أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أشواق عباس - الإصلاح الاقتصادي في سوريا















المزيد.....


الإصلاح الاقتصادي في سوريا


أشواق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1376 - 2005 / 11 / 12 - 08:45
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


المقـدمـــة .

من الطبيعي أن تطرأ بين الحين والأخر مستجدات على صيرورة الحياة في أي دولة . بل إن بعض هذه المستجدات يفرض على القائمين ومتخذي القرار إجراء وقفات للمراجعة والتحليل ، وإعادة النظر في برامج و سياسات الدولة بغية تفادي المخاطر ، والاستفادة من ايجابيات كل تطور . وفي سوريا التي لا يمكن أن تخرج عن إطار مسيرة الدول ، طرأت الكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي تفرض إجراء تعديلات في بعض المجالات والبنى لضمان الاستمرار وحسن السير إلى الأمام .
و يُعَدُّ الجانب الاقتصادي من أكثر الجوانب تأثرا بالمعطيات و التطورات الجديدة ، سواء الداخلية منها أو تلك الخارجية ، لاسيما وأنه الأكثر تأثرا بالآثار والتأثيرات المرافقة للتطورات المحيطة به داخل الدولة و خارجها . و هو ما يعني الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي . إلا أن هذا الإصلاح المنشود لا يمكن أن يحقق أهدافه بدون توفر مقدمات و شروط موضوعية ، يمكن لنا أن نطلق عليها صفة المقدمات الأساسية ، أي تلك التي تمهد و تشكل الأرضية له و لانطلاقته، و التي يأتي في مقدمتها:
- توفر الإرادة السياسية الحامية للإصلاح و الراعية لمتطلباته .
- توفر الكادر القادر على وضع برامج الإصلاح المناسبة .
- تكامل عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
إن الشروط السابقة تؤكد لنا أن الإصلاح لا يمكن أن يتم بطريقة عفوية مجتزأة ، بل يجب أن يكون منهجيا و مدروسا ، وفي إطار خطة شمولية وموضوعية له . ولكن هذا لا يعني انه لا يمكننا الحديث عن الإصلاح الاقتصادي بدون الحديث عن أشكال الإصلاح الأخرى شريطة إدراك البعد التكاملي للعملية الإصلاحية.
لقد وضع العديد من الباحثين أفكارا متوافقة أحيانا ،و متناقضة أحيانا أخرى حول أولويات وطرق الإصلاح الاقتصادي . كما تبنت الحكومة أيضا طرح بعض برامج الإصلاح الاقتصادي للنقاش العام، بل و للتطبيق في أحيان كثيرة ، و بالرغم من تباين تلك الرؤى لسبل الإصلاح الاقتصادي في سوريا ، إلا إن القاسم المشترك بينهما هو تأكيدها على أن الوضع القائم ليس مجديا ، و لا بد من منهج اقتصادي جديد .
بعض الإصلاحيين اعتبر أن التوجه نحو الليبرالية خطر يجب تداركه بالبقاء تحت ظل القطاع العام و الغشراف المباشر للدولة ، والبعض الآخر وجد أن الإصلاح يكمن في الذوبان التام بالاقتصاد العالمي دون تباطؤ ،مع التأكيد الكامل على الحرية الاقتصادية وآليات السوق ، ومنهم من ذهب إلى التوفيق بين الاتجاهين ، فشكل حالة وسطى بين الطرحين السابقين . حيث رأى بأن الإصلاح يمكن أن يكون في ظل تعايش القطاع العام مع القطاع الخاص ، وقوانين الحرية الاقتصادية . و بالرغم من أن معظم الطروحات لم تكن كاملة ، إلا أنها كانت مفيدة في حال إجراء تقاطعات بينها .
سيتم التركيز في هذه الدراسة على دراسة دوافع و طرق الإصلاح الاقتصادي من خلال مناقشة النقاط التالية :

 أولاً : أهم المتغيرات الدافعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي .
- تحرير التجارة عبر العالم (GAFTA-WTO) .
- الشراكة السورية – الأوروبية .
- التطورات الداخلية .
 ثانياً : الأهداف و الإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي .
 ثالثاً : محاور الإصلاح الاقتصادي.
 رابعاً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والتنمية البشرية .
 خامساً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و السياسة .
 سادساً : مقترحات الباحث .
 سابعاً : الخاتمة.


