أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - تقدم اليابان من تقدم معتقداتهم االمقدسة















المزيد.....

تقدم اليابان من تقدم معتقداتهم االمقدسة


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 5036 - 2016 / 1 / 6 - 08:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



يشرح الباحث الموهوب في الانثروبولوجيا ( فراس السواح) الفكر الديني في اليابان واسباب تقدم الحضارة اليابانية والانسان الياباني . وقد سبق ان كتبنا في التاو ,لذا ساركز الان على مفهوم ال كامي والشنتو .

كتب الباحث فراس السواح في كتابه كثير الدسم ( دين الانسان : بحث في ماهية الدين ومنشا الدافع الديني )- ط 4 – 2002 – الناشر : دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة – سوريا – دمشق :
(يبدا التاريخ المكتوب للامة اليابانية مع القرن الخامس الميلادي, مترافقا مع دخول الديانة البوذية اليها قادمة من الصين .لم يكن اليابانيون يطلقون على دينهم اسما معينا ,فهو الدين الوحيد الذي عرفوه في جزرهم المنعزلة ,اما بعد الانتشار التدريجي للبوذية فقد شعروا بالحاجة الى تمييز معتقدهم , فدعوه ( شنتو ), اي طريق المبدا الاقدس الكلي , وهو المبدا الذي اشاروا اليه دوما تحت اسم : كامي .

وهذا المعتقد التقليدي لليابان , قد وجد في تلك الاصقاع منذ ازمان لايدري بها احد . وتم تناقله عبر العصور والاجيال دون ان يعرف له مصدر او مؤسس او تاريخ ابتداء . وما زالت الدياناتان البوذية والشنتوية متعايشتين حتى الان في اليابان .

يترجم مصطلح ( كامي ) احيانا الى ( اله )الا ان الباحثين اليوم يفضلون استخدام مصطلح (كامي ) بصيغته اليابانية لتعذر ايجاد ترجمة تقريبية له . وقد حاول حكماء الشنتو تقريب مفهوم الكامي الى اذهان الناس الاجانب مع اعترافهم ببقاء المصطلح غامضا وعصيا على الصياغة التقليدية .

يقول الباحث الياباني موريناغا عن الكامي ( انه كل مايثير في النفس الرهبة والجلال لما يمتلكه من قوى غير عادية ).
ان اليابانيين انفسهم لايمتلكون فكرة دقيقة عن الكامي . فهم يختبرونه بشكل حدسي في اعماق وعيهم دون ان يشكلوا حوله مفاهيم فلسفية او لاهوتية .

ان مايميز الشنتو هو الموقف الحدسي لذا لايطرحون اسئلة انطولوجية تتعلق بالوجود لانهم يشعرون بالكامي عن طريق التماس المباشر مع القدسي (بما يعادل الالوهة عندنا – كاتب المقال )والادراك المرهف لما هو خفي وسري . ولقد ساعد احتكاك الشنتو بالبوذية والكونفوشيوسية على توضيح افكارها باستخدام مصطلحات مستمدة من هاتين الديانتين.

فالكامي هو القاع الكلي للوجود والجوهر الخفي للحقيقة , بحسب التعابير البوذية , وهو المبدا الخلقي المنظم للكون ولعلاقات البشر , بحسب التعابير الكونفوشيوسية.
كانت طقوس الشنتو بسيطة وتجري في الطبيعة حيث الحرم والمقامات الطبيعية تحت شجرة ال Sakat المقدسة .وكانت الكاهنات في الاصل هن المسؤولات عن قيادة الطقس , فيتلفظن بكلمات القوة والقداسة في ترتيل معين حتى يصلن الى درجة الوجد,فيندفعن في رقص طقوسي محموم يجمع العابد مع معبوده . ثم ظهرت الهياكل فيما بعد وتاسس الكهنوت الخاص بها .

لم يشعر اليابانيون بحاجة الى صياغة ايمانهم وفق نظام ايديولوجي ( كالديانات الابراهيمية ), فكان هذا الايمان ينتقل من جيل الى اخر عن طريق الاحساس بالطقس وممارسته .
اضافة الى التلخيص الشديد لمفهوم الكامي , كان الى جانبه عدد يقدر بالمئات من الكائنات الروحية , وغالبا ما تجري الاشارة الى هؤلاء تحت اسم كامي وينظر اليهم كمجموعة متماسكة متناغمة واحدة . كما كانوا يعبدون مظاهر الطبيعة باعتبار ان الكامي يسري فيها مثل الشمس والقمر والنجوم والصخور والاشجار وعبادة بعض الرجال والنساءالذين ادوا خدمات جليلة للمجتمع ومثلهم الاسلاف المؤلهون .

كما يعتبر الامبراطورابنا للسماء لانه من سلالة اسسها الحفيد المباشر للشمس عند اعتاب التاريخ الياباني وقد عبد عبر العصور كواحد من الالهة العظام . من ينظر الى الشنتو من الخارج يتصورها ديانة وثنية مليئة بالالهة الكبار والصغار . ينفي الباحث العراقي هادي العلوي وجود ديانة في الصين واليابان او وجود الهة وهو الذي قام بتدريس العربية في جامعة بكين لمدة سبعة سنوات ونجد هذا الكلام في مؤلفاته عن التاو وفي كتابه ( مدارات صوفية )وغيرها من المؤلفات .

