أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كيف تكون النبوة بالوراثة ؟















المزيد.....

كيف تكون النبوة بالوراثة ؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 20:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف تكون النبوة بالوراثة ؟
طلعت رضوان
إذا كانت البشرية قد عرفتْ نظام توارث الحكم ، من خلال ما عـُـرف باسم (نظام الحكم الملكى) حيث ينتقل الحكم إلى ابن الملك أو إلى شقيقه إذا لم يكن له أبناء ، ولكن كيف تكون (النبوة) بالوراثة ؟ وكأنّ (النبوة) مثلها مثل (الحكم البشرى) ولكن هذا من عجائب الديانة العبرية ، وما نصّ عليه العهد القديم ، حيث أنّ (ناثان) كلــّـم أم سليمان وقال لها : أما سمعتِ أنّ (أدونيا) ابن حجيت قد ملك وسيدنا داود لا يعلم ؟ اذهبى وادخلى إلى الملك داود وقولى له : أما حلفتَ أنت يا سيدى الملك لأمتك قائلا إنّ سليمان ابنك يملك بعدى ويجلس على كرسىّ . فلماذا ملك أدونيا ؟ فدخلتْ أم سليمان إلى الملك . وكان الملك داود قد شاخ جدًا ، وقالت له : أنت يا سيدى حلفتَ بالرب إلهك لأمتك قائلا إنّ سليمان ابنك يملك بعدى ويجلس على كرسىّ.. وبينما هى مُـتكلــّـمة إذا ناثان النبى يدخل وسجد للملك على وجهه للأرض . وقال : أنت يا سيدى قلت أنّ (أدونيا) يملك بعدى.. وأنا عبدك وصادوق الكاهن.. فقال داود : أرسل لى بتشبع (زوجته وأم سليمان) فلما دخلتْ وقفتْ بين يدىْ الملك داود فحلفَ الملك وقال : حىٌ هو الرب الذى فدى نفسى من كل ضيقة. إنه كما حلفت لك بالرب إله إسرائيل قائلا إنّ سليمان ابنك يملك بعدى ويجلس على كرسىّ عوضًـا عنى . فخرّتْ بتشبع على وجهها إلى الأرض وسجدتْ للملك وقالت : ليحيا سيدى الملك داود إلى الأبد... وقال داود : ادع لى صادوق الكاهن وناثان النبى وبنياهو.. وقال لهم : خذوا معكم عبيد سيدكم وأركبوا سليمان ابنى على البغلة.. وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبى ملكــًـا على إسرائيل... وبعد تفاصيل كثيرة فإنّ (أدونيا - الذى سبق وعيـّـنه داود ملكــًـا ) خاف من سليمان.. وتمسك بقرون المذبح وقال لسليمان : ليحلف لى اليوم الملك سليمان أنه لا يقتل عبده بالسيف . فقال له سليمان : اذهب إلى بيتك.. فسجد أدونيا للملك سليمان (سـِـفر الملوك الأول- الإصحاح 1 ) ومن عجائب هذا السـِـفر أنه بدأ بداية مُـشوّقة عن داود الذى شاخ وتقدم فى العمر. وهذا شىء طبيعى ، ولكن كاتب الوحى العبرى ذكر أنه كان يشعر بالبرد ثم أضاف ((وكانوا يـُـدثرونه بالثياب لم يدفأ . فقال له عبيده ليفتشوا لسيدنا الملك عن فتاة عذراء وتقف أمام الملك ولتكن له حاضنة ولتضطجع فى حضنك فيدفأ سيدنا الملك)) وبالفعل أحضروا فتاة جميلة جدًا وعذراء لتــُـدفىء الملك / النبى داواد .