أولاً : أهم التغيرات الدافعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي في سوريا .
يمكننا أن نجمل أبرز تلك المتغيرات بالنقاط الأساسية التالية:
 تحرير التجارة عبر العالم (GAFTA-WTO) .
إن سوريا تعيش ضمن إطار عالمي يميل إلى فتح الحدود الاقتصادية بين الدول ، و إطلاق حرية المنافسة بدون أي عوائق . وهذا الأمر بالتأكيد سيؤدي إلى هيمنة أنماط الإنتاج و التوزيع و الاستهلاك التي تناسب الميل العالمي لتحرير التجارة ، وهو ما سيضع سوريا أمام تحد كبير قائم على احتمالين :
1 – أن ترفض سوريا الاستجابة لمتطلبات تحرير التجارة عبر العالم ، و عندها ستتحول إلى جزيرة معزولة.و بالتالي الوقوع في مأزق الحصار الاقتصادي ، وما يترتب على ذلك من نتائج اجتماعية و سياسية و اقتصادية سيئة.
2 – أن تقبل سوريا و تندمج في الاقتصاد العالمي . و هذا ما سيضعها أمام مواجهة منتجات واحدة من مختلف أنحاء العالم بأسعار منافسة جدا و بنوعية عالية الجودة . الأمر الذي يوجب عليها وضع آليات اقتصادية جديدة للتكيف مع التغيرات المنتظرة . إن أهم آليات تحرير التجارة التي يمكن أن تواجهها سوريا هي WTO – GAFTA
- WTO : و المقصود هنا هو منظمة التجارة العالمي World Trade Organization ، التي تأسست من اجتماع إحدى وعشرين دولة بينها سوريا) في هافانا تشرن الأول 1947 ، تحت اسم الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة . ومنذ ذلك الحين ودول الاتفاقية تعقد ما يسمى بالجولات لتحقيق المزيد من تحرير التجارة فيما بينها ، و في كل جولة كان عدد دول الاتفاقية يزداد ، حتى بلغ عدد هذه الدول في الجولة الأهم ( جولة الاورغواي ) 134 دولة ، ( و لم تكن من بينها سوريا لأنها انسحبت منذ العام 1951 بعد دخول إسرائيل إلى الاتفاقية ) .
و المهم أن جولة الأورغواي أدخلت تجارة الخدمات ضمن إطار تحرير التجارة ، واتخذت القرار الكبير و هو تحويل الاتفاقية إلى منظمة تجارة عالمية ، هدفها إلغاء كل ما يشوه المنافسة بين الدول ،و إقامة منطقة تجارة حرة كبرى حدودها العالم . ورفعت المنظمة التي بدأت في 1/1/1955 شعارات منها (المعاملة بالمثل ، مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، .. . ) بهدف تحقيق ما تصبو إليه من تحويل العالم إلى ساحة منافسة بين إمكانيات الدول ، بعيدا عن إجراءات الحماية التي كانت منتشرة ومشروعة في السابق . و الآن و بعد مضي عشر سنوات على تأسيس WTO ، أصبح فيها حوالي /156/ دولة من أصل /185/ دولة في العالم .
كما أن معظم الدول العربية انضمت إليها الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، جيبوتي، عمان، قطر، الكويت، مصر، المغرب، موريتانيا. ، و هناك دول دخلت المنظمة بصفة مراقب مثل العراق، ليبيا.
كما أن هناك خمس دول عربية في طور الدخول إلى المنظمة ، وهي السعودية، لبنان، اليمن، السودان، الجزائر. كل ذلك يجعل من انضمام سوريا إلى منظمة التجارة العالمية حاجة و مسألة ضرورية. و لكن هذا يفرض عليها بالمقابل القيام بإجراءات يأتي في مقدمتها موائمة قوانينها الاقتصادية لتتناسب مع أهداف المنظمة . حتى تتمكن من البقاء ضمن إطار التوجه العالمي نحو المزيد من تعميق تحرير التجارة.
- GAFTA : منطقة التجارة الحرة العربية Greater Arab Free Trade Area
لقد اتخذ المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية قرار بتأسيس منطقة التجارة الحرة العربية خلال مرحلة تدريجية تبدأ من 1/1 / 1998 و تنتهي خلال عشرة سنوات .و هنالك إشارات توحي بمدى جدية الدول العربية بالإسراع في تطبيق تحرير التجارة ، حيث بلغت نسبة التخفيض في الرسوم الجمركية و الضرائب ذات الأثر المماثل في السلع ذات المنشأ العربي /80 % / (1) من تلك التي كانت مطبقة في نهاية العام 1997 . و يتوقع أن يصبح التخفيض بنسبة /100 % / في نهاية العام 2005 ،و تضم الـ GAFTA سبعة عشر دولة عربية ، هي الأردن ، الإمارات ، البحرين ، تونس ، السعودية، السودان ، العراق ، عمّان ، فلسطين ، قطر ، الكويت ، لبنان ، ليبيا ، مصر ، المغرب ، اليمن ، سوريا .أي أن منطقة الـ GAFTA تضم معظم الدول العربية ، و من أهم المنافع المرجوة من إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى :
- خلق سوق عربية كبيرة تضم حوالي /300/ مليون مستهلك و ناتجها المحلي حوالي /500/ مليار دولار .
- إتباع أسلوب وفورات الحجم في الإنتاج .
- تسهيل الدمج التدريجي للاقتصاديات العربية في النظام الجديد للتجارة العالمية .
- دعم الموقف العربية داخل منظمة التجارة العالمية ،و في مواجهة التكتلات الإقليمية الأخرى .
- زيادة التنافس بين المنتجين و تحسين توجيه السلع العربية .
- زيادة عمليات المشاركة بين الدول العربية .
- اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية و الاجنبيبة .
- تسهيل نقل كافة السلع و الخدمات ضمن المنطقة العربية.
- التمهيد لإقامة السوق العربية المشتركة .
وتبدو أهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من أهمية التجارة العربية قياسا بالتجارة الخارجية بسورية ، و هذا ما يبينه الجدول التالي :

