أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - الوجه الحقيقى لأمريكا















المزيد.....


الوجه الحقيقى لأمريكا


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 13:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


وافق الكونغرس الأمريكي على تخصيص مبلغ20.9 مليار دولار للمساعدات الخارجية خلال العام المالي 2006، وجاء ذلك بعد عدة مناقشات بين أعضاء لجنة التشاور التي شكلت من بين أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بقصد التوفيق بين صيغتي المجلسين الخاصتين بالميزانية الفيدرالية.
وقد تمت الموافقة على الإجراء عن طريق أخذ الأصوات علنيا ومن المتوقع أن يتخذ مجلسا الشيوخ والنواب، بكامل أعضائهما، قراراً بشأن هذه الصيغة النهائية للميزانية، ثم تحويلها إلى الرئيس بوش للتوقيع عليها أو رفضها.
ويخصص مشروع القانون الذي تم إقراره بالتوافق بين ممثلي الحزبين، في حال الموافقة عليه، مبلغا يقل عما طلبه الرئيس بواقع 1.9 مليار دولار، ولكنه يزيد بواقع 1,4 مليار دولار عن المبلغ الذي تم اعتماده للسنة المالية 2005.
ومن شأن ميزانية المساعدات الخارجية، في حالة الموافقة عليها، أن تضمن كامل التمويل للبرامج الاقتصادية والعسكرية التي طلبت الإدارة الأمريكية تمويلها. وقد تم طلب مساعدات عسكرية واقتصادية لإسرائيل ومصر والأردن وإندونيسيا وباكستان تم تخصيص مبلغ 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية لمصر، بالإضافة 495 مليون دولار للمساعدات الاقتصادية، وتم تخصيص 50 مليون دولار منها لبرامج الإصلاح السياسي و50 مليون دولار للإصلاح التعليمي. وفشلت محاولة من مجلس الشيوخ لإلغاء تثبيت حجم المساعدات العسكرية لمصر (يطلق عليها لفظ ربط) في تحدي بسيط مباشر لطلب البيت البيض بربط حجم هذه المساعدات العسكرية السنوية لمصر
ستزيد الميزانية الجديدة، عند إقرارها، المساعدات الاقتصادية لأفغانستان بحيث تصل إلى 430 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 205 مليون دولار عما كانت عليه في 2005. ولكنها ستمتنع عن صرف 225 مليون دولار إلى أن تشهد وزيرة الخارجية رسمياً بأن الحكومة القومية والحكومات المحلية الأفغانية تتعاون بشكل تام مع الجهود التي تمولها الولايات المتحدة لاجتثاث المخدرات وقطع خطوط نقلها.
يشتمل مشروع القانون على 791 مليون دولار لمساعدة اللاجئين إلى دول أخرى والنازحين داخل دولهم، و400 مليون دولار للمساعدات الخاصة بالكوارث والمجاعات، و1,6 مليار دولار للبرامج الخاصة بصحة الأطفال والأمهات، و1,5 ألف مليار دولار للمساعدات التنموية
وقد ألغت لجنة التشاور من مشروع القانون صيغة كان قد وافق عليها مجلس الشيوخ كان من شأنها أن تبطل سياسة حكومة بوش التي تحظر تمويل الولايات المتحدة لبرامج تنظيم الأسرة (تحديد النسل) الدولية. كذلك حظر مشروع القانون مساعدة الدول التي ترفض تسليم مرتكبي جرائم العنف إلى الولايات المتحدة.
