5- إن واقع الانفصال بين الطليعة الشيوعية وبين الطبقة العاملة لا يؤدى فقط الى اضعاف كل منهما معاً ، وإنما يؤدى أيضاً الى إضعاف ذلك النضال الطلابى نفسه وقد كنا نتحدث عن الحركة الطلابية بوصفها شرارة ** ، ومن الطبيعي أن تنطفئ إذا لم يكن هناك ذلك النهوض السياسي للطبقة العاملة ، ذلك أن الحركة الطلابية لابد أن تواجه ذلك التناقض بين قواها الهامشية فى المجتمع ، وبين الشعارات التى التفت حولها ، وذلك من شأنه أن يدفعها نحو التراجع والانطفاء، وذلك حتى دون تأثير حرب اكتوبر ، تلك الحرب التى عملت على اجهاض الحركة الطلابية بصورة أسرع .
فالنضال السياسي للطبقة العاملة ، بسبب من وزنها الموضوعى فى المجتمع ، ودورها فى تقسيم العمل الاجتماعى ، هو وحده الذى من شأنه أن يجعل من نضالات الفئات والطبقات الشعبية الأخرى أكثر ثباتاً وأكثرعمقاً .
6- إن تسييس الطبقة العاملة لا يمكن أن يتحقق نتيجه لتأثيرات فئة أو طبقة شعبية اخرى ، ولا شك أن نضالات مختلف الطبقات تتبادل التأثير ، ولكن دون أن ترقي للحلول محل الطليعة الحزبية المنظمة . وبدون عمل هذه الطليعة فلن يتجاوز تأثير فئة أو طبقة اجتماعية على فئة أو طبقة أخرى ، أكثر من المساهمة فى توسيع وتشجيع نضالاتها العفوية ، من الناحية الاساسية ، وهى نضالات فى حالة الطبقة العاملة لا تتجاوز النضال الاقتصادى .
إن تسييس الطبقة العاملة هو نتاج عمل منظم تقوم به الطبقة العاملة نفسها بقيادة طليعتها الشيوعية الثورية ، ولايمكن أن يكون نتاج تأثير اشعاعات النضالات الطلابية ، تلك التى لم تكن هى نفسها الا نتيجة للتفاعل المنظم بين الطليعة الشيوعية المنظمة وبين عفوية الطبقة العاملة . وذلك فضلاً عن أن المراهنة على إستمرار الحركة الطلابية محافظة على نهوضها ، كانت مراهنة خاطئة نظرياً وعملياً ، أى لم يكن من شأن الحركة الطلابية أن تستمر لتمارس هذا الدور التسييسى للطبقة العاملة .
7- ولكن هل يعنى القول بضرورة التركيز على التوجه للطبقة العاملة ، إهمال الحركة الطلابية وهجرها ؟! إن قولا كهذا هو قول خاطئ ، بل لعل الانحياز الى الأهمية الثورية ل ( ... ) الحركة الطلابية هو الورقة الأخيرة التى تجعل من نظرية الحلقة الوسيطة نمارس نفوذها .
إن القول بضرورة تركيزقوى الحزب على التوجه للطبقة العاملة ، لايمكن أن يكون فعل إرادة يكفيها مجرد قرار ادارى ، وإنما هى عملية كفاحية كاملة . فالنشأة العفوية للحزب فى صفوف المثقفين ، يعنى أن مركز الثقل فى نشاط الحزب ، كمعطى موضوعى ، وليس كتوجه قصدى ، سوف يكون فى مجالات المثقفين ، أى أنه سوف يكون منفصلا بالضرورة عن الطبقة العاملة ، كمعطى موضوعى اجبارى ، وليس كإختيار مقصود بذاته ، والقضية تكون نقل مركز الثقل بشكل قصدى ومنظم ، الى الطبقة العاملة ، دون قطع الصلة بمجال المثقفين ، لأن الحزب فى الطور الحالى للنشأة لا يكون قوة جامعة وانما قوة تتكون وتنمو من مجالات المثقفين الثوريين ، لهذا فإن قطع الصلة بمجالات المثقفين ، يعنى قطع الصلة بتلك القوى التى ينبغى تعبئتها ثم توجيهها الى الطبقة العاملة . ولو تصورنا أن حزبنا كان قوة قليلة تجاوزت مخاض النشأة (كأن يكون قد تكون نتيجة لانشقاق فى الحركة الشيوعية الثانية ) فإن هذه القوة القليلة للحزب كان بإمكانها أن تمركز قواها على الطبقة العاملة وفى نفس الوقت سوف يكون لها وجودها فى مجالات المثقفين ومنها الحركة الطلابية وتمكنها من قيادتها . فالحزب كلما تعاظم نفوذه فى صفوف الطبقة العاملة لابد أن يتعاظم بالضرورة فى صفوف المثقفين كنتيجة مباشرة لتعاظم نفوذه فى صفوف المجتمع بأسره ، ذلك أن حركات المثقفين هى مرآه تنعكس فيها كافة الميول الفكرية والسياسية فى المجتمع . فالوجود فى مجالات المثقفين ، لا يمكن أن يكون فى كل الأحوال وجوداً على حساب الوجود فى المجال العمالى .
