أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (32) * الألوهة في الإنسان ،والإنسان في الألوهة !














المزيد.....

أديب في الجنة (32) * الألوهة في الإنسان ،والإنسان في الألوهة !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 06:56
المحور: الادب والفن
    


وهي تجلس برفقة الملك لقمان والملكة نور السماء في أعلى برج في عاصمة كوكب الإلحاد هتفت " أمنية العقل " فيما الملك يجول بنظراته مختلف أنحاء المدينة الجميلة :
- كم يسعدنا أن يمكث جلالتكم لبضعة أيام في كوكبنا .
- أنتم محظوظون . ثم إن اختلافكم عن الآخرين أثار فضولي خاصة وأنني كنت ذات يوم أقرب في فهمي إلى الإلحاد مني إلى الإيمان .
- وهل ترون العكس الآن ؟
- آضع الأمرين الآن في كفتي ميزان غير متوازيتين ترجح فيهما قليلا كفة الإيمان المختلف على الإلحاد. الإيمان بوجود غاية للوجود حتى وإن كانت البداية عبثية ومبهمة ، بغض النظر عن أزلية البداية أو عدمها ،وهي في الغالب أزلية .
- هل هذا يعني أن الغاية بدأت توجد فيما بعد وتتطور؟
- بالضبط وهذا ما عبرت عنه في بعض أشعاري بالقول :
" أنا في الهيولى البدئية كنت
دون أن يكونني أحد
أوجدت نفسي بنفسي لنفسي
دون أن أدري ما الغاية وما القصد
وبقيت دهورا كامنا
لا أدري إن كنت أدري ما أريد
وما لم أرد
كجنين في رحم أم غافل عما يستجد
إلى أن ضاق بي الكمون وضقت به فانفجرت
محطما جدران الهيولى التي عنها انبثقت
لأنتشر في كون شاسع
حدوده لا تحد
ولينبثق معي الخلق
كائنا من رحم المهد
فكل كائن كان فيّ
وفي كل كائن كنت
فأنا الكينونة دون حد
وآفاقي لا تحد
فليس للحد مني حد
ولا حد حيث كنت
أنا الله ال بلا حد
لا غنى للخليقة عني
ولا غنى لي عن الخليقة
فنحن الواحد في الكل
والكل في الواحد يتحد !
******
وراحت أمنية العقل تصفق بحرارة وهي تهتف :
- لم أسمع شعرا من قبل على هذا المستوى من الفهم لوحدة الوجود. فلا شيء منعزل عن الآخر. فالوجود سلسلة مترابطة نشأت من وجود بدئي بدائي مادي روحي واحد أطلقت عليه جلالتك الهيولى البدئية ، التي كانت تجري تفاعلات داخلها شبهتها بالتفاعلات التي تجري للجنين في الرحم دون أن يدري بها . وما الإنفجار الكوني إلا ولادة الجنين .
- غير أن الجنين هنا هو الوجود الذي سيأتي منه كل شيء . والذي كان الخطوة المتقدمة الأولى لنشأة الكون والتي تطورت عبر مليارات السنين ،وحتى الآن لم تبلغ ذروة تطورها التي لا تعرف ما هي . إنها أشبه بالمولود الذي لا يعرف ماذا سيكون بعد سنوات من ولادته.
- أنت أخضعت الوجود لنظرية النشوء والإرتقاء دون أن تغفل الجانب الروحي وهو وجود ألوهة غفلة .
- هذا صحيح . لذلك أسمي فلسفتي "المادية الروحية" وأعتبرها صوفية حديثة كونها تؤكد على وحدة الوجود. الجديد في فلسفتي هو أنها لا ترى وجود ألوهة مطلقة سبقت الوجود المادي ، فإذا كان هناك ألوهة فهي نشأت فيما بعد ومن المادة نفسها كغاية لا غير . أي فكرة تتمثل في الطاقة وتتمظهر في المادة بكل تجلياتها الوجودية من إنسان وحيوان وجماد ونبات ومن عناصرمادية كونية أساسية تتمثل في الماء والهواء والتراب والنار . وتختلف عن الفكر المادي العلماني في أنها لم تتنكر للألوهة أو تلغيها ، أي أنها حاولت الإفادة من الفكرين المادي والمثالي لتخرج برؤيتها الفلسفية للوجود . ويمكن القول أنها الطريق الثالث في الفلسفة والدين معا.
- هل ترى جلالتك ضرورة الحاجة الروحية للإنسان لكي يكون هناك معنى لحياته ، وأن هذا المعنى لا يمكن أن يتحقق إلا بإحساس الإنسان أن لوجوده غاية وضرورة وهي أن يساهم في تحقيق قيم الخير والعدل والحق والجمال وإقامة الحضارة الإنسانية ؟
- وليس هذا فحسب بل وأن وجوده وموته ضرورة لتجدد الحياة الإنسانية . وجوده لتحقيق القيم الإنسانية وإقامة الحضارة وموته لتجدد المادة والطاقة وإغنائهما . فكما الوجود أزلي أبدي . فإن وجود الإنسان أزلي وأبدي أيضا في شكلية الإنساني الوجودي في الحياة والمادي الطاقوي بعد الموت .
- هل يعني هذا أن الإنسان قد يرقى أو يعود إلى الحالة الألوهية بعد الموت . أي إلى أصل الحياة :المادة والطاقة .
- أجل !
- وهل يشعر بوجوده حينئذ كمادة وطاقة ؟
- لقد عدنا إلى ما تحاورنا حوله من أن الألوهة كطاقة تشعر بوجودها الإلهي أو لا تشعر! أنا أتمنى بل وأكاد أقول أنها تشعر بوجودها الإلهي ، وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فإنه الغاية التي ما تزال الألوهة تسعى إليها لتحقيقها ، لتكتمل سلسلة الخلق الوجودية الأزلية التي لا بداية لها ولانهاية أيضا . وآمل أن ألتقي الله يوما لنضع حدا للفهم البشري للغاية من الوجود. وبالتأكيد ليس هناك غاية أجمل من أن يكون الإنسان إلها ويكون الإله إنسانا ! فتصوري أن يرى الإنسان نفسه في الألوهة وأن موته ليس موتا بل هو أجمل وجود لحياته بالإنتقال من الحياة الدنيوية إلى الحياة الأزلية في الألوهة بشكليها أو شكلها الواحد المادي الطاقوي !!؟؟
وهتفت أمنية العقل ضاحكة :
- فكرك يجنن يا جلالة الملك ! وما هي رؤيتك لفكر أسلافنا من الأنبياء والرسل والحكماء والفلاسفة ؟
- يكثر خيرهم . يكفي أنهم فكروا حسب ثقافة زمنهم . المؤسف أن فكرهم أصبح يشكل عبئا ثقيلا على حاضر بعض الأمم . حين أرى الآلاف راكعين لإله يعتقدون أنه يحب الركوع والعبودية والعذاب الشديد،أشعر بألم فظيع ، وأقول لنفسي كيف يمكن انقاذ البشرية من جهلها !؟
- لقد دفعنا ثمنا باهظا جدا للخلاص من هذا العبء الثقيل ..
- وآمل أن لا يدفع كوكب الأرض الثمن نفسه !
- سعادتي بالتعرف إلى جلالتك ومجالستك ومحاورتك أكبر من أن توصف أو تعبر عنها كلمات . اسمح لي أن أقبلك !
وهتف الملك وهو يدني رأسه من الرئيسة لتقبله على خده " أشكر سيادتك " فيما كانت الغيرة تعود لتنهش قلب الملكة نور السماء ، التي راحت تتمنى في دخيلتها أن يغادر الملك هذا الكوكب قبل أن يغرق في عشق رئيسته الملحدة وربما يقيم فيه .. بل وتمنت أن يحط على كوكب قادم لا نساء فيه !
***
يتبع .



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (31) * تجليات الحب على الأرض وفي السماء!
- أديب في الجنة (30) * حوارات فلسفية على موائد سماوية وراقصات ...
- أديب في الجنة (29) * الوجود بين منطق العقل ومنطق الأسطورة !
- أديب في الجنة (28) *الملك لقمان في كوكب الملحدين !
- أديب في الجنة (27) - نسمة الغدير- ترحل إلى السماء!
- أديب في الجنة 26 * روض شمنهوري يفوق الخيال!
- أديب في الجنة 25 * الرحيل إلى الخلود الأبدي في حفل بهيج !
- أديب في الجنة 24 * حب بلا شروط وأمهات منجبات !
- القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*
- أديب في الجنة 23 كوكب الحب والجنون والأحلام !
- أديب في الجنة (22) الوجود تحقق خيال !
- أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية ا ...
- أديب في الجنة (20) * البشر والجن على موائد الله !!
- أديب في الجنة (19) * فرحة الأمم بالمحبة والسلام !
- أديب في الجنة (18) * دولة النساء الديمقراطية العلمانية !
- أديب في الجنة (17)غلمان الخليفة وحلم الملك لقمان بدولة تحكمه ...
- الجنون في الأدب !
- أديب في الجنة (16) ثورة النساء على ظلم الرجال والحكام !
- أديب في الجنة (15) تعاليم لقمانية واغتصاب جماعي !
- أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (32) * الألوهة في الإنسان ،والإنسان في الألوهة !