أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سندس القيسي - الهوية الضائعه 7: عقد العربي المركبة















المزيد.....

الهوية الضائعه 7: عقد العربي المركبة


سندس القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 5052 - 2016 / 1 / 22 - 21:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الهوية الضائعة 7: عقد العربي المركبة

صحيح أننا نأتي إلى أوروبا، ونجلب معنا كتلة من العقد المركبة. فهُوية العربي حسب نظريتي تشبه خلية النحل لها ستة أضلاع وجوهرها الدين (العسل)، الذي ينعكس على مضلعات هذا المسدس، التي تذهب في ستة اتجاهات غير متوازية، وقد تتقاطع، ولا بد لها أن تتضارب بشكل من الأشكال.

ففي البيت، تربينا الأم الدؤوب (ملكة النحل)، تعمل على خدمتنا ليل نهار، توفر لنا المأكل والملبس، وتجمع حولها أبناءها الكثر، وتحاول أن تقربهم من بعض، وتجعلهم يدًا واحدة، ثم تلم البنات حولها وتهيؤهن للزواج. وفي الحقيقة، فإن أمهاتنا وجداتنا كن مدارس في التربية، على الرغم من أن حياتهن بقيت خاصة ومقفلة دون الغرباء.

الأب (ذكر النحل)، في العادة، يقتصر دوره على العمل وإعاشة العائلة كلها. ولا يتدخل في شؤون المنزل إلا في المسائل الكبيرة.

وقد يتعرض البعض للقمع والعنف الأُسَري، الذي قد يكون شائعًا في البلاد العربية.

ثم نذهب إلى المدرسة ( المضلع الأول)، التي تحاول في تدريسها لنا أن تثّبت هويتنا القومية والدينية المزروعة داخلنا، لكنها تعلمنا أشياء أخرى غير ما نتعلم في البيت. وقد لا نستطيع مناقشتها مع آبائنا وأمهاتنا.

وبعد المدرسة، قد ينتهي الأمر بالفتيات بالزواج. أما المحظوظات، فيذهبن إلى رحاب الجامعة، والتي هي صورة مصغرة عن الحياة.

وفي الجامعة (المضلع الثاني) تتحدد مساراتنا الفكرية والسياسة والدينية. وقد نختار الإنتماء إلى العمل الحزبي الممنوع غالبًا، ونخرج إلى المظاهرات والمطالبات، ونتجرأ على تربية الأب والأم والمدرسة، بل وحتى السلطة. وقد نتمرد على الواقع كله أو جزء منه. وهنا نتعلم عن العلاقة بين الرجل والمرأة. ونستمتع أو نقهر بالممنوع والحرمان.

وتكبر آمالنا وأحلامنا، وتتضخم لأننا لا نستطيع تحقيقها على أرض الواقع. كما يكبر شعورنا بالإحباط، لأن ماكينة القمع تدهسنا كل يوم. ونتطلع إلى حيوات العالم الأول والثاني والثالث. لكننا نجد أنفسنا في آخر المطاف. ونعاني القلق والأرق ونحن في عز شبابنا.

وهناك بالطبع طلاب عقلانيون لا يتدخلون في من هذا وذاك. ويركزون على السياحة والصياعة في الجامعة، بعيدًا عن كل التيارات السياسية والحزبية التي تحاول شدهم في جميع الإتجاهات. وغالبًا ما يطلق عليهم لقب التافهين.

أما المضلع الثالث، فهو الحياة الحزبية، السرية غالبًا، وهي متنوعة ومختلفة كألوان الطيف. وفي العادة هذه تأخذ مجدها في الجامعات، حيث يحاول كل حزب استقطاب أكثر عدد من المنتسبين والناشطين للدعوة على التمرد والعصيان بل وقلب نظام السلطة. وأحيانا تعمل الأحزاب مع بعضها أو
أو ضد بعضها. ومن عايش حياة الأحزاب، على دراية كاملة بمحاسنها ومساوئها.

وقد يُقمع الحزبيون و طلبة الجامعة، ويُضربوا ويُهانوا، وربما يُقتلون ويدخلون السجون. ولعل البعض ييأسون ويستسلمون للواقع. فيما تبقى الأقلية، التي تستمر في النضال إلى ما لا نهاية، مدافعين عن قناعاتهم التي ينسجموا معها. ويدفعون الثمن إما بالسجن أو المنفى أو السكوت عن الظلم وعيش حياة مزدوجة.

وبعد الجامعة، يختار الأغلبية مؤسسة الزواج التقليدي طوعا أو قسرًا (المضلع الرابع)، والزواج مدرسة أخرى ندخلها، إذ أن على المرأة أن تكون على قياس الرجل ورؤيته وطموحه وتطلعاته.

والرجل يذهب للعمل والمرأة تجلس في البيت، لتكرس مصير أمها وجدتها. وعليها أن تعلق شهادتها الجامعية في مطبخها في بيت الزوجية. لكن في السنوات الأخيرة، إزداد عدد النساء العاملات لضرورات غلاء المعيشة وبسبب مطالب النساء. وظهرت المرأة المستقلة التي أصبحت قاضيًا ومديرًا وطبيبًا بل وحتى طيارًا.

وفي العمل (المضلع الخامس)، قد يتعرض الرجل والمرأة العربيين إلى مشاكل أخرى، كالمحسوبيات والواسطات، وأوامر من في السلطة الجائرين، والرشاوي والتزوير، ومزاجية المدير وتخلفه، والقمع الوظيفي. وما على العربي إلا أن يسير في المركب الغرقان، حتى إذا خالف ذلك تعليمه الجامعي.

والمرأة العاملة قد تواجه الكثير من المشكلات، وعليها أن تكون صلبة وقوية. وقد ينفتح للمرأة العاملة آفاق وعوالم جديدة، لم تهيؤها لها تربية المنزل أو المدرسة وربما ولا حتى الجامعة. وقد تتعرض لتحرشات تسكت عنها بسبب العيب والحرام. لكن لا بد من خيار التأقلم والتعايش.

لذا، فإن المحصلة هي أن كل تعليم نتلقاه سواء كان في البيت أو المدرسة أو الجامعة لا يلتقي ولا ينسجم مع الآخر من جهة، ولا ينسجمنم مع الواقع المعاش والسلطة من جهة أخرى.

وهذا ما يبرر ربما لجوء العربي إلى قوة إلهية تخلصه من كل الظلم المتراكم أو إلى دولة أخرى خارجية، تساعده في تدمير هذه البنية الشائكة، التي يزداد فيها القمع بكل أشكاله.

المضلع السادس هو التجمعات الدينية، التي يتخذها العربي ملاذًا من الواقع المرير. وهذه التجمعات الدينية تنقسم إلى طوائف وملل متعددة. قد يكون بعضها سياسي، لكن في الغالب تكون دينية. ومثال على ذلك-;- المتصوفة و الواعظون والواعظات والمشايخ والمشيخة والشعوذة. وبما أن الدين أفيون الشعوب، فقد تكون هذه الممارسات بمثابة تنفيس وتخدير للأوجاع. وقد تشجع الدولة على هذا الأمر لتلهي الشعب بالأمور الأخروية عوضًا عن الدنيوية. ويصبح التدين غاية وهدفًا في حد ذاته.

ولذلك، فإن المحصلة تكون بعدم قدرتنا على بناء مجتمعات مدنية متجانسة فكريًا وثقافيًّا وأخلاقيًا، تنتشر فيها قيم العدالة والمساواة. ونكرس عن قصد أو غير قصد ثقافة إلغاء الآخر. فالسلطة تريد إلغاء المعارضة، والمعارضة تريد أن تخلع السلطة وتجلس مكانها. ولا يوجد حوار حقيقي بحيث يتوصل الجميع إلى حل وسط، ولكن لا يمكن ذلك وسط الفساد والظلم.

ولألخص أن نظرية خلية النحل، التي يمكن أيضًا أن تتحول إلى خلية دبابير، الهدف منها هو وضع إطار لفهم وتحليل المجتمعات العربية وكيفية تشكل عقدها المركبة. وتأثير ذلك على هوية العربي (النحلة العاملة) والأنظمة السياسية ليست مطروحة وليس محلها هنا. ففي حين ترمز الخلية بأضلاعها الستة إلى ست "إشكاليات/ عقد" أساسية موجودة عند العربي. كل واحدة تذهب باتجاه الأخرى وقد تصطدم ببعضها البعض، مما يدمر خلية النحل هذه تدميرًا ذاتيا، بسبب غياب النظام.



#سندس_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية الضائعة 6: نماذج الهمجية
- الهوية الضائعة 5: همجية العربي
- الهوية الضائعة 4: علينا التباكي كاليهود
- الهوية الضائعة 3: قومية أم إسلامية؟
- الهوية الضائعة 2: سجّل أنا عربي
- الهوية الضائعة
- ماذا سنفعل بالمثليين الجنسيين في بلادنا؟
- الإضطهاد المسيحي 2
- أنت كافر
- الإضطهاد المسيحي
- الإسلام: ظالمًا أم مظلومًا؟ رد على منال شوقي
- الأوروبي البدوي 3
- دوّي الله أكبر
- الأوروبي البدوي 2
- بريطانيا الحب والملاذ والعتب الكبير
- الارهاب والكباب وشارلي ايبدو
- العربي الأوروبي
- الأوروبي البدوي!


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سندس القيسي - الهوية الضائعه 7: عقد العربي المركبة