أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جميل حسين عبدالله - تأملات فلسفية 6















المزيد.....


تأملات فلسفية 6


جميل حسين عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 12:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثالثا: إذا كنا قد أيقنا بأن مرور الزمن على فطريتنا، وسذاجتنا، لا محالة سيعلمنا كثيرا مما كنا نجهله، وربما كنا نعاديه، ونعتبره مضرا بكياننا الفكري، ومجالنا الثقافي، بل من شدة حرصنا على تحصين ذواتنا، وتسييج أفكارنا، نحارب غيرنا من أجل أن نبقى راسخين بتلك المبادئ التي غرست فينا فطرة، وسجية، أو تلك التي تلقيناها عن طريق التربية، والتعليم، وغدت مع تراكم التجربة جزءا يكون شخصيتنا المثالية، سواء في بعدها المعنوي، أو في بعدها المادي، أو تلك التي نلناها بين دروب حياة مترعة بالإخفاق، والملل، والحزن، والغربة، لأن ما نتعلمه مع طول الزمن، يصرفنا عن كثير من القناعات التي نبني بها أفقنا في صراع الوجود البشري، ويهدينا إلى سبل ننزل فيها عما ألفناه من آراء، ومواقف، أو مما وثقنا بصحته، وجدواه، ثم ظهر لنا بعد المران والمراس أنه غير ناضج، ولا طازج، بل كان طيشا في صبوة الشباب، واليفوعة، وسفها في جولة غير مأمونة العواقب، والمخاطر. ومن هنا، فإننا لا ندري في كثير من المراحل كيف نكتسب المعرفة، ولا كيف نطورها، ولا كيف نُحمَل فيها من اتجاه إلى اتجاه، ولا كيف نتجاوز كثيرا مما حصل لنا من سابقها، لكي ننساق مع ما يفرضه علينا واقعنا من أبعاد أخرى، لها ارتباط بالسياقات التي تكون عقل المجتمع، وتبني سقف تطلعه، وانتظاره، وسواء كانت تلك الأنساق اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، أو اقتصادية. لأن ترابط الذات مع محيطها في الزمان، والمكان، يجعلنا مع حدة التجربة، نمتلك قوة على الإدراك للأشياء التي ننغمس فيها بولع، وشره، أو تلك التي نكرهها لداع من الدواعي، والدوافع. إذ كثيرا ما نحجم عن بعض الأشياء، لا لكوننا نميز فيها شرها من خيرها، بل لما تواطأت عليه المواقف في المجتمعات التي ننتسب إليها بقوة انتمائنا إلى الأسرة، أو القبيلة. أجل، كان كثير مما نتعلمه يخلق فينا اليقين، والوثوق، ويؤسس فينا لقناعات تحركنا بين دروبنا الممزقة بأحقاد التاريخ، والإنسان، وتدبر جزءا عظيما من حركتنا التي ننصهر فينا مع متغيرات تطرأ علينا بلا استئذان، وتدهمنا بما يفشو فينا من إكراهات لا نطيق محاربتها، ولا معاداتها، بل كنا من شدة فقداننا للخيط الرابط بين التواريخ، والأجيال، لا نمتلك إلا تلك الأفكار المعاندة لما هو حادث، وجديد، والمجافية لواقع يتحرك بلا وعي منا بقفزاته التي نتخلى فيها عما هو موروث، لكي ينقلنا إلى سياق آخر، تتحكم فيه قواعد وقوانين لم نختبرها، ولم نعرفها. وقد مرت علينا تلك المرحلة، ونحن حيارى بين أمرين: الأول: أننا تعودنا على عادات وتقاليد وأعراف لا محيد لنا عن أثرها الفاعل فينا بنظرته إلى الأشياء. الثاني: أننا تحولنا