أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - افكار في موضوع المصالح الوطنية















المزيد.....

افكار في موضوع المصالح الوطنية


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 5043 - 2016 / 1 / 13 - 21:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع ان حجر الاساس لبنية العملية السياسية في العراق وضع منذ سقوط نظام البعث عام 2003 الا ان جذورها الحقيقية تمتد الى فترة طويلة تسبق هذا التاريخ. فالأنظمة الدكتاتورية لا يمكن ان تغادر دون ان تترك بعدها ترسبات واثار تضرب في جذور المجتمع العراقي وتهدد بنيته المستقبلية.
وبالتالي فليس غريبا ان تتكون السلطة العراقية اليوم من قوى وتيارات خرجت من بطون ازمة النظام السابق. بعضها عانى من الاضطهاد والتمييز الطائفي والقومي وبعضها الاخر كان اما من تشظيات النظام الدكتاتوري السابق او من الذين وجدوا سبيلهم الى السلطة في التهويل من اخطاء وتجاوزات الفريق الاول، معتمدين الطائفية والتعصب القومي منصة انطلاق نحو كرسي الحكم.
ولم تكن التوازنات وتغيراتها بين القوى الفاعلة في السلطة والمشاركة في العملية السياسية، اساسا صالحا لبناء الدولة العراقية الحديثة التي تلبي حاجات المواطن وطموحاته. لا بل اصبحت هذه التوازنات واليات تغييرها بالطرق السلمية او القمعية هي الهدف الذي انحسر نشاط جميع القوى السياسية التي تدير دفة الحكم الى حدوده. واصبح موضوع المصالحة جزء من تلك الاليات التي يفهمها كل من الاطراف المتقاسمة للسلطة بطريقته الخاصة.
في ظل هذا الوضع القائم، تصبح اية مصالحة بمفهوم القوى والاحزاب التي تتقاسم السلطة، ليست غير اعادة ترتيب لقواعد المحاصصة الطائفية والقومية. وهي اعادة ترتيب لحين حصول تغير ما في طبيعة التوازنات السياسية للقوى المستفيدة من الشحن الطائفي والقومي.
وعليه، فما دامت التناحرات واجواء الفرقة القومية والطائفية هي الارض الخصبة التي تعيش عليها الاحزاب المؤثرة في صناعة القرار السياسي العراقي، وتستمد منها اسباب وجودها وحقها في تقاسم السلطة وخيرات الوطن، فانه ليس من المنطقي ان نتوقع نتيجة لمصالحة بين تلك الاحزاب، تفكيك لأسباب الازمة المتمثلة بالاحتقان الطائفي والاثني. لذا فان أي مضمون جاد لمشروع مصالحة وطنية يجب ان يقوم على اساس اجتماعي وطني وليس على اساس سياسي.
فمتى ما تصبح قضية المصالحة بين ابناء وطننا الواحد قضية وجود ومصير يحدد مستقبل العراق كامتداد تاريخي لحضارات صنعت ملامح الانسان العراقي ووضعت اشاراتها لآفاق مستقبله. ومتى ما يؤمن المجتمع العراقي بكل فسيفسائه ومكوناته القومية والدينية والطائفية بان وحدة النسيج الاجتماعي هي قضية وجود للوطن والمجتمع العراقي، حاضرا ومستقبلا، نكون عندئذ قد لمحنا النور في نهاية النفق وبدأنا بكتابة مشروع الامل لبقاء وازدهار العراق.
والمصالحة الوطنية التي تمهد فعلا لمشروع الامل هي مصالحة المجتمع العراقي بكل مكوناته مع نفسه، والتي تلعب الاحزاب السياسية الوطنية المتجاوزة لشعارات الفرقة الاثنية والطائفية اضافة الى منظمات المجتمع المدني دورا اساسيا في وضع منهاجها وترسيخ مفاهيمها، وليس مصالحة بين قوى وتيارات وشخصيات سياسية برزت على سطح الخلافات الدينية والطائفية والقومية واستمدت وجودها من سعة هذه الخلافات وعمق جراحها.
لا جدوى اليوم من مشاريع التهدئة والمصالحة المبهمة وغير المنهجية. ولا مصالحة واقعية دون برنامج منهجي يتعامل مع مجمل العوامل التي افرزت مظاهر الفرقة الدينية والطائفية داخل المجتمع العراقي. والتجارب العالمية المماثلة لتجربتنا، كالتجربة الروسية في تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الحالي تؤكد ان المدخل الصحيح لمعالجة جذور الاحتقان القومي والديني تكمن في دعم الدولة للمؤسسات الدينية على اختلاف انواعها ومذاهبها والاهتمام بتطوير الثقافة والتراث القومي مع اعادة بناء المنظومة القانونية والحقوقية على اساس المواطنة.
هذا من جهة، ومن الجهة الاخرى فانه يجب فصل السياسة عن الدين والمذهب والقومية وتحريم انشاء الاحزاب السياسية على اسس قومية او دينية، أو على اقل تقدير، تحريم دعوات الفرقة الدينية والمذهبية والاثنية في برامج وشعارات الاحزاب السياسية، ودعوة المحكمة الاتحادية لوضع اساس قانوني مستوحى من الدستور القائم للبت في مخالفات من هذا النوع.
