أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بير رستم - فكرة التوحيد .. وبذور الإستبداد!!















المزيد.....

فكرة التوحيد .. وبذور الإستبداد!!


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 5043 - 2016 / 1 / 13 - 15:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تمهيد وإستهلال:
للتأكيد على مسألة "الإستفراد" والوحدانية في إدارة شؤون الكون، فقد لجأ (الرب) إلى لعن الآخر؛ الإبليس وطرده من الجنة وذلك بحسب الرواية الإسلامية، لكن وعلى الرغم من عملية "اللعن" تلك، فلم يكتب النجاح للفكرة والمشروع بطريقة كاملة حيث صحيح تم طرده من الجنة، لكن (الرب) لم يقدر أن يطرده من معادلة الوجود والحياة بحيث بقي الإبليس شريكاً معه ولو من العالم السفلي، كما في الأساطير السومرية والبابلية مع آلهة العالم السفلي و"تيامات".. وبالمناسبة فإن قضية الوحدانية لا تتوقف على الأديان الثلاث (السماوية)، بل هناك من سبقهم إلى التوحيد ومنها الآتونية في مصر الفرعونية.. فمن هو آتون وما هي الآتونية؟!!

تقول الموسوعة الحرة بخصوص الآتونية وفرعونها (إلهها) آتون أو إخناتون ما يلي: "أخناتون (أيضًا تَهَجَّى إخناتون؛ ويعني "الروح الحية لآتون") عرف أيضًا قبل العام الخامس من ملكه بـ أمنمحتب الرابع. كان فرعون من الأسرة الثامنة عشرة حكم مصر لمدة 17 عاماً وتوفي ربمَّا في 1336 ق.م أو 1334 ق.م. يُشتهر بتخليه عن تعدد الآلهة المصرية التقليدية وإدخال عبادة جديدة تركزت على آتون، التي توصف أحيانًا بأنها ديانة توحيدية أو هينوثية. تًمثل نقوش مبكرة آتون بالشمس، بِالمُقارَنَةِ مَع النجوم، ولاحقًا جنبت اللغة الرسمية تسمية آتون بالإله، مُعطية إياه الإِلَوهِيَّة الشمسية مكانة أعلى من مجرد كونه إله". وهكذا يعتبر هذا "الإصلاحي والمتجدد" في الفكر الديني لدى الفراعنة أحد أبرز وأول من دعى إلى مسألة التوحيد، ليأتي من بعده كل من البوذية والزرادشتية واليهودية وبفترات متقاربة تسمى بعصر الديانات الكبرى وذلك قبل الميلاد بستمائة عام، لتدعو جميعها إلى (وحدانية الخالق)، بدل مجمع الآلهة والذي كان معروفاً في الديانات التي سبقت تلك المرحلة التاريخية حيث كان هناك مجمع آلهة السماء أو الخير بقيادة آنو؛ إله السماء يقابلهم مجمع آخر لآلهة العالم السفلي أو "آلهة الشر" وبقيادة تيامات وكنجو؛ رئيس عسكرها وجيشها ضد القوى الخيّرة.

هذه الفكرة أو المبدأ الوجودي في الحياة أخذ بها، ومن بعد ذلك، عدد من المصلحين الإجتماعيين (الأنبياء والرسل) حيث أنتقلت البشرية معها من مرحلة الأسطرة _من الأسطورة_ إلى الفكر اللاهوتي الغيبي لتكرس مسألة (وحدانية الرب) كأهم قاعدة جوهرية للعقيدة الدينية أو الركن الأول في العقيدة الإسلامية وقد جاءت سورة الإخلاص للتأكيد على المبدأ حيث تقول الآيات: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ). وهكذا ومع دخول محمد لمكة وتحطيم ما كان من آلهة وأصنام في الكعبة فقد أندحرت التعددية الربوبية لصالح الوحدانية الإلهية، لكن وعوداً على بدأ؛ هل فعلاً قدر الرب على دحر الآخر وشريكه في إدارة شؤون الكون بحيث أن لا يكون للإبليس أي وجود ومكانة .. أعتقد أن الإجابة على السؤال السابق، تكمن في الفكرة أساساً والتي تقوم عليها العقيدة التوحيدية حيث قضية وجود الإبليس ومحاربته؛ هي الأساس في قضية وحدانية الوجود وبالتالي فلولا وجود الإبليس _كشريك للرب_ لما كان للتوحيد معنى ومغزى وقد لخص الأديب المصري؛ توفيق الحكيم تلك الفكرة في إحدى قصصه الرائعة.