إلى مدار نشاهد فيه تسارع انهيار الماضي بكل مكوناته التي نعتبرها جزءا لا يتجزأ من بنائنا النفسي، والاجتماعي. وهكذا، بدأنا نحس بأننا مجبرون على تتبع خطوات الحاضر، واقتفاء أثر ما يحمله من معنى جديد، وغريب، وسواء كان اقتداءنا به نابعا من رغبتنا في محاربة الماضي، أو تابعا لرغبة الغالب الذي استحوذ علينا بقوة أثر صناعته، وتأثيرها. لأن ما تفجر في كوننا من نظم تستحوذ على كل المجالات، قد كان قويا في اختراقه لمنظومتنا التقليدية، وشرسا في فرض مبادئه، وقيمه. ولذا، كانت هذه اللحظة معبرة عن الانفصام الذي شهدته الذوات المنتفشة بغرور الماضي، ومفصحة عن بداية تلاشي العلاقة بين التاريخ الذي يكتب، وذاك الذي كتب، وهو لا يحمل في كثير من صفحاته إلا تضخما، واستعلاء، لم ينفعنا في تحصين الذوات، ولا في الانجرار مع الزمن الباقر لكل معنى مجهول، لكي يتحول مع حركاتنا في الزمن إلى معلوم، لا نملك له دفعا، ولا ردا. ولا غرابة إذا كان الذهول يسوقنا نحو حتفنا، وموتنا، لأننا صرنا نعيش بين خيارين: إما الرضا بما هو حادث، وفيه ذلك مسرة الذات التي تعشق الجديد، وتغتر به، وتبحث عنه. وإما السخط، وفي ذلك انتكاسة العهد القديم، وانهزام بناء الذات التي تأسس معناها على فكر بدأت المتغيرات الحاصلة تتجاوزه، وتتعداه. وما أصعبه من وضع كان مؤلما، ومفجعا، لاسيما حين أحسسنا بأن مكوننا الذاتي، لا يستطيع مجاراة الزمان، ولا تحوله من نمط إلى نمط، وانتقاله من سياق إلى سياق. وهنا كانت العودة إلى الماضي التي حرصنا عليها، تجسد إخفاقنا الحقيقي في اقتفاء أثر المستجدات الملهبة لأحلامنا ببريقها، ولمعانها، وإغرائها، وإطرائها، بل ما زالت تلك الفكرة الخاطئة، تغتصب كثيرا من وسائل تفاعلنا مع التاريخ، والتراث، والحضارة، وتفتعل حروبا بين مدارات الإنسان الذي لا يمكن له أن ينسلخ عن الماضي كلية، ولا أن ينغمس في الحاضر بكل ما يفرزه من إفرازات أفقدت الإنسان إنسانيته، ومكانته، وصيرته عبدا لهذا الغول المتوحش. والأدهى أن هذا الغول الذي بدد قلاعنا، وحصوننا، يخشى منه اليوم أن يتجاوز عقل صانعه، ويتخلى عن الأخلاق التي عبر عنها الكون في عهوده، ومواثيقه، وإذ ذاك سيدمر العالم، ويخربه، وينهي حياة الإنسان، ويقبر تاريخ البشرية. بل هذا ما وصلنا إليه بعد مخاض عسر مع الصناعة الفاقدة لقيم الإنسان، ونحن لا ننتظر إلا تلك اللحظة التي ينزل فيها العقل البشري عن ريادته لجشع العقل الآلي، لكي يأخذ الوجود منحى آخر، لا محيد عن ضرره، وبؤسه. لأن ما حرقناه من مراحل بين ضفتي البساطة، والتعقيد، بدءا من أول نظرة كشفت عن ساق فتاة تعرت بين مداشرنا، وقرانا، وقد كنا في تلك اللحظة مستغربين، ومستنكرين، إلى هذه اللحظة التي وصلنا فيها إلى ذكاء الآلة، لا يبشر بأن لهذه الصناعة قيما تمنعها من استعبادنا، واسترقاقنا، كلا، بل حكمت على الأخلاق الإنسانية بالفناء، لكي يؤله صنم الحضارة، والصناعة، وإذ ذاك، سيكون لنا موعد مع ذلك الزمن الذي نصل فيه إلى النهاية، والزوال.
