أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - عماد حياوي المبارك - أبو عبد الله















المزيد.....

أبو عبد الله


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 14:15
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


((أبو عبد الله))

هذه الحكاية سمعتُ تفاصيلها من أحد الأصدقاء المقربين لي الذي أكمل دراسته بجامعة البصرة في نهاية السبعينات، ومع أني أعرف بطلها لكني سأعطيه أسم (أحمد) وسأقصّ بقية الأحداث كما وصلتني لأنني لم أعشها...

كان مجموعة تلاميذ من بغداد يتوزعون على كليات ومعاهد مختلفة بجامعة البصرة، البعض منهم داومه بالتنومة والآخر بالكرمة حيث مباني الجامعة الجديدة، يجمعهم سكن واحد...
البيت الذي اجروه يفتقر لأدنى متطلبات المعيشة، أواني مطبخ قديمة وفرش مستهلكة وأثاث قديم، كان جميع ذوي هؤلاء الطلبة هم من الموظفين أو المتقاعدين الذي يشكل سكن أبنائهم الدارسين بالمدن البعيدة، عبئاً على ميزانية الأسرة، فتجد الطلبة يعانون من العوز بكل شيء وفي كل وقت...
جرس باب الدار لا يشتغل، تأسيساته الكهربائية خطرة جداً ومكشوفة، صحياته تنضح من كافة توصيلاتها، والأدهى أنه بيت رطب بالشتاء وحار بالصيف، تسكنه الفأران وتعشعش فيه العناكب، أما الصراصر فتتجول مرتاحة بين أفرشة بالية تتوزع على بلاط لصالة كبيرة وغرفة منام مظلمة...
مع هذا فإن هؤلاء الطلبة الساكنين في هذا البيت يصفونه بأنه أفضل بكثير من الأقسام الداخلية لأنه يشعرهم بالحرية ويسمح لأياً منهم أستضافة من يشاء ومتى ما يرغب، بحيث أن باب بيتهم لم توصد يوماً بوجه زائر في النهار أو (زائرة) في الليل!
ويبقى السؤال يطرح نفسه... أي الضيوف يقبلون المبيت بهذا الوضع؟
× × ×
طُرقت بنت شابة تلبس ثوب بيت وعباءة بالية الباب عدة مرات في تلك الليلة التي لم ينسها (أحمد) لأنها دخلت أجندة حياته ربما حتى يومنا هذا... كيف؟
قالت الزائرة بعد أن فتح (أحمد) لها الباب وسمح لها بالدخول وتجمّع حولها الشباب كالذباب على قطعة الحلوى المتروكة على منضدة حقيرة يستخدمونها للأكل، أنها تدعى (بيداء) وانها التجأت إليهم بعدما تقطعت بها سُبل العون، وأضافت بأنها بحاجة للمبيت ليلتها ثم تغادر في الصباح، وأكدت بأنها ضحية لأبيها الذي يريد غصبها على القبول (بصفقة أستبدال) ببنت صديقه التي هي من عمرها...
ولأنها رفضت مبدأ زواج الـ (كصة بكصة)، كان عليها الأبتعاد قبل أن يدخل بها (الشايب) ويقتحم عذريتها التي أكدت بأنها محتفظة بها ولا تريد أن يمسها أحد بمكروه!
في الليل كانت تخاف من حركة كل ما يدب على الأرض، فبقيت سهرانة لا تنام، ثم ألتجأت (لأحضان أحمد) الذي كان قد أختلى بها بالغرفة اليتيمة، ألتزم الرجل بوعده لها بأن لا يخترق الحدود التي رسمتها وأكدت عليها...
في الصباح كانت البنت غارقة بنوم عميق، خرج الأولاد لكلياتهم، بينما ترك (أحمد) رسالة قصيرة للبنت، يرجوها أن تُطمئنه حالما تجد حلاً لمشكلتها...
حينما عاد الشباب، لم تكن البنت موجودة ولا الورقة التي أختفت مع بعض صور (أحمد) الموجودة بالغرفة...
مضت الأيام بل والأسابيع، وإذا بطرَقات خفيفة على الباب الخشبية العتيقة في صبيحة يوم جمعة، مجموعة سيدات يرافقن (بيداء)، طلبن السماح لهن بالدخول، لم يتسع نصف طقم (الأستقبال) المستهلك لعدد الضيفات ودليلتهن... (بيداء).
ـ نحن من أتحاد نساء البصرة، نحب أن (نلم) الفضيحة التي تسببتها أخينا الكريم (أحمد) قبل أن تأخذ مدى أكبر ومساحة أوسع...
قاطعهن (أحمد): أي مدى وأية مساحة...
قلن: (بيداء) عضو بأتحاد نساء البصرة وقد تعرضت لأعتداء جنسي...
عقبت أخرى: قولي أغتصاب...

