أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 4















المزيد.....

الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 4


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5065 - 2016 / 2 / 4 - 13:41
المحور: الادب والفن
    


ج) الكفاح من أجل التحرر الوطني (المرحلة الثانية)

1 – إعادة بناء التنظيم
ظهرت عام 1956 بعض الأشكال الجنينية للتنظيم عَبر عمليات فدائية شنت من قطاع غزة وسوريا، وأخذت هذه النشاطات مقاييس متزايدة مع بداية الستينات، عندما وقعت تحولات كبيرة في بلدان أخرى: أصبحت الجزائر مستقلة عام 1962 قبل أن تُستعمر بشكل غير مباشر اقتصاديًا، وحوالي سنة 1950 تحطمت تقريبًا كل الإمبراطوريات الاستعمارية بأشكالها التقليدية، نقول بأشكالها التقليدية، فهي لم تزل قائمة بعد أن تعصرنت، وارتدت ثياب العولمة، دون أن يتبدل شيء في الوضع الفلسطيني. تزايد المد الشعبي في البلدان العربية أكثر فأكثر، خاصة في الأردن، حيث يقيم معظم الفلسطينيين.
في سنة 1964، أنشأت الدول العربية "منظمة التحرير الفلسطينية" لتكون بطاقة ضغط في يدها، وفي سنة 1965 تأسس أول تجمع شتاتي سلطوي مديني فلاحي صغير ذي بنيان منظم بمولد "فتح". وهكذا اجتازت الانطلاقة التي تهدف إلى التحرر الوطني مرحلة هامة في عملية نضجها إلى حد ما، إذ عبرت ما كانت تدعى "الثورة الفلسطينية" آنذاك عن تنظيم له أهدافه المحددة تحت قيادة وطنية تبعًا لهذه الأهداف، متذبذبة تبعًا لسلوكها، وبينما عبر برنامجها عن النقاط الأساسية لثورة وطنية ديمقراطية مستجيبة لحركة التحرر الوطني العريضة، العربية والعالمية، ظل ذلك حبرًا على ورق، في اللحظة التي اعتبرت فيها الثورة أن الكفاح المسلح مهمة فلسطينية بحتة، والأخطر من ذلك في اللحظة التي رفعت فيها الأنظمة العربية عبء فلسطين عن ظهرها للتخلص من القضية تحت وهم أن كفاح الفلسطينيين "ليس مجرد وسيلة فعالة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني فحسب، بل والطريق الوحيد لتوكيد الشخصية شخصية الفلسطينيين الوطنية" (14)، شخصية الفلسطينيين الوطنية هذه التي عملت على محوها تعاملات القيادة مع الأنظمة العربية، كل نظام كما يهوى، وعلى عزل هذه القيادة بالتالي عن الشارع العربي اللهم إلا في علاقاتها المشجية معه. صحيح أن قيام الثورة الفلسطينية عبارة عن بداية لتطور تنظيمي طويل للشعب الفلسطيني، لكنه أعطى منظمة وطنية ذات سلطة متذبذبة خاضعة لدبلوماسيتها العربية تارة، وتارة للضربات العديدة المتلاحقة التي تلقتها، ولممارساتها الخاطئة التي كانت تسعى لتوكيد شخصية السلطة الفلسطينية لا شخصية الفلسطينيين. أما فيما يخص الكفاح كمهمة فلسطينية بحتة، فقد خاب سعي أصحابه، لِما ترمي إليه الأنظمة العربية (والنظام العالمي) من استفراد بالفلسطينيين، واعتبارهم بالأمس طائفة، واليوم أقلية لا توفر لهم شروط استعادة حقوقهم من خلال العلاقة بالأردن كدولة على الضفتين، وفي المستقبل كدولتين متحدتين.

