أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال الربيعي - تخبط الحركة الشيوعية العالمية والانتخابات البرلمانية















المزيد.....



تخبط الحركة الشيوعية العالمية والانتخابات البرلمانية


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 5045 - 2016 / 1 / 15 - 23:54
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


جرت العادة ان تقوم كل الاحزاب في الولايات المتحدة بتبيان ردود افعالها على خطاب الرئيس الامريكي سنويا الى الامة. وقد قام الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة كالعادة بتبيان موقفه تجاه خطاب الرئيس اوباما الاخير على لسان سكرتيره العام John Bachtell , الذي اكد (1)
"في خطابه النهائي الى الامة، يقدم الرئيس أوباما رؤية جريئة أكثر عدالة اجتماعيا واقتصاديا, ويؤجج مشاعرالامل لدى الشعب الأميركي."

لقد اعترضت على صفحة التواصل الاجتماعي للحزب على بيان سكرتير الحزب بتساؤلي (2)
"هل هذا حزب شيوعي ام حزب رأسمالي؟ ولماذا لا يحل الحزب نفسه ويصبح جزءا من الحزب الديموقراطي, لانه, كما يتضح من فحوى البيان, فان الحزب اصبح بمثابة ملحق appendage للحزب الديمقراطي؟"

فاجابني احد رفاق الحزب كالتالي:
"أتفق معك ايها الرفيق، ومع ذلك، هناك طريقان نحو الاشتراكية في هذا البلد في الوقت الراهن. واحد من خلال وحدة العمال والثورة، وهو امر لن يحدث في أي وقت قريب، والآخر هو من خلال الإصلاحات الديمقراطية. والإصلاح الديمقراطي يستغرق وقتا طويلا، ولكنه حدوثه هو أكثر احتمالا من حدوث الثورة. ما يقوم به الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة هو الدعوة إلى سياسات يسارية من خلال الحزب الديمقراطي، الذي يقربنا إلى الاشتراكية. أني متأكد أنه في نهاية المطاف سيكون من الأسهل تحقيق الاشتراكية بفضل تغيير المثل تحت تأثير الحزب الديمقراطي و الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة وعندما يتم تحقيق الاشتراكية، فأنه ليست سوى مسألة بضعة أجيال قبل أن يتم القضاء علي الرأسمالية وتحقيق الشيوعية."

وبغض النظر عن تبسيط الامور دوغماتيا(!) بعض الشييء من قبل الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة بهذه الشاكلة, فانه من الواضح ان الحزب يعتبر الحزب الديموقراطي, سوية مع الحزب الشيوعي, القوتين الرئيسيتيين لانجاز مهمة انتقال البلاد,الولايات المتحدة, الى الاشتراكية.

وعندها اعترضت على موقف الحزب الشيوعي بكون حقيقة ان البحوث الاكاديمية (انظر تحت) تدلل على تحول الولايات المتحدة الى دولة اوليغاركية او بلوتوقراطية, وهو امر سيحول بالضرورة دون تطبيق مبدأ الاصلاحات للوصول الى الاشتراكية, اجابني سكرتير الحزب John Bachtell بالقول:
"صحيح. ولكن هذا لا يكفي. يجب على المرء أن يدرس بعناية القاعدة الاجتماعية والائتلافات التي تشكل هذين ألحزبين (الجمهوري والديمقراطي) . في حالة الحزب الديمقراطي فهو تحالف متعدد الطبقات الذي يتضمن العمال، الملونين، والحركات الديمقراطية الأخرى. ونظرا لطبيعة النظام القائم على حزبين، يكون السبيل الأنجع في هذه اللحظة هو تعزيز نضال هذه القوى. ينبغي أن يكون الهدف انتخاب المرشحين الأكثر تقدمية، المؤيدة للعمال والقطاعات الاوسع من الناس، وبناء الاستقلال السياسي الذي في مرحلة ما يمكن أن يؤدي إلى خلق قيادة لطرف ثالث أو الهيمنة على الحزب لديمقراطي. هذه الشروط ليست موجودة اليوم."
واضاف سكرتير الحزب John Bachtell انه يتفق معي بظهور الأوليغاركية الوراثية، والتي لا يمكن إنكار دورها على الاحزاب وعموم السياسة, وانه كتب مقالة بهذا الصدد (3).