8- لقد كان حزبنا حلقة بسبيلها إلى التكون والتحول الى حزب ، لابد أن تأخذ مداها فى مجالات المثقفين ، ليتمكن أكثر فأكثر من معاظمة تواجده ( الذى يبدأ من لحظة النشأة الأولى ) فى صفوف الطبقة العاملة ، حتى يتمكن فى النهاية من نقل مركز ثقله من مجالات المثقفين الى الطبقة العاملة ، وكان من الممكن أن تتخذ نشأة الحزب فى مجالات المثقفين شكل الحركة الثقافية ، الا أن الظروف السياسية العامة بعد الهزيمة جعلت هذه النشأة محاطة بحركة جماهيرية عفوية فى واحد من أهم مجالات المثقفين (اى المجال الطلابى ) مما جعل هذه النشأة تتخذ شكل الحركة السياسية الجماهيرية .
حينما نقول أن وجود الحزب فى الحركة الطلابية كان وجود عفوياً أى كان معطى موضوعى وأنه لم يكن وجوداً قصدياً جاء على حساب الوجود فى المجال العمالى ، فإن ذلك لا يعنى أن قيادتنا للحركة الطلابية هى عمل عفوي ، وانما هو عمل قصدى تماماً . ذلك أنه حينما تكون هناك فرصة امام الحزب لينقل نشاطة الدعائى الى مجال النشاط الجماهيري السياسي الكفاحى ، فإن الحزب لا يمكن أن يفوت هذه الفرصة على الاطلاق ، سواء كان ذلك فى المجال الطلابي أم فى المجال العمالى . فذلك واجب كفاحى ليس فقط لأهميتة السياسية ، وإنما أيضاً لكى يخلق ويربى نفسه خلقاً وتربية كفاحية .
فلا ينبغى الخلط بين الحديث عن توجه قصدى للحركة الطلابية بما يعنيه ذلك من تفويت فرص التوجه الى الطبقة العاملة ، وهذا ما لم يحدث ، وبين الحديث عن التوجه القصدى للانتقال من الكفاح الدعائى الى الكفاح السياسي الجماهيري .
خلاصة القول أن مجالات المثقفين لا يمكن أن تخلو من وجود تنظيمى للحزب الشيوعي ، سواء كان ذلك فى مرحله مخاض النشأة الأولى أو كان قد تجاوز هذه المرحلة . ففى الحالة الأولى يكون وجود الحزب مركزاً فى مجالات المثقفين بسبب طبيعية النشأة العفوية ، فى الحال الثانية فإن وجود الحزب يتعاظم فى مجالات المثقفين ، برغم (بل بسبب) انتقال ثقله التنظيمى الى الطبقة العاملة .
6- ان المخاطر النظرية والعملية لنظرية الحلقة الوسيطة ليست فى أنها تنادى بالتصدى القيادي للحركة الطلابية ، وإنما فى المبالغة فى دور هذه الحركة ، والحط من إمكانيات الطبقة العاملة على خوض غمار النضال الثورى السياسي والاقتصادي ، واستعظام الصعاب أمام إمكانيات تحويل النضال الاقتصادى العمالى الى نضال سياسي .
ومخاطرها ليس فى أنها مسئولة عن وجود نفوذ تنظيمي وسياسي قيادي للحزب فى الحركة الطلابية ، وإنما فى أنها مسئولة عن تدهور وجود الحزب التنظيمى والسياسي سواء كان فى الحركة الطلابية ام فى الحركة العمالية حينما أرادت التنظير للاستمرار فى مواقع النشأة التلقائية وعدم العمل المنظم على نقل مركز الثقل التنظيمي الى الطبقة العاملة .
وأخيراً فمخاطر نظرية الحلقة الوسيطة هو الترويج لإحلال الحركة الطلابية محل الحزب فى تسييس وايقاظ الطبقة العاملة ، مما يؤدى الى اهدار امكانيات النضال العمالى وامكانيات تطور الحزب فى آن واحد .
الانحراف التلقائى
1- لابد من التأكيد أولاً على أن المدلول العلمى عن الانحراف التلقائى ( الذى حذر من خطره تقرير اغسطس 1972 ، ثم أصبح بعد ذلك انحرافاً فعلياً ) هو بالتحديد الاستمرار فى مواقع النشأة التلقائية ، اى العجز عن القيام بالمهام التنظيمية والفكرية والسياسية التى تمكننا من التوجه للطبقة العاملة . وليس معنى ذلك أن تقرير أغسطس 1971 وقف موقفاً سلبياً من قضية تجاوز الحرفية ، بل لقد وضع هذا التقرير الأسس التى ينبغى لنا إتباعها للارتقاء بالعمل الحزبى ، من اجل ترقية انجاز الحزب لمهمة التوجه للطبقة العاملة .
على أننا ينبغى أن نلاحظ ما يلى :-
- لم ينزلق تقرير اغسطس ، كما فعلنا نحن فى أدبيات الانحراف البيروقراطي ، الى وضع تعارض بين تجاوز الحرفية وبين انتشار الحزب فى المواقع ، والمواقع العمالية بالتحديد ، وإنما وجه اهتمام الحزب الى العمل المباشر فى المواقع العمالية ، ونظر الى الصحافة بوصفها قائداً ومنظماً للعمل التحريضى والدعائى فى النضال العملى (السياسي والاقتصادى) عموماً وفى المواقع العمالية خصوصاً ، ومن المعروف أن جريدة "الشرارة " التى صدر عنها ثلاثة أعداد 1973 كانت مكرسة بشكل خاص للنضال العمالى ، كما كانت ترشد نضالاً فعلياً للحزب فى المواقع العمالية .
- ان تقرير اغسطس وهو يضع الخطة لتجاوز الحرفية ، يؤكد على قانون الاعداد الصغيرة ، الذى يعنى أن هناك حدوداً موضوعية على قدرتنا على تجاوز الحرفية لا يمكن أن نجد حلها فى التركيز الاحادى على الترتيب الداخلى ( تحت اسم مركزه جهود الحزب حول اصدار الجريدة ) كما لا يمكن أن تجد حلها فى التركيز الاحادى على الصلات فهى تجد حلها فى بناء الحزب من جميع الجوانب ، الذى يمكنه من التوسع الذى يقضى أكثر فأكثر على التأثير الشارط لقانون الاعداد الصغيرة .
- لقد كان المسلك العملى للحزب حتى 1973 يشهد على التقدم فى تطبيق تقرير أغسطس، ففى حين كان تواجدنا العمالى محدوداً جداً فى البديات الأولى لعملنا الحزبى ، إذ بنا نشهد فى 1973 حوالى ثلث عضوية الحزب عضوية عمالية .
ومعنى ذلك أن الاتجاه نحو تجاوزً أوضاع النشأة قد بدأ يحقق نتائج ملموسة ، رغم أن مركز الثقل فى نشاط الحزب كان ما يزال خارج الطبقة العاملة ، ورغم محدودية ما تحقق فى حزب مايزال محدوداً جداً من الناحية العددية بالقياس إلى ضخامة مهمة التوجه .
وبالطبع فكما كان هناك توسع محتمل فى المجال الطلابى ، فقد كان هناك أيضاً توسع محتمل فى المجال العمالى ، بل لقد كانت العضوية فى المجال الطلابى قد بدأت تغادره ( بالتخرج ) ، ومن ثم كانت رصيداً محتملاً للتوسع فى المجال العمالى ، ومعنى ذلك أن المستقبل كان يحمل إمكانات عظيمة للتوجه للطبقة العاملة .
3- ولكن فى 1973 شهدنا ضربة ****توجه لنا فى أهم تمركز عمالى لحزبنا مع القسم البارز من قيادة الحزب ، فى نفس الوقت الذى بدأ فيه التوسع فى المجال الطلابى . وبدأ الاختلال فى هيكل عضوية الحزب لغير صالح الطبقة العاملة .
فالضربة لم تفقدنا فقط ما لدينا من عضويات عمالية ، وإنما أفقدتنا أيضاً أهم مجال للتوسع المحتمل فى العضوية ، وفى إمكانيات تطوير نضال عمالى ، كان من نشأنه أن يفتح لنا الباب الى مواقع جديدة .
وفضلاً عن ذلك فقد أدت الضربة الى خسارة فكرية الى جانب الخسارة التنظيمية ، حيث خسرنا أهم ( مشروع ) دراسة لتطوير خط الحزب ، ومعها أهم بلورة لبرنامجنا المطلبى العمالى فى المجال النقابى وقوانين العمل الخ ... كل ذلك كان بسبب "الاستجابة اليسارية للضربة "، حيث قطعت الصلة تماماً بالموقع المضروب وتقاعسنا عن خلق صلات جديده فى الحركة العمالية ، ولم نركز بما يكفى على تطوير العلاقة ببعض الحلقات العمالية ، ولم نعمل على توجيه أعداد متزايدة من عضوياتنا بالمجال الطلابى الى الطبقة العاملة ، خاصة تلك التى بدأت فى التخرج ، كما لم نهتم بما يكفى بقضية وحده الحركة الشيوعية .
4- والنتيجة كانت نمواً عفوياً فى صفوف الطلاب ، وتراجعاً خطيراً عن ذلك الاشتباك المحدود بالطبقة العاملة ، ولكن ذى الأهمية الكبيرة المحتملة . وهذا النمو العفوى فى المجال الطلابى أسهم الى حد كبير فى تحويل خطر الانحراف التلقائى الى انحراف بالفعل فى الفترة ما بين 1973- 1975 .
ولاشك أن النمو فى المجال الطللابى ، هو أمر جيد ومفيد ، فهو فى النهاية يمثل توسعاً فى عضويات شيوعية كرصيد للتوجه الى الطبقة العاملة . فالنمو فى المجال الطلابى ، أو أى مجال آخر لا يصبح نمواً عفوياً ، الا بقدر ما يؤدى الى الاستغراق فى هذه المجالات ، الا أنه يكف عن ذلك حينما نعمل بصورة منتظمة ومنهجية لتحويل هذا الرصيد فى نمو طاقة الحزب العددية الى الطبقة العاملة ، ولم يكن ذلك مستحيلاً بل لقد كان ممكناً تماماً ، بل ان طبيعة المجال الطلابى نفسة تطلب ذلك تماماً ، حيث أنه مجال مؤقت بالنسبة للفرد ( رغم أنه دائم بالطبع بالنسبة للحزب) ومن ثم يعمل على تكوين رصيد من طاقة الحزب العددية ، إذا لم توظف فى مجال نضالى آخر ، فانها ستتعطل وتكون ايذاناً بالازمة .