نسبة التجارة السورية - العربية من إجمالي التجارة الخارجية لسورية / مليون ل.س .
العام 1977 1998 1999 2000 2001 2002 2003
التجارة الخارجية (1) 11314 6785 7296 10326 11842 12708 15060
مع الدول العربية (2) 933 1113 1044 1276 1343 1369 2173
نسبة 2/1 8.2 16.4 14.3 12.3 11.3 10.8 14.4
المصدر : صندوق النقد الدولي ، نشرة منظمة الاسكوا ، ص 31 ، 2005 ،(2) .

إن أهمية منطقة الـ GAFTA لسورية ستزداد في المستقبل ، في حال انخفضت صادراتها من النفط إلى الدول الأوروبي . أي أن صادرات سوريا غير النفطية تذهب معظمها إلى الدول العربية . و لتوضيح تطور الصادرات الصناعية السورية إلى الدول العربية ، نورد الجدول التالي :

تطور الصادرات الصناعية السورية إلى الدول العربية .
العام 1997 2002 2003
نسبة الصادرات الصناعية من مجمل الصادرات % 5.7 11.6 12.8
المصدر : تحليل الاقتصاد الكلي السوري ، هيئة تخطيط الدولة ، ص 77 ، 2005 ، (3) .

ولكن التغير في الصادرات السورية إلى الدول العربية بلغ خلال الفترة 1997 – 2003 (7.20% ) ، أما الواردات فقد ازدادت في نفس الفترة بنسبة (14%) . و هذا يعني أن منطقة الـ GAFTA لم تنعكس بشكل ايجابي تماما على سوريا نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات الاقتصادية الملائمة . الأمر الذي يبرهن على ضرورة أن تعمل سوريا حاليا على اتخاذ تدابير تزيد القدرة التنافسية للاقتصاد السوري مع الدول العربية ،حتى لا تنعكس عملية تحرير التجارة بالضرر على سورية .
 الشراكة السورية – الأوروبية .
منذ إعلان برشلونة 27 – 28 / تشرين الأول / 1995 ، و الذي وقعت عليه سورية بأن يتم العمل بشكل حثيث لإقامة بناء اورومتوسطي قائم على أسس سياسية و اقتصادية و اجتماعية . و الآن أصبحت جميع الدول المتوسطية (عدا سورية) شركاء للاتحاد الأوروبي . و هذا يجعل سوريا في موقف أكثر ضرورة لتسريع عملية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي .و بالفعل تم في 19/10/2004 ، التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية . و ستعرض هذه الاتفاقية على الطرفين لاتخاذ إجراءات الوفاء لمتطلبات الشراكة ، و بما أنها اتفاقية تروج لاقتصاد السوق و المنافسة الحرة ، فإن هذا يوجب على سوريا إعادة النظر في الكثير من القوانين و الإجراءات الاقتصادية ، بغية زيادة قدرة سوريا على مواجهة استحقاقات الشراكة . و من ذلك تشجيع القطاع الخاص ، وزيادة نسبة القيمة المضافة في وحدة المنتج السوري ، وإصدار قوانين لحماية المنافسة .
