أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - كاملة ... قصة قصيرة














المزيد.....

كاملة ... قصة قصيرة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 - 10:53
المحور: الادب والفن
    


لماذا هذا الخنوع الذي تمتلئ به نفسه؟ إن الحياة بلا طموح لا قيمة لها، إن المغامرة هي التي يمكن أن تنقلك من حال ساكنة متدنية، إلى قمم علا، إنه يفتقد لروح المغامرة، يكتفي دوما بالتفسير الذي يبعد عنه اللوم، ويحميه من النقد، يلوذ في الكثير من الأوقات بالصمت، مدعيا التأمل، وهو في الحقيقة يخاف المواجهة، يخاف المجابهة، حتى مع نفسه، يسوق المبرر تلو المبرر، ليؤكد أنه المطيع، الذي لا يريد أن يعصي سيده، يلجأ لفلسفة كل الأمور ليقنع بأن هذا هو القدر المحتوم، وليس في الإمكان أبدع مما كان.
يثير داخلها ذلك جراثيم الغضب، تتساءل: كيف أحبت هذا الإنسان؟ لماذا هو الوحيد الذي استطاع أن يملك قلبي، ويحجم عقلي؟ طموحي لا حدود له، فأنا في القمة أحيى، وفوق القمة أنشد، لا أومن بتلك الأوامر والنواهي التي تحد من قدراتنا، التي تجعلنا أمواتا في الحياة، إن الخنوع هو الموت الحقيقي، إن الاستسلام لما يسمونه قدرا، هو القبر الذي ندفن أنفسنا فيه، إن إيمانه بهذا ليس إلا رغبته الدفينة في الانسحاب من الحياة.
كلا لن أسمح له بذلك، إني على علم بكل نواقصه، وأخبر كل تلافيف ذرائعه، وأدرك رغبته العنيفة في والتقرب مني، وحاجته الهائلة في امتلاكي!!! كما يظن، لابد أن أستثير فيه مكامن رغباته، كما أحفز تفكيره في أن يكون نفسه هو، وأن يعلم علم اليقين أنه لا يستطيع الفكاك من هذه الرغبات، ولا من دوافعه في تحقيق ذاته، حتى لو أراد، حتما هو دائم التفكير في، ما عليَّ إلا أن أجعله يؤمن أنه لا حياة له بدوني، وأني سر وجوده، إن لديه بذور هذه الفكرة، عليَّ فقط أن أجعلها ترى النور، حينما أخرجها من مكامن نفسه للعلن، ساعتها سيعمل عليها.
تنظر في عينه، ترى تحت الخنوع رغبة دفينة، إن هذه الرغبة ستكون مفتاح تغيير هذه الشخصية الكسولة، تدنو منه وتهمس بصوت عذب: إني في حاجة إلى مساعدتك. يفغر فاهه، ماذا يمكنه أن يقدم لها؟ وهو المجبول على الأخذ، تدرك حيرته، فهي تسبر أغواره، تعلم ما يدور في ذهنه، ومالم يصل إلى فكره بعد، تومئ له برأسها مؤكدة حاجتها إليه، تقول له: لا أحد غيرك يستطيع مساعدتي، فأنت فقط من يشعرني بذاتي، وأحس في نظراته باكتمال أنوثتي، تتسمر عيناه في وجهها الذي تكسوه الابتسامة، والنظرة الحالمة جمالا يثير في نفسه الرغبة، التي تلمح هي بفطرتها اشتعالها، فتزيد من عذوبة صوتها، وإغراء عينيها، فتتألق وجنتيها وهي تقول بغنج له: علينا أن نهدم البيت القديم، فلم يعد يصلح ليكون مكانا لحياة جديدة تجمعنا سويا، يزداد اندهاشه، كيف تطلب طلبا هائلا مثل ذلك بهذه البساطة، وتلك اللغة الأنثوية؟ إن البيت هو الأجمل، ذا حديقة غناء، وسور عال، لا أحد يستطيع الوصول إليه، إلا هؤلاء المصطفين، والذين يقدمون كل فروض الولاء والطاعة للأب الذي يوفر لهم حياة لا يحلم بها كل من هم خارج ذلك البيت، وفي ذات الوقت، فإن الأب لا يسمح بأي تغيير في هذا البيت، فضلا عن هدمه، لا أحد يتجرأ في أن يفتح باب مناقشة في هذا الامر. تلمح في عينيه نظرة الخنوع والاستسلام تغلب الرغبة التي توارت بعيدا، تدرك مدى صعوبة إقناعه، كما تعلم حاجته الملحة إليها، ورغبته العارمة فيها، تسأله: ألا ترغب في حياة السعادة والهناء؟ يجيبها: لقد ضمنها لنا الأب بعيشنا في البيت منعمين، تقول: ولكنك لا قيمة لك، تأكل وتشرب وتنام ويقوم عليك خدم، ولكنك بلا دور، إنك تكتفي بتمثيل دور السعيد، ليست السعادة في الراحة والدعة، السعادة في تحقيق ذاتك، في الوصول إلى ما تريد، في الهدف الذي تصبو إلى تحقيقه، في الدور الذي يمكن أن تقوم به من تأثير في أنا وفي كل من هم في دائرتك، إنك توهم نفسك براحة البال، لأنك لا تريد أن تعمل عقلك، أن ترغب في شيء غير ما قرره لك أبوك، وبنظرة حادة كأنها السيف الباتر، تؤكد أنها تريد رجل كاملا، يعتمد على نفسه، ويعتمد عليه، وفي تغيير مفاجئ تكشف عن مفاتنها، فتلمع في عينيه رغبة واشتهاء، فتخفض من صوتها، الذي يأتيه وَهْناً: نريد أن نحيا حياة كاملة، وتمد يدها له يلقفها بين يديه، يلثمها، ينهض من مكانه ممتلئ القوة، بادي العزيمة قاطعا في قوله، سنهدم البيت أو نتركه، لابد أن نحياها كاملة..



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناقصة .. قصة قصيرة
- فاطمة ناعوت. . والمجتمع المريض
- العربية السورية صخرة تتحطم عليها أحلام الواهمين
- النهضة والتعليم في العالم العربي
- حرية الإبداع: التجربة الفنية تتجاوز القيود الدينية
- صلاة.. قصة قصيرة
- الأفق .. قصة قصيرة
- الموت ... قصة قصيرة
- أنصار القديم ...والهوية والحضارات القوية


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - كاملة ... قصة قصيرة