أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المغامرة في رواية -خاتم اليشب- فارس غلرايبة















المزيد.....

المغامرة في رواية -خاتم اليشب- فارس غلرايبة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5039 - 2016 / 1 / 9 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


المغامرة في رواية
"خاتم اليشب"
فارس غرايبة
أن يأخذنا كاتب إلى عالم السندباد والمغامرات في عالم ألف ليلة وليلة، ليس بالأمر العادي، وأن يتقمص الماضي القصصي ويعود بنا إلى تلك الأجواء بصورة رواية حديثة، أيضا ليست بالأمر البسيط، بكل تجرد هذه الرواية تمثل نقلة نوعية في الرواية العربية، لما لها من ولوج لعام التراث والحكاية الشعبية، فقد استطاع "فارس غرابية" أن يثبت بهذا العمل بأننا نمتلك أرث قصصي رائع، يحمل شكل جميل ومضمون سامي، فالرواية كما هو الحال في كافة القصص والحكايات الشعبية تحمل مضمون أخلاقي، فنجد من صفات البطل حمله للواجب، وصموده في وجه كافة الإغراءات والإغواءات، فالوجب/الحب/الإخلاص كلها تجعله يمضي قدما للوصول إلى هدفه.
بطلنا "آدم" يخوض مغامرة شيقة تجعلنا نتعاطف معه ومع كافة أصدقاءه الذين رافقوه في رحلته، فأول صديق كان "عدنان" الذي لقى حتفه على يد الملكة المتوحشة، و"ايوب" الحكيم الذي مده بكل أصول الحكمة والمعرفة، والذي استطاع أن يكمل طريقه ويصل إلى نهاية رحلته بنجاح بعد استيعاب الحكم التي قدمها الحكيم "أيوب"، وأخيرا صديقة الملك "الكبير" الذي رافقه إلى مدينة الجن، واستطاعا معا أن يخلصا مدينة "الجن" من لعنة التاجر الجشع ويعيدا السلام إلى مدينة "قادش" ومدينة "الجن".
الرواية فيها العديد من المشاهد التي تعيدنا إلى قصص "ألف ليلة وليلة" وهذه الأجواء وجدناها من خلال تناول الكاتب للحدث، أو وصفه للشخصيات، او حديثه عن الطرق والأماكن التي تقع فيها الأحداث، حتى أن طريقة السرد كانت مطابقة لما جاء في تلك الحكايات والقصص التراثية والشعبية.
سنحاول نقل مشهد من تلك المشاهد لكي نقارب ما جاء في الرواية وبين ما كان في "ألف ليلة وليلة"، "وإذ بهما أمام امرأة ترتدي ثيابا حريرية، طرز على ثوبها الطويل بخيوط ذهبية وألوان صارخة صور وحوش يقتلها فرسان بسيوف لامعة، وصور أخرى رجال قطعت أطرافهم ورؤوسهم، وفي أعلى الراء كتب بالذهب أسماء كثيرة" ص53، لا شك أن من قرأ هذا الوصف يفتكره قد جاء من عالم مغامرات سندباد، وهو فعلا يتماثلا تماما معها.
المدن
الكاتب يقدم لنا نماذج لمدن أسطورية، في كل مدينة نجد حياة اجتماعية خاصة، ففي المدينة لأولى وجدنا حياة مشاع لا يوجد فيها أي محذورات أو ممنوعات، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الرجال والنساء، فعندم يسأل المرأة العارية التي وجدها عند الصخرة عن مكان النبع نجدها تطالبه ما يلي: "أدلك إن عاشرتني الآن" ص23، فهذه المدينة كان سكانها يعيشون حياة المشاع تماما، الكل للكل، ولا يوجد فيها خصوصية لأي فرد، فوصفهم لنا "آدم" بهذا الشكل: "غريب أمركم أنتم، ليس لديكم أي مانع أو التزام من أي نوع، تعاشرون أيا كان، لا تختلفون بشيء عن الشياه والخراف.
"ولم أعرف من عاشرت؟ فهو لم يعرفني ولم ير وجهي فلن يميزني عن غيري، فالنسوة هنا سيان"
ما اسمك؟
"لا نسمي بعضنا، فالأسماء تحد الحرية، وأستغرب استغرابك لعاداتنا،
"ماذا عن أولادكم؟
"ما بهم؟ فكل النساء أمهاتهم، وكل الرجال آباؤهم، ولهذا لا ترى فينا من يسعى لجمع ثروة ليورثها من بعده، ولا أسماء يسمى لبناء سمعة حوله أو تاريخا فليس للأنانية هنا مكان" ص23 و24، بهذا المكان الغريب العجيب، الخارق لكل الأعراف البشرية، جعلنا الراوي نتعرف على عادات مجتمع نادر ليس له مثيل، حتى عالم الشيوعية المطلقة لم يوصف بهذا الوصف، ولم يكن بهذا الاجتماع أو الاقتصاد.
