أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح الطحيني - أهل الكتاب















المزيد.....



أهل الكتاب


محمد صالح الطحيني

الحوار المتمدن-العدد: 5057 - 2016 / 1 / 27 - 16:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سفر الشريعة -تأليف الأسفار الخمسة -أساطير "التكوين" -الشريعة الموسوية -الوصايا العشر -فكرة الله -السبت -الأسرة اليهودية قيمة الشرائع الموسوية.


لم يكن في وسع اليهود بعد عودتهم أن يقيموا لهم دولة حربية؛ ذلك أنهم لم يكن لهم من العدد ومن الثروة ما يمكنهم من إقامة هذه الدولة. ولما كانوا في حاجة إلى نوع من الإدارة يعترفون فيه بسيادة الفرس عليهم ويهيئ لهم هذا الوقت نفسه سبيل الوحدة القومية والنظام، فقد شرع الكهنة في وضع قواعد حكم ديني يقوم حكم يوشيا على المأثور من أقوال الكهنة وتقاليدهم، وعلى أوامر الله. وفي عام 444 ق.م دعا عزرا، وهو كاهن عالم، اليهود إلى اجتماع عام خطير، وشرع يقرأ عليهم من مطلع النهار إلى منتصفه "سفر شريعة موسى". وظل هو وزملاؤه اللاويون سبعة أيام كاملة يقرؤون عليهم ما تحتويه ملفات هذا السفر. ولما فرغوا من قراءتها أقسم الكهنة والزعماء والشعب على أن يطيعوا هذه الشرائع ويتخذوها دستوراً لهم يتبعونه ومبادئ خلقية يسيرون على هديها ويطيعونها إلى أبد الآبدين.
وظلت هذه الشرائع من تلك الأيام النكدة إلى يومنا هذا المحور الذي تدور عليه حياة اليهود، ولا يزال تَقيُّدهم بها طوال تجوالهم ومحنهم من أهم الظواهر في تاريخ العالم.
تُرى ماذا كان "كتاب شريعة موسى" هذا؟ لم يكن هذا الكتاب هو بعينه "كتاب العهد" الذي قرأه يوشيا من قبل، لأن هذا العهد قد جاء فيه بصريح العبارة أنه قُرئ على اليهود مرتين كاملتين في يوم واحد، على حين أن قراءة الكتاب الآخر قد احتاجت إلى أسبوع كامل. وكل ما في وسعنا أن نفعله هو أن نحزر أن الكتاب الكبير كان يحتوي على جزء هام من أسفار العهد القديم الخمسة التي يسميها اليهود "توراة" ويسميها غيرهم البنتاتوش أو الأسفار الخمسة.
كيف كتبت هذه الأسفار؟ ومتى كتبت؟ وأين كتبت؟ ذلك سؤال بريء لا ضير منه ولكنه سؤال كتب فيه خمسون ألف مجلد، ويجب أن نفرغ منه هنا في فقرة واحدة نتركه بعدها من غير جواب.
إن العلماء مجمعون على أن أقدم ما كتب من أسفار التوراة هما القصتان المتشابهتان المنفصلة كلتاهما عن الأخرى في سفر التكوين، تتحدث إحداهما عن الخالق باسم "يهوه" على حين تتحدث الأخرى عنه باسم إلوهيم. ويعتقد هؤلاء العلماء أن القصص الخاصة بيهوه كتبت في يهوذا، وأن القصص الخاصة بإلوهيم كتبت في إفرايم، وأن هذه وتلك قد امتزجتا في قصة واحدة بعد سقوط السامرة. وفي هذه الشرائع عنصر ثالث يعرف بالتثنية
أكبر الظن أن كاتبه أو كتابه غير كتاب الأسفار السالفة الذكر. وثمة عنصر رابع يتألف من فصول أضافها الكهنة فيما بعد. والرأي الغالب أن هذه الفصول تكون الجزء الأكبر من "سفر الشريعة" الذي أذاعه عزرا، ويبدو أن هذه الأجزاء الأربعة قد اتخذت صورتها الحاضرة حوالي عام 300 ق.م.
وكانت أساطير الجزيرة هي المعين الغزير الذي أخذت منه قصص الخلق والغواية والطوفان التي يرجع عهدها في تلك البلاد إلى ثلاثة آلاف سنة أو نحوها قبل الميلاد. ولقد رأينا صوراً قديمة من هذه القصص فيما مر بنا من صفحات من هذا الكتاب، ولعل اليهود قد أخذوا بعضها من الأدب البابلي في أثناء أسرهم. ولكن أرجح من هذا أنهم أخذوها قبل ذلك العهد بزمن طويل من مصادر سامية وسومرية قديمة كانت منتشرة في جميع بلاد الشرق الأدنى.