أي أن الشراكة مع أوروبا تضغط باتجاه إصلاح الاقتصاد في سوريا ، و ليس المقصود بالضغط هنا المعنى السلبي للكلمة .إذ أن من مصلحة سوريا أن تسعى باتجاه الاستفادة من الفرصة الكبيرة التي ستتيحها الشراكة السورية الأوروبية ،مثل الأسواق الكبيرة ، وحرية تبادل البضائع والسلع ، وإمكانية الاستفادة من عامل المنافسة في سبيل تطوير نوعية الإنتاج السوري ، و فسح المجال أمام سورية للانفتاح على العالم من خلال البوابة الأوروبية . و لكن كما أشرنا فإن مقدار الفائدة والضرر الناجم عن الشراكة سيكون نتيجة للطريقة التي ستتعامل بها سوريا مع الشراكة ، و هذا يؤكد على أهمية نوعية الإصلاح الاقتصادي الذي يجب أن تنتهجه .
 التطورات الداخلية .
إن الاقتصاد السوري يعاني بعض المشاكل التي تجعله بحاجة إلى إعادة نظر لمواجهة هذه المشاكل ، منها :
1 - انخفاض معدل نمو الناتج المحلي في السنوات الأخيرة .
لقد بلغ وسطي معدل النمو الاقتصادي خلال الفترة 1990-1999 (8.45 %) . و هذا المعدل يرتفع نتيجة الاستجابة العالمية لقانون الاستثمار رقم 10 ، و لتدفق الكثير من الأموال من الخارج . و لكن معدل النمو راح ينخفض بعد ذلك حيث بلغ في الفترة 1997-2003 (2.37%) فقط (4) . و هنا نلاحظ الانخفاض الكبير في النمو الاقتصادي ، و ذلك بسبب تراجع الاستثمارات الخاصة في هذه الفترة نتيجة عدم توافر مناخ المناسب ، و تجميد الرواتب ، و تخفيض الإنفاق الاستثماري.
2 – زيادة معدل البطالة .
في السنوات الأخيرة 1999-2003 ، بلغت الزيادة السنوية لمن هم في سن العمل 375 ألف ، و بمعدل مشاركة 57 % (5) ، و كان هناك 214 ألف طالب عمل . يوفر الاقتصاد 162 ألف فرصة عمل ، و بالتالي فإن عدد العاطلين عن العمل ازداد بمعدل 52 ألف عاطل سنويا . ومن المتوقع أن يصل هذا المعدل إلى 18% عام 2010 ، إذا استمر النمو السكاني بنسبة 2.45 % و بثبات معدل المشاركة .
إن خطورة البطالة تكمن في أنها تتركز في الفئة العمرية من 15- 30 سنة ، إذ يشكل العاطلون في هذه الفئة 80% من مجموع العاطلين (6) ، و هذه الفئة من أكثر الفئات حاجة إلى العمل و بقاؤها دون عمل يجعلها في حالة سخط ورفض للواقع ، و قد يسبب هذا الأمر بعض المشكلات للدولة و نظامها .
3 – الفقر :
تعاني سوريا من ظاهرة الفقر الذي يرزح تحت خطه الادني حوالي 11.4 من السكان (7). و مشكلة الفقر خطيرة لأنها تهدد كل الانجازات الاقتصادية ، و تفرض تحديات اجتماعية وسياسية و اقتصادية لا يمكن التعامل معها. و لا يمكن مع معدلات الفقر المرتفعة الحديث عن خطط تنموية طموحة . يقع 33% (8) من السوريين تحت خط الفقر الأعلى ، قسم كبير ممن يقعون في خط الفقر مباشرة يمكن أن يهبطوا تحته في حال حدوث خلل في طبيعة الأوضاع الاقتصادية . لذلك فمن المهم في برنامج الإصلاح الاقتصادي أياً كان أن يأخذ بالاعتبار أهمية وضع آليات لمحاربة لفقر . لأن الإصلاح الاقتصادي إذا لم يؤد إلى حل مشكلة الفقر ، فإنه سيبقى بدون أي جدوى لاسيما و أن الكثير من مظاهر الخلل و الفساد ترتبط بالفقر .