وفي المدينة الثانية وجدنها تقترب بسلوكها من المدينة العربية المعاصرة، التي تجعل من مراقبة الناس الهدف الأسمى والأهم للنظام، قدم لنا الكاتب هذه المدينة بطريقة أقرب إلى الفانتازيا فكان من يجيب عن الأسئلة يقبض مالا، فهي مدينة الأسئلة والأجوبة، "في الطريق وبقصد التسلية صار آدم يسأل عن الأمر، فأجابه الأول إنهم يوزعون نقودا في المدينة، والثاني قال لكل واحد دينارا ذهبيا، وآخر يعطون كل رجل صرة بها مئة دينار" ص36 و37، نحن نعيش في مدينة لا تلقي بالا للمال، فقد كل ما عليك هو أن تجيب عن الأسئلة وستكون ثريا.
وعندما يسأل "آدم" عما يفعلونه بالأجوبة قيل له:
"نرسلها كل يوم إلى ديوان السلطان.
وبم تشترون المعلومات؟
نشتريها بالنقود." ص 41، فحال هذه المدين كحال المدن العربية التي لا تهتم إلا بجع المعلومات عن المواطنين.
وطبعا حاجة السلطان إلى هذه المعلومات ناتج عن خوفه، ولكي يحافظ على عرشه.
طبعا المحرمات الثلاث ـ الدين، الجنس، السياسة ـ في المدن العربية المعاصرة كانت أيضا حاضرة في هذه المدينة العجيبة، فنجد النساء بهذا الشكل، "... تقبع سلطانتها تحت حكم ملكة واحدة قبيحة دميمة، منعت النساء من الخروج إلا وهن يلبسن رداء يغطيهن من رؤوسهن حتى أخمص أقدامهن، لكي لا يرى أحد أي جميلة من النساء، حتى أنهم قالوا إنها سمعت عن امرأة بالحسن موصوفة، تلفق لها تهمة يكون قتلها النتيجة، فخاف الناس على نسائهم وبناتهم، ومنع خروجهن كان وسيلة لحمايتهن" ص45، كأن القمع السياسي قرين القمع الجمالي، وقرين حرية المرأة، فكلما كان هناك قمع سياسي، كانت حرية المرأة معدومة، والعكس صحيح.
والمدينة الفاضلة التي ينشدها الجميع كانت متمثلة بمدينة "قادش" التي لا يميز فيها الملك "الكبير" عن أي مواطن عادي، بل نجده يقوم بالترزق من خلال عمله في الأرض، " أرأيت بستاني؟ أنه مصدر رزقي، فقد ورثته عن أبي ، منه معاشي وسداد حاجتي" ص139، وهو لا يأخذ أي أجر عن مكانته ككبير كملك للمدينة، ونجد كافة السكان يعيشون بمحبة وألفة، فهي بكل المقاييس المدينة الفاضلة التي ننشدها جميعا.
الحكم
كما هو الحال في التراث القديم لا بد من وجود حكم وامثال في القصة أو الحكاية، يعمد "فارس غرايبة" أن تكون هذه الحكم هي المعلم الأبرز في الرواية، فهناك كم كبير من الحكم قدمها لنا في هذه الروية، ونجد غاليتها جاءت على لسان الحكيم "أيوب" الذي رافق "آدم" في جزء من رحلته، "علي أن أعينك على العثور على الخاتم، لكن ليس بأن أدلك على مكانه بل بأن أعلمك، التبصر لا البصر، فالكل مبصر، لكن شتان بين البصر والتبصر" ص65، الكلام يدعو للتفكير والتأمل وليس أخذ الأمور والأحدث كما هي، بل البحث عما تحمله من معاني، البحث عن المسببات والنتائج، ما تخفه وراءها.
"لو رأيت عينيه لسمعت دوي صراخه، لو رأيت تعابير وجهه لسمعت استجداء يفطر القلب" ص76، دعوة للتأمل والبحث عما تحتويه الأشكال، الأفعال، فقد تبدو لنا أشكال تحوي شيء ما، لكنها تحمل شيئا آخر مغاير لما هو ظاهر، هذا الكلام كان متعلق بالأبكم الذي طلبت منه الملكة القبيحة الشريرة أن يقتل "عدنان" لكنها عندما أمرت بقتل الأبكم كان بهذا المشهد.
"فهي ذكية بلا حكمة والذكاء بلا حكمة يصبح مكرا، وأبدع المكر اختلاق الأكاذيب المصدقة" ص78، تحليل ما قامت به الملكة الشريرة التي استخدمت دهاءها لتحقيق أهدافها.
