أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عامر هشام الصفّار - قراءة في كتاب -معنى حياتي- للدكتور منذر الشاوي















المزيد.....

قراءة في كتاب -معنى حياتي- للدكتور منذر الشاوي


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 13:25
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أتذكر جيدا ما كتبه الروائي المعروف نجيب محفوظ في رائعته "السّمان والخريف" ..:" لكنه سيصمد للمحنة، ويتألم .. ثم يحيا، وأخيرا سيجد للحياة معنى".. وهو هذا المعنى الذي يخصّص له أستاذ القانون العراقي الدكتور منذر الشاوي جهده الجهيد فيصدر قبل ما يقرب من السنتين كتابه المعنون ب "معنى حياتي" مع أهداء الى الأب الذي أعطانا الحياة، والأم التي علّمتنا الحياة. ولم يكتف بذلك بل راح المؤلف يفسّر أكثر في ضرورة أن يكتب كل منا كتاب ذكرياته، ليبحث في المعنى وراء الحياة، فتقرأ في غلاف الكتاب الأخير : " أخاطب ذاكرتي، فتخاطبني الأيام: أين أنت من حياة مضت؟ فأجيب: أنها في قلبي وكياني، ولن تزول عبر السنين والأيام. أيام تعارفت فيها وبها مع الحياة، فكانت دهشتي.".
وقد أرتأى الأستاذ المؤلف الاّ أن ينوّه في صفحة أولى في الكتاب الى " أن الحقيقة تبقى ترصد من يتخاذل عن ذكرها، كما تثير خيارا هو موقف ومسؤولية تجاه الذات". وهكذا يأتي كتاب الذكريات لمنذر الشاوي على ما يقرب من 200 صفحة من القطع المتوسط وعلى عشرة فصول كاملة كانت قد بدأت بفصل أول تحت عنوان " نور الحياة" ولتنتهي بفصل أخير هو "أيام في حياة العراق السياسية" ليشعر القاريء بعد ذلك أن عند المؤلف الكثير مما لم يقله، فيتنظر الجزء الثاني من معنى حياة أستاذ قانون كان يوما وزيرا في الدولة العراقية للعدل والتعليم العالي وفي فترة من تاريخ العراق عصيبة.
البدايات الأولى
ويفصّل الكاتب عبر سرد سلس أنيق العبارة في بدايات الحياة الأولى وسنوات الطفولة، فيأخذ القاريء معه الى رحلة جميلة في عراق العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، حيث ولد الشاوي في بيت جده لأمه في بغداد الكرخ، وليكن بعد ذلك في مدينة العشّار بالبصرة الفيحاء حيث نقل والده هناك مديرا لشرطة البصرة، ليقضي الطفل مع أخوته السنوات الثلاث في دار قريب الى القشلة وهي مقر مديرية الشرطة في المدينة. وهكذا ظلّ المؤلف ينهج في فصول كتابه النهج الحكيم، فتراه في كل فصل يهتم كل الأهتمام بالمكان وبالناس فيصف ويستذكر ويقص ويسرد ويستنتج العبر والدروس ويحاكم أحداث تاريخ مضى ليفهم معنى الحياة، ومن ذلك:
1.المكان: البصرة: "ومن يعش في البصرة لا يمكن الا أن يعشقها، لا لمناظرها فحسب، بل وأيضا وربما أكثر، لخلق أهلها وأدبهم". هذا ما يقوله نصا الكاتب منذر الشاوي.
واللقاء مع بغداد والدار الجديدة للعائلة في منطقة الصالحية، والمحلة وناسها، ودكاكينها وأصدقاء العمر والنشأة الأولى. فتقرأ في طبيعة المكان البغدادي: " وأذا عدنا الى التقاطع وأتجهنا يمينا، فأننا نكون في شارع يمتد الى الشارع العام ذي الممرين في أحدهما دار الأذاعة، وفي الآخر مدرسة المنصور الأبتدائية. وفي الركن المنتهي لهذا الشارع، يوجد بيت رستم حيدر.". ونظل في المكان، فأذا بالمدرسة التي يستذكرها المؤلف بتفصيل يحسد عليه تأخذ فصلا كاملا، فمن مدرسة باب السيف الأبتدائية الى مدرسة المنصور النموذجية، في نهايات العقد الثالث من القرن الماضي، "حيث يشاء القدر أن يجمعنا بباقة من الزملاء في مدرسة المنصور، ولا أوفى وأصدق من زمالة هذه السنين الأولى".. حتى يتذكر أحدهم من أعزائه فيقول عنه أنه : هيكل رياض رأفت .. نلتقي ونفترق عبر السنين وحكم الزمن، تلك هي الحياة في معناها ولا معناها!.". وفي أعداده الثقافي يمر الشاوي القدير على متوسطة الكرخ فيستذكر بتفصيل طبيعة الدراسة فيها ومعلميها، وكذا الأمر مع متوسطة الرصافة في بغداد والأعدادية المركزية المعروفة بمستوى معلميها الممتاز.