فى هذا الإصحاح الأول يطرح العقل الحر الأسئلة التالية : 1 – صيغة العبودية التى تردّدتْ كثيرًا على ألسنة كل من جاء ذكرهم 2- كيف تمّ تعيين (أدونبا) ملكـــًـا دون علم داود؟ 3- كيف حاز (ناثان) على صفة (النبوة) فى وجود داود ؟ وهل معنى ذلك أنّ (نبييْن) إثنيْن تواجدا فى وقت واحد ؟ وكيف ولماذا يسجد أحدهما (ناثان) للآخر (داود) ؟ 4- لماذا سجدتْ زوجة داود لزوجها ؟ وهل هذا السلوك هو الجذر الأساسى لعلاقة الرجل بالمرأة فى التراث العبرى/ العربى ، حيث أنّ المرأة ليستْ زوجة وإنما هى (تحت زوجها) وزوجها هو (بعلها) وبعل كان كان أحد الآلهة قبل الإسلام ، وقد عبـّـر نبى الإسلام عن هذا الموقف من المرأة فقال ((لو كنتُ آمرًا أحدًا أنْ يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أنْ تسجد لزوجها)) (رواه الترمذى – وهو من أحاديث أبى هريرة وقال حسن صحيح وله شاهد من حديث عائشة عن ابن ماجه وقيس بن سعيد عند أبى داود وابن أبى أوفى عند ابن ماجه وابن حبان ومعاذ عند الحاكم فى الترغيب) 5- لماذا خاف أدونيا من سليمان وطلب منه أنْ يحلف بأنه لن يقتله. وبعد أنْ أخذ الأمان سجد له ؟ ألا يدل كل ذلك على طبيعة العقلية العبرية/ الصحراوية/ الرعوية التى تأسّـستْ على العبودية والغدر؟ 6- لماذا اختاروا فتاة لتــُـدفىء داود ، ولماذا (عذراء بالذات) ؟ وما مغزى ذلك ؟
وفى حوار بين سليمان وأمه نعلم أنّ (أدونبا) هو الأخ الأكبر لسليمان ، وكان الحوار حول رغبة الأم فى تزويج ابنها أدونيا لإحدى الفتيات ، فسخر سليمان من أمه وقال لها : اسألى له عن المُـلك لا عن الزواج . ثم أضاف : الرب الحى هو الذى ثبـّــتنى وأجلسنى على كرسى داود أبى . والذى صنع لى بيتــًـا كما تكلــّـم : إنه اليوم يُـقتل أدونيا .. وبالفعل أرسل الملك سليمان بنياهو وقتل أدونيا.. إلخ (الملوك الأول – الإصحاح 2) وهكذا يبدأ سليمان الذى أخذ صفة (النبوة) فى الديانة العبرية حكمه بقتل أخيه ، فهل ما رواه كاتب الوحى العبرى حقيقة حدثتْ بالفعل ، أم من وحى خياله المولع بكتابة أردأ أنواع الميليودراما ، أم أنه كان يُـعيد صياغة ما حدث مع قابيل وهابيل ؟ وإذا كان لم يحدث أنّ سليمان أمر بقتل أخيه ، فلماذا تعمّـد كاتب الوحى العبرى تشويه صورته ؟ أما لو كانت الواقعة حقيققة ، فإنها تكون مجرد حلقة فى سلسلة طويلة من التاريخ العبرى/ العربى ، الذى سجـّـل العديد من أحداث قتل الأشقاء وأبناء العمومة لبعضهم البعض ، مثلما حدث فى بداية الدولة العباسية. كما أنّ الخليفة المأمون لم يتورّع عن قتل شقيقه الأمين.