يؤكد Bob Maschi "بوجود بعض الاشتراكيين الذين يعملون داخل الحزب الديمقراطي والذين يأملون في ان ينحى الحزب منحا يساريا. ولكن قيادة الحزب ليست، بأي تعريف مقبول، اشتراكية. فهي تدين بوجودها الى الشركات وهي رهينة مصالحها, حالها حال الجمهوريين. ان محاولات الديمقراطيين لجعل الاقتصاد أكثر عدلا لدينا هي مثل وضع ابتسامة على وجه النظام الاقتصادي الجائر. كان يتعين على الرئيس والكونغرس الاشتراكي انهاء حروبنا لتحقيق الارباح في العراق وأفغانستان وسحب جنودنا من معظم الأماكن الأخرى في العالم. أوباما لم يفعل ذلك. وكان عليهما تنشيط الحركة العمالية للأمة. أوباما لم ينفذ حتى لإصلاحات التي وعد بها. كنا قد طالبنا بتحسين الرعاية الصحية للجميع. أوباما لم يحقق هذا. الاشتراكيون لن ينقذوا البنوك والشركات الأخرى, كما فعل أوباما. بدلا من ذلك، لكنا قد اشترىناها منهم (وبسعر أرخص بكثير) ووضعناها تحت سيطرة الجماهير ومجتمعاتنا بدلا من إعادتها إلى أصحابها الأثرياء ورؤسائها التنفيذيين الذين تسببوا بالكساد في المقام الأول. ان اشتراكية الديمقراطيين هي في الواقع لا تعني سوى اتهام الجمهوريين لهم بكونهم اشتراكيين.من منظور اشتراكي، يحوز الرئيس (اوباما) على درجات واطئة جدا, حتى الآن، على أية حال. ربما في المستقبل ...سيتجه إلى اليسار. ولكنه يبدو الآن أشبه بديمقراطيي الوسط من كونه اشتراكيا" (4).

يبدو ان الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة يتناسى ان كل الإصلاحات في العالم لا يمكن لها إصلاح التناقضات الملازمة للرأسمالية والإمبريالية. فإن جميع الكلام بخصوص التقشف وجميع الاقتراحات المتفائلة نحو المسالمة والتوافقية الطبقية لا ينفي ضرورة التغيير الثوري, الذي يفضل له بالطبع ان ينحى منحا سلميا. فاستعمال العنف يعتمد اساسا على قوى الثورة المضادة وموقفها من الثورة. ان الرئيس اوباما, الذي يكيل الحزب الشيوعي المديح له ولحزبه ويعتبر حزبه, فضلا عن ذلك, احد اهم القوى المناضلة من اجل التغيير الاشتراكي في الولايات المتحدة هو نفسه الرئيس الذي أرسل مزيدا من القوات والمزيد من طائرات بدون طيار الى منطقة الشرق الاوسط, وهو الذي دعا الى ترحيل معظم المهاجرين او عدم استقبالهم في بلده واعتبار اوربا هي المكان المناسب لايوائهم، والذي ظلت ادارته ملتحفة بكامل الصمت تقريبا عندما نزل المتظاهرون السود الى الشوارع احتجاجا على السياسة العنصرية في معاملة البوليس لهم . وقد شاركت ادارته في تدمير ليبيا والعراق وسوريا. والجميع نسي بسرعة المستشفى الأفغاني الذي تعرض للقصف الامريكي مؤخرا. في عام 2008 عندما سعى المحافظون الى "إهانة" أوباما ووصفه بأنه "اشتراكي"، رفض أوباما كونه اشتراكيا، جاعلا من نفسه رأسماليا وليس اشتراكيا.

ولكن ما هو اخطر من هذا ان بيان الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة بخصوص امكانية استخدام "الديمقراطية!" والانتخابات البرلمانية كوسيلة للتحول الاشتراكي هي مقولة خاطئة نظريا وعمليا لاسباب محددة بضمنها:

اولا: ان الولايات التمحدة كفت عن ان تكون دولة ديمقراطية, حتى بالمعنى الليبرالي المتداول, واصحت دولة اوليغاركية ذات نظام بلوتوقراطي. ان الحزب الديمقراطي جزء من المؤسسة الرسمية وينطبق عليه نفس التوصيف. وحتى الريئس ال 39
للولايات المتحدة, جيمي كارتر, يعترف بنفسه ان الولايات المتحدة اصبحت دولة لا ديمقراطية--;-- دولة اوليغاركية مع ابتزاز سياسي لا حد له (5).