وتقول القصص الفارسية وقصص التلمود الخاصة بالخلق أن الله خلق في بادئ الأمر إنساناً مكوناً من ذكر وأنثى متصلين من الخلف كالتوأمين السياميين، ثم رأى فيما بعد أن يفصل أحدهما عن الآخر. وتحضرنا في هذه المناسبة جملة غريبة وردت في سفر التكوين (الآية الثانية من الأصحاح الخامس):
"يوم خلق الله الإنسان على شبه الله عمله ذكراً وأنثى، خلقة وباركه ودعا اسمه آدم"؛ ومعنى هذا أن ابنا الأول كان ذكراً وأنثى معا-ويبدو أن أحد من رجال الدين إذا استثنينا أرسطو فانيز لم يفطن إلى هذه العبارة.
أما قصة الجنة فتظهر في جميع القصص الشعبية في العالم كله-في مصر، والهند، والتبت، وبابل، وبلاد الفرس، واليونان وبولينيزيا والمكسيك وأبعدها عن المقصود منها، ذلك أن أهميتها ليست فيما تقصه من قصص، بل فيما تعرضه من أحكام. ومع ذلك فليس من العقل في شيء ألا يستمتع الإنسان ببساطتها التي تخلب اللب وبقصصها الواضحة وأحداثها السريعة.
وكانت الأسفار التي تليت على الشعب بأمر يوشيا وعزرا هي التي صيغت منها القوانين "الموسوية" التي قامت عليها الحياة اليهودية كلها فيما بعد. ويقول سارتن Sarton، وهو المعروف بشدة حرصه فيما يكتب، معلقاً على هذه الشرائع: " إن أهميتها في تاريخ الأنظمة والقوانين تفوق كل تقدير". لقد كانت أكبر محاولة في التاريخ لاتخاذ الدين قاعدة لسياسة الأمم وأداة لتنظيم كل صغيرة وكبيرة في الحياة كلها. وفي ذلك يقول رينان Renan: "لقد صارت تلك الشريعة أضيق رداء شد على جسم الحياة الإنسانية"، فقد جعلت الطعام، والدواء، والشئون الصحية الفردية، وشئون الحيض والولادة، والشئون الصحية العامة، والانحراف الجنسي والشهوات البهيمية، كل هذه جعلتها من موضوعات الفروض والهداية الإلهية. وفيها نشهد مرة أخري كيف أخذ الطبيب يفترق افتراقاً بطيئاً عن الكاهن-ليصبح فيما بعد ألد أعدائه. فترى سفر اللاويين يحرص أشد الحرص على وضع القوانين الخاصة لعلاج الأمراض التناسلية، ويعنى بها أشد العناية، فينص على عزل المصابين وما يتطلبه علاجهم من تطهير وتبخير بل وحرق المنزل الذي فشا فيه المرض عن آخره إذا دعت الحال. وكان اليهود الأقدمون هم الذين وضعوا قواعد الوقاية من المرض، ولكن يلوح أنهم لم يكونوا يعرفون من الجراحة غير عملية الختان، ولم تكن هذه السنة الدينية-الشائعة بين المصريين الأقدمين، وبين الساميين المحدثين-مجرد تضحية لله وفريضة يفرضها الولاء للجنس، بل كانت فوق هذا وقاية صحية من الأقذار التي تتعرض لها الأعضاء التناسلية. ولعل ما في الشريعة من قواعد خاصة بالنظافة هو الذي أبقى على اليهود خلال تجوالهم الطويل وتشتتهم ومحنتهم.
أما ما بقي من شريعة موسى فيدور كله حول الوصايا العشر (سفر الخروج الآيات 1-17 من الأصحاح العشرين) التي قدر لها أن يرددها نصف سكان العالم. وتضع الوصية الأولى أساس المجتمع الديني الجديد، وهو المجتمع الذي لا يقوم على أي شريعة مدنية بل على فكرة الله وهو الملك القدوس الذي لا تدركه الأبصار، والذي أنزل كل قانون، وفرض كل عقوبة، والذي سُمّي شعبُه بعدئذ شعب إسرائيل أي المدافعين عن الله.
لقد قامت الدولة العبرية ولكن الهيكل ظل باقياً، وشرع كهنة يهوذا يحاولون كما يحاول بابوات رومة أن يعيدوا ما عجز الكهنة عن إنقاذه. ومن ثم كان وضوح الوصية الأولى وما فيها من تكرار ونصها على أن الكفر وذكر الله بما لا يليق يعاقب عليهما بالإعدام ولو كان الكافر أقرب أقرباء الإنسان. ذلك أن الكهنة الذين وضعوا القانون كانوا يعتقدون كما يعتقد رجال محاكم التفتيش الأتقياء أن الوحدة الدينية شرط أساسي لقيام النظام والتضامن الاجتماعيين. وكان هذا التعصب الديني منضماً إلى الكبرياء الجنسي هو الذي أبقى على اليهود وأوقعهم في كثير من المشاكل.
