أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الشخصية الشعبية في مجموعة --إنثيالات الحنين والأسى- أسامة العيسة















المزيد.....

الشخصية الشعبية في مجموعة --إنثيالات الحنين والأسى- أسامة العيسة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


الشخصية الشعبية في مجموعة
"إنثيالات الحنين والأسى"
أسامة العيسة
ليس من السهل أن نتكلم عن شخصية شعبية وبلغتها العادية في نص أدبي، لكن "أسامة العيسة" استطاع أن يبهرنا في هذه المجموعة القصصية التي يستخدم فيها لغة خاصة لإيصالنا إلى قلب الشخصية الشعبية التي تحدث عنها، فكنت "الحاجة نفيسة" حاضرة ومؤثرة فينا كما لو كنا نحن من كتب عنها، أو من استمع إليها وهي تتحدث، وليس "أسامة"، وكذلك الأمر ينطبق على شخصية "التحسيني" التي قدمها يشكل كوميدي امتزج فيه الجد والهزل معا، بحيث جعلنا نحترم هذه الشخص رغم ما فيها من موروث شعبي متخلف، فأهم ما في هذه المجموعة اللغة التي ضمت احداث القصص، ومقدرة الكاتب على ربط الاحداث بطريقة تجعل القارئ وكأنه يستمع لأحد لقصص من راوها بذاته، وليس من "أسامة العيسة".
في قصة "طوشة الشلن" وهي قصة حقيقية ترويها لنا الحاجة "نفيسة" المرأة المكافحة التي عملت على تربية أولادها في المخيم، بعد أن تركت بيتها وقريتها في فلسطين ال 48، فهي امرأة كبيرة في السن، وأمست جدة، تعمل في دكان متواضعة جدا في المخيم، كي تتسلى وتشعر بأنها منتجة، فأولادها يلحون عليها اكثر من مرة لترك هذا الدكان، لكنها ترفض أن تكون بلا عمل، تقوم الانتفاضة مما يستدعي أحيانا أن يكون هناك اضراب يوجب على كافة المحلات اغلاق ابوابها، لكن "الحاجة نفسية" تكون مستثنية في أغلب حالات الاضراب، إلى أن يصلها ورقة من "محمد" ابن بنتها يطالبها بإغلاق الدكان، فيكون هناك حديث بينها وبين "أسامة" والتي تنفتح على الماضي وتحدثنا عن "شلن زكريا" وهي قصة تستحق التوقف عندها، لما فيها من فكاهة وبساطة المواطن الفلسطيني، وفي ذات الوقت تقدم لنا تجبر المحتل الانجليزي بالشعب الفلسطيني، والذي فرض غرامة مقدارها "جنية" على كل شخص شارك في "الطوشة" التي وقعت على أثر الخلاف على "شلن زكريا" بحيث أن شلن "كلف أصحابك ألف جنيه" ص12، وهذا المبلغ كان كبيرا جدا على الأهلي.
ما يحسب لهذه القصة وجود طرفة يقدمها الكاتب بين الحين والآخر كما هو الحال عندما يتم الحديث بين ابنها وابو تيسير التحسين" فيتكلم الأبن عن مشاكل الدكان "والاولاد العفاريت أصحاب الأيدي التي تطال أي شيء في الدكان ... يشتري لها عريس" ص6 وعلى ضرورة بقائها في بيتها، فيرد عليه "أبو تيسير التحسيني" :
"حرام عليك. العجوز قبرت أربعة أزواج. لا تتقلد الخامس، ينولك ثواب" ص7، بمثل هذه الكلمات التي تقال هكذا بعفوية يجعلنا الكاتب نتقبل النص ونشعر بقربه منا، وقربنا منه، فهو ليس جادا وليس فكاهيا، لكنه يحمل الحالتين، وهذا ما يميز هذه المجموعة.
"في قصة "خبر العنتري" يتحدث فيها الكاتب عن المقامات المنتشرة في كافة أنحاء فلسطين وكيف أنها تحمل شيئا من الأفكار الخارقة، رغم أننا نعيش في عصر علمي/مادي لا يلقي بالا للخوارق، فيحدثنا "أبو تيسير" عن مقام "سيدنا أبو يحيى، وعلى فبره أقام جددونا المقام" ص14، فهذه المقامات كان لها وأثرا في المجتمع الذي آمن بها، فقد "شلت يد ابي محمود لحلفانه زورا في حضرة العطرة" ص14، وأيضا يحدثنا عنه بعد الاحتلال وكيف اصبح فيقول عنه: "صحيح أنه اصبح مربطا لخيول اليهود، لكنهم حين حالوا هدمه لم يستطيعوا، ضربته الجرافة مثتنى وثلاث، وفي الرابعة أصابها العطب، فقالوا لأنفسهم ما لنا وماله، من أتاه ولد وكانت امرأته عاقرا، وقد وهن عظمه واشتعل شعره شيبا وبلغ من العمر عتيا" ص16 ما يحسب لهذا الكلام، أنه جمع ما بين الحقيقة التي حدثت وبين الأفكار الدينية التي يحملها لراوي، بحيث جعل المحتل يتكلم بثقافة ولغة الفلسطيني، وكأنه بهذا يمحي/يلغي المحتل الذي لم يجد تبريرا/تفسيرا لما حصل عندما عطبت الجرافة أمام المقام، فجعلته ينذهل ويتكلم بلغة وبأفكار المجتمع الفلسطيني.