ونفس الشئ يقوله حبر الفاتيكان الاعظم البابا فرانسيس ان الديمقراطية في الولايات المتحدة ميتة, وان الولايات المتحدة اصبحت دولة اوليغاركية مع فساد مستقحل كالوباء. ويصف الحبر الاعظم اوباما بانه ديكتاتور (6).
.
في بيانها بخصوص خطاب اوباما الى الامة تقدم صحيفة Socialist Alternative الحقائق بدون رتوش او تزييف. "اثناء دورتي حكم اوباما , حطم بارونات وول ستريت الاقتصاد العالمي، مما استدعى إنقاذهم بأموالنا - ان هذه العصابات لم تفلت من العقاب فقط، ولكنها ايضا حصدت حصة الأسد من خلال الانتعاش الاقتصادي. أغنى 20 شخصا في الولايات المتحدة - وهي مجموعة ناس يمكن لحافلة صغيرة ان تتسع لها بكل راحة - تملك الآن أكثر ثروة من النصف الاقل ثروة احصائيا للسكان الأمريكيين, اي ما مجموعه 152 مليون شخص. هذه المليارات نفسها تمول المؤسسة السياسية المؤلفة من الحزبين الرئيسيين." (7)

تذكر Socialist Alternative بحق أن "النظام الرأسمالي العالمي هو السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية، والفقر، والتمييز، والحرب، وتدمير البيئة. بتفاقم ازمة الرأسمالية، يتطلع جيل جديد من العمال والشباب الى توحيد صفوفهم للسيطرة على اغنى 500 شركة وجعلها ملكية عامة تحت سيطرة ديمقراطية تهدف لإنهاء المنافسة العالمية للنخب الحاكمة لتحقيق الأرباح وتكريس هيمنتها على السلطة.
وتضيف Socialist Alternative "نعتقد ان الديكتاتوريات التي كانت موجودة في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية هي انحرافات عن الاشتراكية. نحن نعمل من أجل ااشتراكية ديمقراطية تمكن الناس الاعتياديين من التحكم في حياتهم اليومية."

يؤكد باحثون (8) ان هنالك خمسة مجالات تساهم في خلق الدولة البلوتوقراطية في الولايات المتحدة: الحملات السياسية والانتخابات؛ خصخصة واشنطن من خلال الاقتران بين الشركات والدولة, إضفاء الشرعية على النظام التقليدي من الحكم, نشوء دولة الأمن القومي كالفرع الرابع للحكومة، واثباط مفهوم "نحن الشعب".

1- الانتخابات
تجرى الانتخابات التمهيدية المبكرة، تلك التي يعول عليها، بين مجموعة صغيرة من أصحاب الملايين والبلايين, وبجري توزيع التقود لتمويل الحملة الانتخابية بشكل شخصي، أو من خلال شبكات معقدة من الممولين، حيث تنتهي ملايين متعددة من الدولارات في حملات المرشحين من اختيارهم. حتى الانتخابات التمهيدية المبكرة او "المسابقات" تنطوي على "التذلل السياسي" ودعوة الأغنياء والأقوياء.

منذ أن فتحت المحكمة العليا الباب على مصراعيه بالغاء الحد الاعلى للتبرعات للحملات الانتخابية في عام 2010 (9), شهدت كل انتخابات لاحقة مبالغ قياسية من الاموال المتبرع بها. فقد بلغت حملات تبرع الحملة الانتخابية الرئاسية 2012 اثنين بليون دولار, ومن المتوقع أن تصل إلى خمسة بلايين دولار في حملة اتتخابات 2016. وعلى سبيل المقارنة، وفقا لبيرتون أبرامز وراسل في دراستهم، "أثر الإذاعة على مؤشر الإنفاق للحملة السياسية"، ان مجموع ما انفقه الجمهوريون والديمقراطيون عندما فاز ايزنهاور في ولايته الثانية في عام 1953 لم يتعدى 13 مليون.

