أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الثورة















المزيد.....

شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الثورة


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ينظر عادة الى تاريخ الدراما من خلال ثلاث دوائر . يحتل الدائرة الاولى الثالوث الاغريقي ( سوفوليكس ، اسخيلوس ، يوربيدس ) ، ويحتل الدائرة الوسطى شكسبير ، بينما يسيطر إبسن على الدارة الثالثة كممثل للدراما المعاصرة .
ومن الصعب الى حد ما البحث عن اية جذور للأبسنية في الدائرة الوسطى ، بينما يمكن للباحث ان يجد جذورا لها في الدائرة الاغريقية ، وبخاصة مع يوربيدس وأسخيلوس ، إذ ان الدراما استمرت عند إبسن ، كما كانت عند اسخيلوس ويوربيدس ، تحاول ان تجد مكانا مناسبا للإنسان وسط هذا الكون ، وتجاهد في تنظيم العلاقة بين الأنا ( الفرد ) ، واللاّأنا ( المجتمع ) ، وبين القوى الفضولية ( الآلهة – التقاليد – الآراء الميتة – القروسطوية – الزمن الميت ... الخ ) .
وإذا عدنا بذاكرتنا الى الدراما اليونانية لنتتبع تطور النظرة الى علاقة الانسان بما حوله ، نجد ان اسخيلوس عني بالدرجة الاولى بالقوى العلوية التي تدخل اصابعها في الحياة الانسانية ، فتدفعها هنا وهناك ، رضى الانسان او غضب . وقد قادته هذه العناية للنظر الى صوغ المأساة ك " مهنة مقدسة " لا تبيح له اكثر من تصوير الامور " الصادقة الطاهرة " التي ترضي الآلهة ، وبالتالي تفرض عليه ك " شاعر عنيف ان يخفي عن الانظار قصص الرذيلة المُحرّمة " .
وجاء يوربيدس بعده ك " فلتة " للدراما اليونانية ، حيث كان تجديده وخروجه عن المألوف ، وانتقاد النظام السائد موضع السخرية من شيخ الساخرين ومن إمام الرجعيين " ارستوفان " الذي شهّر به ك " وغد وضيع " و ك " مُهرّج دنيء صانع للشرور " .
و يوربيدس في الحقيقة لم يفعل اكثر من ان شاطر اهل زمانه ما ساده من شك في الآلهة والعقائد . فحاول ان يعطي الآلهة حجمها الطبيعي ، وبالتالي أن يحد من سلطانها وجبروتها على سلوك الانسان . ومن حيث المضمون لم يتقيد يوربيدس بما تقيد به سلفه بالأمور " الصادقة الطاهرة " التي ترضي الآلهة ، بل تجاوز ذلك الى الاتيان ب " مناظر مألوفة من الحياة العامة " ، حيث يمكن لأي انحراف ان يكتشفه الجميع في الحال . وهكذا يكون يوربيدس قد خلق مسرحية الإيحاء التي تستشير التفكير وردة الفعل ، اي ان تكون اكثر من مجرد وسيلة للترفيه عن الجمهور . ومن حيث المعالجة فقد عني يروبيدس في مسرحياته بالتحليل الدقيق للشخصية الانسانية ، وبخاصة شخصيات النساء اكثر من معاينته بابتكار شخصيات بطولية ( دون كيشوتية ) . ان المتمعن في انتاجات يروبيدس سيكتشف فيه روحا إبسنية ماكرة .
ومن ناحية ثانية يمكن ان نجد جذورا للأبنسية في الاتجاهات التي سادت الشمال الاوربي قبيل بزوغ الرومانسية . لكن ما يهمنا نحن من هذه الاتجاهات هو حركة العاصفة والإعصار المعروفة في التاريخ الاوربي الشمالي التي هدفت الى اصلاح الحياة السياسية والاجتماعية ، ونادت بالحرية الكاملة للفرد .