حيث يقول الحكيم في مجموعته؛ "أرني الله" وهي إحدى المجموعات القصصية للمفكر والأديب المصري الراحل، وقد جعل من "إبليس" بطلاً للقصة الثانية من هذه المجموعة واختار لهذه القصة اسم الشهيد حيث تروي القصة – بإيجاز وببعض التصرف – أن بطلها "إبليس" أبصر الحق ذات يوم وعاد إلى الصواب وهجر الإصرار والعناد وعاف مائدة الشر وتاق إلى مائدة الخير؛ وبما أن ذلك حصل في فترة أعياد الميلاد، فقد توجه إلى بابا الفاتيكان طالبًا التوبة ومستجديًا قبوله في عداد المؤمنين من المسيحيين. اهتز البابا في عرشه لنبرة إبليس الحارة الصادقة ووقع في حيرة من أمره وارتعد للفكرة: إذا آمن إبليس ففيم إذن بعد اليوم مجد الكنيسة وما مصير الفاتيكان ومتاحفه وتحفه ومخلفاته الدينية الكبرى وماذا عن غواية حواء ويوم الحساب الأخير والخروج من الفردوس وتعميد المسيح؟ إن إبليس هو محور الكتاب المقدس بعهديه "القديم والجديد" فكيف يُمحى من الوجود إبليس دون أن تُمحى كل تلك الصور والأساطير والمعاني والمغازي التي تعمر قلوب المؤمنين وتفجر خيالهم؟ ما معنى يوم الحساب إذا مُحي الشر من الأرض؟ وهل يحاسب أتباع الشيطان الذين تبعوه قبل إيمانه، أم تُمحى سيئاتهم ما دامت توبة إبليس قد قُبلت؟ ثم ما مصير العالم وقد خلا من الشر؟".

وهكذا تستكمل القصة الفلسفية لتقول لنا "إن الأمر خطير... وليس من حق البابا أن يفصل به لأن تحطيم الشر وفصله من الدنيا سيحدثان انفجارًا لن يدرك الذهن له مدى! بوصوله إلى هذه النتيجة، التفت البابا إلى إبليس قائلاً: إصغ إلي يا... لست أدري بم أناديك؟ أرأيت؟... حتى اسمك بعد توبتك سيثير إشكالاً!... إن الكنيسة ترفض طلبك... إذهب إذا شئت إلى دين آخر". وتستكمل الحكاية المأساة وقد "خرج الشيطان خائبًا... لكنه لم يفقد الأمل... إن أبواب الله كثيرة... فيمم وجهه شطر حاخام اليهود الذي استمع طويلاً إلى أمنيته ورغبته الصادقة في التوبة وبأن يغدو يهوديًا مؤمنًا، ثم تأمل بما قاله مليًا: إذا عفا الله عن إبليس ومُحي الشر ففيم إذن التمييز بين شعب وشعب؟ لن يكون بعد اليوم مبررٌ لاختيار بني إسرائيل كشعب الله المختار... إيمان إبليس سيدكُّ صرح التفوق اليهودي ومجد بني إسرائيل... وزوال الجشع وموت الطمع سينهي سيطرتهم المالية القائمة منذ أجيال بذهاب الشر عن النفوس... وكان أن رد الحاخام على طلبه بالقول: ليس من عادتنا التبشير والاهتمام بأن يدخل في ديننا الغير... حتى لو كان إبليس!" و"للمرة الثانية، خرج إبليس من عنده مطرودًا مرذولاً، لكنه لم يقنط، فما زال أمامه دين الإسلام، فاتجه من فوره إلى شيخ الأزهر الذي استمع إلى رغبته الصادقة في أن يُسلم ويَحسُنَ إسلامه ويكون نعم القدوة للمهتدين!".

وأخيراً "تفكر شيخ الأزهر في العواقب: لو أسلم الشيطان، فكيف يتلى القرآن؟... هل يمضي الناس في قولهم "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"؟... لو تقرر غير ذلك لاستتبع الأمر إلغاء أكثر آيات القرآن..! كيف يستطيع شيخ الأزهر أن يقبل إسلام الشيطان دون أن يمس بذلك كيان الإسلام كله؟ بعد كل هذا التفكر، رفع رأسه ونظر إلى إبليس قائلاً: لقد جئتني في أمر لا قبل لي به وهو فوق سلطتي... نيَّتك طيبة ولا ريب!... لكن اختصاصي هو إعلاء كلمة الإسلام والمحافظة على مجد الأزهر... لكن ليس من اختصاصي أن أضع يدي في يدك". لـ"يخرج إبليس من عنده هذه المرة واليأس يملأ قلبه، ومن شدة قنوطه تجرأ وصعد إلى الأعالي ودق أبواب السماء بقوة وعنف فظهر له الملاك جبريل وسأله عما يريد فردَّ بأنه عازم على التوبة والإيمان وسأل إن كان قد جاء متأخرًا، فأجابه الملاك: بل جئت قبل الأوان! إذ ليس لك الآن أن تغير النظام الموضوع وليس للرحمة والمغفرة أن تمسَّا نظام الخليقة... لا معنى للفضيلة بغير وجود الرذيلة... ولا للحق بغير الباطل... ولا للأبيض بغير الأسود... ولا للخير بغير الشر... إن الناس لا يرون نور الله إلا من خلال ظلامك... يجب أن تظل ملعونًا إلى آخر الزمان... إذا زالت اللعنة عنك زال كل شيء".. وأخيراً يختم الحكيم قصته بترداد إبليس لصرخته الداوية والدامية: "إني شهيد... إني شهيد". (نقلاً عن الموسوعة الحرة ويكيبيديا).

