أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - مقهى الغرباء














المزيد.....

مقهى الغرباء


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


منذ التقينا قبل أربع سنوات ونحن متفقان في كل شيء ومختلفان على كل شيء.
يدعي أننا أصدقاء، وكنت أؤكد له بأننا لسنا سوى وجهتي نظر مختلفتين.
يصرَ بأننا وجهين لعملة واحد وأنا مصَرٌ حتى اللحظة بأننا ورقتي نقد مختلفتين، تحمل كل واحدة قيمة مختلفة عن الأخرى بيعتا في السوق السوداء.

لقاؤنا الأول كان يحمل صفات مشتركة من حيث مواصفات المكان الذي أحببنا أن نجلس فيه كل على حدا ودون موعد مسبق.
فقد كان يفضل المكان الرخيص غير الهادئ والذي يعج بتجار العملة والمخبرين والعمال والعاطلين عن العمل والمتقاعدين، وأنا كذلك كنت أحب كل تلك الأشياء في المكان الذي أجلس فيه بالإضافة للشاي الأسود اللون من تكرار عملية غَليه حين يبيت ليلة سبقت حضورنا المقهى.

لماذا كنا نلتقي في نفس المكان ؟ حتى هذه اللحظة لا اعرف إجابة دقيقة لهذا السؤال، لكن ما اعرفه أننا كنا نلتقي دون أن يعرف احدنا الأخر ونجلس في مكانين مختلفين متقابلين ويحتل كل منا زاوية كالزواحف المتسلقة للجدران، نتقرب دوما لمصدر الرطوبة.

كان يؤمن دوماً بعكس الثابت أصلاً ولهذا كنا نختلف، فكوني قانوني يفترض بي أن ألتزم بالقواعد القانونية، أما هو كونه لم يدرس أصلاً لسوء الأوضاع المادية لديه فلم يكن لديه ضابط يلزمه بطريقة تفكير محددة، مع العلم بأنه لو امتلك على الأقل نصف إمكانياتي المادية فأنا على يقين أنه كان سيدرس ربما علم النفس أو الاجتماع لأن مثل هذه العلوم دوماً تحتاج لنظريات غريبة كالتي يطلقها هو على الأشياء فتغدو بعد فترة وجيزة من التجربة حقائق ملموسة قد تنبأ فيها كالراصد الجوي.

كان يرفض أن أقول له بأن الأصل في الإنسان أن يكون حَسن النية وأن المواطن يولد بريء الذمة حتى يصل السن القانونية، ويقول لي : بأن هذه القاعدة القانونية خاطئة تماماً لان المواطن العربي يولد مُدان بوصايا الشهداء وعليه أن يوفي دينه لهم، لذلك فالفرد العربي لا يولد بريء الذمة أبداً إنما قد يموت بريء الذمة، وكذلك فإن السلطة التنفيذية تفترض فينا دوما سوء النية فتبعث من يدقق في بطاقاتنا الشخصية في كل مكان.

وحين أقول له : أننا يجب أن نفترض دوما حسن النية في الآخرين، كان أيضاً يحتج ويقول أنه منذ ولادته وأبناء عمومته يفترضون في أمريكا سوء النية حتى لو قدمت للمنكوبين في أسيا أو المجاعات في أفريقيا أطنان من المواد الغذائية فلا بد أن لها هدف إمبريالي يقف وراء هذه الأكياس التي كتب عليها جميعها "ليست للبيع ... مساعدة إنسانية من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية" ويقول أن الحقيقة بأن أمريكا منذ نشأتها على أنقاض الهنود الحمر لا تقدم مساعدات للإنسانية دون مقابل من دم الشعوب المنكوبة.

منذ عرفته وهو مُدانٌ لأكثر من جهة أمنية، ومطلوبٌ القبضَ عليه في أكثر من إقليمِ مستقلِ وغير مستقل، فهو دائما مثير للقلاقل ويرفض أي حل سلمي حتى لو كان في صالح الطرف الأضعف، وحجته بأن الحل السلمي مهما كان عادلاً لن يكون بريئاً من تهمة المنّة والمنحة من الطرف الأقوى، الحل السلمي بنظره نهاية النضال الحقيقي.

هارب من عدة أحكام بالسجن المؤبد وبعضها يصل للإعدام، فهو إرهابي بامتياز كما يصفونه، ومخرب من الطراز الأول، ودوما يسعى لتهديد الصمت العام، ويثير الشغب في الأماكن العامة ويكره التظاهرات المرخصة من الدولة، ويهدد دوماً حتى دون أن يقول شيئاً، ويعلن في صمته التهديد.

أعلنت إحدى الدول ذات مرة عن جائزة مالية لمن يسلمه لها، فقرر أن لا يكون لأحد هذا الشرف العظيم بالمساهمة في إلقاء القبض على مجرم خطير يهدد الصمت العام سواه، فسلم نفسه للسلطات ووكل محامياً مفصولاً من النقابة لأسباب سياسية ليطالب له ببدل الجائزة المعلن عنها.

اليوم كل الدول تبحث عنه وتجري اتصالات خارجية وداخلية بحثا عمن يدلي بأي معلومة عنه، وبين الحين والأخر تصل لدوائر المخابرات العديد من الاتصالات التي حولت مقاسمَ الأجهزة الأمنية إلى برنامج ما يطلب المستمعون، تفيد بأن أحدهم شاهده يقطع شجرة على الحدود بين دولتين خوفاً من وقوع نزاع مسلح، بينما رآه آخرون في إحدى بارات بيروت يحتسي الشمبانيا مع إحدى صديقاته، على العلم بأنه لا يفرق بين طعم مساحيق الغسيل وطعم الكحول وكأنه مصاب بالزكام منذ ولادته.

رآه ثالثٌ يتسكع في شوارع لندن مرحباً بالحرية على الرغم من أنه لا يملك جواز سفر، ومنذ ولادته حتى الآن لم يحاول حتى أن يستصدر شهادة ميلاد ليغادر البلاد لأنه يعتبر الوطن شهادة ميلاده الحية.

إلا أنني على ثقة تامة بأن كل هذه المعلومات كاذبة ولا أساس لها من الصحة فهو قد توفي منذ أيام متأثراً بجراح الأمة العربية، بعد أن قرر أن يشرب لتراً كاملاً من الكاز احتجاجاً على رفع سعر برميل النفط في الدول المنتجة للنفط، حتى وصل سعر البرميل الواحد أكثر من سعر مائتي رغيف خبز، وألقى بنفسه في بئر بستان جده القديم كي لا يجده أحدٌ فيدلي بمعلومات صحيحة للسلطات حول وفاته فينال جائزة الإدلاء بمعلومات مؤكدة وترتاح السلطات من مطاردته.

وحتى هذه اللحظة ليس لدي أي معلومات مؤكدة بأننا كنا فعلاً صديقين، سوى أننا التقينا ذات مرة في ذات المقهى



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليست مرثية على القبر - شعر
- والنساء أيضاً... برعاية برنامج محاربة الإرهاب
- ليست مرثية على القبر
- مدفع الإفطار
- وردٌ على النافذة
- تأملات في زمن ضياء
- حيثما تكونين سأصلي
- أزمة الماركسية العربية وفخ الصراع الديني
- اغتيال التراث الفلسطيني ... اغتيال الهوية
- الهوية الثقافية بعد الاندحار الصهيوني من غزة ...
- ندوة تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين في نابلس ... خطوة حقيق ...
- نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ... عن أي سلاح يتحدثون !!
- رسالة إلى الجندي الأمريكي القادم للعراق ...
- غزة أولاً ... تسويق مشاريع التسوية بأثواب النصر
- ذاكرة الغرفة206
- -ذاكرة غرفة-
- البعد التاريخي في رواية الشهيد غسان كنفاني -رجال في الشمس-
- مدرسة المشاغبين العرب
- لماذا لم يقرعوا جدران الخزان بعد
- في الزنزانة الأخرى


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - مقهى الغرباء