أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - السنة ما لها وما عليها: الفصل السادس عشر: (هل جمع الرسول القرءان الكريم قبل موته؟)















المزيد.....



السنة ما لها وما عليها: الفصل السادس عشر: (هل جمع الرسول القرءان الكريم قبل موته؟)


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5061 - 2016 / 1 / 31 - 12:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرنا في الفصل السابق أن التيار القرءاني نشأة كردة فعل لفشل التيارات المدنية المتغربة وهي التيارات "العلمانية والليبرالية والإلحادية" في تقديم أي مشروع نهضوي حضاري في البلدان العربية والإسلامية، وأيضا كردة فعل على فشل التيارات الإسلامية بكافة فصائلها في أن يقدموا بديلا فكريا أو حضاريا أو أية مشاريع علمية لنظام سياسي أو لأنظمة حكم صالحة رشيدة في عالمنا العربي والإسلامي. وذكرنا أن التيار القرءاني ظهر كردة فعل على الحملات الشرسة والحرب الضارية على الإسلام ورموزه وعقائده وتاريخه وتراثه، وبدلا من أن يقوم التيار القرءاني بتقديم قراءة علمية موضوعية متوازنة للتراث الإسلامي من تاريخ وأحاديث وفقه وسيرة، قاموا بجرة قلم بإلغاء التراث الإسلامي كله بجميع محتوياته من أحاديث وفقه وتفسير وسيرة وتاريخ وزعموا أن التاريخ تم العبث به وتزويره واندست فيه الإسرائليات. وقلنا أن القرءانيين لكي يروجوا بين البسطاء ومحدودي العلم والمعرفة والثقافة من الناس فكرة الاكتفاء بالقرءان فقط كمصدر وحيد للدين الإسلامي قاموا يبحثون عن مشروعية لهذا الفكر، فلم يجدوا سوى الترويج لأكذوبة التواتر والآحاد، وقد قمنا في الفصل السابق بالرد على هذه الأكذوبة وتفنيدها.

ولم يتبق للقرءانيين من أكاذيب في هذا الشأن سوى أكذوبة أن الرسول قد جمع القرءان الكريم قبل موته وتركه مجموعا، بل ومنهم من زعم أن الرسول الكريم قد خط القرءان الكريم بيده، وهنا أقول إنه لمن السهل أن يتكلم أو يكتب أي أحد ما شاء، ولكن من الصعب أن يثبت ما يقوله أو يكتبه بأدلة وبراهين علمية موضوعية.

وقبل تفنيد هذه الأكاذيب لابد أن أنبه هنا على حقيقة هامة جدا قد لا ينتبه لها بعض الناس، وهي: إنه ليس أمامنا من سبيل نستقي منه معلومتنا حول جمع القرءان الكريم سوى كتب السير وكتب الأحاديث وكتب التاريخ الإسلامي فحسب، وبالتالي فمن يدعي أو يزعم وينسب شيئا إلى كيفية أو طريقة جمع القرءان الكريم من دون وجود رواية تاريخية في كتب التاريخ والتراث الإسلامي تؤيد قوله فهو شخص كذاب مدلس يكذب على الناس ويخادعهم. فحين يزعم أريكي "قرءاني" أن الرسول جمع القرءان بنفسه وتركه مجموعا قبل موته، فهذه معلومة أو خبر، فمن أين أتى بهذه المعلومة؟ ومن أين استقى هذا الخبر؟، إذ ليس أمامنا من سبيل نثبت أو ندحض به هذه المعلومة أو هذا الخبر سوى كتب التراث الإسلامي، إذ السبيل الآخر الذي ربما يكون مصدرا لهذه المعلومة أو هذا الخبر هو أن قائله قد عاصر زمن الرسول ومازال حيا حتى الآن ولم يمت، وهذا محال حدوثه. وهنا ليس معنى قولي بأن كتب التراث الإسلامي هي المصدر الوحيد لمعرفة كيفية جمع القرءان الكريم وتدوينه أنها هي الحق وهي الصواب، كلا، إنما بالفعل هي المصدر الوحيد لمثل هذه المعلومات والأخبار، وكونها المصدر الوحيد لا يعني أنها الحق والصواب، لكنها هي المصدر الوحيد الذي ليس لدينا مصدرا غيره، ومن يعرف مصدرا آخر فليدلنا عليه.

أقوم في هذا الفصل باستقراء ما جاء في المراجع التاريخية التي هي المصدر الوحيد لمعرفة تاريخ القرءان وتاريخ جمعه وتدوينه وماذا تذكر لنا هذه المراجع التاريخية عن عملية جمع وتدوين القرءان الكريم، ومن هذا العنوان الرئيسي للموضوع أتناول هذه القضية عبر طرح عدة أسئلة مهمة نحاول أن نجيب عليها بموضوعية:

السؤال الأول:
هل جمع الرسول القرءان وتركه مخطوطا في مصحف كما يزعم ويدعي القرءانيون؟:
الجواب: لم ترد رواية واحدة في كل كتب التراث الإسلامي تقول أن الرسول ترك القرءان مجموعا في مصحف أو خطه بيده، إن كل ما ذكرته الروايات هو أنه كان للنبي كتّاب يكتبون الوحي؛ منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأبان بن سعيد، وخالد بن سعيد، وخالد بن الوليد، ومعاوية بن أبي سفيان، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب وغيرهم، فكان إذا نزل على النبي من الوحي شيء دعا بعض من يكتب فيأمره بكتابة ما نزل، وإرشاده إلى موضعه، فقد روي عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب فقال: (ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا). وجاء في مسند أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم من حديث ابن عباس عن عثمان بن عفان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: (ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا). وعن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع. أي نجمع ونوفق ما بين الآيات والسور التابعة لها.
كل هذه الروايات ذكرت أن الرسول كان له كتابا للوحي يأمرهم بكتابة ما ينزل عليه من الوحي، لكن لم تذكر هذه الروايات ولا غيرها أين كان يضع رسول الله هذا الوحي المكتوب والمخطوط؟ أو مع أي من الصحابة أو كتاب الوحي كان يحتفظ بهذا الوحي المكتوب المخطوط؟ هل كان يحتفظ به في بيته؟ أم كان يحتفظ به في أحد بيوت الصحابة وكتاب الوحي؟ لم تذكر الروايات أي إجابة على هذه الأسئلة، لا في حياته عليه الصلاة والسلام ولا بعد موته. وبالتالي فلا نعرف حتى الآن أين كان الوحي المكتوب والمخطوط أو عند مَن مِن الناس؟، وإنما الذي تؤكده هذه الروايات أن الرسول لم يخط القرءان بيده قط، إنما كان له كتابا للوحي من الصحابة هم الذين كانوا يخطون له القرءان كما يمليه عليهم وفق الترتيب الذي يوجههم اليه.