وهذا بالضبط هو ما حصل ، حينما لم ترتبط مغادرة الاعداد المتزايدة من أعضاء الحزب للمجال الطلابى ، بشق طريقهم الى المجال العمالى (مجال نضالى آخر) ، فقد كانت النتيجة تراكما فى العضوية لا نجد لها مهمة نضالية تقوم بها مما مهد لعمليات السحب الى الداخل فى سياق موجات الهروب المتتابعة ( من اجهزة الامن ) والتى اتخذت شكلاً عفوياً قبل 1975 ، ثم اتخذت طابعا منظما بعدها ، ولم تعمل أدبيات الانحراف البيروقراطى سوى التنظير له ( أى للسحب الى الداخل) لتكرس العزلة ، ليس فقط عن الطبقة العاملة ، ولكن عن النضال الجماهيري عموماً .
إن هذا التناقض بين النمو النسبى فى العضوية وبين عدم توسيع مجالات النضال ، بل وتضييقها ، خاصة بعد أن أخذت الحركة الطلابية فى التدهور ، نقول ان هذا التناقض أخذ يتخذ لنفسه مظاهر فى حياة الحزب الداخلية ، تجلت فى الفوضى والتخبط وغياب القيادة الجماعية وإستفحال مشاكل أساليب العمل الحرفى التى لم تعد تتناسب مع تطور الحزب ، وضرورات تصديه لمهام جديدة .
الانحراف البيروقراطي :- 1- لقد رصد تقرير 9 /5 / 1975 المظاهر سالفة الذكر ، ولكنه بدلاً من أن يرجعها إلى التوجه الى الطبقة العاملة ، أرجعها إلى إفتقاد الأساليب التنظيمية المؤدية الى تجاوز الحرفية وتطوير تقسيم العمل وفصل هذا التطور المطلوب فى أساليب التنظيم عن ألح مهمة تواجه الحزب وهى مهمة التوجه الى الطبقة العاملة .
بل لقد جرى هذا الفصل فى أدبيات الانحراف البيروقراطي ، بصورة صريحة . ففى الرد على الرفيق بشير على سبيل المثال قيل " ان الأوضاع التفصيلة للأزمة هى التى تكشف عن طبيعة وقوع هذه الأزمة " ( أزمة الانحراف التلقائى ) . ثم بعد وصف ظواهر الحياة الداخلية للحزب المعروفة لدينا جرى استخلاص النتيجة التالية " مثل هذه الظواهرلا يمكن أن يكون مصدرها ..هو غياب مهمة مثل مهمة التوجه للطبقة العاملة ". *****
فنحن ازاء منهج وصفى عاجز عن تجاوز المظاهر الخارجية لأزمة الحزب ، وحينما تغيب مهمة التوجه من عمل الحزب ، فلابد أن تغيب فى مظاهر أزمته ، ولكن دون أن تكف عن أن تكون السبب والمصدر الأخير لهذه الأزمة كما سبق أن أوضحنا .
2- لقد كان أى حديث صائب عن تطوير تقسيم العمل فى الحزب ، يستلزم التأكيد على تلك المهمة الأولى فى تقسيم العمل : مهمة التوجة للطبقة العاملة ، لتتفرع منها عشرات المهام الفرعية الفكرية والتنظيمية والجماهيرية الخ ... وحول هذه المهمة نطور تقسيم العمل ، ونغزو ذلك المجال النضالى ، الذى كان بمقدوره أن يحافظ على آليه توسع الحزب ، ومن ثم تحقيق الشروط المادية البشرية التى تمكن من تطويرمتتال ومتصاعد فى تجاوز الحرفية وتقسيم العمل .
وبدلاً من ذلك قيل عن تقرير 9/5/1975 أنه " لم يكن سوى عرض للأسس اللينينية فى حقل التنظيم والتى كان الافتقاراليها أساساً للأزمة " وهذا بالتحديد مكمن خطئه وأحاديته ، لأنه عندما جرد اللينينية فى التنظيم الى مجرد أساليب فى التنظيم الداخلى ، فقد حاد عن اللينينية بالذات ، لأن اللينينية فى التنظيم هى تنظيم المبادرة الواعية لقيادة المبادرة العفوية ، وهى خلق الأساليب والوسائل التى تمكن من دمج الحزب بطبقته فى المحل الأول ، أى هى تنظيم العلاقة بين الحزب ومهامه الكفاحية ، وعلى أرض هذه العلاقة وتلك المهام تقوم الأسس اللينينية فى التنظيم بدورها وتجد مجال تحققها فى الواقع الحى . وقد كان العمل الذى ينبغى تقسيمه وتطويره وترقيته ، هو العمل الهادف الى توجيه الحزب الى الطبقة العاملة ، ولكن هذا العمل أختزل الى الترتيب الداخلى مع عزلة متزايدة عن الكفاح الجماهيرى عموماً ، وليس عن الطبقة العاملة وحدها ، وإختزل الى مهام شكلية لكل خلية ، فنحن لم نكن أمام نظرية فى تقسيم العمل ، وانماازاء نظرية أحادية فى تقسيم العمل تركز على العمل الداخلى وتهمل العمل الجماهيري ، وتحصر نفسها فى العمل فى كل لجنة وتتجاهل تقسيم العمل بين اللجان والمستويات ، وتضخم من الأعمال الادارية التنظيمية وتهمل الاعمال الكفاحية .
