أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - معتقدات الخلود الرافدينية














المزيد.....

معتقدات الخلود الرافدينية


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 10:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد اعتقد الانسان الرافديني القديم بقدرته على تقديم العون الى الالهة من خلال الطقس الذي يجعل النشاطات الخلاقة للزمن البدئي فاعلة في اللحظة الراهنة :
(فراس السواح : الاسطورة والمعنى – ط 1- 1997 – الناشر :دار علاء الدين – دمشق – سورية ).

كتب الباحث فراس السواح في فصل كتابه المعنون ( التموزية ومعتقد الخلاص السومري ):
( ..فان الاله تموز لم يكن يموت في كل سنة ثم يبعث الى الحياة من جديد , كما تعود الباحثون قوله وتكراره بتاثير ملاحظتهم للطقس الدوري ,ومزجهم بين الطقس والاسطورة. ولكنه مات وبعث الى الحياة وتزوج الالهة انانا في دورة حياة واحدة , حصلت في ازمان الاصول والتاسيس , من اجل اعطاء النموذج البدئي لصيرورة عمليات الطبيعة .

وليس موته وبعثه في كل عام الا دورة حياة طقسية يجري تكرارها دراميا لغرض تحيين الاسطورة واستحضار زمنها الميثولوجي الخلاق ).

يعتقد كاتب المقال ان هذا الطقس يتشابه مع طقس ودراما موت الاله وقيامته في ديانات الاسرارالخلاصية ,مثل موت وقيامة يسوع في الاناجيل , حيث ان تكرار الموت والقيامة كل عام هو من اجل اتحاد المؤمنين بالاله واستحضار اسبوع الالام وبذلك يعيش المؤمن مع المسيح كل حين ( تحيين حدث الصلب والموت والقيامة ).

ان الجانب السري لطقس موت وقيامة الالهة الرافدينية القديمة مثل دوموزي –تموز هو ان دوموزي – آبسو ,ابن الماء هو مجدد طاقة الحياة وحافظ لقوى الخصوبة ,وهو في الوقت نفسه قاهر الموت الذي حرر نفسه من قوى العالم السفلي .وستتكرر هذه الدراما دوريا حتى في قصة موت وقيامة يسوع .

يكتب الباحث فراس السواح مايلي :
(.. فان ارتباط فكرة بعث الروح وتجديدها بعبادة الخصب ,نابع من نظرة الانسان القديم الى نمو الزرع باعتباره معجزة غير مفهومة . فالبذور الصلدة الصماء تودع في الارض بضعة شهور ,لتدب فيها الحياة وتعطي ورقا وحبا جديدا .فاذا كانت هذه المعجزة ممكنة في عالم النبات ,فانها ممكنة ايضا بالنسبة للانسان ,وعودة الحياة الى العظام الصلبة الميتة ليس اكثر استحالة من عودة الحياة الى البذور ).

يرى كاتب المقال ان الانسان الرافديني تصور ان البذور هي جماد لاتحتوي على الحياة وكما تحولت هذه الجامدات الى الحياة كذلك يمكن لعظام الانسان الرميم ان تكتسي باللحم وتعود الى الحياة .
لقد انتصر دوموزي – تموز على قوى الظلام وصعد ظافرا الى حياةجديدة , حيث يتحد المؤمنين به وفق الطقس السنوي المقام . وهو يعطي كل مؤمن وعدا بانه سيكون حاضرا لديه عندما تاتي ساعة المنية ليقوده الى عالم الابدية .وهو نفس كلام يسوع لاتباعه في الاناجيل (ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر ) انجيل متى (28 : 20 ).

ان الوجه الاخر للمعتقد التموزي الخلاصي لاتظهره لنا الوثائق المسمارية والسبب في ذلك يرجع الى ان عقيدة الموت والخلود لم تكن العقيدة الرسمية في سومر خلال عصر التدوين السومري خلال فترة حكم اسرة اور الثالثة (2100 – 2000 ق.م ).

لقد تم العثور على مقبرة الملكة شبعاد وهي بكامل اناقتها وزينتها الملكية , اضافة الى جثث اربع حراس وتسعة نسوة من الكاهنات . وكانت يد احداهن ماتزال على اوتار آلة موسيقية حتى وقت الاكتشاف .