فيما يتعلق بإبسن ( تمتد حياته من 1828 الى 1906 ) فهو ينتمي الى عائلة برجوازية متوسطة من بلدة سكابين في النرويج . وعندما كان في الثامنة عشر من عمره افلس والده ، مما اضطر إبسن للعمل في مجالات عديدة اهمها ادارة مسرح " فورس " في مدينة برغن ، وكذلك مسرح " كريشينا " حيث كان يشرف على الامور الفنية والإخراج . وقد اخرج إبسن ما يقارب من ( 145 ) مسرحية . وقد افادته هذه التجارب في ادراك ادق تفاصيل المسرح ومتطلباته التي كانت خير اساس ومساعد له عند كتابته للمسرح . ومنذ بداية انتاجه الفكري ، يمكن للمرء ان يتلمس اتجاها فكريا ينادي بضرورة ايجاد مجتمع يضمن اكبر فرصة ممكنة لحرية نشوء الفرد . فكان من الطبيعي ان يستاء من جميع حركات الاصلاح البرجوازية ، وحتى البيروقراطية الثورية منها ، إذ وجد انها ترمي في نهاية الامر الى اخضاع الفرد للدولة . ونادى بالمقابل بانعتاق الذات ، وتحرير ملكاتها ، وتطوير امكانياتها . وهاجم الطغيان والاستبداد الذي يمارسه المجتمع ، والتزييف الناتج عن ضغط العلاقات الاجتماعية القمعية . ووصل ايمانه بالفرد وبالشخصية الانسانية الى نوع من عبادة الانسان – الإله ، اي السوبيرمان ، ذلك الذي لا يتقبل اي سلطة اعلى منه .
والأبسنية تنتمي بهذا الشكل او ذاك الى الاتجاه الواقعي النقدي الذي وقف موقف الاحتجاج الفردي الرومانسي على العلاقات الرأسمالية ، لكن نظرته اليه تفاوتت بين الافتقار والسخرية ، والآمال الرومانسية الثورية . ولم يكن في وسع الاتجاه الواقعي النقدي الذهاب الى ابعد مما ذهب ، إذ انه لم يكن في وسعه ادراك طبيعة التناقضات التي تعصف بالعلاقات التي تمر عليها ومصدر هذه التناقضات ، او فهم قوانين التطور الاجتماعي وجدليتها . ولم يرى هذا الاتجاه في الطبقات المسحوقة إلاّ جانبها السلبي المجاني ، بينما تجاهل فيها الجانب البروليتاري الثوري . حقا لقد رأى هذا الاتجاه في العلاقات البرجوازية شيئا كريها ، ولكنه لم يستطع ان يعي ويحرض في سبيل العلاقات الديمقراطية الانسانية والبديلة لتلك العلاقات المستبدة .
وإذا رجعنا الى اعمال أبسن نجد انها قد ادت الى بداية نهضة للدراما الحديثة في اوربة كافة ، وفي انجلترا بشكل خاص ، بعد خمود استمر لقرن من الزمان ، حيث سيطرت فيه الاسهامات الادبية ( المسرحيات التي تكتب لنقرأ ) اكثر من الاسهامات المسرحية . والابسينية كامتداد للتيار الواقعي النقدي لم تستطع إلاّ ان تولد متحمسة ومتناقضة . وكان من الطبيعي من جراء ذلك ان تتعرض للتأرجح وعدم الاستقرار . وقد اختلف النقاد في تحديد مراحل التطور التي مرت بها الابسنية ، ومع ذلك يمكن للمرء ان يتلمس بوضوح ثلاث مراحل :
1 ) المرحلة الرومانسية . مسرحية ( المدعوون ، براند ، بيرجينت ) ، حيث عالج فيها مسألة الاحتجاج بذهنية مثالية . ويرى جورج لوكاتش في مسرحية (بيرجنت ) ، امتدادا للذهنية البرجوازية التي سادت عندئذ ، والتي قامت على طمس الشخصية الانسانية ، وتحويلها الى مجرد " أنا " تتراكم فيه الادراكات . ففي هذه المسرحية نرى ( بيرجنت ) المتقدم في السن يتأمل حياته الماضية ، وشخصيته وتطوراتها . ثم نراه يمسك ببصلة فيقشرها ، ويقارن كل طبقة منها بحقبة من عمره ، ثم يصل في النهاية الى المعرفة اليائسة ، بأن حياته تتألف من قشور لا غير ، بدون نواة ، وبأنه قد عاش سلسلة من الحوادث العرضية دون ان تكون له شخصية .