السؤال الثاني:
من أول من قام بجمع القرءان عقب وفاة الرسول؟
الجواب: هناك روايتان حول جمع القرءان لا ثالث لهما:
الأولى تقول: أن أول من جمع القرءان عقب وفاة الرسول هو "علي بن أبي طالب". أخرج ابن أبي داود من طريق ابن سيرين قال: قال عليّ: لما مات رسول الله آليت أن لا آخذ عليّ ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن فجمعته.
والرواية الثانية تقول: أن صاحب فكرة جمع القرءان عقب وفاة الرسول هو (عمر ابن الخطاب) بعد إقناع أبا بكر بالفكرة، وأبو بكر الصديق هو من أصدر الأوامر كخليفة وحاكم بجمع القرءان. روى البخاري في "صحيحه" عن زيد رضي الله عنه أنه قال: أرسل إليَّ أبو بكر يوم مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر - يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمركيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدرأبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري

ودعنا هنا نتوقف عند بعض الأمور التي سجلتها هذه الرواية التي كثيرا ما يغفل عنها الباحثون والمهتمون بهذا الشأن ربما عن قصد أو غير قصد:

أولا: إن أول من طالب بجمع القرءان عقب وفاة الرسول طبقا لهذه الرواية هو "عمر بن الخطاب" وليس "أبو بكر الصديق"، فأبو بكر أصدر الأمر بجمع القرءان باعتباره الحاكم وولي الأمر.
ثانيا: إن صحابة رسول الله لم يكونوا بجملتهم يحفظون القرءان الكريم، إنما كان هناك مجموعة معينة هي التي كانت تحفظ القرءان الكريم وأطلق عليهم "القراء"، وهذا ما ورد نصا في الرواية حين قال عمر بن الخطاب: (وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن). فهذا يؤكد أن ليس كل الصحابة كانوا يحفظون القرءان الكريم.
ثالثا: قول أبي بكر في هذه الرواية: (كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله). يؤكد أن رسول الله لم يجمع القرءان قبل وفاته، ولم يكن هناك قرءان مجموع كما يكذب ويزعم الأريكيون "القرءانيون"، إذ لو كان الرسول قد جمع القرءان قبل وفاته كيف يطالب عمر بجمع القرءان وهو مجموع قبل وفاة الرسول؟، وكيف يكون هناك قرءان جمعه رسول الله ثم يقول أبو بكر: (كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله).
رابعا: "زيد بن ثابت" أحد كتبة الوحي لرسول الله، يقر بأن الرسول لم يجمع القرءان في حياته، بدليل قوله لأبي بكر وعمر: (كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي)، وقوله: (فقمت فتتبعت القرآن أجمعه)، ثم كيف يكون رسول الله قد جمع القرءان في حياته وزيد بن ثابت أحد كتبة الوحي وهو لا يعلم؟.
خامسا: تذكر الرواية أن القرءان لم يكن مخطوطا كله في الرقاع والأكتاف والعسب، بل كانت أجزاء منه مخطوطة في الرقاع والأكتاف والعسب، وجزء آخر من القرءان كان محفوظا في صدور الرجال، وهذا ما ذكره أحد كتبة الوحي "زيد بن ثابت" في قوله: (فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال).
سادسا: لم يكن هنالك "مصحفا رسميا" أو "قرءانا رسميا" كاملا مجموعا بيد جموع المسلمين، إنما كانت هناك صحفاً مدون فيها ما تم جمعه من القرءان الرسمي غير المكتمل جمعه، إذ من المعلوم أن القرءان لم يكتمل جمعه في عهد أبي بكر كما سنبينه بعد قليل، وكانت تلك الصحف التي تم جمع بعض القرءان بها لدى أبي بكر الصديق حتى مات، ثم انتقلت إلى عمر وظلت عنده حتى مات، ثم انتقلت إلى حفصة بنت عمر زوج النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا ما ذكره "زيد بن ثابت" في آخر الرواية حين قال: (وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر).

السؤال الثالث:
من هم الصحابة الذين تولوا مهمة جمع القرءان؟ وما هي الطريقة أو الآلية التي من خلالها جمعوا القرءان؟. هل هم جميع الصحابة بلا استثناء؟
الجواب: الصحابة الذين تولوا مهمة جمع القرءان هم: "عمر بن الخطاب" و"زيد بن ثابت".
فقد أخرج ابن أبي داود من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: (اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه).
هذه الرواية تقول أن ليس كل الصحابة قاموا بجمع القرءان الكريم، إنما الصحابة الذين تولوا مهمة جمع القرءان هما صحابيان اثنان: "عمر بن الخطاب" و"زيد بن ثابت". والآلية هي: القعود باب المسجد لتدوين القرءان ممن جاء بشيء من القرءان ومعه شاهدان.

السؤال الرابع:
هل جمع القرءان كان بالتواتر والتوافق بين جميع الصحابة كم يزعم ويدعي القرءانيون؟
الجواب: لم يتفق جميع الصحابة على جمع القرءان، بل إن زعم الأريكيين "القرءانيين" أن جمع القرءان كان بالتواتر بين الصحابة، فهذا الزعم يلزم أن جميع الصحابة بلا استثناء كانوا يحفظون القرءان الكريم، وهذا غير صحيح ومخالف لكل الروايات التي وردت في هذا الشأن، بل كان هناك خلاف بين عدد من صحابة رسول الله حول عدد آيات وسور القرآن الكريم، مما يؤكد أن القرءان لم يتم جمعه بالتواتر ولم يصلنا بالتواتر. ولم يتفق جميع الصحابة على القرءان المجموع، بل هناك روايات تؤكد خلاف الصحابة على ما هو من القرءان وما هو ليس من القرءان ونذكر عددا من هذه الروايات على النحو التالي:


عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول انهما ليستا من كتاب الله).
(رواه أحمد في المسند5/129 والطبراني في المعجم).

روي عن عائشة : " أنّ سورة الأحزاب كانت تقرأ في زمان النبي (ص) في مائتي أية، فلم نقدر منها إلاّ على ماهو الآن "
(الاتقان 3 : 82 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، مناهل العرفان 1 : 273 ، الدرّ المنثور 6 : 56 ـ وفي لفظ الراغب : " مائة آية " ـ محاضرات الراغب 2 : 4 / 434).

وروي عن عمر وأبي بن كعب وعكرمة مولى ابن عباس: "أنّ سورة الأحزاب كانت تقارب سورة البقرة، أو هي أطول منها، وفيها كانت آية الرجم".
(الاتقان 3 : 82 مسند أحمد 5 : 132 ، المستدرك 4 : 359 ، السنن الكبرى 8 : 211 ، تفسير القرطبي 14 : 113 ، الكشاف 3 : 518 ، مناهل العرفان 2 : 111 ، الدر المنثور 6 : 559).

وعن حذيفة: "قرأت سورة الأحزاب على النبي (ص) فنسيتُ منها سبعين آية ما وجدتها"
(الدر المنثور 6 : 559).

روي عن أبي موسى الأشعري أنّه قال لقرّاء البصرة : " كنّا نقرأ سورة نشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فأنسيتها، غير أنّي حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب"
(صحيح مسلم 2 : 726 / 1050).

روي أنّ سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس وأُبي بن كعب وابن مسعود، وأنّ عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة، وأنّ أبا موسى الأشعري كان يقرأهما .. وهما :
1 ـ " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك" .
2 ـ " اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك، إنّ عذابك بالكافرين ملحق"
(مناهل العرفان 1: 257، روح المعاني 1: 25(.

روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطاب، قال: "إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم .. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله لكتبتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم . فإنّا قد قرأناها".
(المستدرك 4 : 359 و 360 ، مسند أحمد 1 : 23 و 29 و 36 و 40 و 50 ، طبقات ابن سعد 3 : 334 ، سنن الدارمي 2 : 179).

وأخرج ابن أشته في (المصاحف) عن الليث بن سعد، قال: "إنّ عمر أتى إلى زيد بآية الرجم، فلم يكتبها زيد لأنّه كان وحده".
(الاتقان 3 : 206).

روي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: "ألم تجد فيما أُنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة، فأنا لا أجدها؟ قال: أُسقطت فيما أسقط من القرآن"
(الاتقان 3 : 84 ، كنز العمال 2 : حديث / 4741).

روي عن عائشة أنّها قالت: كان فيما أُنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله (ص) وهنّ ممّا يقرأ من القرآن".
(صحيح مسلم 2 : 1075 / 1452 ، سنن الترمذي 3 : 456 ، المصنف للصنعاني 7 : 467 و 470).

روي عن عائشة أنَّها قالت : "نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً ، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها".
(مسند أحمد 6 : 269 ، المحلّى 11 : 235 ، سنن ابن ماجة 1 : 625 ، الجامع لأحكام القرآن 113:14).

عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت: " قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة: إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أيّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الأُولى " . قالت : " قبل أن يغيّر عثمان المصاحف".
(الاتقان 82:3).

أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب، قال: "القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف". بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار .
(الاتقان 1 : 242).

كل ما سبق من روايات من بداية هذا الفصل تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن جمع وتدوين القرءان الكريم كان عملا بشريا ليس فيه أي تدخل إلهي، وأقصد بالتدخل الإلهي هنا الجمع النبوي للقرءان الكريم، أي: إن القرءان الكريم لم يتم جمعه وتدوينه في مصحف - كما هو عليه الآن - لم يتم تحت توجيه الرسول ورعايته، لأنه لو تم هذا لكان جمع القرءان وتدوينه بتدخل إلهي عن طريق الوحي لرسول الله، لكن الروايات تؤكد أن عملية جمع وتدوين القرءان تمت عقب وفاة الرسول وفي غيابه، وبالتالي فهو عمل بشري، وجميعنا يعلم أن العمل البشري يجوز فيه الخطأ والنسيان والغفلة والزيادة والنقصان والخلاف والاختلاف، وهذا ما حدث بالفعل بين صحابة الرسول أثناء عملية جمع القرءان.

لكن الأريكيين "القرآنيين" لم يقبلوا هذه الروايات وطعنوا فيها واتهموها بالدس والكذب، وقالوا عنها إنها روايات مكذوبة ومدسوسة من قبل أعداء الإسلام لحياكة المؤامرات الخبيثة للطعن في القرءان الكريم، وهنا أقول للأريكيين: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، إن الروايات هي المصدر الوحيد المتوافر لدينا لمعرفة كيف تم تدوين وجمع القرءان الكريم، فإن كان لديكم مصدر آخر غير روايات كتب التراث فأتوا به على أعين الناس إن كنتم صادقين، وإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فأنتم كاذبون مدلسون.

ثم ما الخطأ وما الجريمة وما هي المؤامرة التي يتحدث عنها الأريكيون فيما ورد من روايات حول اختلاف الصحابة في ما هو من القرءان وما هو ليس من القرءان؟، بل إنني أنظر إلى هذه الروايات على أنها تبرز حالة الشفافية الكاملة والوضوح الكامل والصدق والصراحة التي تم فيها جمع وتدوين القرءان الكريم، ودلالة على أن القرءان الكريم لم يتم جمعه وتدوينه سرا وبليل ومن وراء الناس ودون علمهم، إنما تم أمام الناس جميعا وبعلمهم ومشاركتهم بل وتسجيل اعتراضاتهم كاملة أمام جموع المسلمين، وكان الضابط الوحيد لقبول ما هو من القرءان ورد ما هو ليس بقرءان هو إحضار شاهدين يشهدا أن هذا من القرءان، ومن لم يحضر شاهدين فلن يتم قبول ما أتى به حتى ولو كان ذلك الشخص أم المؤمنين عائشة زوج النبي عليه الصلاة والسلام، بل إن اختلاف الصحابة حول ما هو من القرءان وما هو ليس من القرءان هو أمر طبيعي ومقبول بل ومشروع وليس عليه غبار، وذلك لعدة براهين ودلائل مشروعة ومقبولة، نذكر منها التالي:

أولا: لما لا يكون الصحابي عبد الله بن مسعود كان بالفعل يعتقد طوال حياته أن المعوذتين ليستا من القرءان؟، إذ ما المانع من ذلك؟ فهل كل صحابة الرسول كانوا يحفظون القرآن كله عن ظهر قلب؟، فلماذا لا نتوقع أو نفترض إفتراضا واقعيا موضوعيا وحقيقيا أن ليس جميع الصحابة كانوا يحفظون القرآن كله عن ظهر قلب؟، وبالتالي كانت تختلط عليهم الأمور، فكان منهم من يظن بعض كلام الرسول من القرآن، ومنهم من كان يظن بعض آيات أو سور القرآن ليست من القرآن، فما المشكلة وما الجريمة وما المؤامرة في هذا؟؟!!. وهنا قد يعترض أحدهم ويقول إن بن مسعود قال عن نفسه كما جاء في البخاري: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ). بل وقد يقول أحدهم: إن ابن مسعود أحد الأربعة الذين رشحهم وزكاهم رسول الله لأخذ القرءان منهم لعلمهم وحفظهم للقرءان، كما جاء في البخاري: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ). فكيف يكون ابن مسعود بهذا الشأن ثم نراه يعترض على المعوذتين ويشطبهما من مصحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله؟؟. ولماذا لم يؤخذ برأيه ولم يعتد به في هذا الأمر؟؟. الجواب: أولا: لأن عبد الله ابن مسعود لم يتوافر فيه الشرط الذي اتفق عليه جامعوا القرءان وهو إحضار شاهدين يشهدا على صحة ما يقول، ولم ترد رواية واحدة تقول أن شخصا آخر أيد بن مسعود فيما ذهب إليه من انكاره للمعوذتين أن تكونا من القرءان. ثانيا: شهادة ابن مسعود لنفسه هي شهادة مجروحة، لأن ابن مسعود أولا وأخيرا هو بشر يخطئ ويصيب وليس معصوما من الخطأ حتى لو قال عن نفسه ما قال. ثالثا: إن الثلاثة الذين زكاهم رسول الله ورشحهم مع ابن مسعود لأخذ القرءان منهم وهم: (سالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)، لم يوافقوا بن مسعود فيما ذهب إليه، بل إن "أبي بن كعب" -وهو أحد من زكاهم الرسول ورشحهم لأخذ القرءان منهم- قال فيما رواه أحمد في مسنده: (عن زر بن حبيش قَالَ قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لَا يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَهُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فَقُلْتُهَا فَقَالَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فَقُلْتُهَا فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). هذا فضلا عن أن هناك روايات وردت عن الصحابة تقول أن المعوذتين آيات أنزلها الله على رسوله، ومنها: (عن عقبة بن عامر، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل، أو "أنزلت علي آيات، لم ير مثلهن قط، المعوذتين". (رواه مسلم، رقم الحديث: 1355). وروايات تقول أن رسول الله كان يصلي بالمعوذتين، منها مثلا: عن عبد العزيز بن جريج، قال: سألنا عائشة: بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟، قالت: "كان يقرأ في الركعة الأولى : بـ سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين" .(سنن ابن ماجة، حديث رقم: 1163).

ثانيا: القرآن الكريم لم يكتمل إلا قبل موت النبي بوقت قليل جدا حين نزلت عليه آخر أيات القرءان الكريم. ومن هنا ندرك أنه لم يكن هناك صحابي واحد يحفظ القرآن الكريم كله كاملا كما هو كامل في هيئته التي هو عليها في يومنا هذا، حتى رسول الله نفسه لم يكن يحفظ القرآن الكريم كاملا إلا قبل موته بأيام معدودات حين نزل عليه آخر آياته.

ثالثا: أن القرآن كان ينزل على رسول الله فقط وليس على جميع الصحابة، والصحابة لم يكن جميعهم مرافقين ملازمين للرسول طوال يومه وطوال حياته منذ نزول أول آية إلى نزول آخر آية، فمنهم من كان يسافر بالشهور والسنين للغزوات والتجارة وغيرها من شئون الحياة، ومنهم من أسلم بعد نزول ربع القرآن ومنهم من أسلم بعد نزول نصف القرآن، ومنهم بعد ثلثه، وبعد ثلثيه وبعد نصفه وبعد ثلاثة أرباعه وبعد نزوله بأكمله، فالشخص الوحيد الذي كان يحفظ جميع آيات القرآن من أولها إلى آخر شيء نزل منها طوال حياة الرسول هو الرسول نفسه.

رابعا : أما السور التي ادعى بعض الصحابة أنه نسيها كبقية سورة الأحزاب والسورة الشبيهة ببراءة كما جاء في بعض الروايات فلم يأت بها أصحابها لأنهم نسوها كما يقولون، وبالتالي فهم لم يأتوا بشيء حتى يكتب ويدون في المصحف، ولا يستقيم في وعي أحد أن السور التي نُسِيَت لا يمكن أن يكون جميع الصحابة بلا استثناء قد نسوها، إذ لا يمكن حدوث هذا مطلقا، قد ينساها ثلاثة أو أربعة أو أكثر أو أقل من الصحابة، أما أن ينساها جميع الصحابة بلا استثناء فمسألة فيها نظر.

خامسا : إنه من غير الواقعي بل من المحال حدوثه أن كل آية أو كل بضع آيات تنزل على رسول الله يقوم بإبلاغها لجميع المسلمين فردا فردا بمن فيهم المسافر ومن هو في موطن بعيد عن الرسول.
فلكل هذه الأسباب وغيرها من المشروع والواقعي وجود كثير من الصحابة لا يحفظون من القرءان إلا القليل واليسير، كما هو حال ملايين المسلمين اليوم الذي لا يحفظون من القرءان إلا بضع آيات قليلة وبضع سور قصيرة لأداء الصلاة، بل إن كثيرا من المسلمين اليوم غير الحافظين للقرءان يرددون نصوص بعض الأحاديث وبعض الأدعية بل وبعض الأقوال المأثورة على أنها آيات من القرءان!!، وهي أحاديث وأدعية وأقوال مأثورة وليست بآيات قرءانية، فهناك امرأة عجوز قريبة لي كنت أجلس معها ذات يوم وكنا نتحاور في أمر ما فسمعتها تقول: (ربنا قال اسعى يا عبد وأنا أسعى معاك). وبالتأكيد هذا ليس كلام الله ولا هو من القرءان أصلا، بل لقد كنت أشاهد ذات يوم برنامجا على إحدى القنوات التلفزيونية المصرية وكان ضيوف البرنامج من النخبة المثقفة المشهورة، وكانوا يناقشون بعض قضايا قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بالطلاق والخلع والنفقة وإذا بأحدهم يقول: (ده ربنا سبحانه وتعالى بيقول في القرءان إن أبغض الحلال عند الله الطلاق). دون أن يعلم بأن هذا حديث منسوب للرسول وليس بآية قرءانية، وطبعا لم يصوب له أحد من الضيوف الموجودين معه بالبرنامج هذا الخطأ والخلط ولا حتى مقدم البرنامج الذي كان يجلس بينهم. وانتهى البرنامج ولم يصحح أحد لذلك الشخص هذا الخطأ والخلط. والعجيب أن الضيوف كانوا من المحامين ومن المتخصصين في قوانين الأحوال الشخصية التي هي أصلا مأخوذة من الفقه الإسلامي والقرءان والأحاديث.

السؤال الخامس:
هل تم جمع القرءان كاملا في عهد أبي بكر؟.
الجمع الأول للقرءان الكريم لم ينته في عصر أبي بكر، بل ابتدأ في عهد أبي بكر ولم ينته، لأن الجمع الذي ابتدأ في زمن أبي بكر إن كان المقصود منه جمعه في مصحف أو في بعض الصحف التي يلم فيها شتات جميع ما أنزل الله تعالى على رسوله، فهذا لم يفرغ منه في زمن أبي بكر بل استمر إلى زمن عمر، بل إن عمر قد مات ولم يكتمل جمع القرءان، وقد جاءت روايات تؤكد هذا حتى أن ابن أبي داود السجستاني بوب في كتابه "المصاحف" بابا بعنوان: "جمع عمر ابن الخطاب القرءان في المصحف"، فقال بسنده عن الحسن: (أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، فقال: إنا لله، وأمر بالقرءان فجمع وكان أول من جمعه في المصحف). وكذا عن عبد الله بن فضالة قال: (لما أراد عمر أن يكتب الإمام أي: "المصحف الإمام" أقعد له نفرا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر فإن القرءان نزل على رجل من مضر). وعن يحيى بن عبد الله بن حاطب قال: (أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس فقال: من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح، والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان، فقتل وهو يجمع ذلك إليه، فقام عثمان فقال: من كان عنده من كتاب الله شيئا فليأتنا به، وكان لا يقبل من ذلك شيئا حتى يشهد عليه شهيدان).
وهذا يعني أن جمع أبي بكر لم ينتج مصحفا كاملا وإنما هو شتات قد جمع في مكان واحد عند أبي بكر، وما يؤكد أن عمر بن الخطاب لم يجمع القرءان في حياته ولم يتم ما ابتدئ به في زمن أبي بكر -بجعله مصحفا مرتبا- رواية ابن سعد في طبقاته عن ابن سيرين قال: (مات أبو بكر ولم يجمع القرءان). وكذلك عنه في طبقاته قال: (قتل عمر ولم يجمع القرءان).

السؤال السادس: متى تم جمع القرءان الكريم كاملا ونهائيا؟:
الجواب: فيما رواه البخاري في "فضائل القرءان" حديث رقم: "4987": (أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أنّ حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثمّ نردّها إليك ؛ فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن، فأكتبوه بلسان قريش، فإنّه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتّى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كلّ أُفقٍ بمصحف ممّا نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كلِّ صحيفةٍ ومصحفٍ أن يحرق. ). رواه البخاري.
وذكر ابن أبي داود: (خطب عثمان فقال: إنما قبض نبيّكم منذ خمس عشرة سنة وقد اختلفتم في القرآن عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله لمّا أتاني به).

ومن هذه الرواية وما سبقها من روايات نستطيع أن نقول إنه منذ بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام وحتى بعد وفاته بخمسة عشر عاما لم يكن بيد مسلم واحد من المسلمين مصحفا مدونا به القرءان الكريم كاملا.

