أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(19)














المزيد.....

دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(19)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5068 - 2016 / 2 / 7 - 18:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دلالات الطباطبائي الفلسفية في تفسيره(الميزان)الحلقة(19)
المبحث السادس عشر
في تعلّق القضاء بالشرور
قال الطباطبائي: ذكروا أنّ الشرور داخلة في القضاء الإلهيّ بالعرض،و قد أوردوا في بيانه ما يأتي:
نقل عن أفلاطون أنّ الشرّ عدم و قد بيّن ذلك بالأمثلة فإنّ في القتل بالسيف مثلاً شرّاً و ليس هو في قدرة الضارب على مباشرة الضرب و لا في شجاعته و لا في قوّة عضلات يده فإنّ ذلك كلّه كمال له، ليس من الشرّ في شي‏ء، و ليس هو في حدّة السيف و دقّة ذبابه و كونه قطّاعاً فإنّ ذلك من كماله و حسنه، و ليس هو في انفعال رقبة المقتول عن الآلة القطّاعة فإنّ من كماله أن يكون كذلك فلا يبقى للشرّ إلّا زهاق روح المقتول و بطلان حياته و هو عدميّ، و على هذا سائر الأمثلة فالشرّ عدم.
ثمّ إنّ الشرور الّتي في العالم لما كانت مرتبطة بالحوادث الواقعة مكتنفة بها كانت أعداماً مضافة لا عدماً مطلقاً فلها حظّ من الوجود و الوقوع كأنواع الفقد و النقص و الموت و الفساد الواقعة في الخارج الداخلة في النظام العامّ الكونيّ، ولذلك كان لها مساس بالقضاء الإلهيّ الحاكم في الكون لكنّها داخلة في القضاء بالعرض لا بالذات.
وذلك أنّ الّذي تتصوّره من العدم إمّا عدم مطلق و هو عدم النقيض للوجود و إمّا مضاف إلى ملكة و هو عدم كمال الوجود عمّا من شأنه ذلك كالعمى الّذي هو عدم البصر ممّا من شأنه أن يكون بصيراً.
و القسم الأوّل إمّا عدم شي‏ء مأخوذ بالنسبة إلى ماهيّته كعدم زيد مثلاً مأخوذاً بالنسبة إلى ماهيّة نفسه، و هذا اعتبار عقليّ ليس من وقوع الشرّ في شي‏ء إذ لا موضوع مشترك بين النقيضين نعم ربّما يقيّد العدم فيقاس إلى الشي‏ء فيكون من الشرّ كعدم زيد بعد وجوده، و هو راجع في الحقيقة إلى العدم المضاف إلى الملكة الآتي حكمه.
و إمّا عدم شي‏ء مأخوذ بالنسبة إلى شي‏ء آخر كفقدان الماهيّات الإمكانيّة كمال الوجود الواجبيّ و كفقدان كلّ ماهيّة وجود الماهيّة الاُخرى الخاصّ بها مثل فقدان النبات وجود الحيوان و فقدان البقر وجود الفرس، و هذا النوع من العدم من لوازم الماهيّات و هي اعتباريّة غير مجعولة.
و القسم الثاني و هو العدم المضاف إلى الملكة فقدان أمر ما شيئاً من كمال وجوده الّذي من شأنه أن يوجد له و يتّصف به كأنواع الفساد العارضة للأشياء و النواقص و العيوب و العاهات و الأمراض و الأسقام و الآلام الطارئة عليها، و هذا القسم من الشرور إنّما يتحقّق في الاُمور المادّيّة و يستند إلى قصور الاستعدادات على اختلاف مراتبها لا إلى إفاضة مبدإ الوجود فإنّ علّة العدم عدم كما أنّ علّة الوجود وجود.
فالذي تعلّقت به كلمة الإيجاد و الإرادة الإلهيّة و شمله القضاء بالذات في الاُمور الّتي يقارنها شي‏ء من الشرّ إنّما هو القدر الّذي تلبّس به من الوجود حسب استعداده و مقدار قابليّته و أمّا العدم الّذي يقارنه فليس إلّا مستنداً إلى عدم قابليّته و قصور استعداده نعم ينسب إليه الجعل و الإفاضة بالعرض لمكان نوع من الاتّحاد بينه و بين الوجود الّذي يقارنه هذا.
و ببيان آخر الاُمور على خمسة أقسام: ما هو خير محض، و ما خيره أكثر من شرّه، و ما يتساوى خيره و شرّه، و ما شرّه أكثر من خيره، و ما هو شرّ محض، و لا يوجد شي‏ء من الثلاثة الأخيرة لاستلزامه الترجيح من غير مرجّح أو ترجيح المرجوح على الراجح، و من الواجب بالنظر إلى الحكمة الإلهيّة المنبعثة عن القدرة و العلم الواجبيّين و الجود الّذي لا يخالطه بخل أن يفيض ما هو الأصلح في النظام الأتمّ و أن يوجد ما هو خير محض و ما خيره أكثر من شرّه لأنّ في ترك الأوّل شرّاً محضاً و في ترك الثاني شرّاً كثيراً.