وسمَت الوصية الثانية بفكرة الله بقدر ما حطّت من شأن الفن، إذ حرّمت أن تصور له أية صورة منحوتة. وقد افترضت هذه الوصية وجود مستوى عقلي راق لدى اليهود، لأنها نبذت كل الخرافات كما نبذت فكرة تجسد الإله، وحاولت أن تصور الله منزهاً عن جميع الأشكال والصور بالرغم من الصورة البشرية المحضة التي ترسمها ليهوه أسفار موسى الخمسة. وهي تخص الدين بكل ما تنطوي عليه قلوب العبرانيين من إخلاص وولاء، ولا تترك فيهما-في الأيام القديمة-مكاناً للعلم والفن. وحتى علم الفلك نفسه قد أهمل أمره لكيلا يزداد عدد الآلهة الزائفين أو تعبد النجوم وتتخذ آلهة من دون الله. وكان في هيكل سليمان قبل ذلك العهد عدد من الصور والتماثيل يكاد يجل عن الحصر؛ أما الهيكل الجديد فلم يكن فيه شيء منها. ذلك أن التماثيل والصور القديمة قد نقلت من قبل إلى بابل، ويبدو أنها لم تعد مع ما أعيد من آنية الفضة والذهب.
ومن أجل هذا لا نجد نحتاً ولا تصويراً ولا نقشاً بعد الأسر البابلي، كما لا نجد إلا القليل منها قبل الأسر إذا استثنينا عهد سليمان الذي يكاد أن يكون عهداً أجنبياً عن العبرانيين. وكل ما كان الكهنة يجيزونه من الفنون فنا العمارة والموسيقى؛ وكانت الأغاني والمراسم التي تقام في الهيكل هي التي تخفف من أكدار حياة الشعب وشقائه، فكانت فرقة موسيقية معها مختلف الآلات تنضم إلى جوقة المغنين في ترتيل المزامير، فتبدو "صوتاً واحداً لتسبيح الرب وحمده" وتمجيد الهيكل: "وداود وكل بيت إسرائيل يلعبون أمام الرب بكل أنواع الآلات من خشب السرو بالعيدان، وبالرباب، وبالدفوف، وبالجنوك، وبالصنوج".
وتنطق الوصية الثالثة بما كان يستمسك به اليهودي من تقى وتدين. فهو لا يحرم عليه أن ينطق باسم الله عبثاً فحسب، بل يحرم عليه أن ينطق باسم الله تحريماً مطلقاً، فإذا ورد اسم يهوه في صلاته وجب عليه أن يستبدل به اسم أدنيه-الرب. ولن نجد لهذه التقوى نظيراً إلا بين الهندوس.
وقدست الوصية الرابعة يوم الراحة الأسبوعي-السبت-وصار هذا التقديس سنة من أرسخ السنن البشرية. وهذه التسمية-ولعل هذه العادة نفسها-قد جاءتهم من البابليين. فقد كان هؤلاء يطلقون على الأيام "الحُرُم" أيام الصوم والدعاء اسم شيتو.
وكان لديهم فضلاً عن هذه العطلة الأسبوعية أعياد أخري عظيمة منها مواسم كنعانية قديمة للزرع والحصاد، ومنها أعياد دورية للقمر والشمس: فكان مَزُّوث في بادئ الأمر عيد بداية حصاد الشعير، وشباؤوث الذي سمي فيما بعد بنتكست عيد ختام حصاد القمح؛ وسكوث عيد الكروم، وبساتش أو عيد الفصح عيد بداية نتاج قطعان الضأن؛ وكان رش-ها-شناه عيد رأس السنة. ولم تعدل هذه الأعياد لتخلد بها حوادث هامة في تاريخ اليهود إلا بعد ذلك الوقت.
وكانوا في أول يوم من أيام عيد الفصح اليهودي يذبحون حملاً أو جدياً ويأكلونه ويرشون دمه على الأبواب إشارة على أن هذا الدم هو نصيب الإله، ثم ربط الكهنة فيما بعد هذه العادة بعادة قتل يهوه لأبناء المصريين البكر. وكان الحمل في أول الأمر طوطماً لإحدى القبائل الكنعانية. وكان عيد الفصح عند الكنعانيين عيد تقريب حمل لأحد الآلهة المحليين وأصبح هذا الطوطم فيما بعد حمل بسكال في الدين المسيحي، وقيل إنه هو نفسه تخليد ذكرى موت المسيح.
ونحن حين نقرأ الآن "في الأصحاح الثاني عشر من سفر الخروج" قصة هذا العيد، ثم نرى اليهود في هذه الأيام يحتفلون به على النحو الذي كانوا يحتفلون به قديماً، ندرك قدم هذه العبادة وقوة استمساك هذا الشعب بطقوسه القديمة.
