أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد/ بوضرين - شجرة التين المسكونة














المزيد.....

شجرة التين المسكونة


علي أحماد/ بوضرين

الحوار المتمدن-العدد: 5066 - 2016 / 2 / 5 - 17:31
المحور: الادب والفن
    


الظلمة حالكة والليل موحش فقد غاب القمر والقرية لا كهرباء فيها . من عادة الأهالي ان يلجوا بيوتهم -مع حلول الظلام - بعد يوم عمل شاق ومتعب في الحقول لجمع محصول القمح بالبيادر في إنتظار الدرس بطقوسه الجماعية العجيبة . يجتمع المراهقون والشباب أمام البيوت في جلسات رومانسية غير فاحشة لم تدنسها النيات السيئة والفاسدة ولا تخدش الحياء الجمعي للقبيلة لأنها في عرفهم بريئة وعذرية.. رائحة القمح بالبيادر تنثرها نسائم ليل الصيف الحارة والنور المنبعث من البيوت الطينية وخرير الماء يغري بالسهر والسمر. تتخلل الجلسات ولهيب النار المستعرة هنا وهناك حكايات الأرواح والأشباح والتي تنقش في نفوس مرهفي الإحساس أثار الذعر والوجل . يخشون الأماكن المسكونة والموحشة ويتجنبون السير ليلا قرب المقبرة . وأنا -ومنذ قدومي الى القرية- سكنتني حكاية شجرة التين المسكونة في أقصى طرف القرية . شجرة كبيرة تطرح ثمارا طيبة وسائغة نمت بين صخور تهاوت بشكل غريب . يسميها الأهالي ( تازارت نوانستف ). يهابون الإقتراب من هذه الشجرة ولا يأكلون من ثمارها فهم يعتقدون اعتقاد راسخا يتوارثه الأجيال ان من يقطف ثمارها يصيبها الأذى... تشل يد كل من دنس قدسيتها ولهذا بقيت في المخيال الجماعي للقرية شجرة مسكونة تحميها الأرواح . وظلت تحاك حولها القصص في ليالي السمر. قررت أن أستجلي حقيقة الشجرة وأكسر طابو قدسيتها وأقتحم عالمها المسكون وأشبع الفضول الذي سكنني. وجدت لدى بعض أطفال القرية من أقراني الشجاعة الكافية والرغبة الجامحة في زيارة المكان، وهو عمل يكتنفه الجنون وتلفه البطولة والإندفاع . سرنا بين الحقول على ضفة الوادي والشمس لافعة خففنا من حرارتها - على عادة أهل القرى صيفا - بأكلة طعام الذرة واللبن.. تسلقنا الجبل كالسعادين حتى انتهينا بمشقة الى المكان . صخور متساقطة أكواما وكأن زلزالا مد مرا ضرب المكان في سالف الأزمان. وشجرة التين شامخة ووارفة الأفنان وقد تدلت بما حملت من ثمار شهية لم يقربها آدمي وإنما عليها بادية نقرات الطير ورشفات النحل. قطفنا منها حاجتنا وتركنا بعض الثمار تؤت أكلها بعد حين ، ونحن على يقين أن الرعاة الذين تملآ قطعانهم الجبل عنها غافلون ولن يقتربوا من الشجرة . شجر التين يغطي حقول القرية ولكننا نفضل تين هذه الشجرة الملعونة لما يلفها من غموض وتمارسه من غواية...شجرة وحيدة تنبت بأرض صخرية ملساء. بقيت قصتنا وهذه الشجرة سرا بيننا حتى لا ينعتنا الأهالي بالشيطنة....ونمنع من زيارتها وقطف ثمارها...وكل ممنوع مرغوب..



#علي_أحماد/_بوضرين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحولي


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد/ بوضرين - شجرة التين المسكونة