أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوتيار تمر - فسحات في الاديان يستمد منها الجماعات الارهابية وحشيته















المزيد.....

فسحات في الاديان يستمد منها الجماعات الارهابية وحشيته


جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)


الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 14:27
المحور: الادب والفن
    



فسحات في الاديان يستمد منها الجماعات الارهابية وحشيته
رؤية في رواية " رقصة الجديلة والنهر" للروائية وفاء عبدالرزاق

تتشكل المعالم الحقيقية للمجتمعات الواقعة تحت سوط الارهاب من خلال الادبيات التي تحاول رصد الحقائق من الواقع العياني وتوظيفها ضمن سلسلة من المنظومات الدلالية والبلاغية والتشكيلية المشهدية وفق تداعيات ومعطيات تمنحها صفة تجنيسية ادبية، والرواية ضمن هذه التشكيلات اخذت حيزاً كبيراً ودوراً مميزاً في احداث نقلة موضوعية وجدية وجدلية لجعل المتلقي يبصر وقع الارهاب على الناس وعلى جميع الاصعدة، باعتبار ان الارهاب اصبح يشكل احدى اتعس الحلقات البشرية على هذا الخراب المسمى الارض، فالانسان الذي يستمد قواه الروحية من الموروثات الدينية والميثولوجية نجده هو نفسه يجعل من هذه المصادر اداة بيده يوظفها حسب اشتهاءات ذاتية لاتنم عن وعي او اية انسانية، بحيث تصبح في صيرورتها اداة قتل وذبح واغتصاب وسبي، وغير ذلك من المصطلحات التي تتبناها هذه الفئات والجماعات الارهابية مبررة افعالها باسم الدين، وليس هناك شك بان الاديان نفسها تركت هذه الفسحة لهولاء بتبني هكذا افكار، حين اودعت شرائعها بين ايدي البشر ليقوم بتحقيق غاياتها، فاصبحنا نسمع هرطقات فاقت الغباء من اصحاب اللحى والعمامات تجاوزت حدود المنطق والحياة الانسانية، كمن يحرم لحم الارنب ويعتبرها من الحشرات واخر يحاول تغيير مسارات الواقع البشري باعتبارات لاتنم عن الحقيقة بشيء، وعلى هذا المنوال يتكاثر اصحاب الرقع والاقاويل وينسبها للدين، الامر الذي استوجب على الكثير من الادباء خوض معركة الرد على هذه الهرطقات التي خلقت جماعات لاتنتمي في واقعها الا للدم وهدم القيم الانسانية الوجودية، واديبتنا وفاء عبدالرزاق هي احدى الاديبات التي حملت في كتاباتها هم الوجود الانساني دون تصنيفات ودون حواجز جغرافية، فكانت الناطقة باسم الانسان اينما حلت، ولاشك بانها خصت وطنها بالكثير من كتاباتها ولكنها كتابات يمكن اسقاطها وتعميها لتصبح هويتها الانسانية هي الغالبة كما فعلت في روايتها " رقصة الجديلة والنهر" التي استطاعت فيها رصد ديناميكية هذه الاتجاهات والافكار الارهابية وتأثيرها الكبير على وقع الحياة بمجمل اتجاهاتها وحالاتها.
وحين نقول بانها خصت وطنها ببعض كتاباتها فلانها تعلم بان احدى اشرس موجات الارهاب الان تعصف بوطنها، حيث حلم اعادة الخلافة او الدولة الاسلامية اصبح هاجس بعض ضعاف النفوس فاحلت لنفسها فعل كل شيء واي شيء من اجل تحقيق مكاسب تدعم فكرها المتلبس بالدين كغطاء عام، ان حلم احياء الخلافة غطاء اتخذته الكثير من الجماعات وهي نفسها التي سفكت دماء البشر بابشع الطرق، فكأن موروثاتها الدينية انما مبنية على هكذا افعال شنيعة، وعلى هذا الاساس اتت الرواية كممر استكمالي لمعالجة ملامح المشهد الابداعي المقاوم للارهاب الديني الكاشف احتمالاته الخطرة، ودوافعه واسبابه وسياقاته، فكانت رؤيتها العميقة النافذة والناقدة معلماً واضحاً حول دورها الابداعي والفكري المقاوم لكل اشكال الارهاب الديني..لقد راهن النص الروائي الخطابي على إشراك المتلقي في الرؤية التي صدرت عنها الكاتبة انطلاقا من موقفها الثابت تجاه الإرهاب ، وكل ما يتعلق بأفعال الجماعات المسلحة التي تتخذ لها لبوسا دينيا.
ولكنها في الوقت نفسه، اتبعت اسلوباً خطابياً مغايراً بحيث جعلت من المتلقي لايعيش الحدث خارج اطار الواقع التساؤلي الذي بدوره يعد حلقة مميزة في العمل الادبي، باعتباره يفتح الكثير من الافاق امام المتلقي ليلج من خلالها الى ماهية الموضوع نفسه والحدث بترافقية وتلازمية مشهدية نابعة من الصور المعلقة مسبقاً في اللاوعي والتي يحركها صور اخرى منظورة ضمن نطاق الوعي الاني، فحين نحاول ان نلج الى ضمنيات الرواية نجد بأنها تراهن كثيراً على الانصات كموجب ملازم لادارك مقاصدها داخل ثيمات الحبكة نفسها، وذلك عبر توظيف شخوص يقومون بتحفيز التثويرات اللحظوية داخل المجسات المضمرة من الصور والمشاهد المرئية المتاحة، والتي تتطلب انتباهاً من المتلقي ومن ثم تثير تفاعلية واضحة حول حراكاتها لتنعكس بالتالي على سير الرواية والحدث الروائي اجمالاً.
لقد استطاعت الرواية من انتاج كم هائل من التساؤلات التي بدورها تمخض عنها تفاعلات بمستويات متعددة، " أنا أيضاً لديَّ تساؤلات .....ماذا سيحدث بعد هذا الرأس المقطوع ؟...... وأين تلك الكلمة، التي تهز السماء......" ، ان استجلاء صوت التساؤل هنا لايقتصر على المخالجات التي اثرت على نفسية الروائية وفاء عبدالرزاق فجعلتها تستجدي عبر سلسلة من التساؤلات ماهية الحالة التي رصدتها، فعمق التوحش والوحشية ليس فقط الهدف، انما هي مدخل للبحث والتقصي عن الكثير من التلازميات التي يمكنها ان تفي حق وحجم الواقعة التي رصدتها الروائية فتناسلت هذه التساؤلات عنها.. فالاسئبة تبدأ بأنا.. لتعيش وقع مابعد قطع الرأس.. لتتصاعد وتيرتها فتتوجه الى السماء.. انها بحق لوحة رسمت بتقنية مستفزة، وداعية للكثير من التأمل.. فالممأساة ليست وقتية، انما هي متجذرة في تاريخ الانسان منذ الوهلة الاولى التي وطأت قدماه الخراب" الارض" ، وتفشت بشكل مستمر وبتناوب عبر سلسلة من الاجيال.. مما جعلتها مادة خامة في محادثات النفس ضمن منولوجات داخلية واخرى برانيةي فاثارت منذ البدء كما كبيرا من التساؤلات والانفعالات والعواطف والمشاعر التي وصلت في الكثير من الاحيان الى الاحتجاج الضمني للسماء والاحتجاج الظاهري للواقع الديني وحاملي راية الارهاب الديني نفسه.. فريحانة لم تمثل لحظة نفسها، انما مثلت الوجود الانساني بكل تمفصلاته..ولكنها في الوقت نفسه تمثل المأساة الانسانية الضحية .. ان التضاد حين يتحكم بالانسان يصبح اداة ورهينة للواقع العياني الزمكاني، وهنا الزمكانية التي ابرزتها الروائية وفاء عبدالرزاق هي زمكانية مشبعة بالارهاب الدموي القائم على الذبح والنحر، والسبي والاغتصاب وفق اجندات خارجية، داعمة للقومية من جهة، وللدينية من جهة اخرى، فكان الضحايا بشر ينتمون الى بالدرجة الاساس الى الانسانية، فشنكال لم تكن مدينة وحوش، والكثير من المدن الاخرى وحتى سبايكر لم فيها وحوش من كوكب اخر انما هي كلها تنتمي الى الانسانية حتى وان كانت من قومية او مذهبية او طائفة مغايرة لاصحاب الفكر الارهابي الديني.
ولهذا من يقرأ رواية رقصة الجديلة والنهر للروائية وفاء عبدالرزاق سيدرك بانها من احدى اهم الروايات في العصر الحديث التي رصدت عمق المأساة الانسانية جراء تعسف الارهاب الديني بكل اشكاله وكل تصنيفاته، وفضحت بشكل جذري وواضح ذلك الرداء الواهي الذي يتخفى ورائه اصحاب اللحى، عبيد الجنس والدم والذي يتمثل بالدرجة الاساس ب" داعش" الذين اباحوا كل المحرمات وانتكهوا كل الاعراف ومارسوا كل اللاممكنات تجاه ابرياء، فتخطوا بافعالهم كل منطق وكل عقل، حتى اصبحوا وكما اظهرتهم الروائية ضمن احداث روايتها ابشع انموذج بشري موجود الان، حتى غدت الرواية انموذج حي وواقعي حول امثالهم فقد استطاعت وفاء عبدالرزاق بمهارة روائية تعرف كيف تؤثث لمشهدها الروائي الواقعي ان تستقطب ممكنات السرد الوصفي والصور البيلوغرافية كي تتحول الرواية الى معلم ادبي في التاريخ المعاصر..