والوصية الخامسة تقدس الأسرة وتضعها من حيث بناء المجتمع في منزلة لا تفوقها إلا منزلة الهيكل. وظلت المثل العليا التي طبع بها نظام الأسرة باقية في أوربا طوال تاريخها المتوسط والحديث حتى جاء الانقلاب الصناعي وأدى إلى انحلالها. لقد كانت الأسرة العبرانية الأبوية نظاماً اقتصادياً وسياسياً ضخماً يتألف من أكبر رجل متزوج فيها، ومن أزواجه، وأبنائه غير المتزوجين، وأبنائه المتزوجين وأزواجهم وأبنائهم، ومن عبيدهم إن كان لهم عبيد. وكان الأساس الاقتصادي الذي تقوم عليه هذه الجماعة هو قدرتها على زراعة الأرض؛ أما قيمتها السياسية فتنحصر في أنها كانت تهيئ للبلد نظاماً اجتماعياً بلغ من القوة حداً تكاد الدولة أن تصبح معه لا ضرورة لها إلا في زمن الحرب. وكان للأب على أفراد أسرته سلطاناً لا يكاد يُحد؛ فكانت الأرض ملكاً له، ولم يكن في وسع أبنائه أن يبقوا على قيد الحياة إلا إذا أطاعوا أمره؛ فقد كان هو الدولة، وكان في وسعه إن كان فقيراً أن يبيع ابنته قبل أن تبلغ الحلم لتكون جارية؛ كما كان له الحق المطلق في أن يزوجها بمن يشاء وإن كان في بعض الأحيان ينزل عن بعض حقه فيطلب إليها أن ترضى بهذا الزواج.
وكانت الفكرة الشائعة أن الأولاد من نتاج الخصية اليمنى، وأن البنات من نتاج الخصية اليسرى، وكانت هذه في اعتقادهم أصغر وأضعف من اليمنى.
وكان الزواج في أول الأمر يستتبع انتقال الزوج إلى دار زوجته، فقد كان عليه أن "يترك أباه وأمه وينضم إلى زوجته في عشيرتها"؛ لكن هذه العادة أخذت تزول شيئاً فشيئاً بعد تأسيس الملكية. وكانت أوامر يهوه إلى الزوجة هي: "ستكون رغبتك لزوجك، وسيكون له الحكم عليك".
ومع أن المرأة كانت من الوجهة الرسمية خاضعة للزوج، فإنها كانت في الواقع ذات كرامة وذات سلطان كبير؛ وقد اشتهرت في تاريخ اليهود أسماء سيدات مثل سارة، وراحيل، ومريم، وإستر؛ وكانت دبورة إحدى قضاة إسرائيل. وكانت النبية خلدة هي التي استشارها يوشيا في أمر الكتاب الذي وجده الكهنة في الهيكل.
وكانت الأم الولود تضمن لنفسها الطمأنينة والكرامة، ذلك بأن هذه الأمة الصغيرة كانت تتوق إلى زيادة عددها، لأنها تشعر كما تشعر اليوم في فلسطين بما يتهددها من الخطر وسط الأقوام المحيطين بها. ومن أجل هذا كانت ُتعلي من شأن الأمومة، وترى العزوبة خطيئة وجريمة، وتجعل الزواج إجبارياً بعد سن العشرين، لا تستثني من ذلك الكهنة أنفسهم، وتزدري العذارى اللاتي في سن الزواج، والنساء العاقرات، وتنظر إلى الإجهاض وقتل الأطفال وغيرهما من وسائل تحديد النسل على أنها من أعمال الكفرة البغيضة التي تؤذي خياشيم الرب: "فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب غارت راحيل من أختها وقالت ليعقوب هب لي بنين وإلا فأنا أموت".
وكانت الزوجة الكاملة هي التي لا تنقطع عن الكد في بيتها وحوله، ولا تفكر إلا في زوجها وأطفالها. وفي الأصحاح الأخير من سفر الأمثال وصف للمرأة المثالية كما يراها الرجل:
"امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ، بها يثق قلب زوجها قلا يحتاج إلى غنيمة، تصنع له خيراً لا شراً كل أيام حياتها، تطلب صوفاً وكتاناً، وتشتغل بيدين راضيتين، هي كسفن التاجر تجلب طعامها من بعيد، وتقوم إذ الليل بعد، وتعطي أكلاً لأهل بيتها وفريضة لفتياتها، تتأمل حقلاً فتأخذه وبثمر يديها تغرس كرماً؛ تنطق حقويها بالقوة وتشدد ذراعيها، تشعر أن تجارتها جيدة، سراجها لا ينطفئ في الليل، تمد يديها إلى المغزل وتمسك كفاها بالفلكة، تبسط كفيها للفقير وتمد يديها إلى المسكين. لا تخشى على بيتها من الثلج لأن كل أهل بيتها لابسون حللاً، تعمل لنفسها موشيات، لبسها البز وأرجوان، زوجها معروف في الأبواب حين يجلس بين مشايخ الأرض، تصنع قمصاناً وتبيعها، وتعرض مناطق على الكنعاني، العز والبهاء لباسها، وتضحك على الزمن الآتي، تفتح فمها بالحكمة وفي لسانها سنة المعروف، تراقب طرق أهل بيتها ولا تأكل خبز الكسل، يقوم أولادها ويطربونها، ويقوم زوجها أيضاً فيمدحها، بنات كثيرات عملن فضلاً، أما أنتِ ففقتِ عليهن جميعاً، الحسن غش والجمال باطل؛ أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح، أعطوها من ثمر يديها، ولتمدحها أعمالها في الأبواب" .