يعلق السير ليونارد دولي على هذه المقابر الملكية بالقول :
( ان الملك السومري المتوفى كان يصطحب معه افراد بلاطه وحاشيته . فهؤلاء المدفونين مع الملك لم يكونوا من العبيد الذين اجبروا على الموت . بل من الاتباع ذوي المكانة في القصر . وقد جاؤوا بكامل لباسهم الرسمي الى المقبرة ,لتادية طقس طوعي من شانه في اعتقادهم ان يعبر بهم من عالم الى عالم آخر .ان كل الدلائل تشير الى ان هؤلاء المتطوعين قد وصلوا احياء الى المقبرة . ومن الجائز انهم قد تناولوا هناك شرابا قاتلا , وبعدمفارقتهم الحياة تم ترتيب جثثهم في وضعيتها الاخيرة قبل اغلاق القبر ).

ان الديانة السومرية رغم انها لم تقم على معتقد احادي ( تموز – انانا ), ورغم وجود الهة اخرى تمسك بزمام المظاهر الرئيسية للكون وعلى راسها آنو الماء وانليل الهواء وانكي الماء , الا انه من الواضح وجود الهة اكثر قدما من هؤلاء لا تنتمي الى القوى الكونية الكبرى بل تجسد قوى الحياة الخالدة .وهذه الالهة دخلت عند اعتاب التاريخ في علاقة مع تموز الذي يجدد بدورة حياته الطقسية قوة الحياة . وقد بقي الاعتقاد بهذين الالهين تموز – انانا ( عشتار )يؤجج الحياة الروحية للسومريين لاكثر من الف عام ثم تحول بعد ذلك الى ديانة سرية بتاثير اللاهوت الرسمي الاكادي السامي المعادي للتموزية .

لقد عمد اللاهوتيون الساميون الى اجراء تسوية بين معتقد الالهة المتعالية الكلية القدرة ومعتقد الالوهة الطبيعانية والتي تمثل خصب ارض ودورة الفصول . بان جعلوا من الاله مردوخ الها يموت ايضا ثم يبعث في عيد راس السنة البابلية ( عيد اكيتو) الذي حل رسميا محل الاعياد التموزية .

فبعد تلاوة اسطورةالتكوين البابلية وتمثيلها دراميا يخرج المنادي ليعلن بان مردوخ قد مات . وينتهي هذا الجزء من السيناريو الطقسي ببعث مردوخ صعودا من العالم السفلي .
يقول فراس السواح باننا نعرف بكل تاكيد بان هذه الفقرة الطقسية من احتفالات راس السنة البابلية لاتتمتع بسند ميثولوجي سواء من الاينوما ايليشا , اسطورة التكوين البابلية ام من غيرها من الاساطير البابلية . الامر الذي يدل بكل وضوح على انها بقية من الطقس التموزي الاسبق تم دمجها في طقوس مردوخ من اجل امتصاص المعتقدات والطقوس التموزية.

لقد تحولت هذه الطقوس والافكار القائمة على معتقد الموت والخلود الى عبادات سرية مقتصرة على الاتباع بعد مرورهم بطقس التعدية , العبور , الادخال , وتحولت الى عبادات سرانية كجزء من ديانات الاسرار .




#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرية الارواحية
- المعتقدات الطوطمية
- تقدم اليابان من تقدم معتقداتهم االمقدسة
- الجدل حول غنوصية سمعان ماجوس السامري
- المندائية الغنوصية وظهور فكرة المخلص
- قراءة في الهرمسية وجذورها
- عولمة اليهودية في العصر الهلنستي
- كشف الحلقة المفقودة بين اديان التعدد والتوحيد
- ولادة المسيحية من رحم الثقافة الهلنستية
- ترثيث المراة في العراق
- الرثاثة الاجتماعية في العراق
- الرثاثة والاستبداد الشرقي في العراق
- بين رثاثة السياسي ورثاثة عاملة الجنس
- اشكالات في كتابة الابحاث والمقالات
- الثقافة الرثة وعولمة الرثاثة
- الرثاثة وجذورها في العراق
- من يقرر صناعة مستقبل عالمنا العربي ؟
- الايديولوجيا تتعارض مع قوانين الطبيعة
- الخيار الوطني هو الحل !
- خارطة الاستيطان الديموغرافي في الشام مع ظهور الاسلام


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - معتقدات الخلود الرافدينية