أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد الحنفي - حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟.....2















المزيد.....


حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟.....2


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1378 - 2005 / 11 / 14 - 11:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مسؤولية حفظ الأمن العام :
و الأمن العام – كما قدمنا تصورنا له – يحتاج إلى من يحفظه ، و يعمل على استمراره ، و استدامته ، و يحرص على أن لا يتم الإخلال به ، لضمان السير العادي للحياة الاقتصادية ، والاجتماعية ، و الثقافية ، و المدنية ، و السياسية . فمن المسؤول عن حفظ الأمن ؟ هل هذه المسؤولية قانونية ؟ أم إنها مسؤولية الدولة ؟ أم مسؤولية النقابات ؟ أم أنها مسؤولية الجمعيات الثقافية ، و التربوية ، و الترفيهية ، و التنموية ؟ أم إنها مسؤولية الأحزاب السياسية ؟
إن حفظ الأمن العام هي مسؤولية جميع ما ذكرنا ، و لكن بشرط أن يعمل الجميع على سيادة ثقافة حفظ الأمن العام ، حسب المفهوم الذي تعرضنا إليه . و كل من لم يعمل على سيادة تلك الثقافة ، فإنه يقف بشكل أو بآخر وراء سيادة الإخلال بالأمن العام .
و حتى نكون على بينة أكثر ، فإننا نستعرض طبيعة المسؤوليات المتعلقة بحفظ الأمن ، و مستويات تلك المسؤوليات :
1) و أول مسؤولية يمكن أن نستحضرها هنا هي : المسؤولية القانونية . فماذا نشترط في القوانين حتى تساهم بشكل كبير في حفظ الأمن العام ؟
إن ما تعودنا عليه في حياتنا : أن الطبقة الحاكمة عندما تخطط لتشريع القوانين التي تحكم سير الحياة الاقتصادية ، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية ، فإنها لا تراعي في التشريع إلا مصلحتها الطبقية . الأمر الذي يجعل أمن الطبقات الأخرى يتعرض للإخلال بالأمن العام . و لتجنب هذه الوضعية التي تجعل القوانين مصدر الإخلال بالأمن العام ، نرى ضرورة أن تكون الهيئات المعنية بالتشريع ، منبثقة عن انتخابات ديمقراطية حرة ، و نزيهة . و أن تكون القوانين التي تصدر عنها متلائمة مع المواثيق الدولية ، و مراعية لمصالح جميع أفراد المجتمع بقطع النظر عن لونهم، أو جنسهم، أو عرقهم، أو لغتهم، أو الطبقة التي ينتمون إليها، حتى تصير تلك القوانين مصدر أمن جميع الناس على السواء. و إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن القوانين تبقى هي المصدر الحقيقي للإخلال بالأمن العام للعديد من الطبقات، و الشرائح الاجتماعية المتضررة من تلك القوانين.