ويضيف جورج لوكاتش ، بأن ادراك هذا التفكك الذي يصيب الشخصية ، يتسم عند ابسن بالخيبة ، إذ انه كان ما يزال بسبب تأخر تطور النرويج الرأسمالي ، يرتبط ايديولوجيا بمأثورات معينة للمرحلة الثورية البرجوازية . ( انظر : جورج لوكاتش دراسات في الواقعية . ص 49 – 50 ) .
2 ) المرحلة الواقعية . مسرحية ( اعمدة المجتمع ، بيت الدمية ، الاشباح ، عدو الشعب ) . يمكن التأكيد بان مجد ابسن المسرحي ، قد استند الى مسرحيات هذه الفترة التي ابتدأت مع ( اعمدة المجتمع ) التي حاول فيها توضيح خلفية قادة المجتمع ، وفيها صاغ قانون قاعدة النفاق . فيجب على الانسان حسب ابسن ان يظهر بمظهر سليم لا مأخذ عليه . وعليه ان يحافظ على هذا المظهر بأي ثمن ، ولو ادى ذلك الى تزييف وتشويه انسانيته . فالمهم هو سحب رضى المحيط الاجتماعي ، ذلك الاله القمعي الجديد عند ابسن . في هذه المرحلة يتبدى لنا انسان ابسن إمّا في حالة بحث عن انسانيته ، او في صراع لاستردادها . ففي المشهد الاخير من " بيت الدمية " نرى ( نورا ) وزوجها جالسين وجها لوجه يبحثان امر زواجهما . وخلال البحث نتابع بشكل مشوق للغاية ، تحول ( نورا ) من " دمية " الى " امرأة " مصممة على ان تحيى حياتها ككائن انساني . ومن هذه المسرحية نرى في ابسن نسخة معاصرة عن يوربيدس حين اعطى التقاليد -- التي ترادف كلمة القدر اليونانية في القاموس الابسني – حجمها الطبيعي ، وحين ناضل للحد من قمع المجتمع البرجوازي الذي يهدد الانسان باستلاب جديد ، اي التحول من ذات الى دمية .
وكما ثارت قوى الرجعية في وجه يوربيدس وشهرت به ك " صانع للشر ومهرج دنيء " ، كذلك تعرض ابسن لثورة عنيفة كان من جرائها ان منعت مسرحيته من ان تعرض على الجمهور . ومن الطريف ان نهاية المسرحية قد عُدّلتْ في بعض البلدان ، بحيث تعود ( نورا ) نادمة على تمردها على النعمة التي تمتعت بها كدمية ، وتطلب من زوجها العفو والمغفرة .
كان رد ابسن عنيف على معارضيه : حسنا . سأريكم امرأة لم تهجر زوجها . لقد كان لديها اكثر من دافع لتفعل ذلك ، ولكنها بقيت معه ، وسأريكم ماذا حل بها . وسرعان ما قدم لمهاجميه السيدة ( الفنج ) في مسرحيته الرائعة ( الاشباح ) ، تلك المرأة الطائعة الطيعة التي سقطت ضحية للتقاليد التي اخلصت لها . وفي هذه المسرحية تبدو مأساة الانسان المعاصر ، كضحية للوسط الذي يعيش فيه . فالعناصر المعادية له ، ليس القدر بشكله اللاهوتي ، كما كانت الحال مع الدراما اليونانية ، ولا الاخطاء المفجعة فيه . بل العناصر المحيطة اجتماعية كانت ام بشرية ( شرائع ، عرف ، اعراف اخلاقية ، عادات اجتماعية ، تقاليد مرعية .. الخ ) . ومأساة ( الفنج ) هنا ، كمأساة أوديب على سبيل المثال ، لا مفر منها ، إذ ان البيئة والوراثة ليسا إلاّ اسمين معاصرين للقدر في الدراما اليونانية ، وهذا ما دفع احد النقاد للقول " ان اشباح ابسن هي اقرب المسرحيات الحديثة الى التراجيديا اليونانية ، تراجيديا القدر والمصير المحتوم ، تراجيديا البيت الذي ينتقل فيه المرض كما تنتقل اللعنة من الاباء الى الابناء ، وهي بعث للمسرح اليوناني على ارض جديدة " .
وأخيرا تأتي مسرحية " عدو الشعب " التي تتجلى فيها الروح الابسينية بأوضح صورها . هذه الروح التي تقوم على ان " العدو الاكثر خطرا على الحقيقة والفرد ، هو الاغلبية المتماسكة التي لم تكن يوما تملك الحق الى جانبها ... والتي يجب على الانسان الحر المفكر ان يثور ضدها " .