2. الشخصيات: وكأن المؤلف يقول لقارئه وهو يعرض بتفصيل لا يمل وبأسهاب لا يخل، أن الأنسان في معنى من معاني الحياة عنده أنما لا يكون الاّ نتاج هذا التفاعل بين المكان وسكانه من الأقربين والأصحاب والمعلمين والأساتذة وحسب مراحل الحياة المختلفة .. لنقرأ ما يقوله الشاوي في وصفه الجميل لأحد أساتذته في المدرسة المتوسطة: " وكان معلم الرياضيات في مدرسة المنصور صالح كرجي، يهودي الديانة، في الخمسين من العمر، بدين الجسم، متوسط القامة، ذو شعر أسود مسرّح الى الخلف، كفوءا ومقتدرا في أختصاصه، وشديد التعامل معنا، فكنا نخشاه ولا نحبه في قرارة أنفسنا". ومن الشخصيات التي يكتب عنها المؤلف الشاوي ببعض من تفصيل هو الشاعر الشعبي والشخصية العراقية السياسية الصحفية المعروفة الملا عبود الكرخي. فقد جاور الكرخي دار الشاوي في بغداد، "وهكذا كان الملا عبود جارنا ومتقدما في السن.. ولا يوجد شعر على رأسه حيث كان يغطيه بسدارة من الجبن (الصوف) رمزا للوطنية، بأعتبار أن السدارة المصنوعة في أيطاليا لا تمت الى الوطنية بصلة، وللملا عبود عصا يحملها معه دائما عندما يخرج ويداعب بها من (يعجبه) من المارة".
ومن الشخصيات التي كتب عنها الشاوي مستذكرا، السياسي العراقي ناصر الحاني، والذي كان مدرسا متدرّبا في متوسطة الكرخ حينذاك في نهاية الثلاثينيات في بغداد، فيقول المؤلف منذر الشاوي: " وناصر الحاني متوسط القامة قريب الى السمار في سحنته، أسود الشعر، بطيء في مشيته، متزن في خطواته، هاديء الصوت وواثق. وسحرنا الحاني بسعة علمه بالأدب العربي وفتح أمامنا أفاقا واسعة وشجعنا كثيرا على قراءة الكتب الأدبية فتوسعت مداركنا". وتراه يستذكر صادق الملائكة (والد الشاعرة العراقية المعروفة نازك الملائكة) حيث لا ينسى الشاوي مشية الملائكة الهادئة في المدرسة وسيكارة "المزبن" التي لا تفارق شفتيه". ويستذكر أستاذ الفيزياء في الأعدادية، العراقي المعروف ناجي عبد الصاحب، فيقول عنه " وناجي عبد الصاحب ترجع أصوله الى مدينة العمارة، منفتح، معتد بنفسه على الطريقة العراقية، كفوء في مادته، ومدرس للملك فيصل الثاني، جذاب في علميته وشعبيته في آن واحد". ثم يستذكر الكاتب العراقي ذنون أيوب وهو قاص عراقي رائد، فيقول عنه" رأيته يدرّس الرياضيات في شعب أخرى من شعب السنة الثالثة في متوسطة الرصافة. كنا نهابه، بقامته الطويلة الممتلئة ووجهه الأحمر وقبعته الخضراء".
وثم كان لابد من ذكر أساتذة الجامعة في العراق وعلى رأسهم عميد كلية الحقوق التي تخرّج منها الباحث عن معنى الحياة المؤلف الأستاذ منذر الشاوي، فكان الفصل الخاص عن الكلية وأساتذتها ومناهج التدريس فيها. ولعل ما كتبه المؤلف عن الأستاذ منير القاضي عميد الكلية حينها في أواسط الأربعينيات، يعتبر الدليل على الوفاء للرعيل الأول من علماء الوطن. يقول الشاوي " والأستاذ منير القاضي درّسنا ثلاث سنوات متتالية "مجلة الأحكام العدلية"، ورغم تعقيد المجلة التي وضعت في العهد العثماني، فأن درسه الذي يلقيه دون نظر في كتاب أو ورقة، كان من أمتع الدروس عندنا، بفضل سيطرته التامة على الموضوع، وتبسيطه لنا بحيث نشعر معه وكأننا في خضم التعامل الحياتي بعيدا عن التعقيدات المصطلحية والشروح المعقدة لمجلة الأحكام العدلية".
أن كتاب "معنى حياتي" لمؤلفه الدكتور منذر الشاوي لهو رحلة ممتعة في تاريخ الوطن العراقي بمدنه وقصباته ونواحيه وناسه وشخصياته وتاريخه وتقاليده وعاداته وقيمه. وكل ذلك مما يساعد القاريء في المسعى الذي سعى أليه المؤلف وهو أن يكون ما يكتبه ممثلا للعودة " الى وجود الذات والى وعيها وحقيقتها".



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقاصيص من أعياد الميلاد
- الدكتور زهير البحراني وكتابه - الخبرة الجراحية في العراق خلا ...
- الموسيقار والقنبلة
- نشأة قسم -علم الأمراض- في كلية طب بغداد
- رواية -صخرة هيلدا- وحوارات زمن القدّاح والعوسج
- القاص والمدينة في -عمَّ تبحث في مراكش-
- فيلم 2015
- -العيون السود- لميسلون هادي بين تلقائية السرد ووحدة المكان
- رواية -نازك خانم- بين شعرية السرد وتطرّف الشخصية
- عراقي في دبي
- أقاصيص كرسمسية
- رواية -طشّاري-..حنين السرد الى وطن يضيع
- أختزال وقصائد أخرى
- رواية - على أبواب بغداد- رهبة الحَدَث وغرائبية السرد
- حول مجموعة القص -وثابة كالبراغيث-: تكثيف السرد وتحقيق الهدف ...
- قراءة في كتاب - أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث
- خالد القصّاب: وشعرية اللوحة الفنية
- قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق
- يوم السل العالمي: حول مكافحة مرض السل في العراق
- أمي


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عامر هشام الصفّار - قراءة في كتاب -معنى حياتي- للدكتور منذر الشاوي