والوصية السادسة مبدأ مثالي صعب المنال. ذلك أننا لا نرى في كتاب ما نراه في أسفار العهد القديم من حديث عن التقتيل والتدمير، ففصوله كلها ما بين وصف لمذابح وتناسل لتعويض آثارها. لقد كان النزاع بين الأسباط، والانقسامات الحزبية، وعادة الأخذ بالثأر المتوارثة، كل هذه كانت لا تبقي على فترات السلم المنقطعة المملة إلا قليلاً. ولم يكن أنبياء إسرائيل من دعاة السلم رغم ما جاء في بعض أقوالهم من تمجيد للمحاريث ومناجل التشذيب. وكان الكهنة أنفسهم-إذا جاز لنا أن نحكم عليهم من خطبهم التي يُنطقون بها يهوه-مولعين بالحروب ولعهم بالمواعظ. ولقد قتل ثمانية من ملوك إسرائيل التسعة عشر.
وكانت العادة المتبعة أن تدمر المدن التي يستولون عليها في حروبهم، وأن تقطع بحد السيف رقاب جميع الذكور من سكانها، وأن تتلف الأرض حتى لا تصلح للزرع إلا بعد زمن طويل، شأنهم في هذا شأن الناس في تلك الأيام.
ولعل أعداد القتلى الواردة في أقوالهم كان يبالغ فيها كثيراً. فليس من المعقول مثلا أن "يقتل بنو إسرائيل من الآراميين مائة ألف رجل في يوم واحد" بغير آلات الحرب الحديثة. وكان اعتقادهم أنهم شعب الله المختارسبباً في ازدياد الكبرياء الطبيعي في أمة تشعر بما لها من مواهب متفوقة، كما كان سبباً في تقوية ما لديهم من نزعة إلى اعتزال غيرهم من الشعوب من الوجهتين العقلية والروحية، وفي حرمانهم من أن ينظروا إلى الأمور نظرة أممية كان أبناؤهم جديرين بأن يصلوا إليها. لكنهم مع ذلك بلغوا درجة عظيمة من الفضائل المتصلة بصفاتهم هم أنفسهم، وكان منشأ عنفهم هو ما كانوا يتصفون به من حيوية عارمة جامحة؛ وكانت عزلتهم ناشئة من تقواهم، كما كان ميلهم إلى الخصام والتذمر ناشئاً من حساسيتهم القوية التي أمكنتهم من إنتاج أعظم آداب الشرق الأدنى؛ وكان كبرياؤهم العنصري أقوى سند لشجاعتهم في خلال قرون التعذيب الطوال. ذلك أن الناس يكونون كما تضطرهم الظروف أن يكونوا.
والوصية السابعة تعترف بأن الزواج هو الأساس الذي تقوم عليه الأسرة، كما تعترف الخامسة بأن الأسرة هي أساس المجتمع، وهي تضفي على الزواج كل ما يستطيع الدين أن يضفي عليه من عون. ولا تذكر شيئاً عن العلاقات الجنسية قبل الزواج، ولكن ثمة أنظمة أخري تحتم على الفتاة أن تثبت أنها عذراء في يوم زواجها وإلا رجمت حتى تموت.
ولكن الزنا كان رغم هذا منتشراً بين اليهود، ويلوح أن اللواط لم ينقطع بعد تدمير سدوم وعمورة.
ولما كان القانون فيما يلوح لم يحرم الاتصال بالعاهرات الأجنبيات، فإن السوريات، والموآبيات والمَدْينيات وغيرهن من "النساء العازبات" انتشرن في الطرق العامة، حيث كن يعشن في مواخير وخيام، ويجمعن بين الدعارة وبيع مختلف السلع الصغيرة. ولما كان سليمان لا يتشدد كثيراً في هذه الأمور، فإنه قد تساهل في تطبيق القانون الذي كان يحرم على تلك النساء السكنى في أورشليم؛ وسرعان ما تضاعف عددهن حتى كان الهيكل نفسه في أيام المكابيين ماخوراً للزنا والفجور كما وصفه مصلح غضوب.