السؤال السابع:
متى تم تنقيط وتشكيل كلمات كتاب "القرءان الكريم":

هناك اختلاف بين روايات التاريخ حول أول من قام بتنقيط وتشكيل كلمات الكتاب الكريم، فقد ذكرت بعض روايات التاريخ أن (علي بن أبي طالب) هو من أمر أبا (الأسود الدؤلي) بأن يشكل كلمات القرءان الكريم بطريقة التنقيط الملون، إذ جعل لكل حركة من حركات التشكيل نقطة مختلفة اللون، ثم تحول التشكيل إلى الحالة التي نعرفها اليوم. وذكرت أيضا روايات التاريخ أن أول من اتخذ قراراً بتشكيل وتنقيط كلمات المصحف هو (الحجاج بن يوسف الثقفي)، الذي تولى ولاية (البصرة) في عام (75) هجرية، في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، على يد (أبي الأسود الدؤلي), في عام (80) هجرية. إلا أن بعض المؤرخين يذكر أن وفاة (أبي الأسود الدؤلي) كانت في عام (69) هجرية، وأن من قام بالتشكيل في عهد (الحجاج بن يوسف) هم تلامذة (أبي الأسود الدؤلي) (نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر العدواني)، وهذا يتضارب مع تعاصره مع الحجاج الذي ولد وتوفى في (41 هجرية 95 هجرية)، حيث أن الحجاج قام على خلافة العراق في آخر عشرين سنة من حياته أي من عام (75) هجرية إلى عام (95) هجرية وروايات التاريخ واختلافات المؤرخين حول هذا الموضوع يطول شرحها، إذ لا يعنينا هنا تحقيق هذه القضية تاريخيا، فلها موضع آخر تحقق فيه. المهم أن السبب الحقيقي الذي من أجله تم تنقيط وتشكيل كلمات الكتاب الكريم كما أجمعت كل روايات التاريخ هو إختلاف القراءات لاتساع رقعة الإسلام واختلاط العرب بالعجم وكادت العجمة تمس سلامة اللغة وبدأ اللبس والإشكال في قراءة المصاحف يلح بالناس حتى ليشق على السواد منهم أن يهتدوا إلى التمييز بين حروف المصحف وكلماته وهي غير منقطة ولا مشكلة، فمن ثم تم اتخاذ قرار التنقيط والتشكيل.

هذا فضلا عن أن لدينا الآن عشرون رواية للقرءان:
حيث أن للقرءان الكريم عشر "قراءات" وكل قراءة منها لها راويان، وبين كل رواية وأختها اختلافات، ما يعني أن كتاب (القرءان الكريم) له عشر (قراءات)، والعشر (قراءات) لها عشرون رواية فيها اختلافات بين بعضها بعضا، وهذه قائمة بأسماء القراء العشرة وأسماء الرواة العشرين عنهم:
1. قراءة (عاصم الكوفي)، وأشهر من روى عنه (حفص) و(شعبة).
2. قراءة (نافع المدني)، وأشهر من روى عنه، (قالون) و(ورش).
3. قراءة (ابن كثير المكي)، وأشهر من روى عنه (البزي) و(قنبل).
4. قراءة (أبي عمرو البصري)، وأشهر من روى عنه (الدوري) و(السوسي).
5. قراءة (ابن عامر الشامي)، وأشهر من روى عنه (هشام) و(ابن ذكوان).
6. قراءة (حمزة الكوفي)، وأشهر من روى عنه (خلف) و(خلاد).
7. قراءة (الكسائي الكوفي)، وأشهر من روى عنه (أبو الحارث) و(حفص الدوري).
8. قراءة (أبي جعفر المدني)، وأشهر من روى عنه (عيسى بن وردان) و(ابن جماز).
9. قراءة (يعقوب المصري)، وأشهر من روى عنه (رويس) و(روح).
10. قراءة (خلف بن هشام البزار البغدادي)، وأشهر من روى عنه (إسحاق بن إبراهيم) و(إدريس بن عبد الكريم).

هذا فضلا عن القراءات الشاذة وأشهر القراءات الشاذة والموضوعة والمدرجة:
• قراءة: ابن محيصن: محمد بن عبد الرحمن المكي.
• قراءة: يحيى اليزيدي: أبو محمد بن المبارك البصري.
• قراءة: الحسن البصري.
• قراءة: سليمان بن مهران الأعمش.
• قراءة: جابر بن عبد الله.
• قراءة: سعد بن أبي وقاص.
• قراءة: عبد الله ابن مسعود.
• قراءة: عبد الله ابن الزبير.
• قراءة: عائشة.
• قراءة: حفصة.

السؤال الثامن:
(هل خط رسول الله القرءان بيده؟)
كما قلت من قبل الأريكيون "القرءانيون" يستميتون جدلا وجدالا ويقولون أي كلام للدفاع عن أفكارهم حتى ولو باختلاق أشياء لا تمت بصلة للعلم ولا للبحث العلمي الموضوعي الجاد، لأن صلب أفكار الأريكيين "القرءانيين" يقوم على نفي أي دور للصحابة والتاريخ والتراث في نقل القرءان إلينا للانفراد بالقرءان وحده كي يقولوا فيه ما شاءوا.
فقد انتشرت في الآونة الأخيرة في كتابات الأريكيين أكاذيب وخرافات كثيرة، عن كتابة الرسول للقرءان بيده، وتولى إشاعة وإذاعة هذا الموضوع الدكتور "صبحي منصور" واتبعه جل الأريكيين فيما بعد بغير علم ولا وعي، على طريقة شيخ الطريقة الصوفية الذي إن قال أي كلام في أي شيء يتبعه المريدون بلا علم ولا بينة ولا برهان، ودون فحص ودون تحليل، ولكن لم يقدم لنا الدكتور "منصور" ولا أي ممن سار خلفه وقال بقوله برهان علمي واحد على هذا الزعم، وكل ما قدمه هو عبارة عن تلفيقات وترقيعات ومبالغات وتقولات لآيات القرءان من هنا وهناك لمحاولة إثبات وجهة نظره رغم أنف العلم والحق والحقيقة ورغم أنف النصوص القرءانية، ونناقش الآن هذه الموضوع ونحاول أن نتلمس الحقيقة فيه.

نستعرض هذا الموضوع من جانبين على النحو التالي:
الجانب الأول: التاريخ.
والجانب الثاني: نصوص القرءان.
نستعرض في عجالة الجانب التاريخي:
هل ورد في كتب التاريخ الإسلامي أو كتب التراث الإسلامي جميعها أن الرسول خط القرءان بيده؟؟، الواقع هو أنه لم ترد في جميع كتب التاريخ والتراث الإٍسلامي رواية واحدة تقول أن الرسول كان يتلو من كتاب أو يخطه بيده، ولم يرد أن الرسول خط القرءان ولا آية واحدة منه بل ولا كلمة واحدة منه بيده. ومع هذا تجد من الأريكيين من يكذب ويدلس ويدعي أن الصحابة حين جمعوا القرءان نسخوه من النسخة الأصلية وهي النسخة التي خطها الرسول بيده. ولم يقدم الأريكيون أي دليل أو برهان واحد على زعمهم هذا، ولا أدري على أي مصدر جاءوا بهذه الأكاذيب، وهنا أقول للأريكيين لن ينفعكم الكذب ولا التدليس ولا الترقيع في ترسيخ أفكاركم ومعتقداتكم، بل إن الكذب والتدليس والترقيع سوف يعقد الأمور أكثر وستقعوا في مآزق وتناقضات فكرية وعلمية لن تجدوا منها مخرجا.