أن تشخص جذور الانحراف التلقائى ، فى العجز عن تجاوز (وليس هجره) مواقع النشأة إلى مجال النضال العمالى . وأن تشخص الظروف الجديدة (فى 1978) التى تحيط بهذه المهمة : حيث بدأت تشتعل الحركة العفوية للطبقة العاملة ، وحيث بدأت تنحدر الحركة الطلابية ، وحيث بدأت السلطة تدخل فى غمار التسوية الاستسلامية ، وهى تضع على رأسها هذه المرة أكاليل النصر – حتى لوكان زائفاً ، الا أنه مكنها من الهجوم السياسي ، وحيث بدأت السلطة "عبورها الديمقراطى" مطوحه بصيغة تحالفها السلطوى الزائف والذى ترافق مع إنفضاض آخر أهم بقايا ذوبان القوى البرجوازية الصغيرة فى مؤسسات السلطة السياسية ، ونعنى به القوى التى كونت حزب التجمع والتيار الناصرى . وحيث بدأت مرحلة جديدة من نفوذ التضليل البرجوازى والفكر الانهزامى وعقلانية وواقعية التسوية التى ستأتى برخائها المرتقب . وحيث بدأ يتسع نطاق الحركة الدينية ذات الملامح (الفاشية) وحيث بدأت البرجوازية الليبرالية تظهر على السطح ، وحيث بدأت سياسة الإنفتاح الاقتصادى تدفع بموجات الغلاء . لقد كان لكل ذلك تأثيرة على قضية التوجه سواء بالسلب أم بالايجاب ، وكان لابد من تكتيكات سياسية قائمة على تقدير ملموس ، لنقوم بدورنا فى التأثير على عملية الاستقطاب السياسي التى بدأت فى المجتمع تأخذ مستوى جديداً من جهة ، والتأثير فى عفوية الطبقة العاملة المستيقظة فى ذلك الوقت، والتى كان لابد أن يكون التقدير انها لابد أن تضعف وتتخثر حتما طالما هى بعيدة عن الطليعة التى بدورها كان لابد أن تضعف وتتخثر وقد كان ، وفى هذه الظروف السياسية – الجماهيرية العامة ، كانت الحركة الشيوعية ينعكس فيها جدل الصراع الطبقى بتأثيرات كانت من الناحية الاساسية فى اتجاه "اليسار " وكان حزبنا أيضاً قد حقق لنفسه نفوذاً وطاقة عددية صغيرة ولكن قادرة هذه المرة على أن تلعب دوراً فيه حرية نسبية فى اختيار مجالات النضال وتوسيعها .
4- لقد تركنا كل هذا واستغرقنا فى الأساليب الفنية لتجاوز الحرفية ، وتوجيه بؤرة الاهتمام الحزبي الى الترتيب الداخلى . ومن هذا المنظار أخذنا ننظر الى مهمة التوجه الى الطبقة العاملة التى لم تغب عن الأذهان حقاً ، ولكنها غابت عن تشخيص أزمة الانحراف التلقائى ، ومن ثم غياب تشخيص الظروف الجديدة التى .........................................................................................
( سطر تقريبا غير واضح ) هبطنا بها الى مجرد أساليب فنية طالما جرى عليها هذا الفصل ، كفيلة بتحقيق الشروط التنظيمية للتوجه الى الطبقة العاملة ، وكان لابد أن نفشل فى التوجه طلما فشلنا فى ربطها بالمعضلات الفعلية المحددة التى تحيط بها : سواء فيما يتعلق بالشروط السياسية العامة فى المجتمع والتى جد فيها الجديد بصورة أخذت شكل الانعطافة ، أو بأوضاع حزبنا الجديدة ، ومعها الحركة الشيوعية ، والفصائل السياسية البرجوازية الصغيرة التى بدأت تنفصل عن البرجوازية وتشق طريقها نحو التنظيم الحزبى ، العلنى ( الشرعى ) او السرى وكان لابد أن ينعزل حزبنا بدلاً من أن يندمج بالطبقة العاملة ، وكان لابد أن يأخذ السحب الى الداخل شكل التقوقع على الذات ، والتضخم البيروقراطي الإدارى الذى يخلق لنفسه مهام داخلية مصطنعة وشكلية طالما هى بعيدة عن أن تكون استجابة لمهام فى الواقع ، حيث الطبقة العاملة - حيث الجماهير ، وحيث حركة الاستقطاب السياسي التى كانت جارية فى المجتمع وكان لابد من ان يتخلف تحليلنا السياسي ، وكان لابد أن ينشغل نضالنا النظرى بالقضايا الاقل أهمية والأبعد غوراً فى التاريخ ( الآسيوى – الجزء التاريخى فى المسألة الزراعية والذى لم نحله حتى مع ذلك على نحو صحيح ، حينما فرضت النزعة الفردية فى الدراسة النظرية ) وابتعدنا فى ذات الوقت عن القضايا النظرية الألح والتى تخدم نضالنا العملى وتمكننا من تحقيق مهمة التوجه للطبقة العاملة ، ومن مركزة الحركة الشيوعية حقاً حول فكر نظرى قائد وممارسة عملية قائدة وملهمة وموجهة ، وليس مجرد إصدار جريدة لاعضاء حزبنا القابع فى عزلته فحرمت من أن تمارس دوراً قيادياً وممركزاً سواء لنضالات حزبنا أو لنضالات الحركة الشيوعية .