ومن عجائب التراث العبرى أنْ يـدّعى كاتب الوحى فى سـِـفر الملوك ، أنّ سليمان ((صاهر فرعون ملك مصر)) (الملوك الأول – الإصحاح 3) ومع ملاحظة أنّ كلمة (فرعون) ترد فى كتب الديانة العبرية ، دون تحديد اسم ملك مصر، ومع مراعاة أنّ كلمة (فرعون) فى اللغة المصرية القديمة تعنى (البيت الكبير) وتــُـنطق (بر- عا) أى مقر الحكم ، مثل البيت الأبيض أو القصر الجمهورى إلخ . ومع ملاحظة أنه لا يمكن أنْ يكون هذا الحدث (زواج سليمان من بنت ملك مصر) قد حدث بالفعل ، لأنّ البرديات والجداريات سجـّـلتْ العديد من الأحداث الأقل أهمية، مثل أفضل وضع للمرأة أثناء الولادة ، وأخذ (حقنة شرجية) ثلاث مرات فى الشهر (كان الشهر المصرى ثلاثة أسابيع) .. إلخ ، فلماذا لم يتم تسجيل زواج سليمان المزعوم من بنت أحد ملوك مصر؟ وما هدف كاتب الوحى العبرى من هذا الزعم ؟
ولأنّ سليمان هو من جلس على عرش أبيه (بالوراثة الإلهية) وهى وراثة شملتْ الحكم و(النبوة) ولأنّ سليمان أحد سلالة العبرانيين من بنى إسرائيل لذلك فإنه ((كان ملكــًـا على جميع إسرائيل) وأكثر من ذلك كان مُــتسلطــًا على جميع الممالك من النهر إلى أرض فلسطين.. وإلى تخوم مصر. وبعد أنْ ذكر كاتب الوحى العبرى تفاصيل سيطرة سليمان على العديد من الدول ، بدأ يسرد الصفات الشخصية لسليمان ، وهى صفات / خصائص تدخل فى باب الخرافات ، حيث كتب ((وكان طعام سليمان لليوم الواحد ثلاثين كرسمند وستين كــُـر دقيق وعشرة ثيران مُـسمنة وعشرين ثورًا من المراعى ومائة خروف ما عدا الأيائل والظباء والأوز السمين)) وبعد ذلك السرد ينتقل فجأة إلى التعليل فأضاف ((لأنه كان مُــتسلطــًـا على كل ما عبـْـر النهر إلى غزة وعلى كل الملوك)) فما علاقة سيطرته على دول وشعوب تلك المنطقة المنكوبة بأبناء وأحفاد موسى ، بكمية الطعام التى يأكلها فى اليوم الواحد ، وهى كمية تكفى سرية من سرايا أى جيش . ولأنّ ذلك الكاتب العبرى مولع بالخرافة ، لذلك أضاف ((وفاقتْ حكمة سليمان حكمة جميع بنى المشرق وكل حكمة مصر. وكان أحكم من جميع الناس.. إلخ)) (الملوك الأول – الإصحاح 4) فهل صيغة المُـبالغة (فى حكمته) التى فاقتْ جميع بنى البشر. وكل حكمة مصر. وأنه أحكم من جميع الناس ، لها علاقة بالمُـبالغة فى كمية الطعام التى كان يأكلها فى اليوم الواحد ؟ وألا يدل ذلك على سيطرة الخرافة على عقل من كتب سـِـفر الملوك ؟ وبجانب الخرافة فإنه كان شديد الولع بصيغة (المُـطلق) فى عداء مع صيغة (النسبى) لأنّ الشعوب القديمة السابقة على سليمان ، أنتجتْ فنــًـا وفلسفة وحكمة ، تعلــّــم منها البشر على مر التاريخ ، فلو أنّ كاتب الوحى العبرى التزم بصيغة النسبى ، لكان لكلامه بعض المصداقية.
ولأنّ سليمان (الحاكم / النبى) حلقة فى سلسلة الأنبياء العبرانيين ، ولأنّ الرب العبرى كلــّــم أنبياءه ، كذلك فإنه كلــّــم سليمان وقال له ((إنْ سلكتَ فى فرائضى . وعملتَ أحكامى . وحفظتَ كل وصاياى ، فإنى أقيم معك كلامى الذى تكلــّــمتُ به إلى داود أبيك . وأسكن فى وسط بنى إسرائيل . ولا أترك شعبى إسرائيل)) (الملوك الأول – الإصحاح 6) فى هذا الإصحاح فإنّ الرب العبرى يعقد معاهدة (مشروطة) مع نبيه سليمان : يسلك فرائضه ويعمل بأحكامه إلخ ، فإنْ فعل سيقف معه كما وقف مع أبيه داود . وقبل إنزال الستار عن هذا المشهد ، فإنّ الرب العبرى يكون شديد الوضوح والصراحة ، حيث اعترف بأنه (إله) لشعب واحد اسمه (شعب إسرائيل) بل إنه (رغم أنه إله) سوف ينزل ليعيش (وسط إسرائيل) وكأنه أحد البشر.