والمسرحية تدور حول صراع بين قوتين غير متعادلتين : اقلية تمتلك الحقيقة ، وأغلبية تمتلك الامتيازات المادية والمعنوية . فتريد احداها ان تنقد المجتمع من النفاق المتفش فيه " إن في المدرسة او في المنزل . ففي المنزل عليك ان تقفل فمك ، وفي المدرسة عليك ان تفتحه لتقص الاكاذيب للأطفال " ، وإن تحول هذا المجتمع الى " سفينة يشترك الجميع في الامساك بمقبض دفتها " ، بينما تهدف القوة المناهضة الى تشكيل " مجتمع منظم " يمنح لإفراده حقا واحدا ، ألا وهو حق الخضوع له ، كما يحجب عنهم الحق في تكوين " قناعة مستقلة " .ويتطور الصراع بين الفصلين بشكل مثير حين تتطور الاحداث من مجرد " تطهير المياه والمجاري " الى " تطهير المجتمع بكامله من الاوبئة " ، وهنا فقد يتجاوز ابسن اتجاهه الواقعي النقدي ، حين لا يكتفي بالوقوف عند تحليل " البؤرة الوبائية – المجتمع " ، وإنما يطرح الموقف – الثورة كوسيلة لتطهير المجتمع بكامله من الاوبئة .
ان الخطوة العملية الاولى والملحة من هذه العملية هي حشر جميع المرتزقة معا والتخلص منهم مرة واحدة ودفعة واحدة ، ومن جميع ادارات الدولة ( انظر مسرحية د . ستوكمان ص 74 ) .

ونتيجة العملية كانت ان خسر الدكتور ستوكمان الجولة الاولى فيها ، ذلك لأنه " على الرجل ألاّ يرتدي احسن ثيابه عندما يخرج ليحارب في سبيل الحرية الحقيقية " ( انظر الدكتور ستوكمان في مراجعة نقدية لتمرده الفاشل ص 157 عدو الشعب . مكتبة اطلس – دمشق 1963 ) . ومع ذلك لم ييأس الدكتور ستوكمان ، واخذ يعد لجولة اخرى ، ولكن بعد حرب جديدة إذ قرر التعامل مع قوى الغد – على حد تعبير معاصره إميل زولا – مع " صعاليك الشارع " ، وضحايا النظام المرتكز على ابناء الاسر العريقة ، وأصحاب المراكز المرموقة ص ( 44 ) ، مع الفئة الثورية التي لن تتخلى عنه ، لأنها لن تفقد شيئا ، او لن تزيف نفسها باستمرارها معه ، بل على العكس ستربح وستستريح .
في مسرحية " عدو الشعب " تستثيرنا امور عدة ، تحمل حرارة العصر الذي نعيش فيه الى جانب العديد من المسائل الاخرى :
---- مسألة الفرد الطليعي تبقى قائمة دون حل . فابسن يصر على تأكيد " مسافة " ما لتمييز الفرد الطليعي " ذلك الذي لا يتقبل اي سلطة اعلى منه " ، وبين الاغلبية التي سلمت امورها لشرذمة من المستبدين .
---- تذبذب البرجوازية الصغيرة في تعاملها مع الدكتور ستوكمان . ففي بادئ الامر نادت به ك " بطل للشعب " كوسيلة للثأر من الطبقة العليا ، إلاّ انها عادت وتراجعت لما تهدّدتْ مصالحها وشهرت به ك " عدو للشعب " .
---- تمرد الدكتور ستوكمان دار وسيظل يدور في حلقة فارغة او مفرغة طالما انه يمثل التمسك الصارم والخاطئ بشكل واحد للنضال في سبيل نسف الايديولوجية الاكذوبة السائدة ورموزها .