نظرية الجريدة : -
1 - لاشك أن الجريدة هى اهم وسيلة للاتصال الجماهيري لحزب سرى ، واهم وسيلة قيادية مركزية لتوحيد إرادة الحزب التنظيمية وتوجيه دعايته وتحريضه ، فهى داعية ومحرض ومنظم جماعى . ومن هنا فلابد أن يوليها الحزب أهميتها الخاصة .
2 - ولكن معضلة الجريدة لا يمكن ان تكون واحدة فى كل زمان ومكان . بمعنى أن الحديث بشكل دائم على ان مهمة اصدار الجريدة هى الحلقة المركزية التى ينبغى التركيز علىيها حينما تكون غائبة نقلا عن التجربة الروسية هو خطأ بالغ .
فالجريدة عندنا لم تكن غائبة لنفس الاسباب التى كانت سائدة فى التجربة الروسية فاولاً ان الجريدة الغائبة فى روسيا كانت الجريدة المركزية ، بينما كان لكل حلقة جريدتها الخاصة ، فلم يكن أحد ينازع فى أهمية الجريدة ، ولكن النزاع كان حول تركز الجهود حول جريدة واحدة مركزية . أما أسباب الخلاف حول هذه الجريدة المركزية فقد كان يتمثل فى سيادة النزعة الحلقية والنزعة الاقتصادية فى نفس الوقت الذى ...............................................................................................
لتشمل الخط التنظيمى والخط الجماهيرى وحول فكرة مركزية الجريدة تفجر الصراع ضد الحلقية ، وحول الطابع السياسي للجريدة تفجر الصراع حول حول النزعة الاقتصادية ، ففقد كانت اذن بؤرة يتمركز حولها الصراع ..... فى نفس الوقت تضمن للحزب وحدته العملية لتحل محل وحدته الشكلية فى حلقات متناثرة .
والنتيجة العملية هى خلق جيش موحد محل الفصائل المتناثرة ، وشن نضال سياسي واقتصادى ثوريين على الصعيد القومى محل النضال ذى النزعة الاقتصادية المحلية .
3 - أما عندنا فلم نكن ازاء حزب منقسم الى حلقات ، ولا كان يسودنا نزعة اقتصادية ، ولا كنا بصدد عملية توحيد فصائل شيوعية أخرى مشابهة لتلك التى جرت فى روسيا فالاتفاق على الجريدة لم يكن تواجهه معضلة فكرية ولا يعوقه تشرذم الحزب الى حلقات ، والنتائج العملية لها لا تكون بالتالى بنفس الخطورة والأهمية التى كانت فى التجربة الروسية ، فكان يكفى أن تصدر اللجنة المركزية قراراً وتوفرلها الشروط المادية ، حتى تظهر الى الوجود دون أى مشاكل . أما المشكلة الحقيقية فقد كانت غزو مجال النضال العمالى ، وحينها سوف تلعب الجريدة دورها ، ليس فقط فى تمكين الحزب من القيام بمهمة التوجه بأرقى شكل ، ولكن أيضاً فى لعب دور قيادي فى الحركة الشيوعية ، مدعوماً بنضال حقيقى فى الواقع يعطى للفكرة نفوذها ، فالفكرة وحدها مهما كانت ساطعة المنطق لا يمكن فى الصراع الطبقى أن تكسب نفوذاً .
بطريقة أخرى نقول لقد كانت المعضلة هى اجتياز الأسوار التى تفصلنا عن الطبقة العاملة حتى يجد حزبنا مجالاً للنضال ، حتى تجد الجريدة التى كان من السهل إصدارها أن تلعب دورها كمنظمة وداعية ومحرض جماعى . فالجريدة ضرورية من كل بد ولكن المعضلة هى كيف نوفر لها وللحزب شرط العمل ومجاله ، وعلى ذلك فالحلقة المركزية ، لم تكن فى اصدار الجريدة وانما فى حل تلك المعضلة التى بدونها يتعطل عمل الجريدة وعمل الحزب ، ونعنى بها معضلة التوجه للطبقة العاملة ، والتى كان من شأنها أن تخرج النضال الثورى من مأزقة ، حيث هو محصوراً فى دائرة المثقفين ، وحيث تعطى للأفكار الثورية القوة المادية الحقيقية التى تحفظها وتنميها بشكل راسخ ، وحيث تدخل الى ساحة الصراع الطبقة العاملة كطرف جديد لابد أن يترك أثره على كل أطراف اللعبة السياسية ، فالمعضلة التنظيمية هنا تتطابق مع المعضلة السياسية ، ومن شأن حل هذه المعضلة فتح الطريق لحل المعضلات الأخرى : وحدة الحركة الشيوعية ، لعب دور قيادى فى التمهيد لخلق جبهة ثورية الخ ... وحولها وبها سوف يثور النضال النظرى ليخدمها بانارة الطريق لها ، ولتخدمه بخلق النفوذ المادى له .