التجربة الروسية، في مواجهة التعصب الديني اتجهت منذ البداية نحو التصالح مع الكنيسة الأرثوذوكسية ولم تكتفي بإعادة جميع ممتلكاتها المصادرة في زمن الحقبة الاشتراكية، بل وقدمت لها مساعدات هامة في جميع المجالات لتسحب البساط من تحت ارجل المتاجرين بالدين من ممتهني السياسة. وعندما واجهت روسيا الاتحادية خطر التطرف الاسلامي فإنها وبعد عقد كامل من تجربة فاشلة للرئيس الروسي الراحل يلتسن نجحت في تفكيك عناصر الازمة، معتمدة مبدأً اساسيا يقوم على التمييز بين التدين الاسلامي المعتدل وبين الاسلام السياسي الذي يقوم على امتطاء الدين للوصول الى السلطة الدنيوية.
فمع الالتزام بمبادئ التسامح الديني والدعم غير المحدود للمؤسسات الدينية الاسلامية ومنظومتها من دعاة وأئمة ودعمها لوجستيا في جميع المجالات التي تعينها على اداء مهامها كمؤسسات هداية ووعظ ديني، ضربت الدولة الروسية بيد من حديد كل بؤر الارهاب وشبكات انتشارها وحواضنها السياسية على كل الامتداد الجغرافي لروسيا الاتحادية وأوربا. وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يقدم دعما غير محدود للداعية الاسلامي، الرئيس الشيشاني الراحل احمد قاديروف، لاحقت القوى الضاربة لجهاز الدولة رموز الارهاب في كل مكان بهدف تصفيتهم.
لذا، ومن وحي نفس التجربة، يتعين على الاحزاب السياسة الوطنية العابرة لأفكار الفرقة القومية والطائفية ومنظمات المجتمع المدني، ان تضع في اولويات برامجها للمصالحة، مشروعا مطلبيا بإعادة جميع دور العبادة الى اهلها وهويتها التي اقيمت على اساسها منذ النظام المقبور بغض النظر عن اسباب ومسوغات التغيير في هويتها. عندها سنكون قد آمنا بان الانسان العراقي اغلى ثمنا من حجارة المعبد وتعالينا على تجاوزات واخطاء الماضي القريب، سواء تلك التي ارتكبت قبل 2003 او بعد هذا التاريخ. وعليها ايضا مطالبة الدولة ان تدير معركة وجود لا هوادة فيها ضد الارهاب وحواضنه السياسية.
ومع ايماننا بان من حق المواطن العراقي ان يعبر عن ايمانه بالدين او الطائفة التي ولد على هواها او التي تبناها، كما ان من حقه ان يناضل ضد مظاهر الفرقة والتمييز الديني او الطائفي او القومي، الا اننا يجب ان نقر بان الدولة وجميع مؤسساتها الاتحادية (المركزية) او المحلية بما فيها مؤسسات الاقليم، هي لكل المواطنين على اختلاف مشاربهم. وانها مركز وحدتنا وقاعدة تالفنا في اطار الوطن الواحد. وانها لن تكون كذلك اذا استمر تعليق الصور او المقتبسات الدينية او الطائفية او القومية الوحيدة الطرف، والتي يستفز بعضها مشاعر الطرف الاخر، على مباني وفي اروقة مؤسسات الدولة.
والمصالحة الحقة تبدأ بإزالة جميع مظاهر الفرقة والاستفزاز من الشوارع والمباني الحكومية والعامة وإعادة النظر برموز الوطن كالعَلم والنشيد الوطني والمنظومة الحقوقية التي وفقها تنظم الحياة الاجتماعية للمواطن، ووضع اليات للدفاع عن المؤسسة الدينية مع ضمان استقلاليتها عن المؤسسات الحزبية السياسية، وكذلك الدفاع عن حق كل المجموعات الاثنية في العراق في استخدام لغتها وتطوير ثقافتها وتراثها.
واخيرا بودي ان اؤكد كخاتمة لهذه الافكار التي نثرتها امامكم في ورقتي هذه على اننا امام منعطف تاريخي علينا فيه ان نكون كريمين في تسامحنا وشديدين في مواقفنا. ولكن قبل ذلك يجب ان نحدد مع من نتسامح ومع من يجب ان نكون اشداء وصارمين في مواجهاتنا ونزالنا.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم الخرافة والبديل المغامر
- قراءة لنتائج زيارة الرئيس الفرنسي الى موسكو
- خيارات الرد الروسي
- ملاحظات في السياسة الاعلامية للمثقفين الوطنيين
- فرضيات تحتاج للتحقق بشأن كارثة الطائرة الروسية
- ملاحظات على هامش ندوة -الثقافة الجديدة- بشأن دور المثقف في ا ...
- قراءة لزيارة الرئيس السوري الى روسيا
- ملابسات توقيت قرار التدخل العسكري الروسي في سوريا
- الخيارات الروسية في الحرب السورية
- قراءة في اخبار العمليات العسكرية الروسية في سوريا
- اليسار العراقي، الانغلاق في الماضي ام الانفتاح على الحاضر
- مشاريع الاصلاح وافاقه
- نحو رؤيا واقعية للتغيير
- محاور المؤامرة على الارادة الشعبية
- رسالة من بعيد لابطال يصنعون التغيير
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثالث)
- الاشتراكية وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثاني)
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الاول)
- الرقيب في -طريق الشعب-
- وجهة نظر في الازمة الاوكرانية


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - افكار في موضوع المصالح الوطنية