ثانيا : الأهداف والإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي .

إن المطلوب من برنامج الإصلاح الاقتصادي تحقيق جملة من الأهداف، يأتي في مقدمتها ما يلي:
- زيادة كفاءة تخصيص الموارد المتاحة .
- تقليص الاختلالات المالية واحتواء التضخم .
- تحقيق النمو الاقتصادي المستمر ، و زيادة فرص العمل ، و تحسن مستويات المعيشة .

أما أهم الإصلاحات المطلوبة لتحقيق ما سبق ذكره فهي :
1- إصلاح النظام الضريبي : و يعني ذلك زيادة قدرة الحكومة على القضاء على التهرب الضريبي ، و الإلغاء التدريجي للضرائب الأكثر مدعاة للتسوية ، كتلك المفروضة على الصادرات . علما أن النمو المتسارع هو الذي يؤدي بشكل حاسم إلى زيادة الإيرادات العامة .
و إصلاح النظام الضريبي يعني أيضا جعله ينسجم مع مجمل السياسة العامة في الدولة و مع حاجة الاقتصاد ، ففي سوريا و بتتبع بيانات الضرائب نلاحظ أن الضرائب كان عائدها الأكبر في سنوات 1997، 1998، 1999 ، عنها في سنوات 1993 ، 1994 ، 1995 . علما أنه في أواخر التسعينات كانت هناك فترة ركود (9) . إذا يجب أن يصبح النظام الضريبي وسيلة لتشجيع الإنتاج الوطني و زيادة فعالية الاقتصاد و ليس العكس .
2 – إصلاح النظام المالي : أي جعل العملة قابلة للتحويل . و هذا ما تطلبه جميع الاتفاقات الدولية في مجال التحرير الاقتصادي ، و تأمين استقلالية المصرف المركزي في سياساته النقدية الهادفة إلى القضاء على التضخم و المحافظة على قيمة العملة الوطنية. و في سوريا و منذ سنوات طويلة ، يعاني المصرف المركزي من قصور هائل في آليات عمله ،و معظم أعماله يقوم بها مجلس النقد و التسليف و اللجنة الاقتصادية. و هذا يتعارض مع مبدأ استقلاليته ، حيث من المفترض أن يمارس بنفسه جميع مهامه ، كالتحكم في سعر الفائدة ، و عمليات السوق المفتوحة ،و التحكم بحجم الكتلة النقدية ،و توجيه السياسة النقدية للدولة بجميع مكوناتها ، و لكن بالتنسيق و التشاور مع الحكومة .
3 – إقامة سوق للأوراق المالية : يُعَدُّ قيام سوق مالية عنصرا أساسيا في عملية الإصلاح الاقتصادي . و هي الوسيلة لتزويد المدخرين بالمعلومات المتعلقة بالموارد الفعلية ، ومنحهم الفرصة لتنويع استثماراتهم ،و تعزيز إيراداتهم . و توفر السوق أيضا للمستثمرين مصدرا جديدا للموارد المالية القابلة للاستثمار ، بهدف حشد واستغلال كافة الموارد المحلية المتاحة . و الجدير بالذكر أن مجلس الشعب قد أصدر قانونا بإعادة سوق الأوراق المالية إلى دمشق منذ العام 1994 ،و لكن القانون لم يجد طريقه للحياة حتى العام 2004 . إذ بدأت على أرض الواقع إجراءات عملية ، و إن كانت بطيئة بعض الشيء في سبيل ذلك . حيث أحدثت هيئة لسوق الأوراق المالية ، و أعدت العديد من الدراسات لطبيعة السوق ، و كيفية ممارسة عملها . و لكن الأمر ما زال بحاجة إلى المزيد من الجهد بغية الإسراع بتنفيذ السوق المالية و بدء العمل فيها .
4 - دور الدولة : لا بد انه في إطار الإصلاح الاقتصادي من تغيير في دور الدولة . و هذا التغير لا يعني الغياب المطلق لدورها ، و إنما حصر هذا الدور في مجالات محددة . مثل الحفاظ على الأمن ، محاربة الفقر ، و توزيع الثروة ، و تحقيق التكافؤ في الفرص ، ووضع أطر قانونية و جهاز قضائي فعال ، و الإشراف على حسن سير مختلف مفاصل المجتمع . أي أن دور الدولة يجب أن يتقلص و خصوصا في المجال الاقتصادي مقابل إطلاق المزيد من الحرية أمام القطاع الخاص و غيره ، ليمارسوا دورهم بالشكل الذي يعود بالنفع على المجتمع .
فبعد أربعة عقود من الإشراف الكامل والمباشر للدولة في سورية على النشاط الاقتصادي ، تبين أنها غير قادرة على حل معظم المشاكل ، التي تفاقمَ بعضها وأصبح أكثر خطورة (البطالة ، الفقر ، الخلل الاقتصادي ، المشاكل الاجتماعية ذات المنشأ الاقتصادي ) . ولذلك يجب الآن في إطار الإصلاح الاقتصادي إعادة النظر بشكل جاد في موضوع دور الدولة ، بغية تفعيل و تحفيز جميع الطاقات في المجتمع .
يتبع ............