إذاً؛ لا أديان ولا توحيد ولا إله وربوبية وأحكام وشرائع وقرآن ويوم الحساب والعقاب .. من دون ذاك (الملعون) المطرود من "رحمة الرب"؛ حيث وجوده شرط وجودي لوجود (الرب و الخالق) نفسه وبالتالي فالمعادلة غير قابلة للفكاك وحذف أحد الأقطاب؛ كونه الشرط الوجودي للقطب الآخر .. لكن لما كانت قضية التوحيد والوحدانية إذاً وهي غير قادرة على إلغاء الآخر (الإبليس) وهي بالأساس فكرة عدمية عبثية في محاولة إلغاء وجود القطبية الثنائية للوجود والحياة، إن الجواب يكمن مرة أخرى في الفكرة نفسها حيث تعبر اللغة وكوعاء ثقافي في جزئه النحوي عن تلك الإجابة، فكما يقال؛ فإن (النّحو في الكلام كالملحِ في الطّعام) حيث علم النحو والبلاغة تقول لنا بأن اللعن يعني الطرد من الجنة أو من "رحمة الرب" وبالأحرى من مشاركة (الأب) بالمفهوم السلطوي في قيادة شؤون الكون ونزولاً في التراتبية الإجتماعية الدنيوية، يمكننا القول: إلغاء مشاركة الآخر _(الإبليس الملعون)_ في قيادة القبيلة، الحزب والدولة.. وهنا تكمن مأساة الإنسان والتاريخ الإنساني وليس فقط "مأساة إبليس"، كما تطرق لها الأستاذ صادق جلال العظم في كتابه المعنون بنفس الإسم حيث كانت الفكرة؛ فكرة اللعن والطرد لإبليس هي أساساً لإلغاء الآخر _الإنساني وليس الرباني_ من المشاركة والتي كانت، "أي قضية الإلغاء تلك"، البدايات الأولى والبذور الجنينية لقضية التأسيس للفكر الإلغائي والإستبدادي في المجتمعات البشرية بحيث مهدت _لاحقاً_ لكل الفاشيات والديكتاتوريات المستبدة في العالم والحضارة البشرية!!.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة.. على الحجر!!
- الكورد.. وعنصرية حنان الفتلاوي!!
- غسان عبود .. آخر من يريد أن (يركب الكورد)!!
- الكانتونات العربية.. في المناطق الكوردية!!
- القضية الكوردية والآفاق المستقبلية
- الشارع العربي
- الحركة السياسية الكوردية – تياراتها وأحزابها –
- الأنثى والشعر
- الأحزاب الكوردية والعوامل الكامنة وراء انشقاقاتها!!
- الدولة الكوردية.. إعتراف الآخرين هو تحصيل حاصل!!
- قراءة .. في تداعيات الأزمة السياسية في روج آفاي كوردستان*.
- حزبيتنا ..تقف وراء قراءاتنا الخاطئة!!
- القادة العظماء ..هم بهذا أو ذاك الشكل -أنبياء-!!
- نحن السوريون .. وقضية التحالفات مستقبلاً!!
- الأتاتوركية الجديدة (إمَّا أنْ تحبوا وإمَّا أنْ ترحلوا)
- أزمة التحالفات في الحركة الوطنية الكوردية
- الأمة الديمقراطية .. كرؤية ومشروع سياسي.
- نحن الكورد .. علينا أن لا نكون -حنبليين- في السياسة!!
- الآخر بين الاستلاب و الإقصاء _الكورد نموذجاُ_
- هل ..يحق لنا أن نغير قوميتنا كما نغير ديننا؟!!


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بير رستم - فكرة التوحيد .. وبذور الإستبداد!!