وللتأكيد على العلاقة بين الديانة اليهودية والصهيونية ذكر كاتب الوحى العبرى أنّ سليمان جمع شيوخ إسرائيل وكل رؤوس الأسباط من بنى إسرائيل لإصعاد تابوت عهد الرب من مدينة داود ، وهى صهيون)) (الملوك الأول – الإصحاح 8) وأعتقد أنّ هذا الكلام لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير. ولا يحتاج إلى درجة عالية (من الذكاء) للتأكد من أنّ الصهيونية أعلى مراحل اليهودية ، على نمط الصيغة الماركسية الشهيرة ، وبمراعاة أننى أحرص على التفرقة بين (المؤمنين) بالديانة العبرية ويسجدون فى معابدها وكنائسها ومساجدها ، وبين أصحاب العقول الحرة الذين اختلفوا مع تلك الديانة ، أمثال جوردانو برونو، فولتير، سبينوزا ، سيجموند فرويد وماركس وآخرين .
ولأنّ كاتب الوحى العبرى ربط بين الخرافة والتزوير، لذلك نسب إلى (فرعون) مصر (دون تحديد اسمه كما هو مُــتــبّـع فى كل كتب الديانة العبرية) أنه استولى على مدينة اسمها (جازر) وأحرقها بالنار، وقتل الكنعانيين الساكنين فى المدينة وأعطاها مهرًا لابنته امرأة سليمان (الملوك الأول – الإصحاح 9) وهذا الكاتب العبرى ، لم يشعر وهو يكتب بخطورة المُـبالغة التى جعلته يدّعى أنّ مهر زوجة سليمان كان (مدينة) فلو أنه كتب أنّ المهر مجوهرات وذهب وفضة إلخ ، كان للعقل الحر أنْ يجد بعض المصداقية فى الكلام ، ولكن لأنه تصور أنّ قراءه من السذج أو من الحمقى ، لذلك تمادى فى تخاريفه.
ومما يؤكد صيغة المُـبالغة فإنه كتب فى نفس الإصحاح أنّ سليمان سيطر على أورشليم ولبنان ، وجميع شعوب المنطقة من الأموريين والحيثيين... إلخ وأضاف ((الذين ليسوا من بنى إسرائيل)) وأنه سخـّـر أبناء هذه الشعوب وجعلهم عبيدًا لبنى إسرائيل .
وفى الإصحاح التالى (العاشر) صوّر ملكة سبأ على أنها بلهاء ، حيث أنها عندما سمعتْ بخبر سليمان ، أتتْ إلى أورشليم بموكب عظيم جدًا ، بجمال حاملة أطيابـًـا وذهبـًـا كثيرًا جدًا وحجارة كريمة. وكلــّــمته بكل ما فى قلبها (هكذا كأنها كانت تعرفه من قبل؟!) وأنها انبهرتْ بطعامه وملابسه و(عبيده) إلخ فقالت له : طوبى لعبيدك (دائمـًـا صيغة العبودية) هؤلاء الواقفين أمامك.. ليكن مُـباركــًـا الرب إلهك الذى سـُـرّ بك وجعلك على كرسى إسرائيل.. لأنّ الرب أحبّ إسرائيل إلى الأبد .
