أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - المعارضة السورية وإشكالية التمثيل السياسي















المزيد.....

المعارضة السورية وإشكالية التمثيل السياسي


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5067 - 2016 / 2 / 6 - 10:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يندرج بحث إشكالية التمثيل السياسي، وعلاقة ذلك ببنية المعارضة وآليات اشتغالها، وأشكال تجلياتها الراهنة، ضمن إطار البحث الموضوعي لسيرورتها السياسية المحمولة على أزمة بنيوية. فالسياق التاريخي لتطورها، والمفاصل السياسية التي مرت بها. كان وما زال، ينكشف على مزيد من الانقسام والتشتت، وصولاً إلى التنابذ والعداء. وإذا كان ذلك يتعلق في مراحل معينة بخلافات إيديولوجية وفكرية وثقافية، وأخرى سياسية لها علاقة بالموقف من النظام ومن نمطية الدولة القائمة. فإنه بعد الغزو الأمريكي للعراق. تجاوز ذلك إلى خلافات إشكالية تتعلق بالموقف من العوامل الخارجية، وتأثيرها على تغيير الخارطة السياسية الداخلية. ولم تنكشف تماماً تجليات تلك المواقف آنذاك، نتيجة امتناع الدول المعنية عن التدخل المباشر في الشأن السوري. لكنَّ ذلك تغيَّر بشكل دراماتيكي مع بدايات الربيع العربي. واتضحت تجلياته وتأثيراته العيانية تدريجياً على أوضاع السوريين والفصائل المعارضة، وعلى بنية النظام وآليات اشتغاله. وكان لذلك دور ملموس في تحوُّلات الصراع السياسية وآلياته وأدواته، التي فقدت تدريجياً علاقتها بالشعب السوري، وأهدافه التي انتفض لتحقيقها.
في السياق ذاته تعاني المعارضة، من إشكالية مركَّبة تتمثل في محاولة أطرافها احتكار تمثيل المعارضة والمجتمع. ويتجلى ذلك باستخدام أعضاءها لهجة تخوينية، تكشف عن طبيعة علاقتها البينية، وتأصُّل التناقض والتباين بين مكوناتها. وأيضاً عن نمط تفكيرها وآليات اشتغالها السياسية. وينسحب ذلك على طبيعة الموقف السياسي من النظام / السلطة، والدولة، وإشكالية وضعهما في خانة واحدة، على أساس الربط الميكانيكي. ومعلوماً أن ذلك يساهم في مضاعفة وتسريع تدمير كيانية الدولة ومؤسساتها كافة، ويحوّل السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية إلى ضحايا صراعات، دولية وإقليمية، لا تعبِّر بالمطلق عن أهداف السوريين في التغيير السياسي الذي يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية. وبالقدر الذي يزيد ذلك من الفجوة بين أطراف المعارضة من جهة، وبينها وبين السوريين من جهة أخرى. فإنه يجعل منها حالة خارجية مرتبطة بالدول الداعمة. لدرجة أصبح تمثيل مصالح تلك الدول والتماهي مع سياساتها، يتقدم على مطالب وأهدف السوريين، وينعكس على طبيعة العلاقة بينهما. يستثنى من ذلك، تيارات من المعارضة الوطنية العلمانية. لكن استبعاد تلك الأطراف وتهميشها، واتهامها بالخيانة والالتصاق بالنظام بحجة تمسكها بالدولة ومصالح السوريين الاجتماعية، يغدو استبعاداً لشرائح واسعة من المجتمع السوري الذي يُعتبر مصدر الشرعية، وصلة الوصل بين الدولة كما يراها السوريون، وبين السلطة الديمقراطية العلمانية المراد إنتاجها. فالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة حق مطلق للسوريين جميعاً. وتمسكَّهم بذلك، لا يقلل من مشروعيته، أشكال التشويه التي طالت مفهوم الحرية، ومن طالب به. في السياق ذاته، انعكس تناقض مواقف الدول الداعمة للمعارضة السياسية، والمسلحة بآن، على تركيبتها وآليات اشتغالها، وأيضاً على ترتيب أولويتها، وطبيعة علاقتها بالمجتمع السوري، الذي دخل في طور الانقسام الذاتي المتعدد الأبعاد والمستويات.
يشكل انقسام المعارضة بين الداخل والخارج، وبين مسلحة، وسياسية سلمية. وأيضاً بين علمانية يسارية، وأخرى إسلامية، أحد أسباب انقسام الشارع السوري، وانتقاله إلى تموضعات سياسية أفقية، واجتماعية عمودية. لكن ذلك لا ينفي أنهم جميعاً، معرضين للقتل والنهب والإفقار وأشكال أخرى مختلفة من الانتهاكات والارتكابات المتنافية مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان . وذلك يدلل على إشكالية إدعاء أطراف من المعارضة، وأيضاً النظام، احتكار تمثيل السوريين. وبغض النظر عن موقف السوريين السياسي من النظام، ومن أطراف المعارضة، فإنهم يُجمعون على أولوية المحافظة على وحدة الدولة / الوطن، والتماسك الاجتماعي.