2) و مسؤولية الدولة تعتبر امتدادا للمسؤولية القانونية، لأن الدولة بأجهزتها المختلفة هي المسؤولة عن تطبيق القوانين المختلفة. فإذا كانت تلك القوانين صادرة عن الأجهزة الديمقراطية، فإن إشراف الدولة يقف وراء حفظ الأمن العام. و إذا كانت تلك القوانين صادرة عن أجهزة غير ديمقراطية لا تحرص على ملاءمة القوانين مع المواثيق الدولية، فإن الدولة المشرفة على تطبيقها تكون مخلة بالأمن العام، إلا أن طبيعة الدولة نفسها عندما تكون مستبدة، فإنها لا تعطي أي اعتبار للقوانين، سواء كانت متلائمة مع القوانين، أو غير متلائمة معها. و لذلك فهي تتحول إلى دولة للتعليمات التي تراعي في إصدارها أن تتناسب مع مصالح الطبقة او الطبقات التي تتحكم فيها، و هي بذلك تصير اكبر مخل بالأمن العام، لأن تعليمات الدولة ستنتج هضم حقوق الناس الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، كما قد تنتج حرمان الناس من ممارسة حرياتهم السياسية، و النقابية، و الجمعوية، فتنعدم حرية التعبير عن الرأي، و تصير الصحافة مقيدة، و تصير الحريات الأخرى في خبر كان. و لذلك نرى أن دولة من هذا النوع هي دولة استبدادية يجب التصدي لاستبدادها، و النضال من أجل دولة ديمقراطية حقيقية، تشرف على تطبيق قوانين ديمقراطية متلائمة مع المواثيق الدولية، و تسعى إلى خدمة مصالح جميع الطبقات الاجتماعية. فمسؤولية الدولة في حفظ الأمن العام، إذن، لها علاقة أولا ، بطبيعة القوانين التي تشرف على تطبيقها، و هل هي ديمقراطية متلائمة مع المواثيق الدولية، أم لا ؟ و لها علاقة ثانيا، بطبيعة الدولة نفسها، وهل هي ديمقراطية ؟ أم أنها دولة استبدادية ؟ و انطلاقا من طبيعة القوانين ، فإن الدولة قد تساهم في حفظ الأمن فعلا، و قد تقف وراء الإخلال بذلك الأمن.
3) و بالنسبة لمسؤولية النقابات في حفظ الأمن، فإن تلك المسؤولية تتحدد في نضال تلك النقابات المستمر، و المسؤول، و المبدئي، من أجل تحمسين الأوضاع المادية، و المعنوية للشغيلة، حتى تأمن على مستقبلها، و على أبنائها، مهما كانت التضحيات التي يتحملها النقابيون المنتمون إلى النقابات المناضلة، و المبدئية. إلا أن بعض النقابات ذات القيادات البيروقراطية، أو الذين يعملون على جعل النقابة تابعة لحزب معين، أو منظمة حزبية موازية، أو جعلها مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، نجد أنها تعمل على خدمة مصالح تلك القيادات، أو الأحزاب، على حساب الإخلاص لخدمة مصالح الشغيلة. و هو ما يعني مساهمة النقابات، اللامبدئية، في إنضاج الشروط الموضوعية للإخلال بالأمن، الذي تمارسه الدولة، بدعم من النقابات اللامبدئية. و لذلك كان من اللازم فضح و تعرية ممارسة نقابات من هذا النوع، في أوساط الشغيلة، حتى لا تنخرط في صفوفها، و تلتحق بالنقابات المبدئية، و تعمل على قيام شروط حماية الأمن العام عن طريق فرض تلبية المطالب المادية، و المعنوية للشغيلة، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى تأمن على مستقبلها، و مستقبل أبنائها، و تساهم مساهمة إيجابية في حماية الأمن العام لصالح الشغيلة، و لصالح المجتمع ككل.
4) و إذا تعلق الأمر بالجمعيات، فإن مساهمتها في حماية الأمن العام تتجسد في حرصها على مبدئية العمل الجمعوي، من اجل سيادة ديمقراطية الجمعيات، و تقدميتها، و جماهيريتها، و استقلاليتها، حتى لا تتحول إلى أدوات في يد قياداتها، التي توظفها لخدمة مصالحها الخاصة، أو مصالح الأحزاب التي ينتمون إليها، أو تحويلها إلى مجال للإعداد، و الاستعداد لتأسيس حزب معين، لأن الجمعيات إذا لمم تكن مبدئية، فإنها تكون منتجة للأمراض التنظيمية المختلفة، و تعمل على إشاعة الممارسة اللاديمقراطية، و اللاشعبية، فيختل الأمن بسبب ذلك لصالح الطبقات الرجعية المتخلفة، و اليمينية المتطرفة، ضدا على مصالح غالبية أفراد المجتمع، من الأجراء، و سائر الكادحين، و المحرومين، و المقهورين. و بتلك الممارسة، تكون الجمعيات اللامبدئية مخلة بالأمن العام للمجتمع، وحتى تصير خامية للأمن العام، لابد و أن تصير ديمقراطية، و تقدمية، و جماهيرية، و مستقلة، من أجل أن يكون منتوجها في خدمة جميع أفراد المجتمع، مهما كانت الطبقة التي ينتمون إليها، أو اللغة التي يتكلمونها، أو العرق الذي يتأصلون منه، أو اللون الذي يحملونه، و في جعلهم يمتلكون وعيا ثقافيا، و تربويا، و تنمويا متميزا يقود إلى الاطمئنان على أوضاعهم المادية، و المعنوية، الحالية، و المستقبلية.