... كان الموضوع تلفيق بتلفيق، خرجن السيدات (المحترمات) دون الخوض بتفاصيل ما جرى لكنهن أستطلعن الغرفة اليتيمة التي كانت (بيداء) قد وصفتها لهن بدقة وبالألوان!

سخر بادئ الأمر بعض الزملاء من (أحمد) بينما كان مثار أنتقاد من قبل آخرين، لكنه توجس خطر أكبر قادم والمسألة ليست مثار سخرية ولا محط أنتقاد بل في الحكمة في البحث عن حل لها، أكد لهم وأقسم يمين الله أنه لم يتجاوز حدود عذرية البنت، وطلب منهم أن يؤيدون كونه لم يشرب ولم يكن ما يوحي بأعتداء أو اغتصاب بدليل أنه لم تكن أية آثار أو حتى صرخات أستغاثة قد صدرت من داخل الغرفة اللعينة بتلك الليلة المشؤومة تُشير لأقترافه أي جرم!
عاد بمصيبته لبغداد وشرحها لأخيه الأكبر، ثم تحرك الأخوين نحو أبيهما، مدير الشرطة المتقاعد وترجاه أن يقيّم الموقف ويحلله بحكم ما مر عليه خلال خدمته الطويلة في سلك الشرطة.
الأب كان قد أتجه بعد تقاعده الى الله، وكان ملتزماً بصلاته وعبادته وحج بيته حسب الشرع والدين، فتفهم أبنه وقررت العائلة العمل يداً واحدة، ذرفت الأم الدموع على حال أبنها وهو متهم وهارب من البصرة وغائب عن كليتهِ...
لكن وقبل أن يعود (أحمد) لدوامهِ بالجامعة، كان الخبر قد (طش) بين الأقارب ووصل لخاله الذي كان (أحمد) قد عقدَ قرانه على أبنته، فأكرهه دون أي نقاش أن (يطلقها) وحُرّم عليه الأتصال بها ومنعه حتى من دخول بيته...
رافقه أخوه للبصرة من أجل أثبات العكس، في مكتب أتحاد النساء، تجمعن (الرفيقات) حول (المتهم) يتبادلن أحاديث بصوت منخفض لمعرفة ما حدث بالضبط و(ليُقيّمن) الموقف... وكانت مسألة أتصال الإتحاد بعمادة الكلية قد شكلت مصيبة، لكن الفاجعة أن هناك بطن بدأت تكبر وأن (جنيناً) في أحشاء (الضحية) كانت التحاليل قد أشارت إليه!
(الرفيقة) مسؤولة العلاقات، والتي كانت ضمن من زاره بمنزله، أخبرت أخيه بأن الأمر ممكن أن يُحل بسهولة وبدون أن يصل للرفيقة رئيسة الفرع، لكنه وصل بعدما رفض الأخوين (لملمة) الأمر بحسب الحل الذي أقترحته والذي يبدأ بالمحكمة الشرعية في البصرة...
قام الأتحاد بالتحفظ على البنت خشية عليها من والدها الذي تبين أنه رجل متمكن، حيث لم يكن لحكاية (كصة بكصة) أي أساس من الصحة، وأن والدة البنت هي عضوة قديمة بالإتحاد، وربما تكون هي من خطط لإنقاذ بنتها من (غلطة) لم يعرف أحداً من هو (بطلها)!
في عطلة نصف السنة، كانت الشكوى قد وصلت بغداد قبله، رزمة أوراق تتظمن حتى صورة له أدعت (بيداء) أنها كانت (مهداة) منه لها وقد (ذيلتها بعبارات حب ومودة ساخنة)!