ويلوح أن الحب كان له عندهم نصيب، فقد "خدم يعقوب براحيل سبع سنين، وكانت في عينيه كأيام قليلة بسبب محبته لها"، ولكن الحب لم يكن له إلا شأن قليل في اختيار الأزواج. وكان هذا الزواج قبل نفي بني إسرائيل من الأمور المدنية المحضة، يعقده أبوا الزوجين أو يعقده الخطيب وأبو العروس. وفي أسفار العهد القديم شواهد على زواج السبايا؛ ويجيز يهوه الزواج من سبايا الحروب، ولما نقص عدد النساء أوصى الكبار "بني بنيامين قائلين امضوا واكمنوا في الكروم، وانظروا فإذا خرجت بنات شيلوه ليدرن في الرقص فاخرجوا أنتم من الكروم واخطفوا لأنفسكم كل واحد امرأته من بنات شيلوه واذهبوا إلى أرض بنيامين".
ولكن هذه الخطة كانت من الخطط النادرة، أما السنة المألوفة فكانت سنة الزواج بطريق الشراء، فقد ابتاع يعقوب ليئة وراحيل بعمله. واشترى بوعز راعوثَ اللطيفة شراء سافراً. وكان ممن أشد ما ندم عليه النبي هوشع أنه ابتاع زوجته بخمسين شاقلاً.
وكان الاسم الذي يطلقه العبرانيون على الزوجة وهو "بولة" يعني المملوكة". وكان والد الزوجة يعطيها في مقابل ما يتقاضاه ثمناً لها بائنة-وهو نظام يفيد أعظم فائدة في تضييق الثغرة الفاصلة بين نضج الأبناء الجنسي ونضجهم الاقتصادي في حضارة المدن، وهي ثغرة مفككة للمجتمع.
وإذا كان الرجل ثرياً أبيح له أن يتزوج بأكثر من واحدة؛ وإذا كانت الزوجة عاقراً، مثل سارة، أشارت على زوجها بأن يتخذ له خليلة. وكان الهدف الذي ترمي إليه هذه السنن هو تكثير النسل. وكان طبيعياً لديهم أن تقدم راحيل وليئة خادماتهما إلى يعقوب بعد أن ولدتا له كل ما تستطيعان أن تلدا من الأبناء، لكي يلدن له هن أيضاً أبناء.
ولم يكن يسمح للمرأة بأن تظل عقيماً؛ ومن أجل ذلك فإن الأخ إذا مات أخوه كان يحتم عليه أن يتزوج أرملته مهما كان عدد زوجاته؛ فإذا لم يكن للميت أخ فرض هذا الواجب على أقرب الأحياء من أسرته.
ولما كانت الملكية الفردية أساس النظام الاقتصادي اليهودي فقد كان لكل من الرجل والمرأة معيار خلقي خاص. فللرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، أما المرأة فكانت تختص برجل واحد. وكان معنى الزنى عندهم اتصال رجل بامرأة ابتاعها رجل آخر بماله؛ ومن أجل ذلك كان اتصاله بها اعتداء على قانون الملكية تعاقب عليه المرأة والرجل بالإعدام.
وكان الفسق محرماً على المرأة غير المتزوجة، أما الرجل غير المتزوج فقد كان عمله هذا ذنباً يغتفر له. وكان الطلاق مباحاً للرجل، ولكنه كان قبل أيام التلمود من أشق الأمور على المرأة. ويلوح أن الزوج لم يسرف في إساءة استعمال ماله من ميزة على المرأة في هذه الناحية، فهو يصور لنا على أنه في الجملة إنسان مخلص لزوجته وأبنائه، غيور عليهم، وكثيرا ما كان الزواج يثمر حبَّاً وإن لم يكن الحب هو الذي يقرر الزواج. "وأخذ إسحق رفقة فصارت له زوجة وأحبها، فتعزى إسحق بعد موت أمه". ولعل الحياة في الأسرة لم تصل في أي شعب آخر-إذا استثنينا شعوب الشرق الأدنى-إلى ذلك المستوى الراقي الذي وصلت إليه عند اليهود.
والوصية العاشرة تقدس الملكية الفردية، وكانت هي والدين والأسرة الأسس الثلاثة التي قام عليها المجتمع العبري. وتكاد الملكية كلها تنحصر في ملكية الأرض، ذلك أن اليهود قبل أيام سليمان قلما كان لديهم شيء من الصناعات غير صناعتي الخزف والحديد. وحتى الزراعة نفسها لم ترق رقياً كبيراً، وكانت الكثرة العظمى من الشعب منصرفة إلى تربية الضأن والماشية، وزراعة الكروم والزيتون والتين. وكانت أغلب معيشتهم في الخيام لا في البيوت المبنية، حتى لا يجدوا صعوبة في انتجاع مراعي جديدة. ولما نمت ثروتهم وزاد ما ينتجونه على حاجتهم بدءوا يتجرون، وأخذت السلع اليهودية تروج في دمشق وصور وصيدا وحول الهيكل نفسه بفضل ما اتصف به التجار اليهود من مهارة وصبر على المشاق. وظلوا إلى ما قبل أيام الأسر لا يستخدمون نقوداً، وكان الذهب والفضة أساس التبادل عندهم وكانا يوزنان في كل عملية تجارية. وقامت بينهم مصارف كثيرة العدد لتمويل التجارة والمشروعات الاقتصادية. ولم يكن غريبا أن يتخذ هؤلاء "المقرضون" ساحات الهيكل موضعاً لعملهم، فقد كانت هذه عادة شائعة في الشرق الأدنى، ولا تزال باقية في كثير من أقطاره إلى هذا اليوم.