في قصة "لقاء" يحدثنا الكاتب عن احتلالين لفلسطين، فالمواطن الفلسطيني لم يجد فرق بينهما، الأول أخذ شكلا عربيا، والثاني صهيونيا، لكن على أرض الواقع لم يكن هناك فرق بينهما، فمن تعرض للسجن في "الجفر" وجد نفسه مسجونا في "سجن الرملة" وما يعرض عليه من أسئلة من قبل الاحتلال تعرض عليه في الضفة الثانية للنهر، فهي نفس الأسئلة، "عدد له رجل المخابرات، أسماء نشطاء المخيم، وانتماءاتهم الفصائلية.. الاتفاقات ... الاختلافات.. تفاصيل اجتماعات، وكأن الدولتين تقرأن على شيخ واحد. تعتمدان ملفا واحدا" ص29، وكأن الراوي بهذا يؤكد بأن فلسطين كانت محتلة، إن كان من قبل النظام الأردني الذي سلمها على طبق من ذهب في عام 67، أو من الاحتلال المباشر والصريح من قبل الإسرائيلي عامي 48 و67، وهذا الكلام لم يكم مجرد انشاء لغوي، بل واقع عاشه الفلسطيني في العهدين، فكلاهنا مارس البطش والقمع بحق كل من عمل على إعادة الحق لأصحابه.
وعندما يتم استدعاء "التحسيني" لتحقيق في الجهة الأخرى من النهر يكون هذا الحوار مع ضابط المخابرات
"ـ كما رأيت نعرف كل شيء عن أهل الدهيشة
ـ انشاء الله تعرفون كل خير.
ـ خير..! ملاعين أولاد ملاعين..
ـ ملاعين على إسرائيل... يا بيك
ـ اليوم ع إسرائيل وبكرة علينا.
ـ إحنا وانتم ع إسرائيل
ـبلاش استهبال .. وبلاش رد .. اسكت ساكت.. أنت هنا لتسمع فقط" ص30 بهذا الحوار مع ضابط المخابرات يحسم الراوي مأسلة الاحتلالين لفلسطين، فكلاهما عمل ويعمل على ضرب وتضعيف أي مقاومة يمكن أن تحصل من الفلسطيني.
وللتذكير يعيدنا "التحسيني" إلى أيام العهد الأردني في فلسطيني فيحدثنا عن "حكيم الفقراء والمرضى، ... عيادة الدكتور غضب الرب والحكومة نازل عليه ... مطرود من المستشفيات،... ضيف سجن الجفر الثابت" ص31، بهذا التاريخ القمعي عاش الفلسطيني في ظل الاحتلال الأول، فهو كان مطارد في لقمة عيشه، كما كان السجن، وأي سجن؟ الجفر سيء الذكر، الموجود في منطقة صحراوية وفي جنوب الأردن، بحيث أن أي عملية هرب تكون محسومة نتيجتها سلفا، الموت في الصحراء، وفي ذات الوقت مشقة الزيارة الأهل له، بمعنى أن الاحتلال الأول كان يعاقب السجين وأهله معا.
ضمن هذه الاجوال الصعبة والقاسية الي تتحدث عن المعاناة وصعوبة وقساوة الأوضاع التي يمر بها الفلسطيني، استخدم الكاتب شيئا من الترفيه/الفكاهة في قصته، فكان "أم تيسير زوجة التحسيني" هي من خفف من حدة الأحداث وجعلها أسهل للهضم، فقول عنها عندما تم إقناعها بضرورة الذهاب إلى الحكيم وبعد أن قبلت بالذهاب نجدها بعد أن وصلت القدس تتخذ هذا الموقف، "وعندما وصلت القدس حاولت الحاجة تغيير رأيها لتكمل إلى معراج الحبيب، شدها أبو تيسير مهددا:
ـ سأتركك هنا ... لوحدك.
ـ إيش يعني... أنا صغيرة وإلا غشيمة" ص32، فقد كانت العلاقة بينهما علاقة حرص ومحبة، لكن "الحاجة أم تيسير" عنيدة وترفض أن تتكيف مع العصر.
وعندما تذهب إلى لطبيب ويشخص حالتها ويوصي بضرورة ارسالها إلى المستشفى لخطورة حالتها نجد هذا الحوار معها.
"ـ أنت مصنوعة من إيش يا ولية. شردت من المستشفى .. ستموتين.
ـ أموت؟ هذا منامكم.
ـ انظري لنفسك تهتزين كالقصبة.
ـ يا جماعة الدكتور قال بأن حالتها خطرة.
ـ خطر يدهمك أنت ودكتورك" ص33، هذه المرأة العنيدة بقيت حية وحاضرة، وعندما تم القاء بين "التحسيني والدكتور" في الضفة الأخرى من النهر وتم استحضار تلك الذكريات الماضية، نجد أيضا هذا الشكل من الفكاهة الأدبية. "سيتعب عزرائيل من التفكير قبل أن يجرؤ على الاقتراب منها خوفا من الفشل، إنها كالقطط، بسبعة أرواح" ص36، أعتقد بأن هذه القصة تحديدا فيه من المتعة والشيء الكثير، فالأحداث أحيانا جادة، بشكل قاسي ومتعب للمتلقي، الذي يتأذى نفسيا من حجم البطش والقمع الذي مورس على شخوص القصة، وأحيانا يستمتع ويستسهل الأحداث من خلال لحديث المتعلق "بالحاجة أم تيسير" وهذا ما يحسب للكاتب، الذي تنصل من الحديث والسيطرة على شخوص القصص، وجعلها هي من يروي وتتحدث بلغها البسيطة، فكان بعيدة عن التحكم أو الرقابة مهما كان شكلها، فكل شخصية كانت محررة تماما من هيمنة الكاتب، وكانت هي السيد المطلق وتتحدث دون أي حواجز أو رقابة، وهذا ما يمثل أهم عنصر في القصة، استحضار الشخصية الشعبية من الواقع، وتقديمها كما هي، بدون زيادة أو نقصان، فجعلها تبدوا لنا وكأننا نحن المستمعين لما تقوله وليس الطرف المقابل.