ومن اهمم مخصصات برنامج المساعدات الأجنبية الأخرى لهذا العام:
توفير 1,78 مليار دولار لصندوق حساب تحدي الألفية، وهو مبادرة الرئيس بوش التي تشجع التغير الديمقراطي والسياسات الاقتصادية السليمة في الدول النامية من خلال الربط بين المساعدات والإصلاحات الرامية إلى محاربة الفساد وتحفيز النمو. وكانت إدارة الرئيس بوش قد طلبت اعتماد 3 مليار دولار لصندوق حساب تحدي الألفية، ويزيد المبلغ الذي تم رصده في ميزانية 2006 عما كان قد خصص في السنة المالية 2005 بـ282 مليون دولار
خصص لبرامج مكافحة مرض نقص المكافحة المكتسبة الإيدز والسل والملاريا مبلغ 2,8 مليار مليون دولار، أي بزيادة قدرها 268 مليون دولار عما طلبته الإدارة
تم تخصيص مبلغ 61 مليون دولار لمشاريع تنمية الديمقراطية
أبقى أعضاء لجنة التشاور على قرار مجلس النواب برفض طلب الحكومة مبلغ 459 مليون دولار لمشاريع إعادة التعمير في العراق، مشيرين إلى مبلغ الـ3,5 مليار دولار المتبقية التي لم يتم إنفاقها حتى الآن من المبلغ الذي كان قد خصص لإعادة البناء في 2003
تضمن مشروع القانون الذي تم الاتفاق عليه تمويلاً لبرامج لمكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات، بما في ذلك 410,1 مليون دولار لبرامج الحد من انتشار الأسلحة النووية ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام الأرضية وبرامج أخرى متصلة بها، و477 مليون دولار لمكافحة المخدرات الدولية، و734 مليون دولار لمبادرة مكافحة المخدرات الخاصة بمنطقة الأنديز في أمريكا الجنوبية

الشيوخ الديمقراطيون يستعرضون عضلاتهم ويغلقون المجلس
في مناورة برلمانية فريدة، قامت المعارضة الديمقراطية الثلاثاء الماضية بعرض قوة في مجلس الشيوخ الأمريكي لإعادة العراق إلى صلب الجدل السياسي عبر المطالبة بنقاش نادر جرى في جلسة مغلقة حول احتمال حصول "تلاعب" من قبل استخبارات إدارة الرئيس جورج بوش، أثار زعيم الديمقراطيين هاري ريد (ولاية نيفادا) مفاجأة بعدما أمر فجأة أن يواصل مجلس الشيوخ نقاشاته في جلسة مغلقة في أجراء استثنائي مخصص للنقاشات المتعلقة بالأمن القومي
وهدفت مناورة الديمقراطيين إلى بقاء الجدل واستغلال المعارضة للحرب في العراق التي يقل التأييد الشعبي لها مع مرور الوقت بعدما أوقعت أكثر من ألفي قتيل ويترافق مع تشكيك في صحة شنها اثر كشف قضية بليم-ويلسون التي أدت إلى توجيه التهم إلى ليبي
وقال زعيم المعارضة هاري ريد إن الأمريكيين "يستحقون تحقيقا كاملا وموجبا حول الطريقة التي قادت فيها إدارة بوش هذا البلد إلى الحرب، يجب الحصول على ردود على أسئلة أساسية لاسيما حول الطريقة التي شكلت فيها ملفها من اجل الحرب في العراق"
وتساءل ريد "كيف تلاعب مسئولون كبار في إدارة بوش أو فبركوا المعلومات التي عرضت على الكونغرس أو الشعب الأمريكي؟
وحسب ريد فان الغالبية الجمهورية أخلت بمسئولياتها عبر عدم القيام بتحقيق برلماني حول احتمال حصول تلاعب في المعلومات من قبل إدارة بوش
وبعد ساعتين من النقاشات في جلسة مغلقة وافق الجمهوريون على تشكيل لجنة تضم الطرفين تكلف بتقديم تقرير بحلول 14 نوفمبر حول الطريقة الأفضل للقيام بتحقيق.
وأعرب ريد عن ارتياحه لان عرض القوة الذي قام به الديمقراطيون أسفر عن نتائج. وقال "في 14 نوفمبر سيكون لدينا فكرة عن الطريقة التي سيجرون بها هذا التحقيق
وما مارسه السيناتور ما هو إلا تطبيق للمادة 21 من قواعد إجرائية تضبط عمل المجلس. وكانت هذه المرة الأولى التي يمارس فيها أحد الحزبين منذ 25 عاما، بدون استشارة الحزب الأخير .. هذا ما جاء بالضبط فى تقرير الواشنطن الصادر هذا الاسبوع .