2- خصخصة الدولة (أو تحول الولايات المتحدة الى دولة من دول العالم الثالث)
في التغطية الأخيرة للضجة المثارة بخصوص استخدام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بريدها الإلكتروني للمراسلات الرسمية، يمكن ان نجد الكثير من الهمز واللمز الذي لربما له علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة. ومع ذلك، لم يشاهد شيء من هذا القبيل من قبل. الجانب الأكثر إثارة للدهشة في هذه الضجة يكمن في ما هو الأكثر وضوحا ولكن لا يتم تسليط الضوء عليه. اختارت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلري كلينتون, ومرشحة الحزب الديموقراطي للرئاسة حاليا, اقامة بريد إلكتروني خاص بها لانجاز مراسلات رسمية. اي انها اختارت خصخصة إتصالات بريدها الالكتروني. اذا حدث مثل هذا الامر في دولة صغيرة فانه بالتأكيد لن يسبب مثل هذه الضجة. ولكن حدوث الامر مع مسؤولة بالغة الاهمية وعضو في ادارة اقوى دولة في العالم يمكن اعتباره احد ألاعراض الصغيرة لشيئ يمكن أن يكون أكبر وعلى امتداد فترة طويلة من التاريخ: الخصخصة الجارية للدولة الأمريكية، أو على الأقل جزء الأمن القومي منها.

على الرغم من أن التزاوج بين الدولة والشركات الخاصة ذو تاريخ طويل، فان الاستخدام الواسع النطاق والكبير للشركات الخاصة في امور الحرب هو حدث جديد. في يوم من الأيام، مما لا شك فيه، فان الامر هذا سينظر إليه باعتباره لحظة فارقة في ما يمكن ان يحصل في هذا البلد لاحقا. لم يعد هنالك اي جهاز حربي لم يخضع بشكل واسع وكبير للخصخصة. لم يعد الجيش الامريكي يذهب الآن إلى الحرب من دون شركات الحماية الخاصة وشركات التجهيزات والتي تحصل على عقود عملها عن طريق المحسوبيات وبدون ادنى منافسة . فامور مثل الحراسة، توزيع البريد، وبناء قواعد، وحتى امور تشمل تدريب جيوش الحلفاء الأجانب او القتال تقوم بها الشركات الخاصة. وتشارك الشركات الخاصة المحاربة الآن في كل جوانب الأمن القومي، بما في ذلك التعذيب، وهجمات الطائرات بدون طيار, وكذلك جمع المعلومات الاستخبارية والتجسس, وغيرها من الكثير من الامور.

كل ما علينا القيام به هو قراءة الكتاب الأخير (10) ل James Risen المسمى Pay Any Price: Greed, Power, and Endless War بخصوص كيفية ادارة الحرب العالمية على الإرهاب في واشنطن, التي جلبت امورا آخرى معها: الفساد، والاحتيال، والتلاعب بالنظام لتحقيق أرباح من نوع الاختلاس الذي يمكن ان يحصل نموذجيا فقط في العالم الثالث. كل هذا ينذر بولادة عالم جديد، مما انعكس بطريقة صغيرة في قرار هيلاري كلينتون الشخصي باستخدامها بريدها الإلكتروني الخاص.

كما ان هنالك دلائل على ان هذا النوع من الخصخصة (والفساد المرافق لها) تحدث بلا شك في المشاريع الحكومية غير الحربية و تلك غير المتعلقة بالامن القومي (مثل خصخصة السجون التي تحتوي مجرمين عاديين).

3- تآكل شرعية الكونغرس والرئاسة
ان ثقة الأمريكيين في الفروع الثلاثة للحكومة مستمرة في الانخفاض. ففي عام 2014 تشير التقديرات الى تراجع ثقة المواطن الامريكي في المحكمة العليا, في رئاسة الجمهورية، وفي الكونغرس. وقد وصل انخفاض الثقة في مؤسسات الحكومة هذه مستوى قياسيا مقارنة بفترة ما قبل اربعة عقود.

ويبدو من الإنصاف القول أنه في السنوات الأخيرة ان الكونغرس قد شارك في عملية نزع الشرعية عن نفسه. ففي الماضي امتلك الكونغرس سلطة حقيقية لإعلان الحرب، على سبيل المثال. اما لآن فهو يناقش بطريقة متراخية إلحاجة الى رخصة منه للشروع في حرب ضد الدولة إلاسلامية في سوريا، والعراق، وربما في أماكن أخرى, علما ان هذه الحروب جارية بالفعل، واستمرار خوضها بطبيعة الحال، على ما يبدو، لن يتغير أساسا، بتخويل الكونغرس ذلك أم لا.