أما الجانب الثاني الذي هو النصوص القرءانية:
هل وردت آية في القرءان الكريم تقول أن الرسول كان يتلو من كتاب أو خط القرءان بيده؟؟
في الحقيقة هناك ثلاث آيات استدل بها بعض الأريكيين على أن الرسول قد خط القرءان بيده، ونستعرض هذه الآيات التي استندوا إليها في أن الرسول خط القرءان بيده وهي:
الآية الأولى:
وهي الآيات الأولى من سورة العلق وهي قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). (5_ سورة العلق).
الآية الثانية
(وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا). (5_ الفرقان).
الآية الثالثة:
قوله تعالى: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ). (48 _ العنكبوت).

فأما قوله سبحانه: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). (5_ العلق).
قال أحد الأريكيين: (أن هذه آية محمد عليه الصلاة والسلام التي بها عرف أنه نبي يوحى له من السماء، لأنه تعلم القراءة والكتابة بعدما لم يكن يعلمهما وأن الأمر بالقراءة على الحقيقة، فبعدما أنزله جبريل على قلب النبي، وجد النبي نفسه يقرأ ويكتب بعدما لم يكن يعرف القراءة والكتابة).

الرد على هذا الكلام:
كثير من الأريكيين لا يفرقون بين دلالات الكلمات فينشأ عندهم هذا الخلط والتخبط بين فهم آيات القرءان الكريم. وفي الحقيقة إن قضية الخلط في مفاهيم ودلالات الكلمات له تاريخه، فهو ليس وليد العصر، بل ما يؤسف له أن حتى أكابر الفقهاء والمفسرين والأصوليين لم يعطوا تدقيق وتحرير مفاهيم ودلالات الكلمات حقها، بل كانوا هم كذلك يخطئون في تحري المفاهيم والدلالات الأصلية لكلمات القرءان الكريم، فنشأ عن ذلك انتشار الخلط في مفاهيم ودلالات الكلمات، وكان سبب هذا انشغال الفقهاء والأصوليين والمفسرين القدامى بعلم الكلام وقضاياه ومسائله، مما حدا بهم بعيدا عن بذل الجهد والاجتهاد في استجلاء المفاهيم والدلالات الأصلية لكلمات اللسان العربي الذي نزل به القرءان الكريم، وكانوا يستسهلون الأخذ بأي مفهوم أو دلالة قاموسية قريبة من أيديهم من دون أدنى تعب أو مشقة من بحث أو اختبار أو استقصاء، فظلت كتب الفقهاء والمفسرين والأصوليين القدامى تحمل دلالات ومفاهيم كلمات القرءان وهي في معظمها مفاهيم ودلالات غير صحيحة وغير صواب. ومازال أغلب الناس يردد ويأخذ تلك الدلالات والمفاهيم من كتب التراث دون امتحان ودون استقصاء ودون تحري. ومن الخلط في دلالات الكلمات نتج عدم التفريق بين كلمة "قراءة" وكلمة "تلاوة" وكلمة "ترتيل". فكثير من الناس يخلط بين الفعل قرأ ودلالة الفعل تلا ودلالة الفعل رتل.

فأما "القراءة"
فالفعل (قرأ) يدل على (جمع واجتماع يعقبه خروج وظهور وبيان). ولا يعني ترديد الكلام بصوت إنما أطلق على الكلام المكتوب ليس من ناحية ترديده باللسان وإنما من ناحية جمع أقوال متعددة واستخلاص الدلائل والمضامين والمفاهيم والبراهين والعلوم التي يحويها أي كلام.
فالفعل قرأ إنما هو تربص لجمع أو اجتماع لأشياء لقراءة ما يظهر منها من دلائل لحقيقة ما من الحقائق وقد تكون القراءة لشيء لا يمكن الولوج إليها، وإنما هذه الأشياء التي لا يمكن الولوج إليها هي نفسها تخرج دلائل نستطيع من خلالها أن نقرأ ما بداخل هذا الشيء الذي لا يمكن الولوج إليه كالرحم مثلا. وكانت العرب تقول للوقت (القُرْء) لخروجه وظهوره وبيانه. كذلك كانت العرب تقول للناقة التي لم تحمل ولم تلد قط: (ما قرأت الناقة قط)، أي: ما حملت قط وما ولدت قط، أي، لم تجتمع بذكر يلقحها كي يعقب هذا الجمع والاجتماع مع الذكر خروج وظهور الولد. والفعل (قرأ) كذلك يدل على جمع واجتماع عدة أفكار حول مسألة بعينها، ثم يعقب هذا الاجتماع خروج وظهور وبيان علامات ودلالات حقيقة يقينية تنفي أو تثبت حقيقة هذه الأفكار.

أما "التلاوة"
تِلْوُ الشيء الذي يتلوه أي يأتي شيء ويتلوه آخر وهي ترديد آيات القرءان الآية تلو الأخرى، ومنها تِلْو الناقة ولدها الذي يتلوها و تَلاَ القرآن يتلوه تِلاَوَةً بصوته آية تلي الأخرى، ومنه تَلَوْتُ الرجل تبعته، وجاءت الخيل تَتَالِياً أي متتابعة. وتلاوة القرءان أن تكون تالياً آياته بصوتك.

أما "الترتيل"
الترتيل لا يعني ترديد الكلام بالصوت والفم إنما الترتيل يعني نظم الكلام وتسويته وحسن تأليفه وترتيبه. وهو حُسْنُ تَناسُقِ الشَّيْءِ وانْتِظامِهِ على اسْتِقامَةٍ ويدُلُّ على تَساوٍ في أَشْياءَ مُتَناسِقَةٍ، واستوى وانتظمَ وحسُنَ تأْليفه. ويُقال: رَتِلَ الثغرُ أَو الأَسنان، ورتِلَ الكلامُ. فهو رَتِل، وهي رَتِلةٌ. ورَتَّلَ الشيءَ: نسّقه ونظَّمه. ورتل الكلامَ: أَحسن تأَليفه. وهذا يعني تأليف موضوعات القرءان وتنظيمها وتنسيقها، فلا يصح الاستشهاد أو الاستدلال بآية واحدة في موضوع بعينه، فلا يصح الاستشهاد أو الاستدلال مثلا بآية واحدة في موضوع الجهاد، أو الطلاق، أو الصلاة، أو الحج، أو أي موضوع أو مسألة من موضوعات ومسائل القرءان الكريم، فلابد من رتل آيات كل مسألة وكل موضوع على حده، وتنسيقها وحسن تأليفها، أي: جمع كافة الآيات في الموضوع أو المسألة المراد بحثها وليس فقط محض جمع الآيات، إنما حسن التنسيق والترتيب والتأليف فيما بين آيات الموضوع أو المسألة كي يكتمل المفهوم الحقيقي والصواب لأي موضوع أو مسألة، فهكذا يكون ترتيل القرءان الكريم. لهذا أمر الله رسوله بقوله في سورة المزمل: (ورتل القرءان ترتيلا).
وبالتالي فهناك فرق بين "القراءة" و"التلاوة" و"الترتيل" ولا يمكن أن تكون كل هذه الكلمات بمفهوم ومدلول واحد وإلا فهو العبث والثرثرة بعينها.

وبالتالي فقوله سبحانه: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5_ العلق).
لا يعني الأمر للرسول بالكتابة والقراءة كما يكذب ويزعم الأريكيون، ولا يعني تلاوة وترديد الكلام بصوت، إنما أطلق على الكلام المخطوط أو المسموع ليس من ناحية ترديده باللسان وإنما من ناحية جمع أقوال متعددة بعضها إلى بعض ثم النظر والتفكر فيها واستخلاص الدلائل والمضامين والمفاهيم والبراهين والعلوم التي تحويها تلك الأقوال أو ذاك الكلام للخروج منها بمفهوم ما.