3 ) الفترة الرمزية . مسرحيات ( البطة البرية ، هيدا غابلر ، رئيس البنائين .. الخ ) . في هذه المسرحيات يبدو ان الانسان في تراجع من حيث اعمال ابسن . والحقيقة ان انسان ابسن في هذه الفترة هو في حالة تلاشي وسط تلك العلاقات البرجوازية المتفسخة ، وبالتالي نشهد فزعين مأساة ذلك الانسان الذي حكم عليه المجتمع بالانتحار البطيء . لم يعد ابسن يستثيرنا بمتابعة تمرد البطل على تلك العلاقة القمعية ، بل اصبح الآن يستفزنا ، وهو يترك الانسان تحت رحمة هذه العلاقة ، تمضغه وتلفظه " انسانا " غارقا في السأم واليأس ، قدْ شُلّ وعيه النقدي الذي تمتع به ، وبالتالي سلب منه جوهره الانساني ، وبشكل آخر لم يعد هناك ما يبرر حياته. وهكذا يندفع جورج لوكاتش يجزر ( البطة البرية ) و هيدا ( هيدا غابرل ) الى سريع الموت البطيء والانتحار كآخر ما يملكونه . كل هذا يحصل وسط رموز تلف كل شيء وتوحي بكل شيء .
ان هذا التوجه الكئيب يرمز الى ازمة الاتجاه الواقعي النقدي . فهذا الاتجاه – كما يرى ارنست فيشر – لا بد له اخيرا ان يجد نفسه في لحظة ما امام اختيارين :
إمّا الانطلاق نحو الاشتراكية او الانحدار الى القدرية والرمزية ، والغموض والغيبية اللاهوتية والرجعية . ( انظر : الاشتراكية والفن . ارنست فيشر . ترجمة اسعد حليم . ص 118 . دار الهلال . القاهرة ) . ويبدو ان الخيبة التي امتلكت ابسن حالت بينه وبين الانطلاق نحو تبني الحلول الجذرية ، بل انها دفعته نحو الرمزية والقمعية تحت تأثير الترسبات الايديولوجية للمرحلة الثورية البرجوازية كما ذكر الثوري جورج لوكاتش .
كان لأفكار جور لوكاتش ، وارنست فينشر، وماكس فيبر، وماو، وغيفارا ، وستالين ، وسارتر ، ولينين ، ومعظم فلاسفة القرن العشرين دورا في الهام ثورية شباب الخمسينات والستينات والسبعينات القرن الماضي . لقد استعملوا الفن والثقافة في مواجهة دكتاتورية الرأسمالية والبرجوازية ، فكانت المسرحيات التي الهمت الشباب ، تنطق من الواقع الذي غلفه الاستبداد والقمع الايديولوجي ، والنضال من تحويل الانسان الدمية الخاضع والخنوع ، الى الانسان الإنسان الممسك بزمام الامور . لقد تركت تلك الافكار الثورية الرافضة للآلهة المحنطة ، وللاركاييكية ، والتقاليد القروسطوية المرعية ، ابلغ الاثر في انتفاضة الطلاب والمثقفين في مايو 1968 ، وكانت لها كذلك ابلغ الاثر في جميع اصدارات مثقفي تلك المرحلة التي كانت ترقى الى اعتماد الفن والثقافة كواجهات اساسية في مواجهة استلاب واستبداد ودكتاتورية الطبقة البرجوازية التي افرغت الانسان من انسانيته حين حولته الى عبد مجرد روبو مسخر في خدمة طبقة تستأثر بالاقتصاد والمال ، وتمارس جشعها الحيواني مرة باسم الالهة ومرة باسم الطقوس ومرة باسم الدين ومرة باسم السمو والكمال ومرة باسم الاعراق والقيم البالية .
ان مسرحيات وكتابات ابسن التي الهمت العصريين وفي زمانهم ، ما احوج ان تظل تلهم الشباب والثوار على طريقة مسرحية ( عدو الشعب ) .





#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج ...
- المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
- تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
- فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
- محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي ...
- فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر ...
- الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع ...
- تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
- بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
- المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود
- من اغتال الشهيد المهدي بن بركة
- إمّا جمهورية تندوف ، وإمّا الاستفتاء وتقرير المصير
- تداعيات اعتراف مملكة السويد ب - الجمهورية الصحراوية -
- محاكمة البيضاء
- اسباب التطرف ودواعيه
- تحليل للنظام السياسي المغربي
- أي صراع نخوض ؟
- حملة تضامن دولية مع الصحفي المغربي علي لمرابط المضرب عن الطع ...
- رسالة مفتوحة الى : - جيش التحرير العربي الصحراوي -
- نشوء الطبقات الاجتماعية


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الثورة