4. صعود دولة الأمن القومي باعتبارها الفرع الرابع من الحكومة
يتصاعد "فرع" واحد من الحكومة و بسرعة مع الحصول على التمتع بالاستقلال عن أي نوع من الرقابة, وبتميز بقدرته على تنفيذ رغباته مع عدم وجود معارضة تقريبا في واشنطن. ومع انه في حين يتم الإبلاغ عن أعراض هذه العملية بانتظام، فان تنامي نشوء الفرع الرابع الحكومة لا يحظى الا بالقليل من الاهتمام. دشنت الحرب على الإرهاب عصر دولة الأمن القومي و نموها الهائل. اي انه حاليا يوجد "وزارة دفاع" ثانية واسعة النطاق والتأثير وتدعى وزارة الأمن الداخلي، وبفعل ذلك، أصبحت هي ووزارة الدفاع الأمريكية أكثر ترسخا، وكل منهما قد احاطت نفسها بتزايد بشبكة "معقدة" من الشركات الخاصة، جماعات الضغط، والسياسيين الحلفاء.ان عسكرة الولايات المتحدة في السنوات الاخيرة تجري على قدم وساق.

وفي الوقت نفسه، فان الازدواجية يمكن العثور عليها في اجهزة الاستخبارات الاميركية بوجود 17 وكالة امنية واستخباراتية متداخلة بشكل مذهل. ان القدرة المتنامية اللازمة للمراقبة تجري على نطاق عالمي، بما في ذلك على مواطني الولايات المتحدة، ويحيل الولايات المتحدة نفسها الى اسوء دولة شمولية مقارنة حتى بشموليات القرن العشرين. أن أجزاء مختلفة من دولة الأمن القومي يمكن أن تعمل الآن على هواها بدون خوف من المسائلة في محكمة. فبزيادة غنى الاقلية فان أموال دافعي الضرائب تهاجر الى دولة الأمن القومي في بلوتوقراطية بالغة الوضوح.

تقارير جديدة تظهر ان وكالة المخابرات المركزية قصت سنوات في محاولة لكسر التشفير على أجهزة Apple iPhones and iPads. وفي الوقت نفسه، ذكرت ديفلين باريت من صحيفة وول ستريت جورنال ان وكالة المخابرات المركزية, الممنوعة من عمليات التجسس الداخلية من أي نوع، قد نسقت مع وزارة العدل لخلق مصيدة رقمية محمولة جوا على الهواتف الجوالة الأمريكية. الطائرات التي تحلق من خمس مدن في الولايات المتحدة تحمل شكلا من أشكال التكنولوجيا التي "تحاكي برج الهاتف الخلوي." تم تطوير هذه التكنولوجيا واختبارها في مناطق الحرب الأمريكية البعيدة والآن جلبت الى الولايات المتحدة كجزء من العسكرة الجارية في البلاد.

من اجل مواصلة التوسع، وإعادة التنظيم، وتطوير أجزاء من عالم الاستخبارات، على سبيل المثال، أعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق, جون برينان, عن عملية إعادة تنظيم كبرى في وكالة الاستخبارات المركزية لكسر الفاصل التقليدي بين الجواسيس والمحللين في الوكالة، في حين انه انشأ مديرية جديدة من الابتكار الرقمي مسؤولة، من بين أمور أخرى، عن الحرب الإلكترونية والتجسس الالكتروني. وفي نفس الوقت تقريبا، حسب صحيفة نيويورك تايمز، ان مركز الدراسات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب والاتصالات، برغم كونه جهازا مغمورا، منح صلاحيات جيدة هائلة تتضمن توسيع و تنسيق كل المحاولات القائمة على الرسائل لمكافحة الدعاية على الانترنت من قبل الجماعات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية, وهو دور يفوق بكثير ذلك الذي تضطلع به الإدارات الاتحادية، بما في ذلك وزارة الدفاع والأمن الوطني والمخابرات.

هذا النوع من الشيء هو السمة البارزة لعصر دولة الأمن القومي, التي نمت وتشعبت كالاخطبوط وتداخلت مع مؤسسات الدولة الاخرى، وبما يشبه المتاهة على نحو متزايد. ولكن يجب ان نضع في اعتبارنا أنه، في بنية متكتمة وبالغة السرية، فان هناك أكثر من ذلك بكثير الذي لا نعرفه. ومع ذلك، فان ما نعرفه يكفينا بان ندرك ان هنالك عملية مستمرة تنذر بولادة ولايات متحدة من نوع آخر (حتى لو كان لا أحد يهتم ويلاحظ).