الآية الثانية:
التي حاول الأريكيون من خلالها إثبات أن الرسول كان يقرأ ويكتب هي:
(وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ). (5_ الفرقان).
كيف فهم الأريكيون هذه الآية؟؟
قالوا إن قول الكفار "اكتتبها" وعدم تكذيب الله لهم في هذا فهو يقرهم على قولهم هذا وأن قولهم صحيح، وبما أن الله لم ينكر قول أهل مكة في قولهم (اكتتبها) إذاً فالرسول بالفعل كتب القرءان بيده أو بنفسه إذ لو كان كلامهم ادعاءً وكذبا لرد الله عليهم بأنه لا يقرأ ولا يكتب. هذا هو مبلغ الأريكيين من الفهم لهذه الآية.

فهل "أكتتبها" تعني خطها بيده ؟؟
فلنحلل هذه الآية ونستجلي دلالات كلماتها:
لابد أن نتعرف أولا على الدلالة الأصلية للفعل "كتب" ولكلمة "كتابة" وما المقصود بها في لسان قوم الرسول الذي نزل به القرءان حتى لا تختلط علينا المفاهيم وهل المقصود بها الإمساك بالقلم وخط الكلام على الأوراق؟؟:
الجواب: إن دلالة الفعل "كتب" يدل على جمع حزمة من الشروط والضوابط والمحددات والالتزامات والحقوق والواجبات والمهام في أمر ما بعينه، يلتزم بها من يعنيهم هذا الموضوع من الناس، سواء قمنا بخطها في ورقة أو صحيفة أو لم نخطها في أوراق أو صحيفة.
وهناك أشياء كثيرة في القرءان الكريم أطلق عليها الحق سبحانه مسمى كتاب، وفي الوقت نفسه لا تعني أنها أشياء مخطوطة في أوراق، ونذكر منها على سبيل المثال قوله تعالى كتاب الأجل: قال تعالى: (لكل أجل كتاب). وكتاب الأجل هو مجموعة من التقديرات والتيسيرات التي خلقها الله ليقضي فيها الإنسان مدة حياته حتى يبلغ أجله إما بالمرض أو الموت أو القتل أو بالشيخوخة وانتهاء صلاحية الجسم وموت خلاياه أو بأي سبب يبلغ الإنسان من خلاله أجل كتاب حياته.
ومنه قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام). فالصيام ليس له كتاب مخطوط منفصل عن القرءان، إنما كتاب الصيام هو مجموعة من الأوامر المخصوصة والمواقيت المحددة والهيئات البينة لأداء فريضة الصيام، تم جمع بعضها إلى بعض وأصبحت كتاب الصيام. وكذلك قوله: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) فليس للصلاة كتابا منفصلا عن كتاب القرءان مخطوطا في أوراق، إنما هي مجموعة من الهيئات والأوضاع والضوابط والإلزامات الوقتية التي تؤدى فيها الصلاة وهذه الضوابط والإلزامات هي كتاب الصلاة الموقوت.
ومنه قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79_ البقرة).
والمقصود هنا أنهم لم يخطوا كلاما بأيديهم في صحف وأوراق ثم قالوا للناس هذا من عند الله، كلا، فأتباعهم ليسوا بسفهاء وسذج لهذه الدرجة، بأن يقوم الأحبار والرهبان بخط بعض الموضوعات في أوراق ثم يقدمونها لأتباعهم على أنها كتاب من عند الله فيصدقوهم، ليس الأمر كذلك، إنما المقصود هنا هو جمع الأحبار والرهبان لحزمة من التكاليف والشروط والتحليل والتحريم والإلزامات ثم يقولون للناس هذه الأمور من عند الله، مثل أن يخترع بعض الفقهاء أو رجال الدين تكاليف دينية وهي ليست من الدين يقوم بجمعها من هنا وهناك ثم يوهم الناس أنها من الكتاب أو من عند الله وهي ليست من عند الله أي لم يفرضها الله في كتابه ولم يكتبها عليهم.
إذاً فالكتابة لا تعني الخط، إنما هي جمع حزمة من التكاليف والشروط والإلزامات وفرضها على الناس وإلزامهم بها، وقد يتم خطها في أوراق أو لا. وسواء قمنا بخطها في أوراق فهي كتاب وسواء لم نخطها في أوراق فهي كتاب أيضا. فاسم كتاب لا يشترط فيه خطه في أوراق، وإنما الغالب على أوضاع الناس حاليا خط كتبهم في أوراق وصحف.

أما "الخط"
فهو أثر في الشيء ممتد في طول، هذا الأثر ليس أثرا عشوائيا، إنما يحوي علما مفهوما نفهم منه موضوعا محددا، كـالأرضُ يَخْتَطُّها الرجلُ لنفسه، وهو أن يُعْلِم عليها علامةً بالخَطِّ ليُعْلَمَ أنَّه قد اختارها ليبنيَها داراً. وكالتَّخْطيطُ في عِلم الرسم والنحت والحفر لإثبات فكرة مُثبتة ولكن برسمها أو نحتها أو حفرها، ومن اشتق الخطِّ في الحالة التي نسميها اليوم بالكتابة يقصد بها حالة الخط تدلُّ دلالة تامَّة على ما يُقصد في الصُّورة أو الرسم أو اللَّوح المكتوب من المعنى والموضوع.

بعد أن علمنا ما هي دلالة الفعل "كتب" والفرق بينه وبين الفعل "خط" نتعرف الآن على دلالة كلمة (اكتتبها) وهل هي بمعنى (خطها بيده)؟
إن كلمة (كتب) هي فعل ماضي على وزن (فعل)، وقوانين الميزان الصرفي تقول إن زيادة أي حرف يزيد على هذا الجذر الثلاثي فيعني أن هناك دلالة جديدة أفادتها الكلمة دون التخلي عن دلالة جذر ماضي الكلمة الثلاثي ككلمتي "لمس" و"لامس"، إذ لا يمكن زيادة حرف أو أكثر على الفعل الثلاثي إلا وهو يضيف دلالة جديدة على الفعل الأصلي. فحين نقول "كتب" فنعني أنه قد تم جمع بعض التكاليف والإلزامات في الماضي، أما حينما نضيف للفعل الثلاثي "كتب" بعض الحروف كـ "اكتتبها" فنعلم أن هناك دلالة جديدة تم إضافتها للجذر الثلاثي "كتب"، و"اكتتبها" على وزن افتعلها، وهذا الوزن يدل على المبالغة والتكلف وبذل الجهد في تحصيل الفعل، مثل: اكتسب، واجتهد، وابتدع، واختلق، تقول: اكتسبت المال . أي: بالغت واجتهدت وتكلفت في كسبه. واجتهد الطالب في تحصيل العلم. أي: بالغ وتكلف في تحصيله. أما كلمة: "اكتتبها" فتدل على أنه بالغ وتكلف وبذل جهده في أن يجعل من أساطير الأولين كتاب من عند الله، وهذا ما ذكره الله عن قول أهل مكة: (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا). (5_ الفرقان). فأهل مكة يصفون موضوعات وآيات القرءان الكريم وأنبائه وقصصه وأخباره بأنها: (أساطير الأولين)، هذه الأساطير محمد بالغ وتكلف وبذل قصارى جهده في جعلها كتابا من عند الله، وهذا هو معنى قولهم في الآية الكريمة: (أساطير الأولين اكتتبها). أي: بالغ وتكلف في جعلها كتابا من عند الله وهي ليست كذلك إنما هي محض أساطير الأولين على حد زعمهم، هذا هو مفهوم ودلالة "اكتتبها" ولا تدل مطلقا على أنه كان يخطها كما يزعم ويدعي الأريكيون.