فالجمعيات الثقافية، و في سعيها إلى إنتاج القيم الثقافية المساهمة في تقويم الشخصية الفرديةن و الاجتماعية، تساهم بذلك في حماية الأمن العام. و تقويم الشخصية، لا يتم إلا بنشر القيم الديمقراطية، و ثقافة حقوق الإنسان، و قيم الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع، و بناء قيم الرفض لكل ما يؤدي إلى تخريب الشخصية الفردية، و الاجتماعية. و استنبات قيم الانضباط لدولة الحق، و القانون التي تعمل على إشاعة حقوق الإنسان في المجتمع، و التربية عليها و التشبع بقيمها، و ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية، لضمان سيادة الأمن العام لجميع المواطنين على السواء، لتكون الجمعيات الثقافية قد لعبت دورها، و وفرت شروط قيام ثقافة ديمقراطية، تسمح بتنوع المكونات الثقافية، و تطورها، و مساهمتها في بث القيم في المجتمع.
و الجمعيات التربوية تسعى إلى إشاعة تربية التقدم، و التطور، و مناهضة تربية التخلف، من اجل نشأة الأجيال على التشبع بالقيم النبيلة، التي تساهم في بلورة الشخصية السليمة، التي تحرص على المساهمة الإيجابية في كل مناحي الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، مما يساهم، بشكل إيجابي، في جعل الأجيال حافظة للأمن العام، في جميع مجالات الحياة. لأن التربية التي تعني في عمقها تنظيم بث القيم، في صفوف الأجيال الصاعدة، انطلاقا من منظور محدد، تلعب دورا أساسيا في تحصين شخصية الفرد، و الجماعة ضد كل ما يؤدي إلى القيام بالإخلال بالأمن العام، أي ضد كل قيم التخلف، و الرجعية، و التطرف اليميني، أو اليساري.
و بالنسبة للجمعيات الترفيهية، فإن دورها يمتد إلى جعل الأجيال الصاعدة تمتلك الأمن النفسي، ضد مختلف الأمراض النفسية، التي تقود إلى التطرف اليميني، أو اليساري، الذي يعمل على الإخلال بالأمن العام. لأن الترفيه، هو أولا و قبل كل شيء، مساهمة غير مباشرة في علاج النفوس المريضة، و جعلها تتخلص من مختلف الأمراض، التي تبقى عالقة بها، بسبب غياب نظام تربوي سليم، على المستوى الرسمي، و الأسرى، و الاجتماعي، إلى أن تصير قادرة على الصمود، في ووجه القيم المتخلفة، التي تطبع النظام التربوي السائد، و تساهم بذلك في سيادة الأمن النفسي، بين جميع أفراد المجتمع. و هو ما يمكن اعتباره إعدادا، و استعدادا، للمساهمة في سيادة، و حفظ الأمن العام على جميع المستويات، و في مختلف مناحي الحياة.
أما الجمعيات التنموية، فإن مساهمتها في حفظ الأمن العام، تتمثل في حفز الشباب على التفكير الدؤوب، و المستمر، في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و في الآليات التي يمكن اعتمادها للإسراع بتلك التنمية. الأمر الذي يترتب عنه الانشغال العام بالتطور في مختلف مناحي الحياة، و في مختلف المجالات، بما فيها، مجال حماية ما يتوصل إليه الإنسان من إبداعات، في مجال التنمية. و هو ما يعتبر مساهمة فعالة في حفظ الأمن العام، خاصة، إذا تم العمل على إنضاج الشروط الموضوعية، بما فيها الشرط الديمقراطي، لقيام تنمية حقيقية، تساهم في تطور الفكر و المجتمع و علاقات الإنتاج، نحو الأفضل، و وفق ما تقتضيه حركة التاريخ.