5- تسريح الجمهور (Demobilisation)
في كتاب جديد (11) ل Steve Fraser يشرح فيه, انه في القرن التاسع عشر في تاريخ الولايات المتحدة، وهي فترة أخرى تميزت بالتجاوزات البلوتوقراطية وتركيز الثروة وعدم المساواة وشراء السياسيين ومحاولات كسر فعاليات الجمهور المناقضة، نزل الناس وقتها الى الشوارع بأعداد ملحوظة على مدى فترات طويلة من الزمن للاحتجاج على معاملتهم، وبقوا هناك حتى عند انقطاع التيار الكهربائي الغاشم من قبل الدولة. ولكن فريزر يستغرب اشد الاستغراب ويتسائل لماذا يصمت الجمهور في مواجهة تطورات مماثلة حاليا؟

بعد كل شيء، فالنظام الأمريكي الجديد يبدو انه مريض على كل المستويات: تزايد الفقر، تجميد الأجور، ارتفاع 1٪-;---;-- فقط الى القمة، انهيار العمل، اضافة الى عسكرة المجتمع.

بدأت عملية تسريح الجمهور بالتأكيد مع الجيش. كانت في البداية ردا على محاولة المجندين التمردية في حقبة حرب فيتنام. في عام 1973 بجرة قلم رئاسي حل جيش "المواطنة" وانيطت عملية تجنيد المجندين الجدد إلى وكالات خاصة (كنذير لخصخصة الدولة القادمة)، و بذلك ارسلت الناس الى منازلها, كي يحال دون تدخلها مرة أخرى في الشؤون العسكرية. منذ عام 2001، تحولت هذه السياسة إلى وسيلة للحياة تحت شعار "سلامة" و "أمن" الجمهور.

ثانيا, احرز زعيم الحزب الشيوعي القبرصي (اكيل) Demetris Christofias, بواسطة انتخابات برلمانية, منصب رئيس الدولة للفترة 2008-2013. وبحكم كون قبرص عضوا في السوق الاوربية المشتركة اصبح بدوره ايضا رئيسا للسوق الاوربية المشتركة لمدة سنة واحدة. ومن الواضح تماما ان فوز سكرتير الحزب الشيوعي بمنصب رئيس الدولة في قبرص او رئاسة السوق الاوربية المشتركة لم تغير قيد شعرة من طببعة النظام الرأسمالي في اوربا او في قبرص . لذا ينبغي هنا التساؤل عن مغزى نضال هذا الحزب من اجل الاشتراكية. فاذا لم يستطع الحزب تحقيق اي تغيير وزعيمه هو رئيس الدولة,فكيف يستطيع الحزب الادعاء بكونه يناضل من اجل الاشتراكية, وكيف سيحققها؟

والكلام نفسه ينطبق على رئيس جمهورية ايطاليا الحالي, الشيوعي المخضرم Giorgio Napolitano, الذي تعتبر فترة رئاسته, التي بدأت في عام 2006, اطول فترة رئاسة في ايطاليا منذ تأسيس الجمهورية الحديثة. كتب Napolitano, بالاشتراك مع المؤرخ الماركسي الكبير Eric Hobsbawm, كتاب "طريق ايطاليا الى الاشتراكية" (12). غني عن القول ان ايطاليا لم تخطو خطوة واحدة نحو الاشتراكية بوجود Napolitano في اعلى منصب في الدولة, وهذا لا يعود بتاتا الى عدم كفاءة Napolitano او قلة اخلاصه لمبادئه باي شكل.

ثالثا, ضللت الحزب الشيوعي العراقي لعبة الاتتخابات البرلمانية السمجة في العراق بعد سقوط نظام صدام في عام 2003 ولم تجلب مشاركته في العملية السياسية القائمة على "الديمقراطية التوافقية" (13) اي نفعا للحزب او الوطن, بدلالة ان الحزب لم يحقق انتصارا يذكر في العمليات الانتخابية البرلمانية. اما وضع العراق فيسير من سيِّئ الى اسوء ويشارف العراق على الانهيار,ان لم يكن قد انهار فعلا.