4 - ولكن ما هى الأهمية العملية لجدالنا هذا طالما أننا متفقون على اصدار الجريدة وعلى أهميتها كداعية ومحرض ومنظم جماعى .
ان الأهمية العملية تكمن فى ذلك النوع من المبالغة المشوهة فى دور الجريدة ، فى أدبيات الانحراف البيروقراطي ، تلك المبالغة التى لم تكن فى صالح الجريدة على الاطلاق . وإنما كانت فى صالح عمليات السحب الى الداخل ولأعلى ، باسم الحديث عن ضرورة توفر الحزب على اصدار وتوزيع الجريدة ، والنتيجة كانت عزلة وإنكفاء على الذات ، وهرم مقلوب ، جرى علاجه ب "خطة لجان الأقسام " التى أمعنت فى السير فى نفس الاتجاه الخاطئ . أما الجريدة ، فلم يتوفر عليها الحزب الذى إنسحب بإسمها الى الداخل ولأعلى ، وإنما توفر على الاعمال الادارية التى أخترعت إختراعاً .، ودور نظرية الجريدة فى هذا الوضع المشوة هو إضفاء طابع خرافى وسحرى عليها ، فهى "ستحطم حدود طاقتنا العددية" ووضع تعارض بينها وبين انتشار الحزب فى المواقع ، حيث جرى الحديث أن الحزب بقواه العددية الصغيرة سوف يكون من الخطأ نشره فى المواقع العمالية ، لأن نتيجة التوجه بهذه الصورة ، التى سميت حرفية ، سوف تكون محدودة جداً ، كما وضعت إستحالة بين الجمع بين إصدار الجريدة وإنتشاره فى المواقع حيث أن قواه ماتزال قليلة غير قادرة على النهوض بالمهمتين ( لاحظ الاحادية فى تقسيم العمل ) ، أما لو أن الحزب سحب نفسه الى الداخل ولأعلى ، وكرس نفسه لإصدار الجريدة ، فإنه بذلك سوف يخاطب الألاف ، بدلاً من العشرات الذين لم يكن بمقدرونا تجاوزهم لو أننا توجهنا بطريقة إنتشار الحزب فى المواقع ( الحرفيه حسب الزعم ) وهكذا جرى حل قضية التوجه للطبقة العاملة بذلك التوجه الصحفى أو العاطفى باشعاع الجريدة وبالطبع خارج النضال ، طالما ان الطليعة خارج مواقع النضال .
5 - وببساطة فاصدار الجريدة ، يعنى الانتقال الى النضال العملى ، والنضال العملى يستحيل بدوره دون وجود فى المواقع ، ودون توسيع صلاتنا بالطبقة العاملة ، فإذا كان النضال العملى أى الدعاية والتحريض وقيادة المعارك يتطلب الجريدة حتى يرتقى ، فإن الجريدة تتطلب النضال العملى وأوسع انتشار ممكن فى المواقع حتى يكون لها وظيفة وعدا ذلك يصبح دور الجريدة مجرد دور تنويرى لا تكون له من نتيجة سوى فصل المثقفين عن العمال وعن غير العمال ، وتحويل الحزب الى مجرد دار نشر سرية .
أما الحزب نفسه فكان لابد أن تختزل وظائف لجانه من كونها هيئة أركان قيادة الصراع الطبقى اى تشرف على حل المشاكل الملموسة للدعاية والتحريض والتنظيم فى نطاقها الى مجرد مجموعات منعزلة لاعمل لها سوى العمل الادارى ورسم شبكات توزيع الجريدة .
أما الجريدة نفسها فقد كان من المستحيل أن يتوفر عليها كل أعضاء الحزب ، الذين طوليو بذلك بدلاً من الاهتمام بالقضايا الجزئية فى هذا الموقع أوذاك ، وبالفعل فقد إنفرد أفراد قلائل بتحريرها من الناحية العملية . وذلك ناهيك عن أن مضمونها نفسه كان لابد أن يكون فقيراً طالما أن مادتها تكتب فى غير صلة بمشاكل النضال العملى .
وهذه التشويهات حول دور الجريدة تعود الى خطأ منهجى شديد ، يخلط بين الأهمية الحاسمة للفكر والنظرية فى العملية الثورية وبين أهمية الفكر فى النشاط العملى ، فالعملية النضالية هى فى التحليل الأخير رفع وعى الطبقة العاملة وحلفائها ، ولكن العملية النضالية فى نشاط الثوريين تنقسم الى نضال عملى سياسي واقتصادى ونضال نظرى يخدمه وينير الطريق اليه ، ثم ان النضال النظرى شئ، والعمل الصحفى شئ آخر ، فالنضال النظرى يستغرق جزءا من النشاط العملى لكل اعضاء الحزب ، اما تحرير الجريدة فهو يحتل جزءا يسيرا من تقسيم العمل لا يحتاج الا الى جزء محدود من صحفيين متفرغين لأعضاء الحزب قابلين للاتساع كلما توسع مجال النضال وتوسعت طاقة الحزب العددية . بينما يكون باقى أعضاء الحزب منخرطين فى مختلف اوجه النشاط العملى ، ومن بينهم يكون هناك مراسلين للجريدة لا كصحفيين متفرغين ، وإنما كممارسين عمليين يزودون الجريدة بمشاكل النضال العملى التى يواجهونها فى عملهم وبالمادة التحريضية التى تنفجر بشكل يومى فى المواقع .