و بهذه الأشكال من الجمعيات تتجسد مسؤولية الجمعيات في العمل على حماية الأمن الثقافي، و التربوي، و الترفيهي، و التنموي، و بطرق تتناسب مع طبيعة كل جمعية على حدة.
5) فما مسؤولية الأحزاب السياسية في حفظ الأمن العام ؟
إننا بعد استعرضنا لمسؤولية القانون و مسؤولية الدولة، و مسؤولية النقابات، و مسؤولية الجمعيات، في حفظ الأمن العام نصل إلى معالجة مسؤولية الأحزاب في حفظ الأمن العام. لأن الأحزاب السياسية، إما أن تكون ديمقراطية، فتسعى بما توفر لديها من تنظيمات، و من برامج محلية، و إقليمية، و وطنية، إلى إقرار سياسة اقتصادية، و اجتماعية، و ثقافية، و ديمقراطية، من الشعب، و إلى الشعب، فتقف بذلك السعي، وراء سيادة حفظ الأمن العام الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و اطمئنان الناس على حاضرهم، و مستقبلهم، و انخراطهم في بناء ما يهم التنمية المستدامة، في جميع مناحي الحياة، و في مختلف المجالات.
و مسؤولية الأحزاب السياسية عن حفظ الأمن العام، تتجسد في العمل على :
إقرار دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب، و يضمن إجراء انتخابات حرة، و نزيهة. و الدستور الديمقراطي هو الذي يساهم الشعب في صياغته، و المصادقة عليه، حتى يتحمل مسؤوليته في وجود الدستور، نفسه، الذي يجب أن يكون متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الانسانية، الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى يكون مصدرا للقوانين المحليةن و المتلائمة مع تلك المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. و هو ما يعتبر مساهمة فعالة، و أساسية، في حماية الأمن العام.
إيجاد قوانين انتخابية، بضمانات كافية، لإجراء انتخابات حرة، و نزيهة، من أجل إيجاد مجالس جماعية، تكون في خدمة المواطنين، و مجالس إقليميةن و جهوية تقوم بتنظيم الشؤون الإقليمية، و الجهوية. بالإضافة إلى إيجاد مؤسسة البرلمان التي تقوم بمهمة تشريع القوانين اللازمة لتدبير أمور الناس الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. و العمل على ملاءمة مختلف القوانين مع المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الإنسانية. و هو ما يعتبر مساهمة من القوانين الانتخابية، في حماية الأمن العام، لكونها تساهم في تكريس جانب مهم و أساسي من الديمقراطية الحقيقية، التي تمكن الشعب من الاختيار الحر، و النزيه، مع احترام ذلك الاختيار للجماعات المحلية، و الإقليمية، و الجهوية، و للبرلمان، الذي يفرز حكومة تكون في خدمة الشعب، و تشرف على تنفيذ الاختيارات الشعبية، و الديمقراطية، التي هي المدخل الأساس لحماية الأمن العام لجميع المواطنين على السواء.
و لأجرأة تلك القوانين الانتخابية، التي تحمل ضمانات كافية، لابد من العمل على إنضاج شروط إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، بإنشاء هيئات مستقلة، تشرف على إجراء الانتخابات من بدايتها، إلى نهايتها، انطلاقا من إيجاد لوائح انتخابية نظيفة من مختلف الشوائب التي تساهم في تكريس تزوير الانتخابات، و وضع حد لكل أشكال تمييع الانتخابات، عن طريق تجريم إقامة الولائم، و شراء الذمم، و توفير مناخ مناسب للحملات الانتخابية في وقتها، و إتاحة الفرصة لجميع الأحزاب من اجل قيامها بمراقبة التصويت، و الإعلان عن النتائج حتى يكون الجميع على بينة مما يجري، و حتى تكون نتائج الانتخابات معبرة، فعلا، عن إرادة الشعب، و عن الممارسة الديمقراطية الحقة، التي تعتبر ضمانة أساسية في حماية الأمن العام، لتكون الانتخابات مناسبة لتأكيد سيادة الشعب على نفسه، و لضمان سلامة أمنه، الذي يعتبر شرطا لقيام تنمية حقيقية في جميع مجالات الحياة.