إننا بين الفترتين، عشنا بين أحضان مخاض عسر، حولنا من نقطة في الفكر إلى نقطة أخرى، ومن محطة في الحلم إلى محطة أخرى. ولا عجب إذا تعلمنا شيئا من أساليب الحياة التي فرضت علينا، إما لرغبة في التكيف، وإما لضرورة التحرك مع أمواج الواقع العاتية. لأننا بمقدار ما نغار على الماضي، فإننا قد انبهرنا بالحاضر، واغتررنا به، واجتررنا متعه، ولو تذوقناها مرة، وحارة. فهل تغيرنا من سياق إلى سياق، ونحن مدركون لإحساس الانتقال، والتحول.؟ أم وجدنا ذواتنا بعد لحظة الانصعاق بلا دليل، فلم نعثر بعد كساد حلمنا إلا هذا الوحش الذي يقودنا عبر خياله العلمي إلى متاهات غضة بآلام الموارد.؟ إن نشأة المعرفة فينا، قد تستوعب كل هذه المراحل، والتفاصيل، وتشتمل على كل المحطات التي توقفنا عندها قليلا، أو كثيرا، لكن هناك نوعان من التفكير في الالتزام بضرورة التعامل مع ما طرأ علينا من تغيير في الأفكار، والقيم، والسلوك: فالأول: قد ألح على العودة إلى الماضي، ولكنه في عمقه لا يعتبر ذلك إلا حصنا يحتمي به من الذوبان. وخير دليل على ذلك أنه غارق من أخمص قدمه إلى مفرق رأسه في زفير المادة، ولو تثاقل بها، وأحس بأنه يعيش خارج ذاته، وشعر بأنه يركب قارب فوته، وموته. والثاني: لم يشهد الماضي، ولا الحاضر، وإنما لمسته نفحة البحث عن الحقيقة، ولمسة التيه بين مجاهل المعرفة، بحثا عن تلك الحلقة المفقودة في كيانه، فسواء عثر عليها فيما قرأ من كراريس، وقراطيس، أو فيما قرأ على لوحة الواقع، وصفحة الحياة، فكلاهما له دافع في عمقه، أو رافد يحفزه على أن يعيش حيرته في خضم ما نبت بين الديار من أحلام، وأوهام، لم يكن له خيار في دفعها، ولا أمل في وصالها، بل غدا من شدة الألم سكران بلا خمرة، وعطشان بلا ظمأ. وهنا اختلفت الأنظار في القديم، والحديث، لأن اتحاد مساق الناس، ومسارهم، لا يدل دائما على وحدة الاتجاه في القصد، والهدف، والغاية، بل اختلفت الاتجاهات باختلاف الإنسان في إدراكه للأشياء، وتنوعت المنطلقات، والسبل، والوسائل، ولو كانت الرغبة واحدة، والنتيجة متعددة. فالذين رأوا البحث في الحقيقة ضرورة لازبة، فلا معدى لهم عن رص الطريق نحو إحداث ذلك التوازن بين الفكر، والذات، لأنهم لا يرون المعرفة سبيلا للسيطرة على الطبيعة، أو على الحياة، أو على الواقع، بل لهم حقيقة أخرى ينتظرون الإخلاد إليها، ومهما كان ثمن التضحية عندهم غاليا، وثمينا. وهي وجود ذلك الزمن المتصل بالزمن الكوني في تجلياته، وإشراقاته. ولذا، كان همهم هو الوصول إلى القوانين والنظم التي تحكم الوجود، وتوحد نقطة أبديته، وأزليته. ومن ثم، اختلفوا في النظر إلى ألوان، وأشياع، فمنهم من جعل الكون فيضا لحقيقة واحدة، ولذلك، حصر الميتافيزيقيا في ذلك المعنى، ولم يتجاوزه إلى غيره، لئلا يتعدد الوجود عنده، ويحصل بذلك الاشتراك في الخلد. ومنهم من جعل للحقيقة معنى واحدا، ثم فرع عنها فروعا، وتوابع، ولواحق، فلم ينته به التماهي في الإطلاق إلا إلى فضاء لا نهاية له. ولذلك ابتعد كثيرا عن نقطة البداية، فلم يصل إلا إلى سديم من الخرافة، والأساطير، والأكاذيب. بل من الغرابة أن يأتي كل من يريد الاتصاف بصفة الحقيقة، فيدعي في ذلك ادعاءات تخلق في العقل جنونا لا نهاية له، ويزعم أن له من الملكات ما يجعله قادرا على تجاوز إدراكات الإنسان، وقدراته، وطاقاته، ويصيره عالما بما خفي من أسرار، وألغاز، وأقدار، وأحكام، وأوزار. لكن كيف تتكون هذه المعرفة التي تحدثنا عنها بضروب من الكلام.؟ قد ذكرنا فيما سبق بعضا من الإشارات إلى ذلك، لكن هذه المعرفة عندي محلها الذات القائمة بالأمر الأزلي، لا خارجها، وعوارضها، لأنها تطيق بقدرتها أن تنتقل بين الدوائر المختلفة، ولو عسر الطريق، وفقد الرفيق، لكونها تستلهم من روح الكون سر الحركة، وتستهدي بتفويضها حقيقة تلك المعاني التي احترقت من حرارتها عقول، وحقول. فسواء اندفعنا بغرور العلم الوضعي، أو بوجدان التجربة الباطنية، أو بغيرها، فالحقيقة الذاتية يمكن لنا بلوغ معرفتها، بل لا أرى مانعا يحجز الإنسان عن مدار درْكها، لما تتسم به من بساطة في جهة، ومن تعقيد في جهات كثيرة. لكن العقل عادة يبحث في المركب، لا في البسيط. لأن طيشه وسفهه في جرأته على كثير من الموارد التي لم يقف عند حدودها تكبرا، وتجبرا، وإنما استوثق من قوته، وقدرته، فخاض فيها بلا دليل خريث، ولم يستكن للغامض الصعب فهم معناه بيسر، بل واجهه بكل شراسة، وغلظة، لئلا يتهم بالجمود، والركود. وتلك آفة العقل المتغطرس، وعاهة موجودة فيه، إذ لم يعرف المراتب، ولم يدرك المناقب، فتزيى بزي غير زيه، وتشخص في كائن أسطوري، وخرافي، وكأنه الأول الذي نشأت منه كل المعارف في الوجود البشري. ربما قد تقول: إنني أقلل من قيمة العقل، ومكانته، ومنقبته. أجل، قد يكون هذا حقا إذا لم تفقه معنى ما أريده من كلامي، فعن أي عقل أتحدث.؟ إن عقل الذكي شبيه بعقل الداهية، فكلاهما فيه نار، ونور. لكن أين يكمن الفرق.؟ إن الفرق عندي، ليس في طرق استخدام العقل من أجل إدراك الأشياء، وتحديدها، وتصورها، والقياس عليها عند المماثلة، والمشابهة، لأن ذلك مما نتفق فيه جميعا، ولا يفضل فيه بعضنا بعضا، إلا إذا اقتضى ذلك شيئا يصرفه عن هذا الاتفاق. ولعلي هنا أميل في قرارتي إلى رأي من يقول بأن العقول متساوية، بل الفرق يكمن في تحديد المفاهيم التي نعدو إليها مرملين، ومسرعين، لأن المفاهيم، ولو احتلمت في ذاتها معنى واحدا، فإنها في إدراكنا تحتمل معاني مختلفة، قد تنجلي لعقول لا تأثير لأي عامل عليها، وقد تختفي عن عقول استحوذت عليها صور تمنعها عن المعرفة الحقيقية. ومن هنا، فإن المعرفة عندي لها معنى واحد، ولكننا اختلفنا في تحديد تصور مفاهيمها. فهل المعرفة هي كثرة المحفوظات، والمقروءات.؟ أم المعرفة هي ذلك الوعي الباطني بحقيقة الأشياء.؟ أم هي غير ذلك.؟ إن تحديد المعرفة التي نعنيها في حقيقة ذاتها، لا تحتمل التعدد، لأنها إدراك للمعنى القائم في الشيء، والمفهوم الذي لا يمكن صرفه عنه بوجه من الوجوه، لأن الحقيقة، ولو تعددت في أوجه التعبير عنها، سواء بالمجاز، أو الاستعارة، أو الكناية، أو غيرها، لا تعني التعدد في المفهوم، بل تعني اختلاف أوجه الدلالة عنها. فهي معنى واحد، والألفاظ الدالة عليها مختلفة. وهكذا، فإن إدراكنا للحقيقة المستلزم لصورتها، يحتمل كما قلنا الاختلاف في نقشها، لأنها إدراك ذاتي لذلك المعنى القائم فيها، وذلك قد يتم في حدود جلائها، أو خفائها. ومن هنا، فإن العقل، ومهما كان متساويا في الطبيعة، فإن ما يطرأ على أجهزة إدراكه من عوارض، قد تجعل نتيجته متحدة، وتصير تصوره قابلا للتفاوت، والتمايز، وإلا، فإن قولنا بالتطابق في المدركات الحسية، والمعنوية، لن يؤدي بنا إلى اكتشاف اختلاف الإدراك في النوع البشري. ولذا، يصير العقل نيرا في جهة، ونارا في جهة أخرى، لأنه إذا أيقن بأن ما أدركه، قد يستوعب كثيرا من التصور للمعاني، والحقائق، أو قليلها، ولم يفض به ذلك إلى اعتبار نتائجه كاملة كمالا نهائيا، فهو عقل نير، ومتنور، لما فيه من تواضع المعرفة، وحب في الازدياد من رشف رضاب الحقيقة، ورغبة في المشي إلى الكمالات النهائية. وإذا أدك النهاية في نتائجه، وحارب من أجلها، وقاتل، وفرض على غيره الاعتقاد بها، فإنه نار تحرق الأخضر، واليابس، وتزرع الرعب، والألم. وذلك العقل، هو الذي عانينا منه قديما حين حجزنا في دائرة ضيقة، لم تترك لنا فرصة لمسايرة التطورات، والتغيرات، لا بدعوى أننا لا نمتلك قوة على إدراكها، فنستسلم لمصير الضياع بين غزوات الحاضر، ولكن بدعوى أن ما حدث كفرٌ بالتاريخ، والتراث، وذلك ما أدى ضريبته كل مقتول، وشهيد، وسواء كان الحلاج، أو كان غيره ممن حاربته الأديرة في جميع الحضارات، وانتهى به الفرار إلى الدهاليز المظلمة، أو المشانق اللئيمة. وهذه المعاناة، ما زلنا نعيش تحت خف لعنتها، وجبن لغتها، وخبث قصدها، لأننا ولو تحولنا قهرا إلى عالم مفتوح، فإن عقولا تشتعل فيها نيران امتلاك الحقيقة، لم تبرح دائرة فجورها المستعلي، ولم تنفك عن تلك العقدة التي تجعل العقل دليلا نهائيا على الكمال. وسواء ظهر ذلك بمظهر كونه عقلانية متمدنة، ومتحضرة، وذلك ما نشهده في استعلاء الحضارة الغربية، أو ظهر بأنه بمظهر قديس لبس لبسة الأديان، وامتطى صهوة الاعتداد بالذات، والفرقة، والجماعة، وهذا ولو حارب العقل، فإنه لا يحاربه باسم الإله، إلا لكونه يدعى أن فهمه لكلمة الرب أكمل في الإدراك من غيره. وهذا الإدراك المتعالي، ما هو إلا نتيجة عقل مستعر، محترق، ينظر إلى ذاته بنظرة الكمال، ويرى سواه بعين الاحتقار، والازدراء، لا نتيجة للاستضاءة بنور الوحي الذي حبسه في زنزانة فهمه المكفهر الكلمات، والعبارات. ومن هنا، فإن سكون العقل إلى نقطة بدايته، أو إلى لحظة نهايته، لا يجوز لنا أن نسبه، ولا أن نلعنه، لأنه قد احتفظ للنفس على مدارها، وللقلب على مداره، وللروح على مدارها، فكان في مجموع الذات مع إخوته متصلا، لا منفصلا، ومتصفا بالتواضع، لا متفجرا بالاستعلاء، والكبر. وهذه الكلية التي نسميها الذات، لا بد لها من توازن بين هذه القوى، لكي تتحقق بحقيقة المعرفة، وإذا انفصلت منها حلقة، كانت النتيجة جنونا يؤدي إلى الآثام البغيضة، والشهوات اللعينة.