#جوتيار_تمر (هاشتاغ)       Jotyar_Tamur_Sedeeq#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاة الفجيعة
- الشعب الكوردي لاصديق له سوى البيشمركة
- جوف القلق
- صمت وغموض ازاء الوضع الراهن (ماذا يحدث لكِ ياكوردستان)
- تقسيم كوردستان عودة من جديد
- لااصدقاء لنا
- صوت الموت
- معايير طائفية
- هموم الانثى تحتمي بالالوان في اعمال روناك عزيز
- حركية الاستعارة والانفعال ضمن جغرافية نص ( سفمونية النصر.. ش ...
- فصول البكاء
- تقديم ديوان (جمالية الصورة الفنية تضاهي جمالية اللغة في ديوا ...
- لماذا البيشمركة مستعد لمحاربة داعش(الارهاب) في الرقة
- الفوضى الخلاقة
- شنكال تعود لحضن كوردستان
- هل يشترط اتحاد الاجزاء لقيام دولة
- حركية الذات وايحائية الدلالات :قراءة في قصيدة -خاتمة الروح - ...
- (لماذا لا)... (حريتنا)..(دكتاتورية)
- رسالة الى الساسة الكورد
- اصوات شاذة


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوتيار تمر - فسحات في الاديان يستمد منها الجماعات الارهابية وحشيته