الملفت للنظر بأن شخصية "التحسيني" كانت حاضرة في غالبة القصص، وهذا يشير إلى تأثر الكاتب بهذه الشخصية، فهي كانت المهيمن على بقية الشخصيات، حتى أنها تجاوزت شخصية الكاتب نفسه، فهي من يروي ويستحضر المكان والتاريخ وما فيه من احداث، وهذا الشكل من حضور الشخصية الشعبية كان يهيأ لعمل أدبي أكبر وأضخم، أي أن الكاتب جرب نفسه في المجموعة القصصية "إنثيالات الحنين والأسى" والتي نجح فيها نجاحا كاملا، لكي يتقدم أكثر ويعمل رواية كاملة تتحدث عن الشخصية الشعبية.
المجوعة من منشورات مركز أوغاريت الثقافي للنشر والترجمة، رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 2004.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الكردية
- بناء الشخصية في رواية -رسل السلام- هاني أبو انعيم
- التشكيل وعصر النت في -تداعيات مسخ مسالم جدا- عامر علي الشقير ...
- السومريون في كتاب - حضارات ما قبل التاريخ- خزعل الماجدي
- الحنين في مجموعة -آه يا كاني ماسي- جاسم المطير
- المجتمع المصري في رواية -ليل ونهار- سلوى بكر
- المغامرة في رواية -خاتم اليشب- فارس غلرايبة
- مفهوم الرجوع في الإسلام
- داحس والغبراء الجمل وصفين
- تركيبة الفساد
- التأنيث في ديوان -أيها الشاعر في- محمد حلمي الريشة
- المرأة والكتابة في -يوميات كاتب يدعى x- فراس حج محمد
- العيون في ديوان - الصمت والرؤيا- سلطان القسوس
- الحب والجنس في رواية -خريف الانتظار- حسن نعمان فطافطة
- -الموت للعرب-
- حضور الطبيعة في ديوان - أيها الوطن الشاعري- صاحب الشاهر
- -حكمة الكلدانيين- حسن فاضل جواد
- القومية الكلدانية
- التوازن في مجموعة -الخروج من الكابوس- فاروق مرعشي
- خطوتان إلى الوراء


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الشخصية الشعبية في مجموعة --إنثيالات الحنين والأسى- أسامة العيسة