حقبة جديدة من الجهل تنتظرنا ...!

احمد عبدالكريم القحطاني

الحوار المتمدن-العدد: 5055 - 2016 / 1 / 25 - 20:59
المحور: الصحافة والاعلام
    

حقبة جديدة من الجهل تنتظرنا

سياسة نشر الجهل المتعمد agnotology
في أحد المقالات العلمية التي شدت انتباهي لاحتوائها على كلمة agnotology والتي حاول المقال شرح جذورها ومعناها الذي يعود الي حقبة السبعينيات، وبداية ظهور المصطلح خلال دراسات سرية خاصة بتقنيات الأبحاث لشركات التبغ ومدي الاضرار التي تلحق بالمستهلكين، والتي تم تسريبها مما أثار حفيظة روبرت بروكتور، وهو مؤرخ علمي بجامعة ستانفورد الذي بدأ في التحقيق والتحري عن سلوك شركات صناعة التبغ، وكيف تنشر الحيرة بين الناس حول ما إذا كان التدخين يسبب السرطان. وقد توصل روبرت بروكتور الي نتيجة كانت تعني agnotology، والتي أصبحت كلمة جديدة تشير إلى دراسة الأفعال المقصودة والمتعمدة لإشاعة الحيرة والشك والخداع بين الناس بغية تحقيق مكاسب.
وقال بروكتور: "كنت أعكف على استكشاف كيفية نشر الشركات الكبيرة والقوية لمفهوم الجهل من أجل بيع منتجاتها. فالجهل قوة كبيرة، ويتعلق ذلك المصطلح الجديد بإشاعة الجهل عن سبق الإصرار.
ان هذه الكلمة ظهرت لتوضح ان جهل الافراد بالأضرار الخطيرة التي يتعرضون لها جراء التدخين، هو ليس بسبب الجهل وغياب المعلومات في حد ذاتها، لان المعلومات عن اضرار التدخين الصحية وسلبياته على الانسان بدأت تنتشر على مدي واسع بكل الوسائل الإعلامية والاجتماعية والصحية التي تحيط بالمدخن، وهنا يظهر السؤال ان المشكلة ليست الجهل Ignorance بمعني عدم المعرفة وانما agnotology سياسة الجهل المتعمد.
ان هذا المصطلح جعلني اخرج عن سياق المقال ،وافكر في مفهوم ومعني الأفعال المقصودة والمتعمدة لإشاعة الحيرة والشك والخداع بين الناس، كهدف لنشر الجهل بغية تحقيق مكاسب، وبدأت اتطرق بذاكرتي بواقع المجتمع العربي الذي يعاني من منظومة فكرية، هي أشبه الي منظومة جهل متعمد يتم نشرها بالمجتمع ومع سبق الإصرار ،ويتضح هذا جليا بالمنظومة الإعلامية والصحفية العربية ،التي تعمل بتوجيهات السلطة والنفوذ وتمارس تناقضات وقلب للحقائق في محاولة للسيطرة علي المجتمع من خلال تصدير الجهل والحيرة والشك لدي الافراد، ثما توجيهم الي أهدافهم لتحقيق مكاسب خاصة للسلطة وأصحاب النفوذ .
لاشك ان المتابع للأعلام والصحافة العربية، اصبح يدرك الي أي مدي تقوم هذه الوسائل الإعلامية بإيصال رسالة من الخداع والشك والكذب الي الافراد بالمجتمع، عن إنجازات وهمية وتمجيد بالسلطة وأصحاب النفوذ وبنفس الوقت تمارس تحقير لأي طرف او فكر معارض او لا يتفق مع التيار السلطوي، ويصل هذا التحقير والتضليل الي مراحل متطرفة ، تجعل المجتمع يدخل في حالة من الجهل يتولد منها عداء وكره لكل تيار معارض فكريا او سياسيا ، مما جعل الكثير من النخبة الثقافية والباحثين عن الحقيقة يلجئون الي وسائل التواصل الاجتماعي والمحتوي الفكري علي شبكة الانترنيت، للحصول علي المعلومة والاخبار والآراء المجردة من التضليل والكذب .
ان سياسة الجهل المتعمد هي حقيقة ملموسة بدأت تظهر جليا مع انتشار وسائل الاتصال الإلكتروني ،التي جذبت واستخوذت علي المتابع والباحث عن الحقائق والافكار المتنوعة، فقد سهلت وسائل الاتصال الاكتروني الحديث في فتح أبواب المعرفة والاطلاع والتعليم والبحث الحر عن الحقائق التاريخية، وعن الأفكار الجديدة والاخبار والاحداث والتقارير الدورية ،وبرغم ان ايادي التضليل ونشر الجهل وصلت الي المحتوي العلمي والفكري علي شبكات التواصل الالكتروني وشبكة الانترنيت، بعد سيطرتها علي الفضائيات والصحف والإعلامية التي بدورها سيطرت علي عقول وأفكار الكثير من الافراد بالمجتمع ، الا ان وسائل التواصل الالكتروني وشبكة الانترنيت، تظل المصدر الأكثر امان وحرية ومصداقية ، لاحتوائها علي قاعدة عالمية مفتوحة لا حدود لها والسيطرة مركزية وتشترك وتستند بقاءها من تنوعها وكونها مزيج من الأفكار والثقافات والانتماءات ومصدر محايد ينقل كل وجهات النظر وكل الحقائق والنقاشات والأفكار ،التي لا يمكن الحصول عليها من داخل المجتمعات المحلية التي استفحلت فيها ثقافة الجهل والتضليل agnotology .

السويد 25/يناير 2016
احمد عبدالكريم احمد القحطاني
.
..
....
[email protected]

#احمد_عبدالكريم_القحطاني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات