أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - لنكن واقعيين : الدول العربيّة رجعية متحالفة مع الإمبريالية تسحق الجماهير الشعبيّة لذا وجبت الإطاحة بها و تشييد دول جديدة يكون هدفها الأسمى الشيوعية و تحرير الإنسانيّة على النطاق العالمي .















المزيد.....


لنكن واقعيين : الدول العربيّة رجعية متحالفة مع الإمبريالية تسحق الجماهير الشعبيّة لذا وجبت الإطاحة بها و تشييد دول جديدة يكون هدفها الأسمى الشيوعية و تحرير الإنسانيّة على النطاق العالمي .


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 21:52
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لنكن واقعيين : الدول العربيّة رجعية متحالفة مع الإمبريالية تسحق الجماهير الشعبيّة لذا وجبت الإطاحة بها و تشييد دول جديدة يكون هدفها الأسمى الشيوعية و تحرير الإنسانيّة على النطاق العالمي .

"... أعلنت أن المحاولة التالية للثورة الفرنسية يجب أن تكون لا نقل الآلة البيروقراطية العسكرية من يد إلى أخرى كما كان يحدث حتى الآن ، بل تحطيمها . و هذا الشرط الأوّلي لكلّ ثورة شعبية حقّا فى القارة ."
(ماركس إلى كوغلمان أيام كمونة باريس ، أفريل سنة 1871 )
---------------------------
" من المهمّ أوّلا أن نبيّن بالمعنى الأساسي ما نعينيه حين نقول إنّ الهدف هو الثورة ، و بوجه خاص الثورة الشيوعية . الثورة ليست نوعا من التغيير فى الأسلوب و لا هي تغيير فى منحى التفكير و لا هي مجرّد تغيير فى بعض العلاقات صلب المجتمع الذى يبقى جوهريّا هو نفسه . الثورة تعنى لا أقلّ من إلحاق الهزيمة بالدولة الإضطهادية القائمة و الخادمة للنظام الرأسمالي – الإمبريالية و تفكيكها – و خاصّة مؤسساتها للعنف و القمع المنظّمين ، و منها القوات المسلّحة و الشرطة و المحاكم و السجون و السلط البيروقراطية و الإدارية – و تعويض هذه المؤسسات الرجعية التى تركّز القهر و العنف الرجعيين ، بأجهزة سلطة سياسية ثوريّة و مؤسسات و هياكل حكم ثوريّة يرسى أساسها من خلال سيرورة كاملة من بناء الحركة من أجل الثورة ، ثمّ إنجاز إفتكاك السلطة عندما تنضج الظروف..."
( بوب أفاكيان ؛ " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا ، لكن بوسع الإنسانية أن تتجاوز الأفق ، الجزء الثاني "
" بناء الحركة من أجل الثورة " ، " الثورة " 2011 ؛ الفصل الثالث من كتاب " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان
و كتاباته " ترجمة و تقديم شادي الشماوي )
-------------------------------------------

عادت فى المدّة الأخيرة ، فى عدّة بلدان عربيّة ، موجات الإحتجاج الشعبيّة لا سيما من قبل المعطّلين عن العمل و الفئات الشعبيّة الأكثر تهميشا و إستغلالا و إضطهادا . و عادت معظم هذه الإحتجاجات لترفع تقريبا ذات المطالب التى رفعت منذ سنوات ما يثير مجدّدا سؤال هل يمكن لدول الإستعمار الجديد أن تخدم مصالح أوسع الجماهير الشعبية و تحقّق مطالبها ؟ و هذا السؤال الكبير يستحق إجابة عميقة و شاملة تجدونها فى مجمل كتاباتنا لكنّنا فى هذا المقال لا ندّعى تقديم الإجابة الضافية و الشافية و إنّما نركّز على المساهمة بعجالة فى تسليط الضوء على عناصر إجابة يمكن إستغلالها فى الدعاية الشيوعية الثوريّة .