وبخصوص الوضع المصرى تشير أوراق حزب التجمع على استمر الحكم فى مصر فى اتباع سياسة العلاقات الخاصة بين مصر وأمريكا التى بدأت فى السبعينات وتعمقت فى الثمانينات والتسعينات وحتى اليوم رغم تناقض المصالح المصرية ودورها فى المحيط العربى مع هذه العلاقات .
وقد سعت الإدارة المصرية جاهدة فى السنوات الخمس الماضية لتوثيق هذه العلاقات التى قامت على المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر ، والدور المصرى فى تسويق التسوية السياسية للصراع العربى الإسرائيلى ، ومساندة السياسة الأمريكية وتوفير مظلة لها فى بعض المحطات الأساسية لهذه السياسة , ولم تستفد مصر من هذه المعونات .
وكما تقول هيئة المعونة الأمريكية فى تقريرها عن نشاطها خلال 25 عاما (1975-2000) .. "بدأت الشراكة مع مصر عام 1975 . وبعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح المصرية الإسرائيلية عام 1979 ، وافق الكونجرس الأمريكى على زيادة المساعدات الاقتصادية لمصر ، وظلت مصر تتلقى حتى 1999 ( 815 ) مليون دولار سنويا . وهو أكبر برنامج للمساعدات تقدمه الهيئة فى العالم ، ويهدف إلى تدعيم الاستقرار والديمقراطية والرخاء فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط ".
وطبقا لنفس المصدر فقد وصلت المعونات الاقتصادية المصرية خلال ربع قرن إلى 7ر22 مليار دولار ، إتجهت فى السبعينات لتطهير قناة السويس وإعادتها للملاحة البحرية ، والمساعدة فى توفير البنية الأساسية فى مجالات الطاقة والمياه والاتصالات وبناء صوامع الغلال . وخصصت فى الثمانينات لتحسين مستوى حياة المصريين وخاصة فى المناطق الريفية ، وللزراعة والصحة والتعليم ودعم الجهود المصرية للاصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى ، وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر فى كافة المجالات الاقتصادية ، وتحقيق الخصخصة ودخول إقتصاد السوق ، وزيادة العمالة والتوظف عن طريق تقديم القروض للمشروعات الصغيرة . وأعطت فى التسعينات التفاتا أكثر للجهود الحكومية للإسراع بالتنمية الاقتصادية ، وبيع وتصفية القطاع العام وزيادة الصادرات ، وكفاءة استخدام المياه ، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتخفيض التلوث ودعم المنظمات غير الحكومية لتلعب دورا أكثر فعالية فى النشاط التنموى.
وتوزعت هذه المعونات ـ طبقا لهيئة المعونة الأمريكية ـ على النحو التالى .. (3ر5) مليار دولار لدعم البنية الطبيعية ( المياه ـ الطاقة ـ الاتصالات ..) و5ر4 مليار دولار للخدمات الأساسية ( الصحة ـ تنظيم الأسرة ـ التعليم ـ الزراعة .) و2ر6 مليار دولار واردات مستلزمات الانتاج، و8ر2 مليار لتنفيذ سياسات التكيف الهيكلى والاصلاح المالى والاقتصادى ، 9ر3 مليار مساعدات غذائية ( واردات الحبوب حتى عام 1990).
وإلى جانب هذه المعونات الاقتصادية تلقت مصر 3ر1 مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية.
ولم تلعب هذه المساعدات أى دورا مؤثرا فى تحقيق التنمية ، وكان هناك حرص على أن لاتتجه هذه المعونة للتصنيع . وأدت السياسات الاقتصادية والاجتماعية التى فرضتها هذه المساعدات الى تراجع التنمية والعجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات ، وانخفاض قيمة الجنيه المصرى ، والفشل فى سياسة التصدير والرهان على الاستثمارات الأجنبية ، وزيادة الفقر والبطالة ، وانخفاض مستوى معيشة الطبقات الشعبية والفئات الوسطى ، والتراجع المستمر للهامش الديمقراطى الذى كان متاحا فى نهاية السبعينات وبداية الثمانينات .
