أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هشام حتاته - اللاوعى محرك التاريخ















المزيد.....

اللاوعى محرك التاريخ


هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 08:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اتفق فى الراى مع صديق يؤمن بان هناك العديد من الظواهر الغير معروفة لدينا حتى الان تؤثر فينا وفيما حولنا وفى التاريخ الانسانى سواء على مستوى الفرد او على مستوى الجماعه
اتفقت معه على عمل كتاب سيكون الاول من نوعه فى اللغة العربية اقترحت له اسما معبرا عن محتواه ( الطريق الثالث بين الدين والالحاد )
وكتبت فيه عدة فصول ولكن شغلنى قرب اصدار كتابى السابع ( الاسلام والوهابى وتراث العفاريت ) ثم الانتهاء من كتاب ( محمد ومعاوية والتاريخ المجهول )
ولان دار النشر التى انشر فيها ولا اريد ان انشر فى غيرها ، لن تستطيع ان تنشر لى عدة كتب مرة واحده
ولهذا اجلت موضوع كتاب الطريق الثالث لبعد نشر كتاب محمد ومعاوية
ولكننى سانشر لكم الفصول الثلاثة التى انتهيت منها على حلقات ، وابداها بالفصل الاول الذى بين يديكم الحلقة الاولى منه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انصب اهتمام سيجموند فرويد رائد مدرسة التحليل النفسى ( 1856 – 1939 م ) على مخزون اللاوعى لدى الانسان الفرد ، فمفهوم اللاوعي من المفاهيم الرئيسية المعاصرة التي أنتجها حقل علم النفس التحليلـي فى القرن العشرين ، وهو أيضا من المفاهيم النقدية الكبرى التي سعت إلى تجاوز التوجهات العقلانية في الفلسفة مثل الديكارتية وكذلك التجديد في حقول علم النفس والعلوم الإنسانية لذلك يرى فرانسوا شاتلي أن اكتشاف قارة اللاوعي وبلورة هذا المفهوم نهائيا مع فرويد يعد الحدث الرئيسي الذي ميز عصرنا[فرانسوا شاتلي- مقال بعنوان: فلسفة الحداثة- مجلة العرب والفكر العالمي] وكاستتباع لهذا التعليق يمكن أن نصف سيڤ-;-موند فرويد بكريستوف كولومب عالم النفس المعاصر نظرا لأنه أزاح النقاب على الجانب الخفي الكامن وراء تفكير الإنسان وسلوكا ته التي كنا نعتقد فيما مضى أنها نابعة عن إرادة حرة وإنية واعية ذات عقل محقق لسيادة” الأنا“ ليكتشف أن هذا العقل المزعوم ليس سيدا حتى في بيته بل هو مجرد خادم مطيع لسيدين اثنين هما” الهو“ و”الأنا الأعلى “
الا ان عالم النفس الشهيركارل يونج ( 1875 – 1961 ) وسع الدائرة لتشمل اللا وعى الجماعى مستخدما مصطلج(الطرز الأولية )او الصور البدائية مشيرا إلى هذه الذاكرة ,كما افترض وجود عقل لا واع جمعى بالإضافة إلى اللاوعى الفردى

فاذا كان اللاوعى الفردى يبدأ عند فرويد منذ وجوده جنينا فى بطن الام ، فان اللاوعى الجمعى ليونج يحمل فى طياته الحياة البدئية الاولى على الارض سواء للفرد او للجماعه
( ان اللاشعور الممتلئ بالأخيلة التى تعمل على إرباك وتشويش المريض إلا أنه ينبغى ألاتغفل أنها هى الرحم الذي يتفق عليه الخيال الخالق للأساطير الذي يتلاشى من عصرنا المغرق في العقلانية على الرغم من أنه موجود في اللاوعى )

دور اللاوعى فى منشأ الاسطورة
لدينا تعريفات عديدة للاسطورة ، وفى كتابى ( رحلة المراة من التقديس الى التبخيس ) وضعت تعريفى الخاص عن الاسطورة ، فالاسطورة هى محاولة للاجابه على واقع معاش تجادل مع الاخرين فانشا اللغه وتجادل مع الطبيعة فتوصل الى الزراعه وحياكة الملابس وصناعه ورق البردى والتحنيط والاوانى الفخارية والفأس والمحراث ..... الخ ، وفى نفس الوقت فان الاسطورة محاولة للاجابه على تساؤلات الانسان المشروعه منذ تشكل وعيه عن الخلق ومن اين جئنا والى اين نذهب ؟
لقد قام الكهنه ورجال الدين عموما بالاجابه على هذه الاسئلة فى شكل حكاية ابطالها شخص او عدة اشخاص ظهروا على الارض وكان لهم الفضل فى هذه العلوم والفضل ايضا فى هندسة الكون

ومن خلال هذه الاجابات يستطيع دارسى الاسطورة بعد تفكيكها الوصول الى الواقع المعاش لهذه المجموعات من الناس ـ بمعنى عندما تتحدث الارسطورية المصرية الشهيرة ( ايزي ، اوزير ، حور ) ان اوزير هو من علم الناس اللغه والزراعه وصناعه ورق البردى وحياكة الملابس ، نعرف ان المصرى القدم وقت تدوين هذه الاسطورة كان ملم بكل تلك الاعمال ...وهاكذا
ومن خلال الاجابه عن الاسئلة المشروعه عن الخلق ومن اين والى اين ؟ سنعرف الافكار التاسيسية التى وصل اليها الانسان فى هذا العصر ، والاهم من هذا سنعرف دور اللاوعى فى صناعه الاسطورة

وعندما تروى لنا التوراه قصه هابيل ( الراعى ) وقايين ( المزارع ) ، وكيف قدم كل منهم للرب تقدماته ، فيقدم الراعى منتجاته من اللحوم ، ويقدم المزارع منجاته من ناتج الارض ، الا ان الله يتقبل من الراعى ولايقفبل من المزارع ( فنظر الرب هابيل وتقدمته وإلي قايين وتقدمته لم ينظر " العهد القديم – سفر التكوين 4 –5 ) فيغار المزارع من الراعى ويقتله ، ولكن لان اله اليهود يحب محروقات اللحم والقبائل اليهودية قبائل بدوية فان الراعى وان كان هو القتيل الا انه احب اليه من المزارع
نفهم من هذا النص الاسطورى ان قبائل اليهود التى عاشت بين حضارتين زراعيتين عظيمتين ( مصر – الرافدين ) كانت مداس بينهم ، ونعرف ان توسع المزارع على حساب الراعى هو سبب حقد الرعاه على المزارعين
وان كانت تلك الاسطورة مستوحاه من الاساطير الرافدية وان كانت تعبيرا عن واقع معاش اخر ، توسع فيه المزارع على برارى الرعاه ولكنه اشترك معه فى بناء الحضارة تمثيلا لاندماج البدو المهاجرين ( الهجرات السامية ) من جزيرة العرب وتاسيس الدولة البابلية
وهذا ماسنلاحظة فى اسطورة جلجاميش الرافدية بين دموزي الراعي و اخيه انكمدو المزارع حيث يتنافس الاخوان على الزواج من الالهه انانا وتبدا انانا تفضل بينهما لتنتهي باختيار الراعي ( وقد تنتهي بالعكس كما في مناظرة الرَّاعي أميش والفلاح إينتين بين يدي الرب إنليل، الذي يحكم للفلاح، دون أن يتسبب هذا الحكم بتحكم الخصومة والانتقام بينهما )
ويقوم دموزي بعد ذلك باستفزاز اخيه الذي يظل متسامحا لابعد الحدود حتى يقتله في النهايه وتبدا تعاسه دموزي ونزوله للعالم السفلي الى نهايه القصه.
اذن فالاسطورة تعبير عن واقع معاش مستلهمة احداثها من اللاوعى الجمعى تسللت الى الاديان فاصبحت محرك التاريخ
اللاوعى الجمعى الذى يحفظ فى ارشيفه البشرى ان البداية كانت على الماء او فى الماء - وهو ما يفسر لنا الشوق والحنين داخل كل منا الى البحار والانهار - وان السماء و الأرض كانتا شيئا واحدا ثم تم فصلهما فيما بعد
لهذا لانتعجب عندما نرى التشابه الكبير بين قصة الخلق الفرعونيه وقصة الخلق البابلية لتنتقل كل منهما فيما بعد الى التوراه

قصة الخلق الفرعونية
: (وجد الإله (أتوم) نفسه وحيدا فقرر أن يخلق أبنائه الآلهه من نفسه المبجله, فأخذ بيده كميه من مَنِيه و وضعها فى فمه و بين أسنانه و شفتيه, ثم عطس فكان الإله الذكر (شو) إله الهواء, ثم تفل فكانت الإلهه الأنثى (تفنوت) ربة الرطوبة, فكان (شو) و (تفنوت) على التل الأزلى بينما ظل (أتوم) فى المياه المقدسه, و حينما أرادا البقاء مع (اتوم) فى المياه المقدسه إنفصلا فى أحراش تلك المياه اللانهائيه, فأرسل (اتوم) عينه لتأتى بهما فعندما عاد (شو) و (تفنوت) إلى أبيهم (اتوم) سالت دموعه و من هذه الدموع المقدسة أتى البشر, ثم تناسل (شو) و (تفنوت) فأنجبا (جب) إله الأرض و (نوت) ربة السماء, فكانا يعيشان مع والديهما فى المياه المقدسة, و علم (أتوم) أن (جب) تزوج (نوت) بدون علمه فقرر فصلهما عن بعض تماما, فأمر (شو) أن يكون الفاصل بينهما حيث يكون (جب) فى الأسفل و (نوت) فى الأعلى لا يلتقون إلا عند غروب الشمس, فيظلو متعانقين حتى شروق الشمس التالى فينهض (شو) بينهم و يضع نوت على أربع أعمدة حتى المساء ليسمح بعبور رع فى جسدها, و يتكرر هذا كل يوم حيث يصل (اتوم) بمركبته إلى اعلى بطن (نوت) , فقرر (شو) أن يزين بطنها بالنجوم التى تظهر ليلا, و أنجبت (نوت) (أوزوريس) إله الخضرة و (إيزيس) ربة الانوثة و (ست) إله الصحراء و (نفتيس) ربة منزل الآلهه المقدس).

قصة الخلق البابلية
1. في البدء كانت الألهه "نمو" ولا أحد معها, وهي المياه الأولى التي انبثق عنها كل شي
2. أنجبت الألهه "نمو" ولدا وبنتا. الأول "آن" إله السماء المذكر والثانيه "كي" إله الأرض المؤنثه, وكانا ملتصقين مع بعضهما وغير منفصلين عن أمهما "نمو"
3. ثم قام "آن" بالزواج من "كي" فأنجبا بكرهما "أنليل" إله الهواء الذي كان بينهما في مساحه ضيقه لاتسمح له بالحركه.
4. "إنليل" الإله الشاب النشيط لم يطق ذلك السجن, فقام بقوته الخارقه بفصل أبيه "آن" عن أمه "كي", فرفع الأول فصار "سماء", وبسط الثانية فصارت أرضا..ومضى يرتع بينهما.
5. ولكن "إنليل" كان يعيش في ظلام دامس, فأنجب "إنليل" ابنه "نانا" إله القمر, ليبدد الظلام وينير الأرض.
6. "نانا" إله القمر أو"سين", أنجب بعد ذلك "أوتو" أو "شمش" إله الشمس..
بعد أن ابعدت السماء عن الأرض, وصدر ضوء القمر الخافت وضوء الشمس الدافئ, قام :إنليل" مع بقيه الألهه بخلق مظاهر الحياة الأخرى

ونرى صدى هذه الاساطير فى التوراه :
الأية الثالثة من الإصحاح الأول فى سفر التكوين (و روح يهوه تهب على وجه الماء ) و أيضا نجد فى الأيات من السابعة و حتى التاسعة من الإصحاح الأول فى سفر التكوين (يكون فلك فى وسط الماء ليكون مميزا بين ماء و ماء )
( وصنع يهوه الفلك و فصل بين الماء الذى من تحت الفلك و بين الماء الذى فوق الفلك و كان كذلك )8
(و سمى يهوه الفلك هواء )9
و أيضا فى الأيات السادسة و السابعه و الثامنة من الإصحاح الأول فى سفر التكوين (و قال الله : ليكن جلد فى وسط المياه و يكون فاصلا بين مياه و مياه ) 6( فعمل الله الجلد و فصل بين المياه التى تحت الجلد و المياه التى فوق الجلد و كان كذلك )7 ( و دعا الله الجلد سماء و كان مساء و كان صباح اليوم الثانى ) 8
و هو ما يتفق مع سياق شرح البابا شنودة الثالث حيث قال (هنا تم تقديم المياه لانها الأصل و المنشأ , و هذا الجلد الذى يفصل ما بين المياه هو الرياح و هذا يحمل مفهوما روحيا حيث يجب على الإنسان أن يتقبل مياه الروح القدس العلوية الواهبه للحياة و يسمو فوق المياه التى هى فى الأسفل , مياه البحر المالحه التى من يشرب منها يزيد عطشه).
ثم يأتى النص القرآنى ليقول فى الايه 30 من سورة الانبياء(أولم ير الذين كفرو أن السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من الماء كل شئ حى)
والى اللقاء فى الجزء الثانى



#هشام_حتاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكذوبة الاصل الآرامى للقرآن
- اشكاليات فى الفكر الدينى
- هل كان ابراهيم التوراتى ديوثا ؟
- من هشام حتاته الى القمص زكريا بطرس
- رؤية تحليلية لسقوط طائرة شرم الشيخ
- العلاقة العكسية بين القهر والابداع
- السيسى وشباب البنطلون الساقط ... !!
- فى حضرة الفرعون العظيم رمسيس الثانى
- البغاء المقدس
- كتاب الموتى ومِنسَأَة النبى ابراهيم
- المرأة فى الاسلام ( 3- اخير )
- نيرون العرب يحرق اليمن
- الاسلام مع المرأة (2)
- المرأة فى الاسلام
- رحلة المراة من التقديس الى التبخيس
- قدم النبى محمد واسطورة خالد بن سنان
- عودة الروح : مصرترقص وتغنى
- الولدان المخلدون
- البدو فى الريفيرا
- الارهاب الاسلامى فى الغرب ( قراءه نقدية )


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هشام حتاته - اللاوعى محرك التاريخ