1- مصدر إستغلال و إضطهاد الجماهير الشعبيّة هو دول الإستعمار الجديد :
إنّ دول الإستعمار الجديد الممثّلة للطبقات الرجعيّة المحلّية المتحالفة مع القوى الإمبريالية العالمية هي التى إتّبعت سياسات إقتصادية و إجتماعيّة ... أفضت إلى تفقير و مزيد تفقير و إستغلال و إضطهاد و ايضا تهميش معظم فئات الطبقات الشعبيّة و لكن فى نفس الوقت يجب التأكيد على أنّ ذات السياسات اللاشعبيّة و اللاوطنية و اللاديمقراطية قد زادت الأثرياء ثراءا و زادت مراكمة الثورة بين أيدى الطبقات الرجعيّة و أسيادها الإمبرياليين . و لا داعى لأن نستغرب من ذلك فدول الإستعمار الجديد كأجهزة قمع طبقيّة تمثّل الرجعية و الإمبريالية و تخدم مصالحها بالطبع على حساب الجماهير الشعبيّة . و من يتصوّر أنّ الدولة جهاز محايد طبقيّا يحلّق فى عالم الخيال و ندعوه للنظر إلى الواقع ليلاحظ مدى بلاهة مثل تلك الخيالات . و المتمركسون الإصلاحيّون الذين يروّجون لمثل تلك البلاهات يحرّفون الماركسية و يقدّمون أجلّ الخدمات لأعداء الشعب الذين لا يتردّدون حين يرون ذلك ضروريّا فى إستخدام آلة الدولة بجيشها و شرطتها و بيروقراطيّتها و سجونها و محاكمها إلخ لقمع الجماهير كما أثبتت و تثبت للمرّة الألف مجريات الأحداث سواء فى المغرب الأقصى أو تونس أو العراق أو سوريا أو سواها من البلدان العربية و عبر العالم قاطبة . و ليكفّ المتمركسون و دعاة الطبقات الرجعيّة الآخرون الذين لا يخجلون من التضليل المستمرّ للطبقات الشعبيّة ، عن الحديث عن أوهام " الجيش الوطني " و " الأمن الجمهوري " و ما شابه من معزوفات إسطوانتهم الإصلاحيّة المشروخة . ( و للمزيد حول هذا أنظروا العدد 22 من " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " - الإنتخابات التشريعية و الرئاسية فى تونس و أوهام الديمقراطية البرجوازية – بمكتبة الحوار المتمدّن و بالموقع الفرعي لناظم الماوي على صفحات أنترنت الحوار المتمدّن).
2- لاواقعيّة إصلاح دول الإستعمار الجديد :
عادة ما يصمّ المتمركسون آذاننا بالعمل على إصلاح دول الإستعمار الجديد من داخلها أو بالضغط عليها و كأنّهم يعيشون فى عالم ليس يمتّ بصلة لعالمنا الواقعي .
لنا ولكم ولهم تاريخ عقود الآن محلّيا و عربيّا و عالميّا من الصراع الطبقي فى ظلّ دول الإستعمار الجديد و دروسه التى لا تحصى و لا تعدّ و منها حقيقة أنّ هذه الدول غير قابلة للإصلاح كي تخدم مصالح الجماهير الشعبيّة ذلك أنّها دول أعداء هذه الجماهير و ليس بوسعها إلاّ أن تخدم مصالح أعداء هذه الجماهير من الطبقات الرجعيّة المحلّية و الإمبريالية العالمية .
و غالبا ما تلجأ هذه الدول إلى المناورة و التسويف تجاه مطالب الجماهير الشعبيّة و إحتجاجاتها و تمرّداتها و إنتفاضاتها ، و تستخدم طرقا شتّى منها شراء الذمم و تغيير الوجوه و إطلاق الوعود الخادعة إلخ من جهة و القمع الخبيث الجزئي أو الكلّي ، المباشر و غير المباشر ، السرّي و العلني المفضوح ، من الجهة الأخرى . و تضطرّ الطبقات الرجعيّة المتحالفة مع الإمبرياليّة أحيانا إلى التراجع التكتيكي و تقدّم بعض التنازلات الإقتصادية أساسا و السياسية إن لزم الأمر مستبعدة و مضحّية حتّى ببعض ممثّليها الذين حرقت أوراقهم إلاّ أنّها لا تتخلّى عن دولتها و تستمرّ فى أهمّ سياساتها فتسترجع باليد اليمنى ما قدّمته من تنازلات باليد اليسرى . و من يتصوّر حصول مثل هذا التخلّى نتيجة إنتخابات أو ما شابه واهم يسبح فى خيالات عالم موازي بعيدا عن واقع الصراع الطبقي على الكرة الأرضيّة .
ولنلقى نظرة بسيطة على نتائج إحتجاجات و تمرّدات و إنتفاضات سبعينات القرن الماضي و ثمانيناته وصولا إلى يومنا هذا فى المغرب و تونس و مصر على سبيل المثال . هل تغيّرت طبيعة الدول الطبقيّة رغم عديد الإصلاحات المعلنة و المطبّقة بين الحين و الحين ؟ هل صارت دولة الإستعمار الجديد بالمغرب الأقصى دولة الطبقات الشعبيّة هناك بالرغم من تتالى الحكومات ذات المشارب الفكريّة المختلفة لكن الملتفّة حول خدمة تلك الدولة و الطبقات الرجعيّة و الإمبريالية المتحالفة معها ؟ و الجواب بديهي . و الشيء نفسه بالنسبة إلى تونس و مصر حتّى بعد الإنتفاضات الشعبيّة التى شهدتها منذ خمس سنوات الآن و تنحّى بن علي و مبارك و ما تلى ذلك من تقلّبات .
من لم يتعلّم بعدُ أنّ هذه الدول ليست قابلة للإصلاح كي تخدم الجماهير الشعبيّة أعمى بعيون رجعيّة أو إمبريالية . و الإصلاحيّون ، من المتمركسين و غيرهم ، و من لفّ لفّهم يجدون أنفسهم فى خدمة دول الإستعمار الجديد ، مشاركين فى إضطهاد و إستغلال الجماهير الشعبيّة أرادوا ذلك أم أبوا .
مَن اللاواقعي حسب ما يدلّل عليه التحليل الملموس للصراع الطبقي الملموس ، الإصلاحيّون بجميع أرهاطهم أم الثوريّون الداعون إلى القيام بالثورة البروليتاريّة العالميّة بتيّاريها ( الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى أشباه المستعمرات و المستعمرات والمستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية ) ؟
مجدّدا الإصلاحيّون هم اللاواقعيّون !
3- تغيير نمط الإنتاج واجب !
فى مقال " الإنتخابات و أوهام الديمقراطية البرجوازية : تصوّروا فوز الجبهة الشعبية فى الإنتخابات التشريعية و الرئاسية لسنة 2014 " ( العدد 22 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة ! "- مكتبة الحوار المتمدّن و الموقع الفرعي لناظم الماوي هناك ) تحديدا نقطة " التحريفية و الإصلاحية و علاقة البنية التحاية بالبنية الفوقيّة " ، كتبنا :
" معلوم ماركسيّا و ماديّا جدليّا أن واقع الناس هو الذى يحدّد أفكارهم و أنّ البنية التحتيّة تحدّد البنية الفوقيّة ومن الإضافات الخالدة لماو تسى تونغ هو تشديده على مدى العلاقة الجدلية للبنيتين و تأثير البنية الفوقية فى البنية التحتيّة لا سيما فى المجتمع الإشتراكي لعوامل ليس هنا مجال تفصيلها . و قد رصدنا فى دراستنا للتحريفية و الإصلاحية و الخطوط الإيديولوجية و السياسية للمتمركسين تشويههم الفظّ للعلاقة الصحيحة بين البنية التحتيّة والبنية الفوقيّة حيث يفصلون بينهما و كأنّ – كما رأينا – الدولة والديمقراطية و القوانين و ما إلى ذلك من البنية الفوقيّة لدولة الإستعمار الجديد لا تعكس و لا تخدم القاعدة الإقتصادية الإجتماعية للمجتمع من علاقات الإنتاج و علاقات التوزيع و الملكية .
يتخيّل الإصلاحيّون أنّهم عند بلوغهم المشاركة فى أجهزة دولة الإستعمار الجديد سيكون بوسعهم تحقيق برامجهم إن مسّت من المصالح الأساسية للطبقات الحاكمة المتحالفة مع الإمبريالية العالمية دون معارضة شديدة من الطبقات الرجعيّة و الإمبريالية العالمية و بقيّة أجهزة الدولة و على رأسها الجيش . يتخيّلون ذلك و يوهمون الجماهير الشعبيّة و المناضلات و المناضلين بإمكانيّة إنجاز المهام الوطنيّة و الديمقراطية للثورة الوطنية الديمقراطية فى إطار دولة الإستعمار الجديد و علاقات الإنتاج و التوزيع و الملكية القائمة .
ليس المسك بالسلطة السياسيّة أو بجزء منها وحده هو الذى يخوّل تثوير مجتمع و بنيته التحتيّة والفوقيّة ، بل هناك حاجة أكيدة إلى إمتلاك دولة و عاموها الفقري جيش ثوري من طراز جديد يفرضات فرضا على الطبقات الرجعية و بالقوّة أحيانا التغيير الثوري المرجوّ فى البنيتين . تستطيع أن تكون ماسكا بسلطة الحكومة أو السلطة التشريعية ( مثلما حصل فى أندونيسيا فى أواسط الستينات ، مع الحزب الشيوعي هناك ) لكنّك لا تمسك بسلطة الدولة برمّتها فالسلطة السياسية تنبع من فوّهة البندقيّة و إن كان غيرك يمسك بالبندقية و أنت لا تملك بندقية – جيشا – فعليك السلام الذى ترجم تاريخيّا فى أندونيسيا بمجازر لمئات الآلاف من الشيوعيين و غيرهم الثوريين على أيدى سوهرتو والجيش الذى قاد الإنقلاب .
الإصلاحات و البرامج الإصلاحيّة و القوى الإصلاحية لا تعالج المشكل المتمثّل على وجه الضبط فى دولة الإستعمار الجديد و البنية التحتية و الفوقية للمجتمع الذى يحتاج ثورة لا إصلاحات ، ولا تنشأ دولة جديدة ثوريّة تقودها الطبقات الثوريّة و على رأسها البروليتاريا و هدفها الأسمى الشيوعية على النطاق العالمي ؛ أقصى ما تفعله هو إدخال تغييرات بسيطة فى هذا المجال أو ذاك أمّا البنية التحتيّة الإقتصادية الإجتماعية الأساسية التى تعيد إنتاج المجتمع بالإستعانة بالدولة و بقيّة البنية الفوقيّة فلن تشهد تغييرا راديكاليّا بل ستظلّ هي هي .
و ما الذى يحصل عندما يسعى الإصلاحيّون إلى التدخّل فى جوهر علاقات الإنتاج و التوزيع و الملكيّة ؟ تاريخيّا حصل أمران إثنان : أولهما تراجع الإصلاحيين عن مشاريعهم " الطموحة أكثر من اللازم " تحت الضغط المحلّي و الدولي و تأقلمهم مع المصالح الأساسيةّ لدولة الإستعمار الجديد فيظلّون فى الحكم لفترة تطول أو تقصر حسب الظروف فى خدمة الطبقات الرجعيّة و الإمبريالية العالمية ( أفريقيا الجنوبيّة بعد الأبرتايد ) و ثانيهما ، يستبعدون من الحكم بمؤامرات متنوّعة ( نيكارغوا و ما جدّ قبل سنوات عديدة من إستبعاد الجبهة الساندينية من الحكم قبل أن تعود إليه مؤخّرا بعد الكثير و الكثير من التنازلات على الكثير و الكثير من المستويات) أو يسحقون بالقوّة سحقا ( الشيلي و تجربة آلندى والحزبين الإشتراكي و الشيوعي هناك فى سبعينات القرن العشرين ) ...
إنّ من لم يدرك عمق الحقيقة التالية التى لخّصها ماو تسى تونغ و ينطلق منها فى نضاله ، لن يكون ثوريّا حقّا :
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأٌقطار على حدّ سواء ."
( " قضايا الحرب و الإستراتييا " ( 6 نوفمبر - تشرين الثاني - 1938) ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني)