الآية الثالثة:
قوله تعالى: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ). (48_ العنكبوت).
الأريكيون فهموا من هذه الآية التالي:
يكون فهمنا أن النبي لم يكن يقرأ ولا يكتب على العموم، ثم ينهي الحق كلامه في الاية الكريمة بقوله (إذاً لارتاب المبطلون) وهذا يؤكد تغيير الحال من حال إلي حال، لأن ريبة المبطلين ستكون فيما يتلوه ويخطه، بعدما كان لا يتلو ولا يخط.

وللرد على هذا أقول: هل أهل مكة كل الذي أصابهم بالريب والتشكك والجحود من النبي الأكرم هو أن النبي أصبح يتلو ويخط بيمينه بعد أن كان لا يتلو ولا يخط؟!!. أم أن الذي أصابهم بالريب والتشكك هو مضمون الرسالة مضمون الكتاب محتويات القرءان؟؟ فترى ما الذي يفزع ويريب أهل مكة أن يصبح محمد يتلو ويخط بيده كلاما بعد أن لم يكن يتلو ويخط شيئا من قبل؟؟، لهذا قال تعالى: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ). أي: لو كنت تتلو أو تخط من كتاب قبل القرءان لارتاب المبطلون في نسبة كلام القرءان إلى الله، لأن سابق تلاوتك وخطك للكتب سيكون أدعى للريبة فعلا، لأن ما تقوله قد قمت بجمعه من الكتب التي كنت تتلوها أو تخطها من قبل، لكنك يا محمد لم تكن تتلو من قبل القرءان من كتاب ولا تخطه بيمينك فما الداعي لريب أهل مكة من كتابك هذا ومضمونه وموضوعاته. وألا يدل هذا على أن ما يقوله وما يتلوه محمد من قرءان هو بالفعل من عند الله، وليس من أي مصدر آخر، لأن محمدا لم يتلو من قبله من كتاب ولم يخطه بيمينه حتى يرتاب فيه المبطلون.

فمثلا حين يكون هناك شخص كثير التلاوة في كتب التاريخ والفلسفة وغيرها من العلوم وكثير الخط لها، ثم جاءك يحدثك عن الدين والإيمان والغيب وقصص الأمم الغابرة وأمور الآخرة والعقائد ثم قال لك إن الله أوحى إليه بهذه الموضوعات وأنها من عند الله. هنا بكل تأكيد سترتاب في أمره، والريب في أمره هنا مشروع، لأنه كان كثير التلاوة والخط لكتب كثيرة، فلربما أتي بما يقوله من تلك الكتب التي كان يتلوها ويخطها بيده، إذ ليس هناك ما يمنع من ذلك، ثم زعم أنها من عند الله. أما حين يكون هناك شخص أمي لم يدخل مدرسة يوما في حياته ولم يمسك كتابا في يده ولم يخط بيده كلمة واحدة ثم فجأة تجده يحدثك عن الدين والإيمان والغيب وقصص الأمم الغابرة وأمور الآخرة والعقائد ثم قال لك إن الله أوحى إليه بهذه الموضوعات وأنها من عند الله، هنا ليس هناك ما يدعو للريبة في أمره، بل الأمر يدعو للنظر والتفكر والبحث والاستقصاء والإصغاء. فالأمر برمته لا علاقة له بأن الرسول قد تعلم التلاوة والخط بعد أن لم يكن يتلو أو يخط من قبل، والسياق الذي وردت فيه هذه الآية يدل على هذا، وهذا هو السياق:
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يُؤْمِنُونُ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الكَافِرُونَ(47) وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ(48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ(49) وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ(50) أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). (51_ العنكبوت).

فلو كان هناك مصحفا مخطوطا بيد رسول الله كما يكذب ويزعم الأريكيون فأين نعثر على ذلك المصحف؟ ولماذا لم ترد رواية تاريخية واحدة في كل كتب التراث تقول بأن هناك مصحف للرسول؟ ولماذا جميع الفرق الإسلامية في الماضي على اختلافها وتناحرها وخصوماتها لم تذكر فرقة واحدة منها أن هناك مصحف للرسول قد خطه بيده؟ أم ترى أن المسلمين الأوائل على اختلاف مذاهبهم وأفكارهم وما نشب بينهم من صراع وتناحر على السلطة هل تراهم قد تواطئوا فيما بينهم على إخفاء مصحف الرسول والتكتم عليه حتى هذه اللحظة؟؟!!. أم أن جمع وتدوين وخط ونسخ القرءان الكريم وتنقيطه وتشكيله كان عملا بشريا قام به صحابة رسول الله والمسلمون من بعدهم؟.

(ياليت الأريكيين يفقهون).

(للحديث بقية في الفصل: السابع عشر).

فصول دراسة (السنة ما لها وما عليها):
الفصل الأول: (عرض تمهيدي لقضية السنة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293175
الفصل الثاني: (الصحابة والسلف بين التقديس والشيطنة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=293537
الفصل الثالث: (تاريخ نقد وإصلاح التراث الإسلامي وتنقيحه)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=294154
الفصل الرابع: (تاريخ إنكار السنة ونشأة القرآنيين)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=294768
الفصل الخامس: (القرآنيون ومأزق حفظ وجمع القرآن)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295266
الفصل السادس: (القرآنيون والتفريق بين النبي والرسول)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=295917
الفصل السابع: تابع (القرآنيون والتفريق بين النبي والرسول)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=296491
الفصل الثامن: (هل القرآن كافٍ وحده؟).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=296924
الفصل التاسع: (البلاغ، الأسوة، ما ينطق عن الهوى).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=297432
الفصل العاشر: (طاعة الرسول).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298124
الفصل الحادي عشر: (هل أنزل الله على رسوله وحيا غير القرآن؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=299391
الفصل الثاني عشر: (مفهوم السنة، وما هي سنة الرسول؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=324509
الفصل الثالث عشر: (أثر عقيدة التجسد المسيحية في إشاعة الفكر التكفيري بين المسلمين)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=327008
الفصل الرابع عشر: (هل حفظ الله كتاب القرءان الكريم؟)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=348560
الفصل الخامس عشر: (لقرءان الكريم رواية آحاد وليس رواية متواترة)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=498942



نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس عشر: (القرءان الكريم رو ...
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأ ...
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السادس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الخامس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الرابع
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثالث
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الأول
- (مسيحيون أم نصارى)؟ حوار رمضاني مع الأستاذ (أسعد أسعد)
- نبضة قلب في حياة ميتة
- لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟
- (الإلحاد) هو الابن الشرعي للعقائد المسيحية
- (ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب
- الفرق بين الإنسان الواقعي والإنسان الافتراضي
- الفرق بين -حقائق الأشياء- و-زخرف الكلمات- و-عوالمنا الخاصة-:
- آخر الهوامش: هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 ي ...
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (26)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (25)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (24)
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (23)


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - السنة ما لها وما عليها: الفصل السادس عشر: (هل جمع الرسول القرءان الكريم قبل موته؟)