#أشواق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى صديق راحل ، إلى روحه الباقية .
- المنعكسات المجتمعية المباشرة لسياسات المؤسسات المالية الدولي ...
- آراء في آلية عمل المؤسسات المالية الدولية .
- وجهة نظر الخبراء و المختصون في الدول الرأسمالية من أزمة المد ...
- وجهة نظر الخبراء و المختصون في الدول الرأسمالية من أزمة المد ...
- المعهد الوطني للإدارة العامة
- المعهد الوطني للإدارة العامة و الإصلاح المنتظر
- مواقف المؤسسات المالية الدولية من ازمة المديونية
- مواقف المؤسسات المالية من أزمة المديونية
- مواقف المؤسسات المالية الدولية من أزمة المديونية الخارجية لل ...
- السياسة الخارجية
- مفهوم القيادة و نظرياتها
- الإصلاح في العالم العربي
- مستقبل العلاقات الأميركية السورية
- العلاقات السورية الفرنسية اسباب التأزم واقتراحات الإنفراج
- خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء السابع
- خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء السادس
- خدمة الديون بين الاندماج و الخصوصية - الجزء الخامس
- التضخم المستورد
- رسالة إلى المؤتمر القطري العاشر .


المزيد.....




- بكام الذهب اليوم.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23/4/2024 في م ...
- سويسرا تحرر أصولا روسية
- مصر.. ارتفاع أسعار سلعة هامة بشكل غير مسبوق
- مؤشر فوتسي البريطاني يسجل أعلى مستوى له على الإطلاق
- الإمارات وعُمان توقعان شراكات استثمارية بـ 129 مليار درهم
- الإحصاء الفلسطيني: انخفاض الصادرات والواردات السلعية خلال فب ...
- المصريون ينتظرون أكبر زياة للرواتب في التاريخ
- اختبار طريق شحن أسرع من قناة السويس
- صحيفة: واشنطن تصيغ عقوبات ضد بنوك صينية
- الذهب يواصل انخفاضه مع انحسار مخاوف التصعيد في الشرق الأوسط ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أشواق عباس - الإصلاح الاقتصادي في سوريا