و نضيف إلى ذلك أنّ تغيير نمط الإنتاج واجب لأجل التمكنّ من خدمة مصالح أوسع الجماهير الشعبيّة و التقدّم نحو تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال الجندري و الطبقي والقومي . يجب تغيير ملكيّة وسائل الإنتاج وموقع الطبقات فى الإنتاج و فى توزيع الإنتاج ، آخذين بعين النظر الظروف الملموسة و الوضع المباشر لكلّ بلد تحصل فيه الثورة الحقيقيّة . يجب إنشاء إقتصاد مندمج مخطّط يقطع مع الإمبريالية و يلبّى حاجيات الشعب و التقدّم بالثورة البروليتارية العالمية و تتحكّم فيه الطبقات الشعبيّة و فى مقدّمتها البروليتاريا و حزبها الشيوعي . و يكون هذا طبعا عقب - أو فى خضمّ سيرورة حرب الشعب الطويلة الأمد - الإطاحة بالدول القديمة و إنشاء دول جديدة ( و لا يتعلّق الأمر هنا بتجاهل التطلّعات القوميّة لدولة موحدّة و إنّما هنا يجرى الحديث عن دول قديمة و دول جديدة ) هدفها الأسمى تحقيق الشيوعية على النطاق العالمي .
و إن لم يقع تغيير نمط الإنتاج و العلاقات الإجتماعية و مجمل البنية التحتيّة ، ستقع إعادة إنتاج القاعدة الإقتصادية و العلاقات الإجتماعية و البنية الفوقيّة و منها الدول الرجعيّة المدعومة إمبرياليّا و بالتالى تستمرّ عذابات الجماهير الشعبية و إستغلالها و إضطهادها مهما كانت مساحيق الإصلاح الموضوعة على وجه دول الإستعمار الجديد .
يعتقد الإصلاحيّون ( المتمركسون منهم و غيرهم ) أنّه يمكن إنجاز المعجزات دون المساس بالنية التحتيّة الإقتصادية و الإجتماعية و نمط الإنتاج . و لا يفـتأ الواقع يسفّه أضغاث أحلامهم . كم حكومة و كم تيّارا شارك فى حكم دولة الإستعمار الجديد بالمغرب و لم يلمسوا الخيارات الجوهرية للقاعدة الإقتصادية و نمط الإنتاج أصلا و لم يتوصّلوا لطبيعتهم و إتفاقهم على عدم النيل من نمط الإنتاج إلاّ إلى النجاح فى خدمة الطبقات الحاكمة الرجعيّة المحلّية المتحالفة مع الإمبريالية و طعن الشعب فى الظهر .
و الشيء نفسه يمكن أن يقال عن ما جرى فى تونس تحت حكم بن علي كخليفة لبورقيبة و بعده تحت حكم حزب النهضة على رأس الترويكا أو حكم حزب نداء تونس بتحالف مع حزب النهضة . و كذلك هو الأمر فى مصر ، بعد السادات ، زمن مبارك أو إثره مع حكم الإخوان أو تاليا حكم السيسي ...
لقد ساهمت قوى " يسارية " و "يمينية " ، " إشتراكية " و "ديمقراطية " و " ليبراليّة " و" غخوانية " ... فى تلميع صورة دول الإستعمار الجديد و تبييض وجهها و إعادة هيكلتها و إنقاذها من أزماتها و لم تغيّر التشكيلة الإقتصادية – الإجتماعية تغييرا جوهريّا . قدّمت هذه القوى هذه الفئة أو تلك من الطبقات الحاكمة ، إلى سدّة الحكم أو ضاعفت إمتيازاتها أو قلّصت منها أو شرّطتها فى تسيير شؤون الدولة . و كان مآل جماهير الطبقات الشعبيّة تقريبا ذاته فموقعها لم يتبدّل فى علاقة بملكيّة وسائل الإنتاج و بموقعها فى الإنتاج و موقعها فى توزيع الإنتاج و فى علاقة بإبعادها عن تسيير الدولة التى هي دولة أعدائها و التحكّم فى مسار المجتمع الذى تتمتّع به الطبقات الحاكمة المتحالفة مع الإمبريالية العالمية لا تهمّ فى ذلك الخلفيّة الإجتماعية لمنفّذى سياسات الدولة المعادية لمصالح الشعب .
و يقينا أن عفويّة الجماهير ، فى غياب الدعاية و التحريض و التنظيم الشيوعيين و نشر الوعي الشيوعي ، تؤدّى الكرّة تلو الكرّة إلى السقوط تحت جناح الطبقات الحاكمة ؛ وأنّ المطلبيّة الإصلاحيّة تسمح للطبقات الحاكمة بالتآمر و الإستمرار فى الحكم و لنمط الإنتاج بإعادة إنتاج نفسه و بإعادة إنتاج البنية الفوقيّة المناسبة له . سيقتضى كسر الدائرة الجهنّمية بالنسبة للجماهير و التى تدرّ الثروات على الطبقات الحاكمة و حلفائها لا الإصلاحيّة بل الشيوعية الماويّة الثوريّة كيما تنجز حقّا ثورة حقيقيّة تنشأ دولا جديدة هدفها الأسمى الشيوعية على الصعيد العالمي و تغيّر نمط الإنتاج بمكوّناته تلبية لمصالح الجماهير الشعبيّة و التقدّم على الطريق المؤدّية إلى تلك الغاية الأسمى ، فى إرتباط جدلي بين الثورة فى جزء ما من العالم والثورة البروليتارية العالمية و كجزء لا يتجزّأ منها .
4- نناضل من أجل الإصلاحات لكن ضمن إستراتيجيا شيوعية ماوية ثوريّة :
وتفاديا لتعليقات نتوقّع صدورها عن الإصلاحيين ، نعرض عليكم موقفنا من هذا النوع من النضالات كما فسّرناه فى العدد الأوّل من " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة !" ( و الروح الثوريّة للماويّة المتطوّلرة اليوم و الفهم الشيوعي الأكثر تقدّما و رسوخا علميّا هي الخلاصة الجديدة للشيوعية ) أي منذ 2011 و نرفقه بفقرتين لبوب أفاكيان فى ذات السياق :
" يعترف الماركسيون بالنضال من أجل الإصلاحات ، أي من اجل تحسينات فى أوضاع الكادحين تترك السلطة ، كما من قبل ، فى يد الطبقة السائدة . و لكن الماركسيين يخوضون فى الوقت نفسه نضالا فى منتهى الحزم ضد الإصلاحيين الذين يحدون ، بواسطة الإصلاحات ، مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، من تطلعات الطبقة العاملة و نشاطها. فإنّ الإصلاحية إنّما هي خداع برجوازي للعمّال الذين يبقون دائما عبيدا مأجورين ، رغم مختلف التحسينات ، ما دامت سيادة الرأسمال قائمة.