يبدو ان الاستنتاج الذي لا مفر منه, على ضوء المعطيات العلمية والوقائع التاريخية الواردة اعلاه, وهو استنتاج لا يسبب لي ادنى شعور بالغبطة, هو ان الانتخابات البرلمانية لا يمكن لها تحقيق التحول الاشتراكي. الوقائع مرة بالطبع ولكنها صلدة ولا مجال لانكارها. وان محاولة الاحزاب الشيوعية تحقيق الاشتراكية والديمقراطية الحقة عن طريق الانتخابات هي مسألة مفعمة بالمشاكل والتناقضات وتشكل دليلا مؤسفا على تخبط الحركة الشيوعية العالمية.
--------------
المصادر
1- Communist Party USA responds to Obama s State of the --union--
http://cpusa.org/communist-party-usa-responds-to-obama-s-state-of-the---union--/
2- https://www.facebook.com/cpusa/posts/10153755573017347?comment_id=10153755796737347&reply_comment_id=10153756076487347¬if_t=share_reply
3. Republican victory in 2016 would strengthen new “patrimonial oligarchy”
http://peoplesworld.org/republican-victory-in-2016-would-strengthen-new-patrimonial-oligarchy/
4. Is Obama a Socialist? Ask One
http://www.peaceandfreedom.org/home/articles/general/650-is-obama-a-socialist-ask-one-
5. Jimmy Carter: U.S. Is an Oligarchy With Unlimited Political Bribery
http://www.rollingstone.com/politics/videos/jimmy-carter-u-s-is-an-oligarchy-with-unlimited-political-bribery-20150731
6. Vatileaks: Pope Says US Democracy Is Dead, Obama A “Dictator”
http://yournewswire.com/vatileaks-pope-says-us-democracy-is-dead-obama-a-dictator/
7. Socialistresponse to state of the --union-- 2016
http://www.socialistalternative.org/2016/01/12/socialistresponse-state---union---2016/
8. 5 signs America is devolving into a plutocracy
http://www.salon.com/2015/03/22/5_signs_america_is_devolving_into_a_plutocracy_partner/?utm_source=facebook&utm_medium=socialflow
9. Money Grubbers
The Supreme Court kills campaign finance reform.
http://www.slate.com/articles/news_and_politics/jurisprudence/2010/01/money_grubbers.html
10. Pay Any Price: Greed, Power, and Endless War
http://www.amazon.com/Pay-Any-Price-Greed-Endless/dp/1491546530
11. The Age of Acquiescence: The Life and Death of American Resistance to Organized Wealth and Power
http://www.amazon.de/The-Age-Acquiescence-Resistance-Organized/dp/0316185434
12. The Italian Road to Socialism: An Interview By Eric Hobsbawm with Giorgio Napolitano of the Italian Communist Party
http://www.amazon.com/The-Italian-Road-Socialism-Napolitano/dp/0904526240
13. الحزب الشيوعي العراقي والديموقراطية التوافقية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=406994



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفاق الولايات المتحدة وتحُكم اللوبي السعودي فيها
- رسالة بروفسور .A.L.I المفتوحة الى السلطات السعودية
- وحشية لا تضاهى لمحتلي العراق
- حكام واشنطن و لندن هم اساتذة في علم تحطيم العقل
- اوباما يبيع بلاده الى السعودية, فضلا عن دعم ارهابها
- استخدام ال CIA لبرنامج تطعيم زائف وتأثيراته المدمرة على الصح ...
- لماذا لا تنفذ داعش هجمات في إسرائيل؟
- الكشف عن وثيقة تكذّب تماما مزاعم بوش
- سياسة الولايات المتحدة وشركائها المتعمدة في دعم الارهاب وقيا ...
- -الحرب على الارهاب!- تجسيد لفاشية الرأسمالية المعاصرة
- تبرع زوكربيرج انتصار للبلوتوقراطية على الديموقراطية
- دعم اسرائيل لداعش
- -جمعة مباركة- تجسيد لمنطق الساحر وسلطة فوكو الناعمة
- رسالة علماء المسلمين في تفنيد ايديولوجية -الدولة الاسلامية-
- الحملة الثقافية لمقاطعة وعزل اسرائيل
- تجاهل فرنسا المتعمد لاشارات التحذير قبل هجمات باريس!
- الارهاب وقمع الحريات والشمولية كلها امور ملازمة للعولمة المت ...
- رعاية الولايات المتحدة للإرهاب في العراق و-الفوضى الخلاقة-
- هل العراق بحاجة الى حظر الاحزاب الدينية ام حظر المواقع الابا ...
- الاهمية الفائقة لاستحداث منصب وزير الصحة العقلية في العراق


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال الربيعي - تخبط الحركة الشيوعية العالمية والانتخابات البرلمانية