2 – هل تشكلت الثورة الوطنية الديمقراطية؟
يشير تاريخ 1967 إلى انطلاقة جديدة في وعي الشعب الفلسطيني، فقد أبرزت الهزيمة الجديدة في معركة الاستقلال الوطني جانبًا هامًا من جوانب هذه المعركة، ألا وهو وجود حركة المقاومة كتنظيم وميلاد لآمال عديدة وأحلام جديدة، فالشعب الفلسطيني كان خاضعًا لوصاية السلطة العربية، فوصاية السلطة الفلسطينية، ومثلما أثبتت له ثورة 1936 –التي فشلت- أن لا بد من تصور شعبي جديد لتنظيمه، أثبتت له هزيمة حزيران 1967 أن لا بد من ضرورة للعمل بصفته قائدًا لذاته ولقضيته، قبل أن تغترب ذاته من جديد، وتُصفى قضيته. منذ ذلك الحين، أخذت الشخصية الوطنية للشعب الفلسطيني تُثبت نفسها في المجال السياسي الدولي حسب الظروف صعودًا أو هبوطًا، وبدا أن للثورة الفلسطينية آنذاك ميزة تقدمية، إن لم تكن اشتراكية، عندما تشكلت منظمة التحرير من كافة فصائل مقاومة الشعب الفلسطيني قبل أن تنكشف المساومات في الدهاليز بين هذا الفصيل وذاك، وقبل أن ينفضح أمر الأشخاص الذين هم ذاتهم يقودون منذ عشرات السنين، كأي نظام عربي أبدي، على الرغم مما مُنِيُوا به من فشل تلو فشل، فالاشتراكية عند الفشل تعني، والتقدمية عند الفشل تعني، والديمقراطية عند الفشل تعني، أن يذهب الذين فشلوا في سياساتهم، وأن يفسحوا للآخرين المجال ليجربوا حظهم في سياسة أخرى، لكنهم كانوا من أولئك التوتاليتاريين الذين لا تنفع فيهم العِبَر من سقوط من سقط في أوروبا الشرقية. صحيح أن أحداث أيلول 1970 لم تعق استمرار الثورة الفلسطينية، لكن لم تحاول سلطتها جاهدةً أن تستخلص منها النتائج، وأن تقف "وقفة جادة أمام التجربة بمجملها –كما يرى الباحث خليل هنداوي- في محاولة لوضع خط سياسي وإستراتيجي جديد قائم على إدراك عياني للظروف المحددة، والتعيين الدقيق للأولويات والأهداف المرحلية." (15)
ونتيجة لأسسها وآفاقها المسايرة للسائد المحلي والعالمي، وبالتالي لمواقفها المتذبذبة، كانت الهجمات التي تعرض لها بعض رجال المقاومة النزيهين، والتي ذهب ضحيتها غسان كنفاني كقائد فلسطيني في حادث انفجار سيارته المفخخة، يوم الثامن من تموز 1972، فمن ذا الذي كان من وراء تلك الهجمات؟ ومن هو قاتل غسان كنفاني الحقيقي؟ وللأسباب ذاتها، لم تحرز المقاومة أي هدف من أهدافها قبل وخلال وبعد حرب تشرين الأول 1973.
لقد تهيأ لنا الانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني، وذلك بقبول وفد فلسطيني في هيئة الأمم المتحدة (تحت غطائها يطالبون بالشرعية الدولية التي هي شرعية الدولة الأعظم، أمريكا، أي لا شيء للشعب الفلسطيني وكل شيء لإسرائيل، حليفة صاحبة الشرعية الدولية. لهذا، ترفض إسرائيل قرارات هيئة الأمم المتحدة لعلمها بسياسة المكيالين التي هي سياسة في صالحها، ولا تقبل إلا بتطبيق قراراتها التي هي قرارات الحكومة الإسرائيلية)، إذن لقد تهيأ لنا الانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني بصفته مراقبًا دائمًا عند انعقاد الجمعية العمومية بتاريخ 13 تشرين الثاني 1974، ولقد أوهمتنا سلطة منظمة التحرير الفلسطينية كونها تتمتع بكل مقومات المجتمع المنظم في المنفى، في اللحظة التي قدمها فيها ياسر عرفات للعصبة الدولية بالكلمات المفارقة التالية:
"تُعتبر منظمة التحرير الفلسطينية بأنها وهي تخوض المعارك المسلحة وتواجه قسوة الإرهاب الصهيوني قد قامت بمآثر عديدة حضارية وثقافية، فشكلت مؤسسات البحث العلمي، والتطوير الزراعي، والرعاية الصحية، وإحياء التراث الحضاري لشعبنا، وتطوير الفلكلور الشعبي، وخَرّجت من بين صفوفها عددًا من الشعراء والفنانين والكتّاب الذين يسهمون في تطوير الثقافة العربية، وربما امتد ذلك إلى الثقافة العالمية." (16)
كلمات مفارقة لأن ما لم يقله ياسر عرفات إن هذه المؤسسات مهترئة بالقيّمين عليها، المتناحرين، كأي نظام عربي غير ديمقراطي، وأن الشعراء والفنانين والكتّاب لم تُخرّجهم سوى أقلامهم وعلاقاتهم الفردية بفلسطين، لأن النزيهين منهم محارَبون أو مبعدون.
لكن التحول على الرغم من ذلك كان عميقًا لدى الشعب الفلسطيني:
منذ الهزيمة الكبرى الثانية والتالية للعدوان الإسرائيلي، استعاد الشعب الفلسطيني الشعور بوعي نفسه كذات قبل تجيير هذا الوعي لصالح الذات السلطوية، وما كان هزيمة عسكرية عام 1967 كان في الوقت ذاته قطيعة مع ماضٍ سَلبي عبرت عنه سياسيًا سنوات فيما بعد الانتفاضة الباسلة.
ذلك هو الواقع التاريخي لهزيمة 48، للدياسبورا، وللميلاد العظيم للشعب الفلسطيني الذي عاشه غسان كنفاني، وعَبَّر عنه في أعماله الأدبية. وخلال ذلك الوقت، طرأ على الأدب نفسه تطور في معاييره الجمالية، نود قبل تقديم أعمال كنفاني أن نرسم ذلك الطريق الأدبي الذي يقود من كلاسيكية أدب نخبة إلى حداثة أدب جديد.