وكان يهوه يطل من عليائه مغتبطا بسلطان رجال المال المتزائد، ومن أقواله في هذا المعنى: " فتقرض أمماً كثيرة وأنت لا تقترض" وهي فلسفة كريمة جمعت لليهود ثروة طائلة، وإن لم يبد في هذا القرن أنها من وحي الدين. وكان اليهود يتخذون أسرى الحروب والمذنبين عبيداً لهم، وشأنهم في هذا شأن غيرهم من أمم الشرق الأدنى: ويستخدمون مئات الآلاف منهم في قطع الأخشاب ونقل مواد البناء للمنشآت العامة كهيكل سليمان وقصره. ولكن السيد لم يكن له على عبيده حق الحياة والموت، كما كان من حق العبد أن يمتلك المال ويبتاع به حريته. وكان يباح بيع الرجال المدينين ليكونوا خدماً أرقّاء إذا عجزوا عن أداء ديونهم، وكان في وسعهم أن يبيعوا أبناءهم بدلا منهم. وقد بقيت هذه العادة إلى أيام المسيح، غير أن الصدقات السخية وما كان يقوم به الكهنة والأنبياء من حملات عنيفة على استغلال هؤلاء الأرقاء قد خففت في بلاد اليهود من آثار هذه النظم التي كانت منتشرة في بلاد الشرق الأدنى. وكان من القواعد الواردة في شريعة موسى: "ألا يغبن أحدكم أخاه"، كما أنها كانت تطلب إليهم أن يطلقوا سراح الأرقاء من العبرانيين وأن يلغوا ما عليهم من الديون كل سبع سنين.
ولما تبين أن هذا الأمر أكثر مما يطيقه سادة هؤلاء الأرقاء جاء القانون بسنة العيد الخمسيني، فكان كل العبيد والمدينين يعتقون كل خمسين سنة: "وتقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها. تكون لهم يوبيلاً وترجعون كل إلى مالكه وتعودون كلّ إلى عشيرته.
وليس لدينا ما يدل على أن هذه الوصية الجميلة قد أطيعت، وسواء كان ذلك أو لم يكن فإننا يجب أن نقر بالفضل للكهنة الذين لم يتركوا درساً في الإحسان إلا علموه: "إن كان فيك فقير أحد من أخوتك. فلا تقس قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير، بل افتح يدك له، وأقرضه مقدار ما يحتاج إليه"، "لا تأخذ منه ربا ولا مرابحة". ويجب أن تشمل عطلة السبت كل العاملين، بل يجب أن تشمل الحيوانات نفسها فتترك ما عساه أن يكون على الأرض من النبات المقطوع والفاكهة الساقطة من الأشجار في الحقول والبساتين يجمعها الفقراء لأنفسهم.
ومع أن اليهود هم الذين كانوا مقصودين بهذه الصدقات فإن الفقير الذي عند الأبواب يجب أن يعامل هو الآخر معاملة طيبة رحيمة، وأن يؤوى الغريب ويطعم ويعامل معاملة كريمة. وكان اليهود يؤمرون في كل حين بأن يذكروا أنهم هم أيضاً كانوا في وقت من الأوقات لا مأوى لهم بل أنهم كانوا عبيداً أرقاء في أرض غير أرضهم.
وكانت الوصية التاسعة تطلب أن يكون الشهود شرفاء أمناء إلى أقصى حد، وبذلك جعلت الدين عماداً للشريعة اليهودية بقضها وقضيضها. لقد كان الشاهد يقسم اليمين في حفل ديني، ولم يكن يكتفي بأن يضع المقسم يده على عورة من يقسم له كما كانت العادة قديماً، بل كان يطلب إليه الآن أن يشهد الله نفسه على صدقه، وأن يُحَكّمه في أمره. وكان القانون ينص على أن يعاقب شاهد الزور بنفس العقاب الذي كان يراد توقيعه على المتهم بالاستناد إلى شهادته. لقد كانت شريعة إسرائيل كلها هي الشريعة الدينية وحدها، وكان الكهنة هم القضاة والهياكل هي المحاكم، وكان يحكم بالإعدام على من لا يخضعون لأحكام الكهنة. وكانت هناك حالات خاصة يترك الحكم فيها لله، وذلك بأن يشرب المتهم ماء ساماً إذا كانت جريمته مشكوكاً فيها. ولم تكن لديهم أداة لتنفيذ القانون سوى الأداة الدينية وحدها؛ فكان تنفيذه يترك إلى ضمير المتهم وإلى سلطان الرأي العام، وكانت بعض الجرائم الصغرى يكفر عنها بالاعتراف والفداء. وكانت جرائم القتل وخطف الآدميين؛ وعبادة الأوثان، والزنا، وضرب أحد الوالدين أو سبهما، وسرقة العبيد، أو "مضاجعة بهيمة" يحكم فيها بالإعدام بأمر يهوه، وأما قتل الخادم فلا يعاقب عليه بالإعدام؛ كذلك كان الإعدام عقاباً على السحر: "لا تدع ساحرة تعيش". وكان يرضى يهوه أن يقوم الأفراد أنفسهم في تنفيذ القانون في حالة القتل: "ولي الدم يقتل القاتل، حين يصادفه يقتله". على أنهم كانوا يفردون بعض المدن يستطيع المجرم أن يفر إليها، فإذا فعل كان على ولي الدم أن يؤجل ثأره.