الخلاصة
لقد عجزالحزب بإنحرافة البيروقراطى ، عن احداث تطوير حقيقى فى تقسيم العمل واستبدله بتقسيم عمل شكلى يدور حول الترتيب الداخلى ، وعجز عن تجاوز الحرفية حيث إنعزلنا عن ميادين النضال فى المواقع ، واستبدلناه بنضال الغرف السرية ، وعجزنا عن التوجه للطبقة العاملة ، ولولا حيوية هذا الحزب الذى تكون فى معمعان النضال لانعزلنا تماماً عن كل نضالنا ، وعجزنا عن تطوير الصحافة بسبب نظرية الصحافة نفسها وليس رغماً عنها .
فلم يكن من الممكن ان نتجاوز الحرفية وتطور الصحافة لتكون صحافة مركزية لحركة النضال وليست مجرد صحيفة لشيعة منعزلة ، الا اذا تصدى الحزب لمهام النضال وقيادة حركة فى المواقع ، مهما كانت محدوديتها ، والا اذا تصدى لقيادة الطبقة العاملة ولعب دوراً توحيدياً ثورياً فى الحركة الشيوعية ، فهذه الاشياء جميعاً هى التى كانت ستوفر النضال والقوى التى ستمركز لها الصحافة دعايتها وتحريضها وهى التى كانت ستوفر للحزب المادة البشرية لتوسعه من الطبقة العاملة على وجه التحديد ، وذلك حتى يتوفر للحزب أن يتقدم بتقسيم العمل وتجاوز الحرفية بشكل حقيقى وليس بشكل زائف ، كما كان ( حاصلاً ) .
------------------------------------------------------------------------------------------------
* تقرير تنظيمى قدمته اللجنة المركزية فى صيف 1972لكونفرانس موسع ضم مرشحى اللجنة المركزية آنذاك مع اعضاء اللجنة المركزية ، وتضمن سياسات تجاوز الطور الحرفى التلقائى الى الطور الحزبى ، وتناول دور الجريدة المركزية ، والتوجه للطبقة العاملة ، وادخال الاحتراف الثورى ، وتطوير الكادر وتوسيع المستويات الحزبية ، ومدارس الكادر ، وانشاء جهازى طباعة والاتصال ، وتطويرالمالية .
** ترد الاشارة هنا الى بيان للحزب بعنوان "هذه الشرارة " صدر فى اعقاب الحركة الطلابية فى الجامعات المصرية – يناير – 1972فى مسعى لتشخيصها وتحديد طبيعتها وحدودها وافقها .
*** صدرت الجريدة ( الشرارة العمالية ) باعداد محدودة ومنسوخة بخط اليد عن لجنة منطقة الاسكندرية التابعة للحزب عام 1973– بوصفها جريدة محلية وتناولت القضايا السياسية العامة ، وكذلك القضايا النقابية والعمالية .
****ضربة بوليسية وجهت لمنطقة الاسكندرية وكوادرها استندت الى الاتهامات التقليدية التى توجه عادة للشيوعيين وقيدت القضية تحت رقم 501 لسنة 1973 امن دولة عليا / رمل الاسكندرية . وكان المتهمون الاوائل فيها حسب ورود اسمائهم فى قرار الاتهام : سعيد العليمى ، خليل كلفت ، ابراهيم فتحى ، حسين شاهين ، فتح الله محروس ، جمال عبد الفتاح .
***** حلقة دعائية ام حزب شيوعى ؟ كراس كتبه الرفيق عبد الله بشير فى يوليو من عام 1976 – ناقدا سياسات الحزب التى تضمنها التقرير التنظيمى الصادر عن اللجنة المركزية فى 9 / 5 / 1975 وقد انشق بعض الرفاق تنظيميا على اساسه متبنين افكاره ، وقدعادوا بعد ان طرح النص المنشور هنا . وقد رد على الكراس آنذاك الرفيقة الراحلة صفاء اسماعيل على ، وفهد اسماعيل شكرى . وقد نشر الحزب الكراس ( حوالى 66 صفحة ) والرد عليه فى (حوالى 100 صفحة ) . وجرى تداوله بين الاعضاء داخليا .



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - تكتيكات ا ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من النضال الحلقى والنضال الشي ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى وبداية اصدار جريدة الانتفاض والحرك ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من مطالب الحركة العمالية
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الحرب الشعبية طويلة الأمد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الدستور الدائم الصادر فى س ...
- العضوية فى التنظيم الشيوعى
- موجز كراس الدولة البوليسية والصراع الطبقى فى مصر
- حزب العمال الشيوعى المصرى : بيان اللجنة المركزية حول شعار اح ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من اغتيال السادات والإرهاب ال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من تبعية نظام مبارك للإمبريال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حدود المعارضة البورجوازية ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من نظام الرئيس مبارك
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حكم مبارك عقب اغتيال الساد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من التهديدات الامريكية للثورة ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى إزاء المضمون الطبقى للثورة ال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى عند اندلاع الثورة الإيرانية
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الفتن الطائفية فى عهد السا ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الجماعات الاسلامية


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التوجه للطبقة العاملة وبناء الحزب ( 3 )