فما يوجد من الشرّ نادر قليل بالنسبة إلى ما يوجد من الخير و إنّما وجد الشرّ القليل بتبع الخير الكثير.
وعن الإمام الرازيّ أنّه لا محلّ لهذا البحث منهم بناء على ما ذهبوا إليه من كونه تعالى علّة تامّة للعالم و استحالة انفكاك العلّة التامّة عن معلولها فهو موجب في فعله لا مختار، فعليه أن يوجد ما هو علّة له من خير أو شرّ من غير خيرة في الترجيح.
و قد خفي عليه أنّ هذا الوجوب إنّما هو قائم بالمعلول تلقّاه من قبل العلّة مثل ما يتلقّى وجوده من قبله، و من المحال أن يعود ما يفيضه العلّة فيقهر العلّة فيضطرّها على الفعل و يغلبها بتحديده.
و لقد أنصف صاحب روح المعاني حيث أشار أوّلاً إلى نظير ما تقدّم من البحث فقال: و لا يخفى أنّ هذا إنّما يتمّ على القول بأنّه تعالى لا يمكن أن تكون إرادته متساويّة النسبة إلى الشي‏ء و مقابله بلا داع و مصلحة كما هو مذهب الأشاعرة و إلّا فقد يقال: إنّ الفاعل للكلّ إذا كان مختاراً فله أن يختار أيّما شاء من الخيرات و الشرور لكنّ الحكماء و أساطين الإسلام قالوا: إنّ اختياره تعالى أرفع من هذا النمط، و اُمور العالم منوطة بقوانين كلّيّة، و أفعاله تعالى مربوطة بحكم و مصالح جليّة و خفيّة.
ثمّ قال: و قول الإمام: ( إن الفلاسفة لمّا قالوا بالإيجاب و الجبر في الأفعال فخوضهم في هذا المبحث من جملة الفضول و الضلال لأنّ السؤال بلم عن صدورها غير وارد كصدور الإحراق من النار لأنّه يصدر عنها لذاتها ).
ناش من التعصّب لأنّ محقّقيهم يثبتون الاختيار، و ليس صدور الأفعال من الله تعالى عندهم صدور الإحراق من النار، و بعد فرض التسليم بحثهم عن كيفيّة وقوع الشرّ في هذا العالم لأجل أنّ الباري تبارك اسمه خير محض بسيط عندهم و لا يجوّزون الشرّ عمّا لا جهة شرّيّة فيه أصلاً فيلزم عليهم في بادئ النظر ما افترته الثنويّة من مبدءين خيريّ و شرّيّ فتخلّصوا عن ذلك البحث فهو فضل لا فضول.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(18)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(17)
- ستون يوما هوشيار في لندن
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ، الحلقة(16)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(15)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(14)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(13)
- دلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(12)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(11)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(10)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(9)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(8)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية؛ الحلقة(7)
- الجلبي ما قتلوا وما صلبوه ولكن شبه لهم
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية الحلقة(6)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(5)
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية، الحلقة(4)
- صخم وجهك وكول آني حداد
- استدلالات الطباطبائي الفلسفية في تفسيره (الميزان)الحلقة(3)
- حسقيل قوجمان صوت يهودي عراقي مدوي


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - دلالات الطباطبائي الفلسفية ،الحلقة(19)