ولم تزد المساعدات النقدية المباشرة خلال هذه الفترة عن مليار و815 مليون دولار ، بينما خصصت باقى المساعدات (21 مليار و185 مليون دولار ) للاستيراد من الولايات المتحدة ، مع الأخذ فى الاعتبار إرتفاع أسعار البضائع الأمريكية وكذلك تكاليف النقل والتأمين مقارنة بأوربا واليابان . وتم إستهلاك مابين 25% و40% من القيمة الأساسية للمشروعات المنفذة مكافآت لبيوت خبرة أمريكية فرضتها هيئة المعونة الأمريكية . وتم استخدام جانب مهم من المساعدات لتمويل إستيراد فائض الحبوب الأمريكية . وتقدر مصادر رسمية مصرية أن 70% من هذه المعونات تعود للولايات المتحدة مرة ثانية . وتستهلك الرشاوى وعمليات الافساد نسبة عالية من مخصصات المعونة طبقا لصحيفة الهيرالدتريبيون . ولعبت هذه المعونة ومافرضته من سياسات دورا أساسيا فى توريط مصر فى ديون خارجية وصلت إلى 62 مليار دولار عام 1989 ( قبل حرب الخليج الثانية ) حسب تقدير د.رمزى زكى رحمه الله . كما فتحت الباب أمام تدفق السلع الأمريكية لمصر ، وتحقيق فائضا تجاريا متراكم لصالح الولايات المتحدة وصل الى نحو 8ر44 مليار دولار خلال الفترة من 1974 وحتى 1988.
وكان واضحا أن الإدارة الأمريكية تعمل على وضع الاقتصاد المصرى فى حالة إحتياح دائم لمعونتها وقروضها وتحرص على عدم تخليص الاقتصاد المصرى من أزماته ، لكى تضمن إستجابة القاهرة للسياسات الأمريكية.
ووقعت مصر لاستخدام هذه المساعدات سلسلة من الاتفاقات تنتهك السيادة المصرية ، من أشهرها اتفاقية القرض الأمريكى لبيع القمح(7 يونية 1984) وإتفاقية قرض بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى مع مصر للطيران . ومن شروط هذه الاتفاقيات خفض الدعم الحكومى للذرة واللحوم ورفع الدعم عن الأسمدة والكيماويات (!)، وعرض ميزانية مصر للطيران على البنك الأمريكى ( أى ممارسة البنك حق التفتيش والرقابة ) ، وإخضاع الاتفاقية لولاية القضاء الأمريكى . وفى يونية 1986 صدق مجلس الشعب المصرى على إتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين جمهورية مصر والولايات المتحدة الأمريكية ، ومن أغرب بنودها التزام الحكومة المصرية بدفع تعويضات للولايات المتحدة فى حالة وقوع عدوان على مصر ـ من إسرائيل مثلا ـ يضر بالاستثمارات الأمريكية فى مصر، وإعطاء الولايات المتحدة حق التدخل العسكرى إذا فكرت مصر فى تعديل أى اتفاقات مع شركات أمريكية ، ونزع الولاية القضائية المصرية عن الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
وربطت الحكومة الأمريكية بين استمرار المعونات ، والدور المصرى فى تحقيق تسوية سياسية للصراع العربى الاسرائيلى ، وقدرتها على تشجيع الأطراف العربية ( فلسطين وسوريا ) والضغط عليها للقبول بشروط التسوية الإسرائيلية ، ووجود تعاون مصرى اقوى مع إسرائيل ، والاسراع بخطوات التطبيع العلنى بين القاهرة وتل أبيب.
وتتراجع قيمة المساعدات المدنية عاما بعد آخر . فإتجاه الولايات المتحدة لتخفيض مساعدتها الخارجية عامة أدى إلى اتفاق الإدارة الأمريكية والحكومة المصرية على تخفيض المعونات المدنية خلال عشر سنوات (من عام 1999 وحتى عام 2008) على ثلاث مراحل . وإمتدت المرحلة الأولى من عام 1999 وحتى عام 2002 حيث تم تخفيض المعونة الاقتصادية من 815 مليون دولار إلى 652 مليون بنسبة 5% سنويا . وقد حاولت مصر تحويل 50% من المبلغ الذى سيتم تخفيضه من المعونة الاقتصادية الى المساعدات العسكرية اسوة بما حدث مع إسرائيل حيث تزيد المعونة العسكرية المخصصة لها من 8ر1 مليار دولار سنويا إلى 4ر2 مليار دولار عام 2010 ، لكن الإدارة الأمريكية رفضت هذا الطلب المصرى .