المراجع
(1) وزارة الإرشاد القومي: قضية فلسطين، مصلحة الاستعلامات، دمشق 1968، ص 51.
(2) المرجع السابق: ص 54.
(3) ناجي علوش: الحركة الوطنية الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت 1974، ص 149.
(4) إميل توما: جذور القضية الفلسطينية، مركز الأبحاث، بيروت 1972، ص ص 228-235.
(5) ناجي علوش: المرجع السابق، ص 148.
(6) سامي الجندي: عرب ويهود، دار النهار، بيروت 1968، ص 59.
(7) هشام شرابي: المقاومة الفلسطينية في وجه إسرائيل وأمريكا، دار النهار، بيروت 1970، ص 203.
(8) زكي المحاسني: طوقان شاعر فلسطين، دار الفكر العربي، القاهرة (بدون تاريخ)، ص 73.
(9) هشام شرابي: المرجع السابق، ص 206.
(10) إميل توما: المرجع السابق، ص ص 97-98.
(11) هاني مندس: العمل والعمال في المخيم الفلسطيني، مركز الأبحاث، بيروت 1974، ص 13.
(12) معين محمود: الفلسطينيون في لبنان، دار ابن خلدون، بيروت 1973، ص 19.
(13) معين محمود: المرجع السابق، ص 11.
(14) حديث لناطق رسمي من فتح: نيويورك تايمز 3 كانون الثاني 1967، ص 6.
(15) خليل هنداوي وآخرون: المقاومة الفلسطينية والنظام الأردني، مركز الأبحاث، بيروت 1971، ص 279.
(16) ياسر عرفات: خطبة 13 تشرين الثاني 1974، مجلة فلسطين الثورة عدد 118، بيروت 17 تشرين الثاني 1974، ص 13.


يتبع 2 – انحطاط الجمال وارتقاؤه في الأدب العربي



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 3
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 2
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 1
- رعب - المشاهد الكاملة
- رعب - المشهد العاشر
- رعب - المشهد التاسع
- رعب - المشهد الثامن
- رعب - المشهد السابع
- رعب - المشهد السادس
- رعب - المشهد الخامس
- رعب - المشهد الرابع
- رعب - المشهد الثالث
- رعب - المشهد الثاني
- رعب - المشهد الأول
- إرهابيون السيناريوهات الكاملة
- إرهابيون - بكين - سيناريو10
- إرهابيون - واشنطن - سيناريو9
- إرهابيون - ستوكهولم - سيناريو8
- إرهابيون - موسكو - سيناريو7
- إرهابيون - غزة - سيناريو6


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 4