وإذا كان انفصال هذه الكليات عن كلها مؤديا إلى الإفلاس، فكذلك انفصال أعضاء الحواس عن هذا الكل، يؤدي إلى عدم تكامل الرؤية، والنظرة، لأن كمال الأجسام كمال للعقول، وكمال العقول كمال في الذوات. ربما قد تقول لي: ما الفائدة من تكامل الحواس فيما بينها، إذا أردنا أن نبني المعرفة الكاملة.؟ إن تجربتنا التي اندفعنا فيها مع الزمن إلى مساحات عريضة من النقاش، والسؤال، وسواء ما كان نابعا من إكراه أدت إليه طبيعة رزقنا في الواقع العصيب، أو ما كان مجراه ساريا على سنَن القدماء الذين جعلوا السؤال غاية، لا وسيلة، قد أثبتت لنا أن كمال الأجسام كمال في الإدراك الحقيقي الذي تستقيم به أبنية المعرفة، لا لكون الشخص الناقص، لا يمكن له أن يكون كامل المعرفة، بل لكون كل عضو ناقص في الذات، لا يمكن تعويض إحساسه بالأشياء بعضو آخر. ومن هنا، رأينا علماء لم يتزوجوا لعذر من الأعذار، فكانت نظرتهم إلى النساء غير سوية، بل فجر ذلك في داخلهم جفاء، وغلظة، وقسوة. وربما قد حملهم ذلك على تقعيد فتاوى كريهة، وبغيضة، لا تنظر إلى المرأة إلا بنظرة تخالها فتنة يزينها الشيطان لإغراء الخليقة. ورأينا أناسا لم ينجبوا أطفالا، فلم تكن عاطفتهم في امتدادها نحو الأشياء سوية، بل تمازجت فيهم العواطف الحزينة، والأفعال اللطيفة، أو العكس من ذلك، فعاشوا متألمين في بواطنهم، ومتذمرين من واقعهم، بل ربما قد دفع بهم ذلك إلى عطف متجاوز لحدود الكمال الإنساني. ويعني ذلك أن فقدان الخصوبة في الإنجاب، مما يؤثر سلبا على التصور الحقيقي للذرية، لأن الأبناء، ولاسيما الصغار منهم، قد يعلمون العطف، والحنان، ولكنهم إلى جانب ذلك، يعلمون أمورا أخرى لها دور كبير في كمال المعرفة بالأشياء. فمفهوم المسؤولية، ومفهوم التخطيط، ومفهوم التربية، ومفهوم التعليم، وغيرها من المفاهيم الكثيرة، لا يمكن درك معناها إلا بوجود معنى الأبناء، ومعنى الأسرة، ومعنى الرعاية. وربما قد يمكن لنا أن نجد تلك المعاني بوسائل أخرى، لكنها لا تجسد ما نستفيده بوساطة الأبناء من المعاني الحقيقية. ومن هنا، فإن العرج في الذات، لا يمكن صاحبه من أن يحس بمعنى السرعة في الجري، وهكذا كل العاهات التي تلحق الأعضاء، فتشلها، أو تعطلها. لكن من معجزات التكوين الإلهي للإنسان، أن يعوض له ما يطرأ عليه من نقص في عضو آخر، وإن كان ذلك لا يعني وجود ما نستفيده من إحساس بذلك العضو المفقود. فإذا أحسسنا بقُبضة ذي اليد الواحدة، فإننا سندرك أن في يده قوة زائدة. وهكذا كل العاهات، فإنه تعوض بشيء آخر، وأجمل ما يعوض به الإنسان، هو معرفة الحقيقة التي تجعله شمسا ساطعة بنبل الأخلاق بين الأكوان. ولذا، يمكن أن يزاد في إدراك العقل بعاهة، أو نقص، أو آفة، لكن، ولو تم ذلك، فإنه لا يمكن اعتبار ذلك كاملا إلا من حيث كمال المعرفة بما انبنت عليه من معان، لأن كمال الأشياء في أخذها قوتَها في بناء الكل، لا في رفع الجدار من جهة، وهو منحرف في جهة أخرى. وذلك لا يمكن أن يحصل إلا إذا استوت المعرفة الباطنية الوجدانية بما فيها من صور المعرفة الظاهرية الحسية. ولا غرابة إذا سخر فولتير من سندرسون في إلحاده، وقال: "إنه ولد فاقد البصر"، لأن ما أصابه قدرا، قد منعه من رؤية جمال الكون والطبيعة بحاسته، وإن أدركه بما تخيله من صور لتلك الحقائق. ولكن ذلك مما يمكن تعويضه كما قلنا بالاندماج في العقل الكلي الذي يعوضنا كل ما فقدناه في الحياة المنتظمة بالقوانين الأزلية.