ويجب ملاحظة أنّ ملكة سبأ تلك عليها خلافات كثيرة بين علماء علم التاريخ ، وبصفة خاصة بين علماء الآثار. وتركــّـز الخلاف حول موقع منطقة سبأ ، خصوصـًـا وقد ادّعتْ شعوب كثيرة أنّ الملكة المقصودة هى (بلقيس) ونسبتها لموطنها . وذهب عدد من الباحثين أنها مصرية أو أثيوبية أو سورية. بينما أكــّـدتْ أبحاث أخرى أنها يمنية وأنّ منطقة سبأ فى اليمن . بينما لم يتم العثور على أى دليل أثرى عن شخصية ملكة باسم (بلقيس) ويعتقد آخرون أنّ القصة كلها تدخل فى باب الأساطير. وأنّ تلك الأسطورة انتقلتْ إلى الديانة العبرية ، بداية من العهد القديم ، ثم انتقلتْ إلى المسيحية ثم الإسلام . وقد اعتمد العالم (جيوفانى بوكاتشيو) على كتابات المؤرخ اليهودى (يوسيفيوس فلافيوس) الذى عاش فى القرن الميلادى الأول ، وقال إنّ ملكة سبأ اسمها الحقيقى (نيكولا) وأنها كانت مصرية أو أثيوبية. وكانت تحكم مملكة مصر وأثيوبيا ، وذلك فى كتابه (من النساء الشهيرات) وقد انتقده البعض لأنه اعتمد على ما ورد فى الفولكلور الأثيوبى . وكذلك ورد فى إحدى الأساطير أنّ جنية جميلة كانت تعيش فى مأرب باليمن ، وتزوّجتْ من أحد المستشارين (من البشر) وأنجبا بنتــًـا أسماها (بلقيس) وأرسلاها إلى المدينة لتعيش مع الجن . وعلمتْ أنّ بالمدينة حاكمًـا ظالمًـا ، فطعنته بخنجر وهو نائم فخلــّـصتْ اليمنيين من بطشه. ويرى علماء الآثار أنّ العهد القديم ، خاصة سـِـفر الملوك كــُـتب خلال السبى البابلى ، وأغلب هؤلاء الباحثين لا يعتبرون العهد القديم وكل النصوص الدينية ، أدلة وشواهد تاريخية. وأنّ عالم الآثار الأمريكى (وليم ديفر) كتب أنّ المعجزات والخوارق تتناقض مع الأبحاث والاكتشافات الآثارية. وأنّ ما ورد فى العهد القديم من خيالات من كتبوه وله طابع دعائى .
ولكن أهم سؤال تعافل عنه أبناء الديانة العبرية هو: لماذا تم استخدام شخصية بلقيس (بغض النظر عن كونها حقيقية أو أسطورية) للترويج لإله إسرائيل ، حيث جعلها الكاتب العبرى تقول لسليمان ((مُـبارك الرب إلهك الذى سـُـرّ بك وجعلك على كرسى إسرائيل.. لأنّ الرب أحبّ إسرائيل إلى الأبد))؟ ومع ملاحظة أنها ليستْ من بنى إسرائيل
ولعلّ ما ذكره علماء الآثار قد تأكــّـد فى كل أسفار العهد القديم ، من بين ذلك ما كــُـتب عن سليمان حيث ورد بالنص الحرفى ((وأحبّ الملك سليمان نساءً غريبة كثيرة ، مع بنت (فرعون) وبنات موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات (من صيدا اللبنانية) وحيثيات (تركيا حاليًا) ومن أمم كثيرة . وكانت لسليمان سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السرارى فأمالتْ نساؤه قلبه)) وبعد ذلك ينتقل كاتب الوحى العبرى من المبالغة إلى الميتافيزيقا فأضاف ((وكان فى زمان شيخوخة سليمان أنّ نساءه أملنَ قلبه وراء آلهة أخرى.. ولم يكن قلبه كاملا مع الرب . فذهب سليمان وراء عشتروت إلهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين.. وعمل سليمان الشر فى عينىْ الرب. ولم يتــّـبع الرب تمامًـا كأبيه داود.. وكانت نساؤه الغريبات يوقدنَ ويذبحنَ لآلهتهنّ.. فغضب الرب على سليمان لأنّ قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذى تراءى له مرتيْن (هكذا الرب دائمًـا يظهر أمام أنبيائه العبريين) وقال له : لا تــّـتبع آلهة أخرى.. ولكن سليمان لم يسمع كلام ربه.. فكانت النتيجة أنّ الرب قال له : لأنك لم تحفظ عهدى وفرائضى التى أوصيتك بها ، فإنى أمزق المملكة عنك تمزيقــًـا وأعطيها لعبدك ولكنى لا أفعل ذلك فى أيامك من أجل داود أبيك بل من يد ابنك أمزقها.. وبعد تفاصيل كثيرة نعلم أنّ الرب عيـّـن (خصمـًـا) لسليمان اسمه (هدد الأدومى) ولما كان داود فى أدوم عند صعود يوآب رئيس الجيش لدفن القتلى وضرب كل ذكر فى أدوم ، لأنّ يوآب وكل إسرائيل أقاموا هناك ستة شهور، حتى أفنوا كل ذكر فى أدوم (الملوك الأول – الإصحاح 11)
وأعتقد أنّ الكاتب العبرى استخدم أسلوب (الفلاش باك) ليؤكد على بشاعة خصم سليمان ، وما سيفعله ، كما فعل يوآب وكل إسرائيل حيث أفنوا ((كل ذكر فى أدوم)) أما حكاية إنّ سليمان كان يمتلك 700 امرأة (من السيدات) فالمعنى أنهنّ (زوجات شرعيات) وقد تأكــّـد هذا المعنى عندما أردف الكاتب وكان يمتلك 300 من السرارى ، ومعنى (سرارى) أنهنّ إما من أسرى الحروب أو من البنات الواقعات تحت منظومة العبودية ، ولعلّ ما فعله سليمان هو الجذر الذى امتدّ بعد ذلك فى الإسلام الذى اخترع منظومة (ملك اليمين) حيث أنّ للرجل حق امتلاك أى عدد من النساء (دون حصر) وله حق معاشرتهنّ – كما لو كنّ زوجات – وهذا بخلاف حقه فى امتلاك أربع زوجات . ولكن السؤال : إذا كان الرب العبرى – وفق الديانة العبرية – عليم بكل شىء ، فكيف ولماذا اختار سليمان ليكون نبيـًـا ؟ وكيف فات عليه أنّ سليمان مولع بحب النساء إلى تلك الدرجة ، وكأنّ لا شىء يشغله غير شهواته الجنسية ؟ والسؤال الثانى : هل ما كتبه الكاتب العبرى حقيقة أم من وحى خياله المريض ؟ والسؤال الثالث : كيف غاب عن الرب أنّ نبيه (سليمان) سيخضع للنساء الغريبات اللائى سيذبحن لآلهتهنّ ، ويـُـبعدنه عن ربه إله إسرائيل؟ والسؤال الرابع : لماذا أنزل الرب غضبه على البشر، عندما قال : سأمزق المملكة ؟ والسؤال بصيغة أخرى : لماذا لم يـُـعاقب سليمان الذى لم يسمع كلام ربه ؟ بينما البشر يسمعون كلام الرب ويؤمنون به رغم كل المصائب التى حلــّـت عليهم طوال التاريخ العبرى / العربى .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن التخلص من التعصب الدينى والمذهبى؟
- ما سر عداء داود للفلسطينين ؟
- لماذا ينتفض شعبنا وينام ؟
- تضامن مع الشاعرة المصرة فاطمة ناعوت
- لماذا سمحت الداخلية بتسليح الإخوان ؟
- لماذا تم تصوير الأنصار بالبلاهة ؟
- لماذا لا يحاكم الواقدى والحلبى وغيرهما؟
- يوناثان ابن شاؤل وداود
- لماذا العداء بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل ؟
- ماذا حدث بعد وفاة يشوع ؟
- لماذا تعدّدتْ المصاحف واختلفتْ ؟
- هل يمكن عودة برلمانات ما قبل يوليو52؟
- زمن الأصولية الدينية
- يشوع يتولى زعامة بنى إسرائيل
- الأزهر والكهنوت الإسلامى
- لماذا فضّل الإله العبرى بنى إسرائيل ؟
- هل كان إسلام البحيرى ضد الإسلام ؟
- السعودية وإيران وإزدواجية العرب
- بورتريه للأديب سليمان فياض
- بورتريه للعامل (ع . س . ح)


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كيف تكون النبوة بالوراثة ؟