أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الدفتر الكبير .. فن الكراهية














المزيد.....

الدفتر الكبير .. فن الكراهية


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 22:31
المحور: الادب والفن
    


صدرت مؤخرا بالعربية ترجمة رواية"الدفتر الكبير" تأليف الكاتبة الفرنسية (من أصل مجري) أجاوتا كريستوف. أتوقف عندها لأنها تثير قضية غاية في الأهمية، وأعني العلاقة بين نفسية الكاتب - إن جاز التعبير- والأدب، أورؤية الكاتب للعالم التي تتضمن ميوله النفسية. في رواية " الدفتر الكبير" سنجد أننا أمام كاتبة متمكنة من الفن الروائي بكل أدواته، وبالقدرة على عدوى القاريء بأنفاس الأحداث وحضور الشخصيات. تقدم لنا أجاوتا كريستوف صبيين صغيرين توأم تتركهما أمهما لدي الجدة في قرية مجرية نائية على الحدود مع سويسرا بعد أن شح الطعام في العاصمة بودابست وأمست المدينة تعاني من ويلات القصف اليومي في الحرب العالمية الثانية. الصبيان هما الشخصيتان الرئيسيتان في الرواية ومن خلالهما نرى العالم والشخصيات الأخرى كالجدة التي لا تنادي الولدين إلا بقولها : " يا أولاد الكلبة"، ولاتبدي أي تعاطف معهما. الولدان يدربان نفسيهما على تحمل الألم وصولا إلي جلد كل واحد منهما للآخر. ويلتقي الصبيان بضابط مريض مهووس بحب تعذيب الذات يطلب منهما أن يجلداه فيقومان بذلك من دون أية غضاضة. ويقوم الولدان على صغرهما بتدبير تفجير فرن في كنيسة يشوه وجه خادمة لم تكن تروق لهما. ثم تموت فتاة قبيحة جارة لهما، فتطلب أم الفتاة من الولدين قتلها وإضرام النار في منزلها فيقومان بالفعل بذبحها بالموسى استجابة لرغبتها ويشعلان النار في بيتها:" ذبحناها بضربة موسى ثم أضرمنا النار وعدنا للمنزل"، وعندما توشك جدة الولدين على الموت تطلب منهما أن يضعا لها السم لتموت بسرعة فيفعلان ذلك، وعندما تعود أمهما إليهما والحرب على وشك الانتهاء وتقف تتحدث معهم في الحديقة تهبط إحدى القذائف فتقتل الأم، فيدفنها الولدان في الحفرة التي أحدثتها القذيفة، وعندما تسألهما ابنة العم:"هل حدث شيء ما؟" يقولان لها:"أجل. قذيفة أحدثت حفرة في الحديقة"! كأن موت الأم التي جاءت من آخر الدنيا للقائهما لا تعني لهما شيئا أي شيء، سوى" حفرة في الحديقة". الأنكى من كل ذلك أن الولدين يقودان والدهما للموت بعد ذلك ويستخدمانه بخطة مدبرة ليتمكنا من الفرار عبر الحدود! وقد حاول البعض في قراءة الرواية تفسير ذلك كله بقسوة الحرب التي تشوه البشر. لكن هل حقا أن الحرب- والولدان في الريف بعيدان عنها- هي التي أدت لكل ذلك الشر؟ أم أنها " نفسية الكاتب" التي تستقبل العالم وتعيد إرساله بصفته شرا خالصا؟. ولو أننا استبدلنا بأزمة الحرب ( التي دفعت الأم لترك ولديها) أزمة أخرى، كأن تكون الأم قد عجزت عن إعالة ولديها، لما تبدل شيء في الرواية. فالقسوة والكراهية هنا ليست ناجمة عن ظروف الحرب ولا تربطها بها علاقة سببية قوية. للأسف هناك أدباء من هذا النوع، يعتم العمل بين أياديهم بسبب الطبيعة النفسية للكاتب. وإذا لم تكن نفسية الكاتب مشبعة بحب العالم والعطف على البشر فإن كل اقتدار أدبي يسقط في الوحل، ذلك أن الكتابة هي علاقة مع الناس، وإذا كان الكاتب يرى في الناس الشر وحده ويكتب لهم، فإن ذلك يشبه رسالة من رجل إلي امرأة يبغضها إلي حد الموت، وما من أديب عظيم إلا وكان محبا عظيما للبشر. هذا هو سر الكتابة.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد شيماء الصباغ
- وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية
- من أجل حريةالصحفيين
- يوم اللغة العربية .. هل أننا نقول ما لانفهمه ؟
- من يربح الستة عشر مليار جنيه ؟
- إدوار الخراط .. يغيب المغني وتبقى الأغنية
- حقيقة سفيتلانا ألكسيفتش وجائزة نوبل
- أشرف فياض .. إعدام شاعر
- بيت سيد درويش حظيرة ماعز !
- طه حسين .. العاشق ابن البلد
- الشرم وباريس تخويف أوروبا
- في ذكرى ميلاد والدي
- التعليم المصري يضع صفرا لتوفيق الحكيم !
- حافة ذاكرة
- ملاحظات كاتب قصة - الأدب واللغة -
- وداعا .. جمال الغيطاني
- روح الضباب - قصة قصيرة
- تعميد الوحدة الوطنية في حرب أكتوبر
- السينما زمن الطربوش
- الفارس الذي أنقذ كاريوكا !


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الدفتر الكبير .. فن الكراهية