أما المساعدات العسكرية والتى لعبت دورا فى توفير السلاح لقواتنا المسلحة ، بعد القطيعة مع الاتحاد السوفيتى المصدر الأساسى لتزويد مصر بالسلام منذ عام 1955 وحتى حرب أكتوبر 1973 نتيجة لتغيير السياسة الخارجية لمصر ، فقد أدت إلى تخلى الحكم عن شعار " تنويع مصادر السلاح " وأعلن وليام كوهين وزير الدفاع الأمريكى فى مارس 1999 أن صفقات السلاح الأمريكية " تأتى فى إطار إتفاقيتى كامب ديفيد وإتفاق الصلح بين القاهرة وتل أبيب ، وأنها جزء من الاتفاق مع مصر على استبدال الأسلحة المصنوعة فى روسيا باسلحة أمريكية " . وكان واضحا أن السلاح الأمريكى لمصر مشروط بهدف أمريكى استراتيجى أهم ، وهو إستمرار التفوق العسكرى الإسرائيلى . فالولايات المتحدة تحرص دائما على تمتع إسرائيل بتفوق مطلق على الدول العربية مجتمعة ، سواء فى مجال نظم الأسلحة التقليدية " أو فى مجال السلاح فوق التقليدى ( الكيماوى والبيولوجى ) ، أو فى مجال استخدام الفضاء الخارجى لتحقيق أهداف عسكرية ( الصواريخ الباليستية) إضافة لاحتكارها للسلاح النووى فى المنطقة ، كما يقول اللواء د.أحمد عبد الحليم . وقد أعلن صمويل بيرجر مستشار الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون " أن حماية أمن إسرائيل مثل حماية أمن الولايات المتحدة" . وترفض الإدارة الأمريكية فى عهودها المختلفة فكرة تحقيق توازن عسكرى بين مصر وإسرائيل . يقول وزير الدفاع الأمريكى " إن توازن القوى ضرورى فى حالة الصراع ، وفى حالة وجود احتمال لنشوب صراع . ولكن مصر فى حالة سلام مع إسرائيل "! الغريب أن هذا الموقف لم يتأثر بالعلاقات الخاصة بين مصر وأمريكا والتى ترتقى إلى التحالف ، بدءا بمناورات " النجم الساطع " و" رياح الصحراء" وصولا إلى توقيع مذكرة التفاهم بين وزيرى الدفاع المصرى والأمريكى 4 أبريل 1988 ومنح مصر وضع " الدولة الحليفة لأمريكا العضو فى حلف الأطلنطى " وتعهد مصر فى هذه المذكرة بمنح مزيد من التسهيلات والامتيازات العسكرية ، وحظر منح تسهيلات عسكرية تتجاوزها لأطراف عسكرية تتبع دولا أخرى إلا بموافقة مشتركة من الولايات المتحدة ومصر ، وعدم القيام بأى أعمال تناقض إتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية أو خرق ملاحقها العسكرية ، وعدم بيع أو إقراض ماتحصل عليه من أسلحة لأى دولة تدخل فى صراع مباشر مع الولايات المتحدة ، أو تتواجد جغرافيا فى مناطق النزاعات خاصة فى الشرق الأوسط .
وقد إستغلت الولايات المتحدة هذه المساعدات والعلاقات الخاصة " الاستراتيجية " بين البلدين للتأثير فى القرار السياسى المصرى .
