أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف خوري لطيف - رسالة من إمرأة؛ هي سِر الحياة














المزيد.....

رسالة من إمرأة؛ هي سِر الحياة


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 5046 - 2016 / 1 / 16 - 00:06
المحور: الادب والفن
    


صباح الخير يا مودام، صباحك نور يا أم أحمد، والنبي يا مودام بقالي كام يوم مش عارفة يغمض لي جفن، كل ما أفتكر جوزي إللي طفش مع جارتنا من كام سنة ولا عاد بيسأل عني ولا بيعرف ولاده والسنين بتجري والعيال بتكبر. الواد أحمد دخل الجيش ومصاريفه زادت علىّ، لولا مِشنِّة العيش دي والكام كيلو زبدة على الجبنة القريش إللي بأجيبهم من البلد و بأقعد بهم كل يوم مكنتش عرفت أسد جوعهم بالعيش الحاف. البت عبلة بنتي على وِشْ جواز وأنتِ عارفة إن المحاكم حبالها طويلة ومعنديش فلوس أرفع قضية نفقة. ولا عُدتُ حتى أعرف لجوزي عنوان، بعد ما قطع زياراته عنا ولا عاد يعرف العيال ولا حتى بيحن عليهم بنظرة، أصله سابنا و راح يعيش مع السِت إللي بيعرفها بحجة أنها وحدانية ومحتاجة لراجل يحميها، ليكسب فيها ثواب. طب بذمتكِ يا أبلة مأنا أهو من غير راجل ولا عمري طلبت حماية من حد، طب يحميني من إيه ومن مين، ده الحامي ربنا. آل يحميها آل ! يحميها مقابل أن تمنحه نفسها، وهي فاكرة إنها منحته أغلى ما عندها. هو مش عارف إن السبب إللي خلاه يعرفها هو نفس السبب إللي خلّى غيره يوماً يعرفها ولنفس السبب، إللي سبقه عرفها برضو بدعوى حمايتها من باقي الرجال ! أنا متعلمة ومعايا إعدادية وأعرف إن الست مش بس جسم يأكله الرجل وبعدين يرميها وهو فاكر أنها منحته أغلى ما عندها، وللّا إيه رأيكِ يا أبلة ؟

- كلامك صحيح يا أم أحمد، جسد المرأة أرخص ما تملك حين تمنحه. لأنها تملك ما يفوق اللالئ والجواهر ثمناً. المرأة هي من تمنح عالم كامل يموج في ذاتها، في كينونتها المصانة وليست المهدرة، في حواسها وأحاسيسها، في قلبها وعاطفتها، في أمومتها و ضعفها، تمنح كيانها بسخاء بما يحمله من مشاعر حيّة نابضة ،منسكبة تفيض حلاوة كالشهد وأحلى كلما إنحنت كشجرة على مجرى عذب، كلما علت أمواج بحر الحنين لوطن بأكمله. قد تتناثر رائحة الأدخنة حولها حد أن تدمي قدميها كلما ثقلت عليها قسوة العيش في ليالي الوحدة و زمهريرها، المرأة لا تحتاج لأكثر من دفء الأمان كي تفيض بسخاء وهذا هو عطائها الحقيقي أن تعرش عنابتها بنشوة أفراح لا تنتهي على أسرتها و مجتمعها. تنفخ فيهم من روحها لتفتح الأبواب المنغلقة فتلون الحياة، شريطة ألا يكون المجتمع ذكوري يرها مستضعفة وبنصف رجل، فإن رآها الرجل هكذا فممن سيحميها ؟
فالجسد تملكه كل إمرأة وأي إمرأة حتى نساء الملاهي و الشوارع الليلية. هذه الحقيقة قد تدركها المرأة أو لا تدركها، وإن أدركتها أحيانا يصبح من الصعوبة أن تبوح بها بعض من اللواتي تتصف بالسطحية الفكرية. فجسدها في نظرها هو أغلى ما تملك بل كل ما تملك، فماذا تبقى لها بعدما منحته؟! أما المرأة الحُرة فهي تدري أن قيمتها في فكرها وما تمنحه من قلبها وتفيض به من روحها فهي تفيض بكل غالي وما يفوق ثمنه جسدها الذي إنتهكته الذكورة الفارغة.

ريَّحتي قلبي الله يريّح قلبكِ يا أبلة، كلامك فكرني بأغنية عبـ الوهاب: وعشق الروح ملوش آخر لكن عشق الجسد فاني. هو أنا مقلتلكيش، جارنا المسيحي أبو ميشيل، جارنا من زمان اوي ، يجي كده من ستة وأربعين سنة، فتحت عيني عالدنيا وهو جارنا، طولة العمر ليكِ مات من كام يوم، ومن ساعتها وعيني مش عايزة تبطّل عياط عليه، والنبي يا أبلة لو جرالي حاجة ومُتْ، أمانة عليكِ تمشي في جنازتي وتخلي بالك من العيال. بعد الشر عليكِ يا أم أحمد ربنا يخليكِ لعيالك لحد ما تشوفي ولادهم، هو حد عارف مين هيموت قبل مين ؟.

ده كان حديث الصباح، وقصة أم أحمد بياعة الخبز، تلك المرأة التي أدركت أنها كإمرأة هي سِر الحياة حتى وهي في أقسى أيامها و شظف الحياة.



#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الختان المجيد
- كيف تتشكل وجداننا على متن حرفٍ
- مفهوم الكتابة وحرية الإبداع الثقافي في عالم واسيني الأعرج
- رسالة إلى صديقي المسلم؛ المذنب البرئ
- اترك إيمانك وكنيستك يا قبطي، فالمسيح كان يهودياً !
- الإنتحار الإستشهادي المقدس، بصمة وراثية عربية إسلاموية
- حلمي الصغير
- نبوآت الأيام الأخيرة عن مصر، هل بدأت تتحقق ؟
- واسينيات؛ ورشة تكوين للإبداع الأدبي، و قراءات من « إِمرأة سَ ...
- عزيزي العروبي، لا تكن داعشياً معتدلاً !
- أدب الثيؤطوكية؛ العذراء والدة الإله «2»
- دعشنة نوبل !
- أَدَب الثيؤطوكية؛ العذراء والدة الإله «1»
- الإجابة ليبيا !!
- اليوم سوريا؛ و غداً الدور جايِّ عليكم
- واسينيات؛ قراءات من « إِمرأة سَريعة العَطَب» (3)
- ما بين تخصيب اليورانيوم وثقافة البول رانيوم !
- أيها العرب؛ ألا تخجلون !
- متى تترك مؤسسات الدولة معاملة الأقباط بمنهج القبلية؟!
- واسينيات؛ قراءات من «إِمرأة سَريعة العَطَب» (2)


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف خوري لطيف - رسالة من إمرأة؛ هي سِر الحياة