صعب أن نتحرك نحو هذا الأفق الذي نأمل بلوغ غوره في المعرفة، لأننا لم نتعود على السخرية من الحقيقة، والاستهزاء منها، والاستهتار بها. وما دمنا لم نتعلم تلك السخرية، فإننا لن نصل إلى المعرفة الحقة. وأول شيء يمكن لي أن أسخر منه، هو هذا العقل الذي مدح بأجزل العبارات، وأفخم الأشعار، وقُدس في التاريخ البشري، وعبد في التدبير المعيشي، بل ما وصف الإنسان بشيء أجمل من وصفه بالعاقل، والأغرب أن الحمقى، لا يعجبهم أن يتهموا بفقدان العقل، ولو اتهموا بزواله، فإنهم ينتفضون، ويثورون، ويموجون، وكأن لعسة نار قد أصابتهم. ولا أدري لم هذا العقل طاغية.؟ هل لكونه يميزنا عن غيرنا من الحيوانات.؟ ربما قد يكون هذا الاغترار سببا في زعم الإنسان أنه مسيطر على الكون، والطبيعة، والحياة. أجل، لولا ذلك، لما سوغنا لأنفسنا أن نحرق كل مكونات وجودنا، لكي نتمتع بصفة العقل الفذ. أليس ما بلغناه من دمار وخراب نتيجة لهذا العقل الجبار.؟ شيء غريب أن نقدس العقل، وهو سبب هواننا، وخزينا، وعارنا. وإن أنس، فلن أنس حوارا دارت رحاه بين عاقل، وأحمق. فالعاقل يدعي أنه هو الأقدر على تجسيد معنى الإنسان، بينما يقول الأحمق: لم أر أحمقا يبول في سابلة الطريق، ويتغوط في ظلال الناس، ولكني رأيت العقلاء يأكلون، ويشربون، ويقذفون بما فضل عنهم على قارعة الطرق، ويبولون على الأرصفة، ويتبرزون عند جذر الجدران. فمن الأعقل منا يا هذا.؟ سمعت هذا الحوار، وأنا طفل صغير، اقتفي أثر ذلك الأحمق، واستفزه بكلامي، لكي يهرول جهتي، ثم أهرب بعيدا منه، وأنا ثمل من الضحك. كانت هذه الخشية سبيلا لإحداث نوع من المرح، والسرور، لكن مضى زمن البسمة، والفرجة، لكي يخلفه زمن الغربة، والوحدة. والعجب أن يأتيني من يطالبني بأن أبتسم، ويقول: ابتسم للحياة تبتسم لك. غريب، وعجيب، فأنا لا أرى للحياة مبسما أتصيد منه بسمة وديعة. فأين بسمتها.؟ هل في شفتها.؟ أم في تقاسيم وجهها.؟ شيء غريب أنك أدركت الابتسامة، فابتسمت، وأنا حين أدركتها في مشاكستي لمن سموه الأحمق، قد ابتسمت، ولكنني لم أدركها الآن، ومنذ زمن طويل، وقد شاكست من وصفوا بالعقلاء، فلم أشهد منهم إلا عبوسا، واكفهرارا، وسوادا. وأنى لي أن أدرك هذه البسمة التي فقدتها في كائن لم يتعود على الابتسام.؟ ربما من فرط الضحك الذي تمتعنا به مع المجانين، والحمقى، لم يبق لنا رصيد منها، ولا حصيد فيها، ولا أدري هل يعرف صديقي متجَرا يمكن لي أن أتبضع منها هذه البسمة الحانية، ولو كانت متكلفة، ومصطنعة. ربما إن ابتسمت اليوم عنادا لحالي، أو تطاولا على أمري، فإني سأكون مستهزئا بعقلي، ومستهترا بذاتي، لأنني أدركت في تعصب الأماكن المطلولة بدماء العقل المغتصب، أن الخرافة والجهل قد امتزجا في مركب أحمق، ثم لبسا لبسة المطلق، فصارا غولا يقض مضجعي، ويوغر مهيعي. هذا التعصب، وهذا الجهل، لم يصنعا في الأمس بهجة هذه البسمة، فكيف يمكن لهما أن يصنعا بسمة على وجه يومنا.؟ غريب أن نبتسم، وقد اغتال الحقد والضغينة المعرفة، والإنسان. كان بالإمكان أن نقول للإنسان، اعتقد، فإن لم تعتقد، فإن الله سيعاقبك، لكننا اليوم نقول له: اعتقد، وإلا قتلناك. وهذا لعمري نهاية للعقل الذي يميزنا عن غيرنا، وبداية لعهد العقل المتوحش، والهمجي. فأي فرق بين هذا العقل الذي يغرد به أدعياء الحقيقة، وذاك العقل الذي صنع القنابل المدمرة، وهو يريد ديارنا خرابا يبابا.؟ شيء كثير من الشبه أجده عند دراسة التاريخ بين تعصب المذاهب المسيحية، وتعصب المذاهب الإسلامية، لكن العقل الأوربي، استيقظ بعد زمن من سباته، فانتقد ما حقه النقد، ووجه ما حقه التوجيه، وحذف ما حقه الحذف، فاستحق هذا العقل أن يتحول ولو في ماديته الخشنة إلى عوالم كشفت كثيرا من المخبوء الذي نقبل بعضه، وننكر بعضه، ونرفض بعضه، لأنه فكر بشري انطلق نحو التحرر، والحضارة، فبدأ يجرب الطرق واحدة تلو الأخرى، فإذا وصل إلى شيء منها، وقد وصل إلى لب العقل، كما وصل إلى طيش العلم، فقد اعتمد على سنن الطبيعة، وقوانين الكون، وإذا لم يصل، فقصارى جهده أنه حاول فك لغز الغموض. لكن أين عقلنا العربي من هذه الحركة.؟ لعلي أشعر به، وقد يشعر به كثير هنا، أو هناك، وهو يغط في نومه، ويتلذذ بكوابيسه، ويرسل شخيره إلى السماء، وأنى له أن يستيقظ من أوهام أحلام خرافاته، وأساطيره. فما الذي جعله مستحليا لنومه.؟ إنه الإيقان بأنه قد امتلك الحقيقة، والمعرفة، وما يقوم به غيره، ما هو إلا لحظة مسروقة منه، أو شيء سخره دافع الأزل في الطبيعة، لكي يكون في خدمة هذا العقل الفذ في أرضه، وسمائه. شيء غريب أن عقلنا يحتاج إلى تنويم مغناطيسي، لكي ندرك كوامنه، وعلله، وأمراضه. فالتقديس الذي لا يزال جاريا، وفاعلا، لم يثر النقاشَ حوله، إلا ما حدث من صراعات طائفية، اكتملت دائرتها بالحروب التي يتقاتل فيها أنصار السماء جميعا. إذن، لا يحق لي أن أصل إلى المعرفة، ما لم أسخر من هذا العقل الذي ادعى العلو في الأرض بخوفه على السماء، وما لم أسخر من هذه الحقيقة التي قتلت الإنسان فداء للأفكار العليلة. إذن يحق لي أن أسخر من هذه المعرفة، لا لأنها غير ممكنة الإقلاع، فقد أقلعت، ولكنها سقطت في عمق البحر. كلا، بل يحق لي أن أسخر من الحقيقة، لا لأنها لا تقبل اليقين، فقد أيقن بها أناس، ولكنهم دمروها حين حرثوا الأرض بالحرب، وحفروا الأخاديد بسنابك الخيل، وسقوها بوديان الدماء. أجل هذه هي الحقيقة حين تكون عذابا لصاحبها، لا أملا في الحياة، ورجاء في الخلود. والأغرب أننا من شدة غبائنا نظنها بعيدة، وهي أقرب إلينا من حبل الوريد، فلم لا نسخر منها، وقد أبعدناها بأوهامنا. وهي التي أتبعتنا في إدراكها سنين طويلة. شيء فينا يمنعنا من إدراك الخطأ، والصواب، بل يحجر على عقولنا الباحثة عن الاعتدال، لئلا تعترف بالخطأ، وهل المعرفة إلا إدراك للخطأ، والعصمة.؟



#جميل_حسين_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات فلسفية 5
- تأملات فلسفية 4
- تأملات فلسفية 3
- تأملات فلسفية 1
- تأملات فلسفية 2
- صيد الذكرى
- رسائل إلى السماء الرسالة الثانية 2-2
- رسائل إلى السماء الرسالة الثانية 1-2
- رسائل إلى السماء الرسالة الأولى
- عطر الصباح جنون الكتابة
- عطر الصباح مقالات نافرة، وزافرة
- عطر الصباح وقفة مع كتاب سر الصباح 1
- عطر الصباح وقفة مع سيدي أحمد بن الحسن أبناو في كتابه: سر الص ...
- عطر الصباح تعليق على قصيدة ميثاق كريم الركابي: كانت لنا قضية ...
- عقيدة الكاتب
- إزالة الالتباس عن مُشكَلات الإصلاح الديني 2
- إزالة الالتباس عن مُشكَلات الإصلاح الديني 1
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 8
- تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 7
- تجديد المسار... أي دور للمنبر 6


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جميل حسين عبدالله - تأملات فلسفية 6