عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5058 - 2016 / 1 / 28 - 13:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دَعْ البعوضَ يعتاشُ على دمك .. وأدفَع الأتاواتَ للضفادع
لا شيء . لا شيء أبداً . لا شيء سيحدثُ .. إذا لم نردِمْ هذه المستنقعات الضحلةِ الشاسعةِ التي نخوضُ فيها الآن .
لا يخوضُ المُستثمِرونَ في الوحل .
يبحثُ البُناةُ عن أرضٍ خصبةٍ مُستقّرةٍ ، ليخلقوا منها ،وفيها، دَخَلاً ، ورِبْحاً وفيراً في النهار .. لا يأكُلُهُ في الليلِ بعوضُ الملاريا .
المُستثمِرونَ – البُناة ، ليسوا على استعدادٍ لدفعِ الأتاواتِ للضفادع .
المُستثمِرونَ – البُناة يسيرونَ على أرضٍ مُعَلّمَةٍ ومُضاءةٍ ، لها ابعادٌ ومسافاتٌ ووُجهاتٌ مُحدّدةٌ بدقّة .
المُستثمِرونَ – البُناة لا يعملون في غابةٍ من الدغل تغمرها الظُلْمَة . ويشعرونَ فيها بالذعرِ . و ليس عليهم الانشغالُ بصوتِ وشَكلِ تلكَ الكائنات المخيفة ، بعيونها اللامعة ، التي تُحيطُ بهم من كلّ جانب .
المُستثمرونَ – البُناة يريدون بيئةً صالحةً للعيشِ والعمل ، و ليس استعراضاً خالياً من المعنى .
المُستثمرون – البُناة لا يريدونَ أنْ يأتي أحدهُم ، فيضَعُ قطرةً من النفطِ الأسودِ هُنا ،وقطرةً هُناك، ويُسمّي ذلك "اصلاحاً" و "إعماراً" للأرضِ التي يفتكُ بها السَخامُ والسَبَخ .. فتضيقُ قطرةُ الزيتِ ، وتتّسِعُ بقعةُ السَخامِ والسَبَخ.
لقد عادتْ الملاريا ، لأنّنا سمحنا للبعوضِ "الناقلِ" أنْ يتطفّلَ على دمنا .
لأنّنا مَنَحْنا أصغرَ بُركِنا الآسنة ، كلّ الفرص الممكنة ، لتبقى .. و تتّسِع .
لأنّنا لا نزالُ نُصفّقُ ، ونُغنّي ، و نرقصُ ، و"ندْبُكُ " و " نُجَوّبُ " لمن يضعُ قطرةً من نفطنا الأسودِ الرخيص على جروحنا المفتوحة منذ قرون .. بينما يدُسُّ "الرعاةُ" سكاكينهم في خواصرنا الهشّةِ ، لكي ندينَ لهم بفضل البقاء في مستعمرات الذئاب ، كشياهٍ ضالّة .
ستجدون لدى عمّنا "جوجل" الكثير من الارشادات بشأن الكيفيّةِ التي نردِمُ بها مُستنقعاً .
وجميعها تبدأُ بخطوةٍ واحدة :
ضَعْ قدمَكَ على المجرفةِ .. وأبدأ بالردم .
عدا ذلك .. لا مبرّر للعويل ، و"الأبوذيّات" ، و"السويحليّات" ، ونشيج "الربابات" .
عدا ذلك .. تمَرّغْ في الوحل .
دَعْ البعوضَ يعتاشُ على دمِك .
وأدفَعْ الأتاواتَ للضفادع .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