و بعد الاختيار الحر و النزيه للمجالس الجماعية، لابد من حرص الأحزاب السياسية، على العمل على تفعيل المؤسسات الجماعية المختلفة، و في مقدمتها المجالس الجماعية، التي نرى أن تفعيلها في الاتجاه الصحيح، يعتبر شرطا لقيام تنمية محلية حقيقية اقتصادية، و اجتماعية، و ثقافية، و مدنية، و سياسية، تجعل أعضاء كل جماعة على حدة يطمئنون على مستقبلهم، و يأمنون على واقعهم، و يتخلصون من كل الأمراض التي تنخره، و تخرب كيانه، حتى يصير ذلك الواقع قدوة، و مقصدا لكل من يسعى إلى بناء حياة سليمة من كل عوامل التشويه، التي تجعل الناس يخافون على أمنهم، و لا يطمئنون على مستقبلهم. و لذلك، فتفعيل الجماعات المحلية يجعل المواطنين ينشغلون بشؤون حياتهم اليومية و هم مطمئنون، لا يوجد ما يعرقل مسيرتهم التنموية، نظرا لضمان حماية الأمن العام بسبب وضع الجماعات المحلية في خدمة المواطنين، على جميع المستويات، و في جميع المجالات، و في مختلف مناحي الحياة.
و إلى جانب حرص الأحزاب السياسية على تفعيل الجماعات المحلية، لابد من أن تحرص على تفعيل مؤسسة البرلمان، باعتبارها مؤسسة تشريعية، تقوم بوضع القوانين التي تقتضيها مستجدات الحياة في مختلف مناحيها، و في جميع مجالاتها، و على مختلف مستوياتها، و تعمل على ملاءمة القوانين القائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى يحقق الغاية من وجوده، و المتمثلة في تحقيق إرادة الناخبين في الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية. فالبرلمان المنبثق عن انتخابات حرة، و نزيهة، لابد أن يعمل على تحقيق إرادة الناخبين، و لابد أن يكون مخلصا للبرامج الانتخابية التي أوصلت أعضاءه إلى قبة البرلمان، و لابد أن يفرز من بين أغلبيته حكومة تكون معنية بتنفيذ القوانين التي يصادق عليها، و لابد أن يصير أداة للتغيير الديمقراطي الحقيقي الذي ينشده الناخبون، و معهم الشعب الذي ينتمون إليه. و برلمان من هذا النوع، لا يمكن أن يعبر إلا عن وجود ديمقراطية حقيقية من الشعب، و إلى الشعب، و لابد أن يساهم مساهمة فعالة في حفظ الأمن العام، و سيادة ذلك الحفظ، على جميع المستويات المحلية، و الإقليمية، و الوطنية، و في جميع المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و في جميع مناحي الحياة. بالإضافة إلى كونه يكسب المواطنين مناعة ضد كل أشكال الإخلال بالأمن العام، لانعدام شروط ذلك الإخلال، و لانعدام الحاجة إليه.
و إلى جانب تفعيل المؤسسة البرلمانية، فإن الأحزاب السياسية تقوم بتفعيل الحكومة المنبثقة عن البرلمان، و من موقعها كأحزاب تتحمل مسؤوليات الحكومة، أو كأحزاب معارضة. فالحكومة المنبثقة عن البرلمان، تدرك اكثر من غيرها، أن من واجبها حفظ الأمن العام. و لكن ما هي الآليات التي يجب اعتمادها ؟ هل تحتمل القوة فقط كما تفعل الحكومات اللاديمقراطية و اللاشعبية ؟ إن الحكومة المنبثقة عن البرلمان، هي حكومة ذات برنامج، و تعمل على تنفيذ ذلك البرنامج، الذي أكسب أحزابها الأغلبية في البرلمان. و لذلك نجد أن الآليات، التي يمكن اعتمادها من قبل الحكومة، من اجل حفظ الأمن العام تتمثل في :
- إعداد مشاريع قوانين متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و عرضها على البرلمان من أجل المصادقة عليها.
