أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - شروط الحصول على الجنسية الإعلامية














المزيد.....

شروط الحصول على الجنسية الإعلامية


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5061 - 2016 / 1 / 31 - 10:10
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يعد الرؤساء والزعماء والملوك هم الذين يسيرون رعيتهم، ويتحكمون في مصائرهم، ولم يعد حاكمو دول العالم يقودون شعوبهم كما يرغبون، فقد انتهى عصرهم، وزال ملكهم، المجد اليوم لقائد الأمم، ومُسيِّر البشرية جمعاء، الإعلام، فهو الإمبراطور الأوحد، المهيمن الجبار، الذي يقود ويوجه، ويحدد مصائر كل شعوب الأرض، وما الحكامُ والأباطرةُ والملوك الأثريون، سوى صورٍ باهتة لعهدٍ انتهى وولَّى!
ها هو الإعلام اليوم بجيوشه من المحللين والمذيعين ومقدمي برامج( صراع الدِّيَكة)، ومعدي الأفلام الوثائقية الموجهة، ومعهم المراسلون، ممن يلبسون خوذات الحرب، والستر الواقية من الرصاص، ويتجولون في مًدرعاتٍ خاصة، هم جنود الحرب، وفيالق الفتح، وكتائب الهجوم المتقدمة.
وها هي مواقع التصفح الإلكترونية، تغزو ثقافتنا، وتسيِّر توجهاتنا، وتشعلُ مخاوفنا، وتطفئ رغباتنا، وتقودنا إلى زواياها الخاصة، واستطاعت خلال سنوات قليلة أن تحولنا من مجموعة عقول وآراء فكرية متعددة، إلى قطعانٍ بشرية، تأكل، وتشرب، لتترهل، وتمرض، وتستهلك فقط، الغذاء، والكساء، والدواء!
فقد أثبت الإعلامُ خلال الأسبوع الفائت قدراتِه العظيمة على تطويعنا، فقد فرض الإعلامُ منع التجول، وحظر الخروج من البيوت، بلا مكبرات صوت، وبلا أوامر من المسؤولين، بحجة أن موجة من البرد ستصل بلادنا، من يوم 23/1/2016 وتستمر خمسة أيام متوالية، فعطلنا المدارس، وألغينا أسبوعا من حياتنا، في جوٍ عادي، جربناه طوال سنوات عمرنا، غير أن الإعلام أعاد صياغته هذه السنة من جديد، وكأنه لم يحدث أبدا!
تذكرتُ حدثا آخر جرَّب فيه الإعلامُ قدراتِه على تطويعنا، والتأثير علينا، وقيادتنا، عندما أقنعنا ذات يوم في بداية الألفية، بأن كسوفا سيحدث للشمس في وسط النهار، وأن النظر إلى الشمس، يمكن أن يُسبِّبَ العمى، فلزم الناس بيوتهم، ولم يخرج منهم سوى المغامرين، ممن لم يحصلوا على (الجنسية الإعلامية) وهم بالمناسبة في طور الانقراض، فقد صارتْ الجنسيةُ الإعلامية في ألفيتنا هي جنسية المستقبل القريب، وسوف تزول، تبعا لذلك، كل جنسيات الدول التقليدية، وتصير هويتُنا الجديدة، مكونة من إيميلاتنا، وصفحاتنا الرقمية، وخاتم الشبكات فوق صورنا، وعدد اللايكات التي جمعناها لإمبراطورية الإعلام الكبرى!
وإليكم خطوات الحصول على الجنسية الإعلامية:
يتقدم طالب الجنسية بطلب (رقمي) على صفحته الخاصة، التي تحمل بصماته الجينية، والفكرية، وتكشف كل مكنوناتِه وأسرارَه، ففي الصفحة ملخص كامل وشامل للنفسية وطريقة الحياة، وفيها مفتاح الآمال والرغبات، مشفوعةً بعدد مِن الصور اليومية، لا يقل عن عشرين صورة في اليوم الواحد، على أن تكون الصور، بعدسة من هاتفٍ تزيد قدرة الكاميرا فيه عن ستين بي إكس إل، بحيث تصور المحيطَ كلَّهُ!
تقوم لجنة من معدي برامج الشبكة بدراسة هذا الطلب إلكترونيا، وبعد موافقة اللجنة يَمثُل طالبُ الجنسية، أمام لجنة إعلامية مكونة من أباطرة دولة الإعلام، أمام عدساتهم وإليكم أعضاء لجنة تدشين جنسية إمبراطورية الإعلام الجماهيرية الشعبية الكبرى:
مارك زوكنبرغ، ممثلا للفيس بوك، وجيري يارنغ، ممثلا للياهو، وسيرغي برين، ممثلا لشركة غوغول، وجاك دورسي، ممثلا للتويتر، وجيمي والس، ممثلا للويكيبيديا، على أن يرأس هؤلاءٍ جميعَهم، القيصرُ الروسي العملاقُ، إيفان كاسبرسكي، مؤسس مضاد الفايروسات والتجسس كاسبرسكاي، وأن يكون بل غيتس مؤسس المايكروسوفت نائبَه الدائم!!
أما قسمُ الولاء لدولة الإعلام فيجب أن يكون على نمط قسم أبقراط الطبي، كما يلي:
(أقسم بكل الشبكات الإلكترونية، وبكل الوسائط الإعلامية المنبثقة عنها، وبكل البرامج التي أملكها، أو أستعيرها، أو أعرفها، وبكل أنواع الهواتف المحمولة والثابتة، أن أكون مخلصا لمشيئة الشبكات، مطيعا لما يأمرني به مالكوها ومسيروها، مفضلا إياها على أسرتي وأبنائي، وأقاربي وأصدقائي، مضحيا في سبيلها بكل ما أملك!!
وأقسم أن أشتريها، حتى وإن استدنتُ ثمنها، وأن أفضلها على شراء الطعام والشراب، وأن أفضلها على حاجات أسرتي، وأن أجعل وقتي معها أطول من وقتي في العمل، أو متابعة شؤون أسرتي، وأن أبرأ كل البراءة ممن يشككون فيها، أو مَن يوجهونها نحو الثقافة والوعي، وأن أبذل دمي ومالي في سبيل سيادتها... وأنتم على ما أقول شهداء)!!
وفي المستقبل القريب، ستتفكك الجيوش التقليدية، ويغدو السلاح الجديد، سلاح الهجومات الفايروسية، على المواقع الإلكترونية هو السلاح النووي لجمهورية الإعلام الشعبية الجماهيرية الكبرى!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عربتان فوق جسرٍ ضيِّقٍ
- شحنات من التعظيم والمدح!!
- وصفة إبداعية للشفاء من الحزبية
- لا توّرِّثوا التشاؤم لأبنائكم
- عام 2016 العنصرية في إسرائيل
- (مستر أمن) الإسرائيلي
- هل اقتربتْ نهاية رئيس دولة إسرائيل؟
- قصة حفيد مائير كاهانا البريء
- من هم الصحفيون المبدعون؟
- قصة برفسورة كامبرج، والطفلة اليهودية شاحار
- القبلية والفردية في فلسطين
- دُرَرٌ من تراث نسائنا المُبدعات
- المؤرخ، أبو غوغل الطبري
- مجزرة باريس وإسرائيل
- لعاموس عوز صوت يعقوب، وفعل عيسو!
- قبسات من تاريخ فلسطين
- الإرهاب، لقتل جنين دولة فلسطين
- في ظلال الهبة الفلسطينية
- العرب في قبائلهم الإلكترونية
- نموذجان للتحليل السياسي !


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - شروط الحصول على الجنسية الإعلامية