واثناء مناورات النجم الساطع عام 1999- والتى تجرى كل عامين فى الصحراء المصرية منذ عام 1981 لتدريب القوات الأمريكية على حرب الصحراء والتى طبقت فى الغزو الأمريكى للعراق هذا العام ـ قال نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية أن " المناورات تهدف إلى تعزيز التحالف العسكرى المتميز بين مصر والولايات المتحدة " وقال وزير الدفاع الأمريكى فى ذلك الوقت " وليام كوهين" .. " إن هذه المناورات تحذير لبغداد وتشكل جزءا من سياسة الاحتواء العسكرى .. وعلى ذلك البلد أن يأخذ مناورات النجم الساطع التى تجرى فى صحراء مصر الغربية بمشاركة 11 دولة فى الاعتبار . إننى أنظر إليها باعتبارها أكثر من مناورة لأن مارأيناه اليوم كان إعلانا قويا من جملة الدول التى تضم الولايات المتحدة ومصر والأردن والكويت والإمارات المتحدة أن تحالفها يزداد قوة .. ولمناورات النجم الساطع 99 هدفا آخر ، وهو احياء سياسة الاحتواء لايران " . وأكد وزير الدفاع البريطانى أن هدف المناورات هو التدريب على تنفيذ استراتيجية حلف الأطلنطى الجديد فى التوسع جنوبا.
وقد ألغت الولايات المتحدة مناورات النجم الساطع والتى كانت مقررة فى شهر سبتمبر الماضى (2003) بمقولة وجود أسباب فنية وانشغال قواتها المسلحة فى أفغانستان والعراق. بينما يرى المراقبون أن إدارة الرئيس بوش لم تعد فى حاجة لهذه المناورات التى استخدمت لتدريب القوات الامريكية على حرب الصحراء وتمهيدا لغزو العراق وهو ما حدث بالفعل . وكذلك للضغط على الادارة المصرية التى شعرت بالقلق من هذا الالغاء!.
وفىمحاولة مصرية لتوثيق هذه العلاقات بدأت ماسمى بالحوار الاستراتيجى بين وزيرى خارجية مصر والولايات المتحدة فى واشنطون (9يوليو 1998) ثم فى القاهرة فى ديسمبر 1998، ثم فى واشنطون فى فبراير 1999 . وخلال الزيارات السنوية للرئيس مبارك للولايات المتحدة (1999 ، 2000،2001، 2002) ، وزيارات متتالية لوفود مصرية اقتصادية وسياسية مثل زيارة د.يوسف بطرس غالى فى 28 سبتمبر 2001 ، وزيارة مدحت حسانين لواشنطون فى نفس التاريخ ، ثم زيارة فايزة أبو النجا ، ووصول الفريق حمدى وهيبه رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى أكتوبر 2002 لحضور اجتماعات لجان التعاون والتنسيق العسكرى المشترك ، واجتماع مجلس الأعمال المصرى الأمريكى فى واشنطون ( أكتوبر 2002) ثم فى القاهرة من 19 إلى 22 يناير 2003 – وصولا إلى زيارة وفد رفيع المستوى من د.يوسف بطرس غالى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وجمال مبارك أمين عام لجنة السياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى واسامة الباز مستشار الرئيس للشئون السياسية وجلال الزربا رئيس الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى ود.عبد المنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وآخرون ، والذى استمر لمدة 10 ايام اعتبارا من 27 يناير 2003 ، ثم الوفد رفيع المستوى ايضا وعلى رأسه جمال مبارك واسامة الباز ويوسف بطرس غالى خلال شهر يونيه الماضى .. فقد تركزت المطالب الاقتصادية المصرية فيما يلى :
الحصول على مزايا تفضيلية للسلع المصرية فى السوق الأمريكية.
زيادة حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
نقل المعرفة على المستوى التكنولوجى.
اعلان إقامة منطقة التجارة الحرة بين البلدين
وأعاد د.بطرس غالى – عشية زيارة الرئيس للولايات المتحدة فى مارس 2000 _ هذه المطالب ، وقال عن الوجود على خريطة الاستثمارات الأمريكية " فمصر على طرف الخريطة إن لم تكن ليست على الخريطة اصلا ، ولذلك فنحن نريد أن نكون فى وسط هذه الخريطة ، ووجود مصرى فى السوق الأمريكية بمعنى زيادة الصادرات المصرية للسوق الأمريكية ، وبدء مناقشة إقامة منطقة للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة ، واستيراد التكنولوجيا من الولايات المتحدة" .
