أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير















المزيد.....

الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 17:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





ثمة سباق محموم تخوضه موسكو وواشنطن، مباشرة أو عبر وكلائها في شمال سورية. الرقة هي مسرح السباق الدموي والتدميري الشامل الذي يدخل شهره الخامس، على ايدي سلاح الجو الروسي بصورة خاصة، مع استمرار قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة داعش، ولكن بصورة أقل من تنفيذ عمليات القصف الجنونية، والتي يتكفل بها الروس، على مايبدو ضمن قائمة التوافقات السرية بين روسيا والولايات المتحدة بشان التعامل مع الملف السوري، ومن ضمنها التفاهم المريب بين هذين الطرفين لدعم ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، ذراعهما المشترك، على الأرض في الشمال السوري، حتى الآن.

تصعيد القتل

منذ صدور القرار الدولي 2254 بشأن سوريا في منتصف كانون الأول / ديسمبر2015 بدأت موسكو بتصعيد حملتها العسكرية البرية في مناطق الساحل السوري، والحملة الجوية الأولى من نوعها منذ بدء الاحتلال الروسي، المتمثلة في الغارات شبه اليومية، على معظم مناطق الرقة. وهي غارات يفترض أنها تستهدف القضاء على داعش، لكنها – شأنها في ذلك غارات النظام والتحالف الدولي، والغارات الفرنسية والبريطانية- لم تستهدف حتى اليوم، سوى الأحياء السكنية والمرافق الصحية والتعليمية، ومرافق بنى تحتية عديدة أخرى كمحطات الكهرباء والمياه والجسور والطرقات العامة. لكنها بالمطلق ووفقاً للتقارير والمعلومات الدقيقة التي ترد من داخل الرقة عن نتائج تلك الغارات، بأنها لم تنل من داعش في شئ يذكرحتى الآن.

القصف الجوي يبدو أشبه بحملة عشوائية هوجاء، غايتها، إحلال أكبر قدر من الدمار والترويع في نطاق السكان المدنيين الذين، مازالوا مصرين على البقاء ومواصلة الحياة، على الرغم من التكالب الوحشي والدامي لكل الأطراف على الرقة: روسيا والنظام، وقوات الديمقراطي الكردستاني. والتحالف الدولي الذي يشترك مع كل هذه الأطراف التي تدّعي محاربة الإرهاب، أنها تتغاضى بشكل واضح، اصطياد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، وتفكيك بناه التنظيمية وخلخلة قداراته العسكرية، في الحدّ الأدنى، ولن يجد التنظيم فرصة أفضل من ذلك لتمنحه مزيداً من الوقت والقدرة للنمو والتمدد، تحت رعاية هذه القوى الإحتلالية للرقة ودير الزور ومناطق اخرى في الشمال السوري، من ريف شرق حلب حتى المالكية.

تتسم الغارات الجوية بأنها تنفذ من قبل طائرات حربية حديثة، ذات قوة تدميرية عالية، و يتم استخدام كافة انواع المقذوفات التي تخلف ضحايا كثر ودمارا هائلاً، وهذا ما يعني القصف بأسلحة محرمة دولياً، ثبت ذلك في الغارات التي استهدفت مناطق سكنية بالقنابل العنقودية، كما حدث في معدان، وفي تدمير الجسور، وفي الغارات التي طالت شارع 23 شباط مطلع العام الجاري.

دوافع وغايات

هل ثمة علاقة ما بين التصعيد الجوي، وتدمير المدينة، من جهة. ودعم قوات صالح مسلم، واستحقاقات جنيف 3 ؟ بمعنى أدق ماهي غايات القصف الجوي على الرقة، بمثل هذه الكثافة والوحشية ؟

تصمت روسيا عن نتائج ما يقارب أربعة أشهر من القصف الجوي على الرقة، في الوقت الذي يعلن فيه لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي، في تقييمه لنتائج عمليات التحالف، أنه تم قتل 22 الف داعشي. في الحقيقة إن هذه الأرقام ليست صحيحة على الإطلاق، وإلا لكان تنظيم داعش في خبر كان. أما الصمت الروسي فهو واقعي جداً، منذ أن بدأ عملياته بحجة محاربة تنظيم الدولة، ركز جهوده على محاربة قوى المعارضة السورية التي يعتبرها قوى إرهابية. لكن هجماته في المناطق المحتلة من قبل داعش، لم يتعرض فيها التنظيم لأي اذى يذكر!

من المهم جداً الإشارة هنا إلى الدعم الذي تقدمه موسكو بسخاء الى مايسمى بقوات سوريا الديمقراطية التي تتحدث أكثر من مرّة عن اقتراب بدء معركة تحرير الرقة، ثم يذهب الأمر طيّ النسيان. روسيا تقوم بشن غارات تدميرية هائلة لعدد من المناطق داخل الرقة المدينة وفي أطرافها، وهذا ما يعني العمل على خلخة النسيج العمراني والسكاني في المدينة. وهذا يحقق أمرين، هما:

1- تخفيف الكثافة العمرانية، بما يخلق مناطق فراغ مكشوفة، وتقطيع أوصال المدينة، بحيث تبقى مجموعة من الجزر وسط الخراب، وهذا يشكل نقلة جديدة في عملياتها التي استهلتها بإنشاء بساط محروق حول المدينة منذ حوالي شهرين.

تصب هذه العمليات في خدمة قوات صالح مسلم، المرشحة لبدء هجوم بري على الرقة، إذا ما تم اتخاذ قرار بالمباشرة، بالتنسيق مع الأميركيين، الذين يتحدثون اليوم عن أولوية تحرير الموصل. وهذا يعني إطالة أمد العمليات الجوية الروسية والنظام وقوات التحالف على الرقة، أي مزيداً من الضحايا المدنيين، وتدمير الممتلكات، والبنى التحتية.

كل تلك العمليات لم تؤد الى نتائج مباشرة بعد مضي أكثر من عام ونصف. أما دخول القوات الكردية على الخط، هو مجرد مرحلة مؤقتة، انساق فيها صالح مسلم، بدعم روسي، ليشكل الوجه الآخر لنظام الأسد، في المحاولات المستميتة لاستعادة المناطق التي فقد السيطرة عليها، وهذه المسألة تدخل غي حسابات الأوراق الضاغطة في مفاوضات الحل السياسي ( جنيف 3 ).

2- دفع السكان، خاصة أبناء مدينة الرقة / المركز- والتي تشكل الثقل الاجتماعي والسياسي، للعشائر العربية ( بمنطق المكونات الاجتماعية، السائد اليوم )، لمغادرة المدينة، ضمن حالة نزوح شبه منظمة متواترة مع حالات استهداف الأحياء الأكثر اكتظاظاً بالسكان. ومن المتوقع أن تشهد الرقة موجة ثالثة لنزوح كبير، كتلك التي اعقبت احتلال داعش للمدينة، ثم الموجة الثانية مع بدء عمليات التحالف الدولي، حيث تتحضر القوات الكوردية لطرد داعش من الرقة، كعنوان عريض . أما الأجندة الخاصة بها، فهي استكمال ما كانت قد بدأته في منطقة تل ابيض، من إحداث تغييرات ديمغرافية، وإدارية، تمثلت بتهجير السكان العرب من قراهم ومنع عودتهم إليها، ومصادرة الممتلكات الخاصة والتعدي عليها، وإلحاق تل أبيض بعين العرب( كوباني ) وناحية سلوك برأس العين.

من وجهة نظري، تلك المسلكيات والإجراءات الغير قانونية، لن تصب سوى في مصلحة النظام وداعش. أما القوى الكوردية المنضوية في إطار مايسمى بقوات سوريا الديمقراطية، فإنها ستكتشف متأخرة خديعة الدعم الذي تأمل به من واشنطن وموسكو. في لحظة الحقيقة، إحراق الورقة الكوردية بهذه الصورة، لن يكون في صالح المستقبل السوري على الإطلاق، إذا بقيت أساليب الـ”بيدي” مستمرة بتجاوزاتها الممنهجة.

موجه نزوح السكان المدنيين، هرباً من الموت، ستكون باتجاه الأرياف، نتيجة لارتفاع جنوني في أسعار المعيشة آخرها الخبز الذي رفعت الدعم والمراقبة عنه داعش، في عملية حصار جديدة ضد الأهالي، إضافة إلى أسباب اخرى تتعلق بإغلاق تركيا لبوابات العبور، والوصول إليها – في الأصل – يحتاج إلى تذليل الصعوبات الجمّة التي يفرضها الـ ” بيدي ” على تنقل المواطنين ( العرب ).

صمت إعلامي وسياسي

باستثناء التغطية المتواصلة بين الحين والآخر لقناة اورينت، وبعض الأخبار السريعة، عما يحدث في الرقة، يندر أن يكون اهتمام إعلامي ، أو سياسي واسع بحجم الكارثة، لما يحدث في المنطقة. وهذا ينسحب في الواقع على مدينة دير الزور المحاصرة التي يفتك بها ثلاثي الخراب: نظام الأسد والطيران الروسي وداعش.

مثل هذا الصمت المطبق للمؤسسات والشخصيات الإعلامية والسياسية، التي قد تهتم لحدث صغير في مكان ما، ولايثير اهتمامها الجحيم الذي تفتح بواباته أحياناً لعدة ايام في الرقة. هو ذاته الموقف السياسي لمؤسسات المعارضة التي لم تبادر لمساندة الرقة ودعمها، إثر تحررها من النظام في ربيع 2013، وتركتها للنهب والتيارات الإسلامية المتشددة التي شكلت بيئة ملائمة لتغلل داعش ونشوئها. وهي الذهنية ذاتها التي تتحدث عن صلاة طاغية دمشق للعيد في الرقة، ولا تأتي على ذكر المظاهرات التي اندلعت احتجاجاً على الزيارة، وتنسى عشرات الشهداء ومئات المعتقلين في سجون النظام والدولة الظلامية.

هذا الصمت، يشبه الاستمرار به، حدّ التواطؤ مع ثلاثي الخراب. عدم الإكتراث جزء مهم من إشكالياتنا السورية، ولازلنا نعاني منها حتى اليوم. تصريح رياض حجاب بعدم الدخول في المفاوضات، قبل وقف عمليات القصف أمر في غاية الأهمية والضرورة. لكن حجاب رئيس الوزراء المنشق تحدث عن القصف الذي يطال مناطق محددة، لكنه لم يأت على المطالبة بوقف الموت اليومي على الرقة.. وعلى ديرالزور ، بكل أسف.

تبدو مدن الفرات خارج كل الحسابات، باستثناء الموت والخراب والتهجير، حتى الان.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغاضي الدولي عن جرائم الحرب : عار العالم .. مفخرة الأسد
- يوميات في المعتقل ( 3-3 )
- يوميات في المعتقل ( 2-3 )
- يوميات في المعتقل ( 1-3 )
- الاختفاء القسري في سوريا
- مهرجان السينما السورية الأول في تورنتو
- اغتيال الكلمة : داعش ترهب الكتاب والإعلاميين
- تل أبيض.. بين سيوف داعش ومناجل الكوردستاني
- هرير الذئاب وخِسّة السجان
- أسئلة الألم وصور الخراب في روايات عبدالله مكسور
- محاربة داعش والمنطقة العازلة مجدداً
- العشق والتهجير والحرب في رواية - بيمان - درب الليمون -
- سيرة الإعتقال في رواية سراب بري
- دي ميستورا: مشاورات الوقت الضائع
- تقلبات وإرباكات المشهد السوري
- صعود الجماعات الارهابية في المنطقة
- اليرموك - دير الزور: حصار الإبادة المنظّمة
- لوزان والاحتلال الإيراني لسوريا
- إطار لوزان والحقبة الإيرانية الجديدة
- العمل المدني في الثورة السورية


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير