أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نضال نعيسة - فرنسا الشمولية















المزيد.....

فرنسا الشمولية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1374 - 2005 / 11 / 10 - 10:19
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


باستثناء معركة فرض الحجاب ,التي يبدو أنها خمدت نوعا ما بعد ذاك السجال حامي الوطيس الذي شهدناه,فقد بقيت فرنسا حتى الآن,وإلى حد ما, خارج نطاق التأثير المباشر بأحداث الحادي عشر من سبتمبر ,وتداعياتها الارتدادية ,في مدريد,ولندن,وبقيت دون قرارات مباشرة تكبح جماح بعض المتطرفين ,من خلال إجراءات على الأرض تمكنها من وضعهم في دائرة الرقابة المباشرة والاستهداف,والإيقاع بهم,ومن ثم حصر نشاطهم.فهل كانت ثورة "الأوباش"كما أطلق عليها البعض هدية من هؤلاء للسلطات الفرنسية للعودة لتطبيق قانون 1955,الذي يستبعث في ذوات المهاجرين حقبة فرنسا الاستعمارية في الجزائر ويشكل لهم استفزازا ,وإعلان حالة الطوارئ تماما كما لو كنا في إحدى دول الشرق الأوسط التي ميزها الله عن الخلق جميعهم,بالقمع والاستبداد.وتلقي هذه الأزمة الجديدة,والتي كانت صامتة وانفجرت بهذا الشكل, بظلال ثقيلة حول مشكلة اللاجئين في الغرب ,وما تلقاه من صدى واهتمام على الصعيدين الرسمي ,والشعبي,تمهيدا لسن سلسلة من التشريعات الجديدة تكبل من تفاقمها أفقيا ,وشاقوليا,وما صاحبها من سيل من التعليقات الرسمية التي أقل ما يمكن أن توصف فيه بالعنصرية.وها هو الميسيو دوفيلبان ,الآخر,يصرح ,وبالفم الملآن, بأنهم بصدد فرض حظر للتجول ,في باريس وضواحيها المترحة بالفقراء والبؤساء ,والمهاجرين العاطلين عن العمل. نعم في باريس هذا ليس خطأ إملائيا .

والأزمة في طابعها العام تحمل عدة وجوه مختلفة منها عدم قدرة هؤلاء المهاجرين على الاندماج مع المجتمع الفرنسي ,الذي لا يتقبلهم أصلا,بعاداته ,وتقاليده ,وأعرافه التي تبدو غريبة عليهم كليا.وحملوا هم أنفسهم عاداتهم ,وطرق حياتهم وتفكيرهم,وحتى خلافاتهم من بلدانهم الأصلية وكأن شيئا لم يكن,ورفضهم المطلق للثقافة الغربية التي احتموا بظلها ,وأنقذتهم من جحيم القهر والفقر. وهذا ما قوّى من شوكة اليمين الفرنسي ضدهم بشكل عام ,وإن لم تكن الأسباب الوحيدة. حيث أنه من المعروف عن هذا اليمين عداءه لكل ماهو أجنبي ,وغير فرنسي إجمالا.إلا أن الأهم من ذلك كله ,والسؤال الغريب فعلا ,أن معظم هؤلاء "المنتفضين" هم من أبناء الجيل الثاني ,أو الثالث من المهاجرين ,الذين ما تصرف آباؤهم قطعا على هذه الشاكلة,وكانوا لربما أكثر تفهما,وقبولا لعادات وثقافة المجتمع الفرنسي.وهنا يبرز السؤال الآتي :هل لهذا علاقة ما ,ولو خفية,ببروز ظاهرة الإرهاب العالمي ,وانتشارها عالميا ,ليصل أطراف برج إيفل؟وما يبعث على الدهشة ,ويقلق بآن ,هو دخول أحد شيوخ الإفتاء الكبار على خط الأزمة أمس,وهذا يضع الأزمة برمتها في موضع يزيد من ارتياب الفرنسيين ونظرتهم لها,ويعقد الأمور بأكثر مما فيها من تعقيد أصلا..

فهل كانت هذه الانتفاضة من نتاج صراع الأفكار والحضارات في إحدى جوانبه, مع غياب اهتمام فرنسي ملحوظ بهذه الغيتوهات,وغلبة الثقافة الأم دائماعلى الثقافة الجديدة ؟ وتجلى كل ذاك برفض مطلق للعيش في ظل هذه القوانين الفرنسية الذي فجر نوبة عارمة من إشعال السيارات فاق الألف سيارة حتى الآن,حولت الضواحي باريس ,عاصمة النور ,لمناظر تذكرك ,ببغداد ,وبلفاست أيام عز الاشتباكات بين الكاثوليك,والبروتستانت.

والجانب الآخر ,وكما أسلفنا هو فشل الحكومة الفرنسية في الاحتواء التدريجي لهؤلاء المهاجرين,الذي وصل ربما حد الإهمال المقصود ,وكان الشرارة التي أشعلت فتيل المواجهات الأخيرة,وربما ليست الوحيدة,ومن المعتقد أن أصابع خفية وراء الستار لعبت دورا في تفجير الأوضاع ,قد تكون أصابع المخابرات إحداها,تمهيدا للشروع في حملة التطهير استباقا لوصول "أحد ما" إلى إحدى الطائرات,أو مترو الأنفاق محشوا بالأحزمة الناسفة,وصدره يستشيط غضبا على مجتمع جعله يقبع عاطلا ,وبائسا ,في غيتوهات ,لا تختلف كثيرا عن تلك الغيتوهات ,ومدن الصفيح التي تركها وراء ظهره على أمل عناق منشود مع الحرية وغد أفضل بحلم وردي يجلب له السعادة والهناء ,لكنه لم يجد أمامه سوى البطالة,واليأس ,والإحباط,وربما خيطا وهميا غير ظاهر من العنصرية المبطنة والاستعداء.إنها مسألة ثنائية يتحمل وزرها الطرفان ,اللذان لم يجدا أفضل من هذه الطريقة بالتعبير عن الذات بهذا الشكل المريع,الذي أطاح بأمل الجانبين في تعايش مقبول,ومجتمع مسالم يحترم الخصوصيات والأقليات.

وجاءت هذه الأحداث لتعطي دعاة اليمين المتطرف الكارت الأبيض لشن سلسلة من الإجراءات القانونية تضاهي ,وربما تبز مثيلاتها في لندن وواشنطون من حيث تضييق الخناق على مجتمعات الأجانب ,والمهاجرين التي فشلت الانصهار في العالم الجديد.وستصبح مشاهد التفتيش ,والتوقيف,والملاحقة,والتحقيق ,والسؤال ,والجواب, أمرا مألوفا ,ومظاهر لاغنى عنها يوميا في بلاد ديكارت ,ومونتيسكيو,وروسو وفولتير,ولامارتين,كما أصبح مشهد أطلاق الشرطة البريطانية النار على الشاب البرازيلي جون تشارلز دي مينزيز,وإردائه قتيلا لمجرد الاشتباه ,شيئا عاديا,لا بل قابلا للتفهم,واختلاق شتى التبريرات والإعذار.

مهاجرون يرفضون دولة آوتهم ويعلنون حرب شوارع ضدها,ودولة تقمعهم بشدة ,وقسوة ,وتنسى دفعة واحدة سمعتها كأحد رموز حقوق الإنسان في العالم.فهل نلوم المهاجرين بسبب أوضاعهم المزرية,وتشبثهم بماضيهم ,وعدم رغبتهم في تغيير ما جلبوه معهم من بلدانهم ؟أم نلوم السلطات الفرنسية على فشلها في إقناعهم بأنهم مواطنين من الدرجة الأولى وتأمين مستلزمات كل ذلك,لا بل وصفهم بأقذع الألفاظ التي تخفي وراءها طابعا عنصريا ؟أم نلوم الطرفين معا في توليفة هذا الموقف المبهم حتى الآن؟وربما كان هناك خفايا وأسباب قد لاتدرك الآن,ولكن الأمور هي كما ظهرت للوهلة الأولى ,وبدت على الساحة حتى الآن,ولا يستبعد هنا أبدا لعبة الاستخبارات.

ومهما يكن من أمر هذا الجواب, ففرنسا الشمولية قادمة ,ولن تعود كما كانت قبل عشرة أيام,ولن تترك هذه المواجهات أثرا طيبا في نفس أي من الجانبين,وهي بعد اسبانيا ,ولندن ,وواشنطن ,تستعد أن تعلن عن نفسها ,وتلتحق بركب "محاربة الإرهاب" من دون أن تتلقى دعوة من إحدى أذرع التنظيم ,وخلاياه النائمة في أكثر من مكان .ولن تعود هذه البلدان كما كانت قبلا قبلة للمهاجرين والمضطهدين لشتى الأسباب ,وصار الهارب من لفيح الشموليات ,سيجد نفسه تماما في أتون قوانين تكبله ,وتحاصره,وتدفع به نحو الانفجار,وينطبق عندها عليه المثل القائل:"من تحت الدلف إلى تحت المزراب".

ألم يقل القائلون إن عالم مابعد الحادي عشر من سبتمبر ليس كما سبقه على الإطلاق,وتداعياته ستكون كبيرة وإلى أجل غير مسمى ؟فابشروا بـ"تأبيدة" لا فكاك منها تحت رحمة الشموليات ,ولا فرق هذه المرة فقد تساوى الشرق والغرب في فنون الطغيان.

الغرب حلم المهاجرين الجميل,وبعد طيب الذكر بن لادن, في ثياب قوانين الطوارئ ودولة المخابرات,مثله مثل "الحبايب" تماما,بل وأضل سبيلا,من يصدق ذلك؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاء الجنرالات
- عصافير لا تطير
- ربيع سوريا الواعد
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟
- ديبلوماسية الكوارث
- كل عام وأنتم بلجنة للتحقيق
- الملاليس
- فليُسعدِ النَطْقُ إنْ لم تُسعدِ الحالُ
- إنهم يورطون الرؤساء
- سوريا العلمانية
- الغائب الأكبر
- دراويش الفضائيات
- علام يراهن السوريون
- السيناريو الأسوأ للسوريين
- مضادات الاكتئاب السورية
- خوارج السياسة,وكفار الأديان
- القصة الكاملة للرسائل شفهية
- إعلان قندهار
- تفكيك الحرس القديم
- أكثم نعيسة:تكريم يليق بالأبطال


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - نضال نعيسة - فرنسا الشمولية