رغم مظاهر الشرك والتعددية الوثنية الظاهرية الا ان للشنتو منطقا داخليا متماسكا قد لايتيسر للكثير من الاديان الاخرى ,بحسب الباحث فراس السواح ,تنتظمه نظرة عميقة ثابتة للوجود تنشا عن مواجهة وجوديةحادة بين الانسا ن والعالم لتربط بينهما في كون موحد, يتخلل فيه عالم اللاهوت عالم الناسوت الاخر بطريقة لايمكن الفصل بينهما .

فالكون رغم انشطاره قسمين امام التجربة الحدسية المباشرة للانسان, شطر دنيوي وشطر باطني مقدس , الا انه في حقيقة الامر متصل وواحد, مقدس في وجهه الاول ودنيوي في وجهه الثاني , وليس الوجهان الا تبديين للمطلق الازلي ( التاو , الكامي , بما يعادل الالوهة في الديانات الابراهيمية على وجه التقريب ). فالكامي ليس هو الالوهة المفارقة بل هو الخميرة الفاعلة في صميم هذا الخلق( مثل التاو تماما - كاتب المقال ) , وهو يتخلل كل شيء ( كاللوغوس لدى الرواقيين ). لذا فان قوته تظهر في مظاهر الطبيعة ولا يبقى للالهة دور يذكر لدى اليابانيين مادام الكامي يتخلل كل شيء .

ينعكس المعتقد الديني للشنتو على نظرة الياباني لمكانته في العالم ودوره في النظام الكلي للكون , فالبشر هم اطفال الكامي , منه تلقوا الحياة , وبه يستمرون في كل يوم . من هنا تاتي قدسيةحياة الانسان والاحترام الكبير الذي يكنه كل ياباني لحياة الفرد الاخر وشخصه وحقوقه الاساسية ,فكل عضو في الجنس البشري , بصرف النظر عن عرقه وقوميته ومواطنيته يحمل قبسا من القداسة استمده من الكامي . غير ان جوهر القداسة في الانسان لايظهر تلقائيا وانما يتطلب تطهير افكاره وافعاله ( من ثمارهم تعرفونهم ). رغم تمتع الا نسان الياباني بشخصية مستقلة الا انه ليس ذاتا منعزلة كالانسان الاوربي بل حلقة في سلسلة تمتد في الماضي نحو الاسلاف وفي المستقبل نحو الاجيال القادمة .

فهو صلة وصل ضرورية في استمرارية حيوية لكائن واحد هو المجتمع بماضيه وحاضره ومستقبله , وعليه ان يلعب دورا ايجابيا في الحياة . ودور الفرد يرتبط بنظرةالشنتو الاشمل للتاريخ الصاعد دوما في اتجاه تقدمي لانكوصي والذي تصنعه جهود الافراد .

من هنا فان الكون ازلي في ذهن الياباني الذي لايحمل اية معتقدات حول نهاية العالم وفناء البشرية , فلا قيامة ولا بعث ولا نشور . وما على الفرد الا ان يحيا كل لحظة بكامل ابعادها ويعطيها ماتستحقه من قيمة باعتبارها لحظة مهمة في حياة الكون .
خاتمة المقال :
يرى كاتب المقال ان الديانات الابراهيمية في شكلها الارثوذكسي ( الاصولي – السلفي) قد فصلت الالوهة عن الانسان وجعلت الاله يراقب الناس ويعاقبهم . لذا ظهر الخوف من المقدس ومن عقوبته وظهرت في الانسان الهلاوس السمعية البصرية ومختلف الامراض النفسية وهي كوابح تعمل على تعطيل تفكير الانسان واستقلاليته والاكتفاء بالايمان الاعمى الذي تطلبه منه الديانات ,وهي المقدمة الاولى للعنف والاقصاء والقتل في مجتمعاتنا .

مقالات ذات صلة :
مقالتنا ( الغوص عميقا في عالم الكم ) والمنشورةعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=369100



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدل حول غنوصية سمعان ماجوس السامري
- المندائية الغنوصية وظهور فكرة المخلص
- قراءة في الهرمسية وجذورها
- عولمة اليهودية في العصر الهلنستي
- كشف الحلقة المفقودة بين اديان التعدد والتوحيد
- ولادة المسيحية من رحم الثقافة الهلنستية
- ترثيث المراة في العراق
- الرثاثة الاجتماعية في العراق
- الرثاثة والاستبداد الشرقي في العراق
- بين رثاثة السياسي ورثاثة عاملة الجنس
- اشكالات في كتابة الابحاث والمقالات
- الثقافة الرثة وعولمة الرثاثة
- الرثاثة وجذورها في العراق
- من يقرر صناعة مستقبل عالمنا العربي ؟
- الايديولوجيا تتعارض مع قوانين الطبيعة
- الخيار الوطني هو الحل !
- خارطة الاستيطان الديموغرافي في الشام مع ظهور الاسلام
- الفيزياء الكمية الغت المنطق وثوابته
- السياسة في العراق بين البراز الثقافي والاسهال الحزبي
- اعتذار الى الاستاذة ليندا كبرييل


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد يوسف عطو - تقدم اليابان من تقدم معتقداتهم االمقدسة