إنّ البرجوازية الليبرالية تمنح الإصلاحات بيد و تسترجعها بيد أخرى، و تقضى عليها كلّيا ، و تستغلها لأجل إستعباد العمال ، لأجل تقسيمهم إلى فرق مختلفة ، لأجل تخليد عبودية الكادحين المأجورة. و لهذا تتحوّل الإصلاحية بالفعل ، حتى عندما تكون مخلصة كليا ، إلى أداة لإضعاف العمّال و لنشر الفساد البرجوازي فى صفوفهم . و تبيّن خبرة جميع البلدان أنّ العمّال كانوا ينخدعون كلما وثقوا بالإصلاحيين.

أمّا إذا إستوعب العمال مذهب ماركس ، أي إّذا أدركوا حتمية العبودية المأجورة ما دامت سيادة الرأسمال قائمة ، فإنهم على العكس ، لن يدعوا الإصلاحات البرجوازية ، أيّا كانت ، تخدعهم. إنّ العمال يناضلون من اجل التحسينات مدركين أنّ الإصلاحات لا يمكن ان تكون لا ثابتة و لا جدّية ما دامت الرأسمالية قائمة ، و يستغلّون التحسينات لأجل مواصلة النضال بمزيد من العناد ضد العبودية المأجورة.إنّ الإصلاحيين يحاولون أن يقسموا العمّال الذين يدركون كذب الإصلاحية ، فإنهم يستغلون الإصلاحات لأجل تطوير و توسيع نضالهم الطبقي " .

( لينين " الماركسية و الإصلاحية " )
" النقطة الأساسية التى شدّد عليها ماركس صحيحة بعمق : إن لم تقاتل الجماهير و تقاوم إضطهادها، حتى بأقلّ من الثورة ، ستسحق و تتقلّص إلى جماهير محطّمة و ستكون غير قادرة على النهوض من أجل أي شيء أرقى . لكن ، و كمسألة توجّه أساسي ، ينبغى أن نستوعب بصلابة حقيقة أنّه بالرغم من أفضل الجهود وأكثرها بطولة وتضحية بالذات، من غير الممكن ، فى إطار هذا النظام ، حتى أن نخفّف حقّا ، فما بالك بأن نلغي ، العذابات و أسباب عذابات الجماهير الشعبية ...
جوهريّا و إستراتيجيّا ، من الضروري إختيار أين سيوجّه ثقل جهدكم و أساسه : إلى قتال التأثيرات و المظاهر أم التوّجه رأسا إلى السبب و إجتثاثه و التخلّص منه ؟ و لهذا تصبحون ثوريين – عندما تدركون أنّه عليكم أن تبحثوا عن الحلّ الكامل لهذا ، و إلاّ فإنّ العذاب سيستمرّ ، و سيصبح أسوء . هذا أمر من الأمور الأساسيّة التى تدفع الناس نحو الثورة ، حتى قبل أن يفهموا علميّا كلّ تعقيد ما تعنيه الثورة و ما يتطلّبه ذلك . و مع تحوّلكم إلى شيوعيين و نظركم بصفة متصاعدة إلى العالم قاطبة ، و ليس فحسب إلى جزء من العالم الذى توجدون فيه مباشرة ، ترون أنّ العالم بأسره يحتاج إلى التغيير ، أن كلّ الإضطهاد و الإستغلال يجب أن يقع إجتثاثه فى كلّ مكان حتى يكفّ عن الوجود فى أي مكان . "
( بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، نص " إصلاح أم ثورة : مسألة توجّه ، مسألة أخلاق " ، مكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي )
-------------------------
و بهذا نكون وضعنا أيدينا و إن بشكل موجز على المشكل و الحلّ ، على الداء و الدواء. إنّ تلبية حاجيات الجماهير الشعبيّة لن تتمّ بشكل أساسي أبدا فى ظلّ دول الإستعمار الجديد كما لن يتمّ التقدّم نحو تحرير الإنسانيّة من كافة أشكال الإضطهاد والإستغلال الجندري و الطبقي و القومي فى ظلّ هذه الدول الرجعيّة . يحتاج الأمر ثورة فى البنية الفوقيّة و فى البنية التحتيّة للمجتمع أيضا ؛ فى المجال السياسي و فى التشكيلة الإقتصادية - الإجتماعية و العلاقات الإجتماعية و الأفكار . يحتاج الأمر لا أدوية مسكّنة فيستمرّ المرض و يستفحل ، بل عمليّة جراحيّة تستـاصل الداء / الورم الذى ينخر حياة غالبيّة الإنسانيّة لمصلحة قّلة قليلة . و من ثمّة ، على الذين يتطلّعون إلى المساهمة فى القيام بالثورة الحقيقية و تحرير الإنسانيّة أن يساهموا على جميع الأصعدة فى قيادة و توفير مستلزمات قيادة الشعب لصنع التاريخ و للقيام بهذه العمليّة القيصريّة التى تصرخ البيئة و يصرخ العالم من أجل إنجازها و فى أقرب وقت ممكن .