وفي وسعنا أن نقول بوجه عام أن المبدأ الذي كان يقوم عليه العقاب هو قانون القصاص: "وإن حصلت أذية تُعطى نفساً بنفس، وعيناً بعين، وسناً بسن، ويداً بيد، ورجلاً برجل، وكيَّاً بكي، وجرحاً بجرح، ورضَّاً برض.
وما من شك في أن هذه المبادئ كانت ُمثلاً ُعليا لم تتحقق كلها على الوجه الأكمل، وإذا شئنا أن نقول كلمة عامة عن قانون اليهود الجنائي، قلنا إن هذا الجزء من القانون لا يفضل قانون حمورابي، وإن كان قد كُتب بعده بألف وخمسمائة سنة على الأقل. أما من حيث تنظيم القضاء نفسه فإن فيه رجوعاً كثيراً إلى الوراء، لأنه يعود بهذا التنظيم إلى السيطرة الكهنوتية البدائية.
ويتضح لنا من الوصية العاشرة كيف كانوا ينظرون إلى المرأة على أنها جزء من متاع الرجل: "لا تشته امرأة قريبك، ولا عبده ولا أمته، ولا ثوره ولا حماره، ولا شيئاً مما لقريبك". ولكنها مع هذا كانت تحوي مبادئ قيمة عظيمة، لو تقيد الناس بها لنجا العالم من نصف ما فيه من قلق واضطراب. ومن أعجب الأمور أن أفضل الوصايا كلها لم تكن بين هذه الوصايا العشر، وإن كانت جزءاً من "الشريعة" الموسوية. ونقصد بذلك ما ورد في الآية الثامنة عشرة من الأصحاح التاسع عشر من سفر اللاويين تائهاً بين "طائفة من القوانين المتكررة المختلفة الأنواع" ولا يزيد نصها على هذه العبارة: "تحب قريبك كنفسك".
وقصارى القول أن الوصايا العشر شريعة سامية، فيها من العيوب ما لا يزيد على عيوب العصر الذي وضعت فيه، ولكن فيها من الفضائل ما لا يوجد في غيرها من الشرائع. ومن واجبنا أن نذكر على الدوام أنها كانت قانوناً لا أكثر، بل أن نذكر فوق هذا أنها كانت: "طوبى كهنوتية"، ولم تكن وصفاً صادقاً للحياة اليهودية. وكانت ككل القوانين تعظم في عين أصحابها حين يخرقونها، ويمتدحونها كلما اعتدوا عليها، ولكن أثرها في سلوك أصحابها لم يكن يقل عن أثر معظم الشرائع القضائية أو الأخلاقية. وكان من أهم آثارها أنها جعلت لليهود في خلال تجوالهم الذي بدأ عقب وضعها بزمن قليل، والذي دام ألفي عام، "وطنا يحملونه معهم" كما سماه هين Heine فيما بعد، ودولة روحية لا تراها العين ولا تلمسها اليد، وضمت شملهم رغم تشتتهم وأبقت لهم كبرياءهم رغم هزائمهم، وأوصلتهم خلال القرون الطوال إلى وقتنا هذا وهم شعب قوي يبدو لنا أنه لن يبيد أبداً.


يتبع -أدب التوراة وفلسفتها



#محمد_صالح_الطحيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت أورشليم وبعثها
- المتطرفون الأولون عند اليهود
- رب الجنود عند اليهود
- إله ألخطايا
- النبي سليمان
- اليهود – الأرض الموعودة
- آلهة الأشوريين
- آلهة بابل
- الدين عند المصريين القدماء
- نشأت الأديان
- أخلاق الجنس
- الزواج
- الفن
- العلوم
- الآداب
- مهام الدين الخلقية
- طرائق الدين
- المعبودات الدينية
- نشوء الاديان
- المجنون6


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح الطحيني - أهل الكتاب