أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إحسان شرعي - عودة مؤقتة














المزيد.....

عودة مؤقتة


إحسان شرعي

الحوار المتمدن-العدد: 5043 - 2016 / 1 / 13 - 03:24
المحور: الادب والفن
    


ليلة أخرى بعد غيابها، يأتي إلى الشقة حيث تعودا أن يلتقيا، ينتظر على الأريكة قبالة الباب صوت مفتاحها يخترق صمت المكان ويخترق قلبه بوجع لذيذ يؤذن بحضورها. انتظرها يوما بعد يوم وأسبوعا بعد أسبوع وتأكد الآن أنها لن تحضر، ولكن لا يستطيع أن يحبس ظنه المدمن على إمكانية حضورها، و يسكت الإحساس الذي يقول له لن تأت فليهنأ بالغياب، و ليصنع واقعا جديدا يلائم غيابها. تجول في الشقة، أغراضها ما تزال هناك: مشط شعرها، و معاطف الشتاء، و صدرية زهرية لطالما أحبت أن ترتديها لسبب لم يعرفه … قلمها ...آخر باقة ورد أهداها إياها، تردد في أرجاء الشقة، تفقد المارة القلائل عبر النافذة، بعد منتصف الليل يصير التجول في وسط المدينة الساكنة ضرورة يختارها الهاربين إلى الليل المندمج بالسكون وبرد الربيع. سيارات واقفة واحدة بعد أخرى والحارس الليلي يختبئ في مخبئه ينصت إلى الراديو، أغنية قديمة تنبعث بين شقوق الليل الصامت. يلبس جاكيطا ويتسسلل إلى الخارج يركب السيارة ويهيم في وجه الليل المشتعل، خارج صمت الحي أنوار وأصوات مكبوتة في زوايا الحانات المغلقة الأبواب حيث الله لا يسمح له بالدخول، لأن الكلمة هناك هي كلمة الخمر هو من يأمر وينهى ويسن الفرائض، و يدخل إلى رحمته من يشاء، جنة و جواري ومحو للألم والدموع.
قرب رصيف الحانة رجل عجوز يدفع عربة خشبية شبه مكسورة. أهي نهاية يوم سعي، أم بداية أم هو ككل الناس الذين بدِؤوا رحلة السعي إلى الخبز دون أن ينهو سعيهم أو يجدوا ما يشبع بطونهم؟ دائرة من السعي داخل فلك دائري من البحث عن الخبز. حيث ينتفي الزمان والمكان وينفك الساعون عن القدر ويكف الله عن رزقهم، فيصير البحث مسألة سيزيفية غير قابلة للحل. و إمرأة شاحبة ونحيلة تتطلع إليه من جانب الرصيف. متى بدأت بيع جسدها؟ هل بسبب تجربة حب فاشلة سلمته جسدها فيها؟ فأخد معه الروح وترك جثة تنتقم عبرها من الخيانة والغدر. أم اغتصب الطفولة أب أو أخ أو قريب إئتمنه فأقسمت أن تطهر الجسد بالتخلي عنه و إحراقه في الرديلة؟ … أم أنها إختارت الغوص في الجنس دون تفكير أو إرادة؟ حالة من الإستماتة في البحث عن اللذة دون توقف، أم جوع يخرج حتى الديدان لتسعى في سكون المدينة الغافلة عن الإنسان؟ مر بين هذه المشاهد و أغلب الظن أنه لم ير شيءا منها، هو دائما قليل الإهتمام بأي شيئ عداه هو، حتى ألمه لغيابها ماهو إلا انزعاج لأنها بادرت بالهجر، بادرت بالإختيار. لأول مرة تقرر إمرأة أن تذهب لطالما رحل هو و إختار حبا إذا لاح الأفق بإحساس جديد.
يسكت محرك سيارته ويصعد إلى شقته حيث زوجته دائما في الإنتظار كما تنتظر عودة أطفالها تحضر الأكل والحمام والبيت، فتحت الباب قبل أن يدخل المفتاح، لأنها مع المدة صارت تستشعر قدومه بطريقة يعجز الفيزياء على تفسيرها. إستقبلته بكلام لم يصله منه إلا غمغمة لا تعني له شيءا فتح باب الغرفة، خلع حذائه و استلقى على السرير، لم يوقظه إلا رائحة القهوة المنبعتة من المطبخ، ثم تطل عليه لتخبره أن الحمام جاهز. يجلسان معا ليتناولا الإفطار في صمت لكنها سعيدة أنه عاد اليها رغم أنها عودة مؤقتة إلى أن يجد حبا جديدا.



#إحسان_شرعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة و حقيبة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إحسان شرعي - عودة مؤقتة