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدّمة العدد 27 من- لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة !- – قر ...
- تلخيص نقاط جدال حول الخلاصة الجديدة للشيوعية : طليعة المستقب ...
- تعليقا على بعض النقاط فى - عاشت اللينينيّة ! - و - إقتراح حو ...
- تحرير الجماهير الشعبيّة الفلسطينيّة و تحرير الإنسانيّة و ضرو ...
- خوض الصراع ضد التحريفية يوميّا 2/2- شارو مازومدار فى مواجهة ...
- خوض الصراع ضد التحريفية يوميّا 2/1 - ملاحظات حول فصلين من كت ...
- مقدّمة كتاب - لا لتشويه الماوية و روحها الشيوعية الثوريّة : ...
- تفاعلا مع تعليقات على مقالنا - هنيئا للسيّد فؤاد النمري و أم ...
- هنيئا للسيد فؤاد النمرى و أمثاله ببلشفيّتهم التى أوصلتهم إلى ...
- تأبيد الإضطهاد و الإستغلال أم الثورة عليهما ؟ - عبد الله خلي ...
- الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة - عبد الله خليفة ي ...
- مزيدا حول الأصوليّة الإسلامية و الإمبرياليّة و النظرة الشيوع ...
- ماو تسى تونغ منظرّ ماركسي لامع أم - صاحب فقر نظري - ؟ - عبد ...
- الماوية و الدين - - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و يقدّم الن ...
- من مكاسب الثورة الماويّة فى الصين - - عبد الله خليفة يشوّه ا ...
- ماو تسى تونغ قومي أم أممي ؟ - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و ...
- دور الفرد فى التاريخ بين الفهم المثالي و الفهم المادي -- عبد ...
- فيما يشترك مقال السيد عبد الله خليفة و مقال السيد فؤاد النمر ...
- مقدّمة و خاتمة - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و يقدّم النصح ...
- تحرير البروليتاريا و الإنسانيّة جمعاء : إن لم تناضلوا من أجل ...


المزيد.....




- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - لنكن واقعيين : الدول العربيّة رجعية متحالفة مع الإمبريالية تسحق الجماهير الشعبيّة لذا وجبت الإطاحة بها و تشييد دول جديدة يكون هدفها الأسمى الشيوعية و تحرير الإنسانيّة على النطاق العالمي .