من جانب آخر تكشف أوضاع المعارضة عن تهميش السوريين، وافتقادها إلى برنامج سياسي واقتصادي اجتماعي استراتيجي، يمكِّنها من التعبير عن مصالح السوريين والدفاع عنهم، واكتساب تأييدهم في مواجهة النظام. أما بخصوص بقاء السوريين« معارضة ـ موالاة» في مناطق سيطرة النظام، أو اللجوء إليها. فإنه ينطلق من حرصهم على البقاء في ظل دولة لم تستطع قوى المعارضة تجسيدها في المناطق التي تسيطر عليها. وذلك لا يعبِّر عن موافقتهم على أداء النظام، أو أنهم نقلوا مواقعهم السياسية إلى حقله السياسي. ويدلل على ذلك تمسكهم بضرورة التغيير السياسي، ووقوفهم ضد ممارسات النظام الأمنية وسياسات الإفقار والفساد. ويتصل ذلك مع رفضهم للنماذج التي يفرضها داعش وجبهة النصرة ومجموعات أخرى متشددة . إضافة إلى ذلك، فإن رفض شرائح واسعة من السوريين تمثيلهم من قبل بعض الفصائل المعارضة، وبشكل خاص الائتلاف، يعود إلى أسباب متعددة منها: ارتهانها إلى قوى دولية وإقليمية مشكوك في صدقتيها بدعم السوريين لإقامة دولة المواطنة تحت مظلة نظام علماني يحافظ على وحدة الجغرافيا السورية. الالتصاق بمجموعات جهادية تعمل على فرض«دولة إسلامية» تتناقض مع طموح السوريين في إقامة دولة ديمقراطية تعددية تحقق العدالة الاجتماعية. يتقاطع في السياق ذاته، خضوع مناطق سيطرة المعارضة إلى مجموعات إسلامية متشددة يرفضها السوريين الذين اعتادوا على مناخات اجتماعية منفتحة.
وبدلاً من قراءة إستراتيجية الصراع في ضوء استمرار التحالف الطبقي والاجتماعي الذي يمثّله النظام بشكله الحالي، والذي كان من أسباب استمراره، وبقاء مؤسسات الدولة. تمسكوا بسياسة الهروب إلى الأمام، والإدعاء باحتكار تمثيل الشعب. وحين تصل أطراف من المعارضة، إلى ما وصلت إليه من الانقطاع عن المجتمع وتحوّلاته، لن يكون غريباً ما تشهده من صراعات وتناقضات بينية. وجميعها تجليات تكشف عن أزمتها البنيوية. فهي لا تتبنى مشروعاً واضحاً للدولة، وتفتقد إلى القدرة على إقناع الأكثرية بخيارات لم تعد تمثّل الحالة التي وصل إليها المجتمع. ويتجاهلون أنهم يتحملون جانباً من المسؤولية السياسية عمَّا وصل إليه المجتمع من دمار. وهذه المسؤولية تتناقض مع زعمهم تمثيل السوريين كافة، وهي حال النظام أيضاً. لكن الأخير ما زال يسيطر على العديد من مؤسسات الدولة وأجهزتها، ويستطيع من خلال ذلك تقديم تعويضات جزئية للمتضررين. في حين أنّها، أي المعارضة لا تمتلك ذلك. وفي الحالات التي كان باستطاعتها القيام بذلك، أنتجت نماذج حكم فاشلة، لا تعبِّر عن طبيعة السوريين وأوضاعهم . وكان ذلك من أسباب بقاء أطراف من المعارضة خارج مظلّة مؤتمر الرياض، كونها ترفض أن يتحوّل التمثيل السياسي «للثورة» إلى ذريعة لإضفاء الشرعية على نماذج حكم أحادية. ولا تنحصر إشكالية التمثيل في طبيعته، لكن تتعداه إلى تحويل الممثّلين أنفسهم، إلى حالات شكلية لا علاقة لها بأوضاع السوريين الراهنة. واختيار هؤلاء ينحصر في إضفاء الشرعية على نمط التمثيل السياسي الذي تكرِّسه الرياض وقطر وتركيا. وذلك يمهِّد إلى تعريف احتكار التمثيل السياسي المندرج في إطار الهيمنة الخارجية. والتمثيل بهذا المعنى يتحوَّل إلى تمثيل خارجي يتم في سياقه استبدال الشرعية المستمدة من المجتمع الذي يجري الانفصال عنه تدريجياً، بشرعية أخرى مختلفة، تستمد حضورها من الولاء للدول الداعمة التي أصبحت تشكِّل مصدر الشرعية بدلاً عن المجتمع.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهايات مأزومة
- فقراء سوريا: ضحايا معارك صامتة
- في رثاء الشرق الأوسط
- في نقد السلطة الأبوية
- سوريا والمعادلة الصفرية
- في سياق تحويل الشعب إلى جمهور
- سوريا: مفارقات وتحولات
- عتبة الخيارات القسرية
- في سوريا: جحيم من نوع آخر
- أسباب التدخل الروسي في سوريا وتداعياته
- في طبيعة وبنية الدولة الراهنة
- في طبيعة الدولة الراهنة وبنيتها
- هجرة في الموت
- سوريا على صفيح ساخن
- العالم العربي نموذجاً: الدولة حين تأكل المجتمع
- في أوضاع الطبقة العاملة وتغيراتها البنيوية
- في مقدمات ثقافة العنف
- الدور الوظيفي ل «داعش» وأخواته
- إشكاليات الحل السياسي في سوريا
- سوريا: عتبة انهيار الأمن الغذائي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - المعارضة السورية وإشكالية التمثيل السياسي