"يا آدم ذكرى صديقك جميلة فدعها تلهمك لا أن تحزنك، وقاوم حزنك بتلك الذكرى الجميلة كي لا تحول حزنك بؤسا فيموت قلبك، أما الغضب فسامح كي لا يصبح غضبك حقد أعمى، لكن إياك يا آدم أن تنسى فبالنسيان خيانة" ص79، دعوة لكيفية التعامل مع الحزن، واستخدام الحزن ليكون رافعة للعمل الايجابي وليس السلبي.
"التاريخ جميل للاعتبار بسير الأولين، لا لاتباعه، فاتباع التاريخ هو تماما كالسير إلى الوراء، التاريخ دائما يكتب بالأقلام المنتصرين وكلماته أكبر من الحقيقة وحبره الدم، ولا يتمسك بالتاريخ ويمجده إلا من كان من الأمم بلا حاضر" ص81، كلام يحلل لنا كيفية التعاطي مع التاريخ، ولا شك بأننا نحن من الصنف الأخير، بلا حاضر.
"العظماء ينجزون لا يؤجرون، بل أن كثيرا منهم غرموا وبعضهم نكل بهم، ... كثير من الناس يكون أهم حدث في حياتهم موتهم، لكن العظماء لا ينتهون بموتهم" ص142، تأكيد على أن الأنسان الجيد يبقى حيا وتأثيره الايجابي حاضرا في المجتمع حتى بعد الموت.
"كل معرفة هي امتياز" ص150، بالتأكيد المعرفة قوة وتمثل أضافة جديدة لنا.
"صاحب العزيمة هو من يجني ثمار صبره" ص150، ضرورة التحلي بالصبر، وعدم التفريض بالحقوق، حتى لو طال الزمن وتعب الجسد.
"أن تكون كبيرا فأن تستوعب كل هذه الهموم لتشكل همك الكبير" ص164 و165، بهذه الحكمة يجب أن يتعامل الكبير/المسؤول مع شعبه.
"أشك أن هذه الدنيا برحابتها تتسع للظلم الذي اكتظت به أطرافها حتى نازعت النفوس فسحتها، فسكنت القلوب حتى الأب لابنه ظلم" ص188، كناية عن حجم الفساد الاجتماعي الذي تفشى بين الناس، بحيث تجاوز الشرور المتوقعة.
الصور الفنية
لا شك أن عالم الحكايات فيه العديد من الصور التي تجعل المتلقي ينبهر بالمشاهد الطبيعية والأحداث الجارية ,وايضا وصف الشخصيات، فهي خارقة للطبيعة وتتجاوز الخيال، وهذا ما يحسب لمثل هذه القصص/الحكايات/ الروايات، فالرواية فيها العديد من الصور الفنية إن كانت متعلقة بالشخوص أو الطبيعة، فيصف لنا مجرى النهر بهذا الشكل "فيصخب كأن ضيق مجراه يثير غضبه" ص99، فهنا جعل النهر يأخذ صفه بشرية، وكما أنها أيضا منطقية، فعندما يضيق مجرى النهر لا بد أن يكون خرير الماء أشد.
"حينما اقترب وجد امرأة ودعت الشباب منذ زمن" ص105، وصف المرأة التي تجاوز سن الشباب بطريقة غير مباشرة، فهنا الوصف فيه لمسة من الجمال ويعطينا ما يرده الكاتب بطريقة ادبية تتحاوز المألوف.
الرواية من منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، وتوزيع دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الأولى 2012.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الرجوع في الإسلام
- داحس والغبراء الجمل وصفين
- تركيبة الفساد
- التأنيث في ديوان -أيها الشاعر في- محمد حلمي الريشة
- المرأة والكتابة في -يوميات كاتب يدعى x- فراس حج محمد
- العيون في ديوان - الصمت والرؤيا- سلطان القسوس
- الحب والجنس في رواية -خريف الانتظار- حسن نعمان فطافطة
- -الموت للعرب-
- حضور الطبيعة في ديوان - أيها الوطن الشاعري- صاحب الشاهر
- -حكمة الكلدانيين- حسن فاضل جواد
- القومية الكلدانية
- التوازن في مجموعة -الخروج من الكابوس- فاروق مرعشي
- خطوتان إلى الوراء
- واقع الهلال الخصيب
- زمن الكتابة على ألنت في مجموعة -فلسفة بيضاء- ناريمان إسماعيل
- الواقع الاجتماعي في رواية -عش الزنابير- فيصل سليم التلاوي
- الامبراطورية التركية والدولة الإيرانية وضياع المشرق العربي
- الفكر والسياسة
- الفكرة المجنونة في رواية -إعدام ظل- أيمن عبوشي
- الفانتازيا في رواية -الهؤلاء- مجيد طوبيا


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المغامرة في رواية -خاتم اليشب- فارس غلرايبة