في مكتب الأتحاد العام لنساء العراق في شارع المغرب، كان لقاء بينه وبين رئيسته بنت مدينة (آلوس)* بأعالي الفرات السيدة (منال يونس)* شخصياً، تفاصيل (الجريمة) كانت تدفعها للغضب وتمنعها من (التعاطف) مع الحاج وأبنه، فالمسألة ـ قالت ـ بطريقها للسيد النائب شخصياً، وكل ما أسدته من معروف لهما، أنه وبعدما يسرع الشاب بالأقتران بالبنت، أن تجد لها عملاً وراتباً مجزياً بسكرتارية مكتبها ببغداد.
وصل الأمر لعناد بين الحاج من جهة والرفيقة من جهة أخرى، لأن تزويج أبنه يعني أن المولود (اللقيط) سيحمل أسم العائلة، ترجّى (أحمد) الرفيقة أن تتفهم أن المسألة ليست زواج ثم طلاق، بل هناك طفل غير شرعي مجهول الأب في طريقه للدنيا...
كان الملف الذي تخطت أوراقه عدّة عشرات، منها تحاليل وفحوصات من مستشفيات البصرة، كلها تصب بمصلحة البنت (الضحية) وخلت من إفادات زملائه، قد وصل الى مكتبالسيد النائب)، أوقات مرعبة فعلاً وأفكار أخذت العائلة لأبعد من مجرد (لبس) قضية قذرة وأقتران ببنت ساقطة.
كان لقاءً بين (صدام حسين) بشكل مباشر و(أحمد) الذي دعاه للجلوس وتحدث بكل مهنية وأحترام، ذكرَ بضعة جمل لم يقاطعه بالطبع (أحمد) فيها، قال بأن لديه حل بأرسال البنت للأقامة (باليونان) لحين ولادتها، بعد ذلك تقوم المستشفى هناك (بترقيع) البنت وإعادة عذريتها لها، وأستطرد مازحاً بأن كل شيء جاهز بأوربا، وأقترح أن يُطلق على المولود أسم (عبد الله) ليحمل أسم الخالق كونه بريء من خطايا والديه تلك التي ستجعله يعيش بعيداً عنهما بأحد دور رعاية الأيتام...
كان حل (النائب) منصف من وجهة نظره وطبعاً ملزم لجميع الأطراف، لكن المشكلة أنه (أمر) بأن يُسجَل الطفل بأسم (أحمد) كي لا يزداد عدد (اللقطاء) بالبلد وليقول له بالحرف... (البلد ما ناقص نغولة!).

لم تحاول العائلة المحافظة البسيطة البحث عن (عبد الله أحمد) لعدم وجود رابط دم بينه وبينها، ولا يعلم أحد، أين ذهبت الأيام بالطفل، لكن ظل الزملاء يكنّون صاحبنا بـ (أبو عبد الله) لفترة من الزمن حتى نُسيتْ القضية وماتت...
عماد حياوي المبارك
× كانت (منال الآلوسي) رئيسة لأتحاد نساء العراق لمدة 27 عام منذ 1976 وكانت مقربة من زوجة الرئيس (صدام حسين)، وهي تحمل شهادات عدّة بالقانون، غادرت العراق للعاصمة الأردنية بعد أحداث 2003 وأنفصلت عن زوجها الضابط بأجهزة حزب البعث ليذهب لليمن.
كان النظام السابق بالعراق يُطلق عليها (المرأة الحديدية) لتمسكها حتى آخر حياتها بمبادئها، بينما يُطلق عليها مؤيدو النظام الجديد بالعراق بالـ (المرأة الكارتونية) حيث تبخرت منها السلطة والجبروت بين ليلة وضحاها.
وجودها مقتولة مهشّمة الرأس بشقتها بعمان، ألقى أكثر من ضوء على مشاكل كوادر حزب البعث حين طالبوا زوجها المبتعد باليمن بأموال كان قد نقلها هو وزوجته لدى هروبهما لخارج العراق، وكانت تلك الكوادر بحاجة لأموال لتغطية نفقاتهم بعد أن توقفت مصادر تمويلهم وتفرقوا بين العواصم العربية. لكن كانت هناك أيضاً، تهم غير كيدية فتقول بأن الجريمة قد نفذتها خادمتها المصرية وهي من قتلها بدافع جنائي لتسرق أموالها ومخشلاتها وتلوذ بالفرار...
× (آلوس): مدينة وديعة جداً على شكل جزيرة تقع في أعالي نهر الفرات قرب مدينة (حديثة)، تمتد بساتينها الوارفة على امتداد النهر، تحدها تلال صحراوية جرداء تصنع مع أشجار النخيل، لوحات رائعة الجمال، يقطعها خط قطار وأنابيب نقل نفط، يربطان منشآت ضخ النفط بين بيجي والحقلانية.
يمتاز أهلها بأحتضانهم صفحات من تاريخ العراق، وهم قوم كرماء ممدودي اليد بسبب كثرة خيرات المدينة بثروات البلح والسمك والفواكه الشامية...



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة لا يعلم بها أحد
- ليلة من ليالي رأس السنة
- كرسمس
- للأذكياء فقط... أيضاً
- للأذكياء فقط... رجاءاً
- من هم الأذكياء؟
- حدث بشارع حيفا
- كونتاكت
- أبو ناجي
- لاند خود
- ((زوغق))
- ((ديوان بالديوانية))
- (أوتو ستوب)
- ((خوردل روز))
- آيدلوجيات وأستراتيجيات
- بين الرصافة والكرخ
- ((أطوار))
- حزب الفراشات، بين الباستيل والخضراء
- (( وعد الله))
- ناس تأكل الكباب...


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - عماد حياوي المبارك - أبو عبد الله