وخلال زيارة الوفد " رفيع المستوى " فى يناير – فبراير 2003 طرحت هذه القضايا جميعا ، وأضيف اليها طبقا لتصريح فايزة ابو النجا وزير الدولة للشئون الخارجية " سبل تحقيق الاستفادة القصوى من برامج المساعدات .. فهناك إمكانية هائلة لتحسين هذه البرامج ، خاصة أن جزءا كبيرا منها لايتم توجيهها بالشكل الكافى لإحداث النتائج المنشودة منها .. " نسبة كبيرة من التمويل الذى تتيحه برامج المساعدات الأمريكية لمصر يذهب إلى الخبراء والمستشارين الأمريكيين المشرفين على تنفيذ هذه البرامج ، وذلك فى الوقت الذى يسعى فيه الجانبان المصرى والأمريكى الى ضرورة أن يشعر المواطن المصرى بأنه يتلقى مساعدات حقيقية من الولايات المتحدة الأمريكية " .. وطلب مساعدات اضافية تعويضا عن خسائر الاقتصاد المصرى الناتجة عن الضربة العسكرية ـ المتوقعة ـ للعراق والتى قدرتها الحكومة المصرية بما يتراوح بين 6 مليار دولار و8 مليار دولار.
ولم تستجب الإدارة الأمريكية طوال هذه السنوات لأى من المطالب المصرية . وكانت تتقدم فى كل مرة بمطالب جديدة من الحكومة المصرية من بينها فتح أسواق الاستثمار فى مصر فى كل المجالات بما فى ذلك مجالات التصنيع العسكرى أمام كل الراغبين فى الاستثمار بما فى ذلك إسرائيل وخصخصت الشركات والمؤسسات العامة المتبقية بما فى ذلك البنوك ، وضرورة وجود تعاون مصرى اسرائيلى أقوى فى جميع المجالات ، واصدار عديد من التشريعات أو تعديل تشريعات قائمة مثل قانون حماية الملكية الفكرية وقانون مكافحة غسيل الأموال وقانون العمل وقانون جديد للاستثمار والتأكد من التزام مصر بقوانين واتفاقات منظمة التجارة العالمية بما يتعلق بالجمارك وإجراء تخفيضات فى الضريبة الجمركية ، وتخفيض فى قيمة الجنيه المصرى امام الدولار وترك تحديد السعر للسوق النقدية الحرة . ورغم استجابت مصر لهذه المطالب وبصورة أضرت بالاقتصاد المصرى ، فمازال موقف الرفض الأمريكى للمطالب المصرية ثابتا لايتغير .
وأخيرا وقعت الحكومة المصرية على اتفاقية مع الحكومة الأمريكية لضمان عدم محاكمة العسكريين أو المدنيين الأمريكيين أمام المحكمة الجنائية الدولية على ارتكابهم لجرائم الحرب أو جرائم ضد الانسانيه .



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت مع الزعيم خالد محى الدين
- إلى أهالى قطور : تعالوا نقاوم الفساد والجوع والفقر والمرض
- أسرار التوتر العمالى الخطير على الحدود المصرية السودانية
- تحالف اليسارالمصرى من أجل العدل والحرية والتقدم
- برنامج إنقاذ مصر
- مشاهد من علاقتى مع صاحبة الجلالة
- يا رئيس إمبارح .. ورئيس دلوقتى
- يا بلدنا لا تنامى
- العدد الثانى لنشرة حزب التجمع حول الانتخابات الرئاسية فى مصر
- العدد الاول لنشرة حزب التجمع حول الانتخابات الرئاسية فى مصر
- لماذا قاطع حزب التجمع إنتخابات الرئاسة فى مصر ؟؟
- معلومات جديدة وخطيرة عن د. سيد القمنى وتنظيم القاعدة
- أكبر خسارة سياسية للطبقة العاملة المصرية
- عايزين قانون أطول من أحمد نظيف و أجمل من هيفاء وهبى
- إكتب على كل الكراريس ... شعب مصر ضد التوريث
- د. رفعت السعيد: الحكم يدوس بأقدامه على مصالح الشعب المصرى
- أمريكا تخترق التنظيم النقابى المصرى وتبحث عن نقابات عميلة
- كونداليزا رايس .. هل تتزوجينى ؟؟
- الكفتجية
- حركةالإستمرار من أجل الإنهيار !!


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - الوجه الحقيقى لأمريكا