- إعداد مشاريع مراجعة القوانين القائمة، من أجل ملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و التي تستهدف جميع مناحي الحياة.
- العمل على تطبيق جميع القوانين المتلائمة مع المواثيق الدولية، و على تفعيل البرنامج الحكومي الهادف إلى تغيير الواقع، و تطوير المجتمع.
- الحرص على أن يكون التعليم، و الصحة، و السكن، و الشغل للجميع، لا فرق في ذلك بين الناس بسبب الانتماء الطبقي، أو اللغوي، أو الجنسي، أو العرقي، أو القبلي.
- الحرص على احترام الحريات العامة الفردية، و الجماعية، السياسية، و النقابية.
- الحرص على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، الاقتصادية، والاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.
- العمل على وضع حد لجميع الخروقات، التي تطال حقوق الإنسان، و مهما كان مصدرها.
- استحضار احترام حقوق الإنسان، في العلاقات الدولية، حتى تحتل الحكومة مكانتها بين الحكومات القائمة في العالم.
- الحرص على تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية، و التعامل مع باقي الدول، على أساس الاستقلال الاقتصادي.
- الحرص على إنضاج شروط المنافسة الاقتصادية، حتى يحتل الاقتصاد الوطني مكانته بين الدول، في إطار ما صار يعرف بعولمة اقتصاد السوق.
و حكومة من هذا النوع، تلتزم بهذه الآليات لابد أن تكون منضجة لشروط حفظ الأمن العام، بدون اللجوء إلى الاكتفاء فقط بتفعيل أجهزة الأمن المختلفة، التي لا يمكن اعتبارها إلا أجهزة قمعية ليس إلا، تلجأ إليها الحكومات اللاشعبية، و اللاديمقراطية، التي لا تحترم حقوق الإنسان، و لا تعمل على ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية، و تتعامل مع الديمقراطية على أنها مجرد ديمقراطية للواجهة، موجهة للاستهلاك الخارجي.
و بذلك نكون قد وقفنا على مفهوم حفظ الأمن العام، و مسؤولية ذلك الحفظ القانونية، و مسؤولية الدولة، و النقابات، و الجمعيات، و الأحزاب السياسية. لأن حفظ الأمن العام هو مهمة جماعية اقتصادية، و اجتماعية، و ثقافية، و مدنية، و سياسية، و ليست مهمة أمنية موكولة إلى أجهزة الأمن القمعية، كما هو حاصل الآن في معظم الدول.
فهل تتحمل كل جهة مسؤوليتها الكاملة، و التاريخية في حفظ الأمن العام ؟
إن تحمل المسؤولية الكاملة و التاريخية يقتضي امتلاك الوعي الكامل، و من قبل جميع أفراد المجتمع، و مهما كانت مسؤوليتهم، بضرورة المساهمة في حفظ الأمن العام، كل من موقعه، حتى يسود الاستقرار الذي هو شرط البناء الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، الذي لا يمكن اعتباره إلا ممارسة ديمقراطية على أرض الواقع، الذي يتمتع فيه جميع أفراد المجتمع بجميع الحقوق. و تلك الممارسة الديمقراطية هي الحصانة ضد ممارسة الإخلال بالأمن العام.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟.... ...
- إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....2
- إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....1
- الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز ...
- الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز ...
- الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز ...
- في المجتمع المغربيدور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطا ...
- دور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع الم ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...
- المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي..... ...


المزيد.....




- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد الحنفي - حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟.....2